أكد لـ «Aviation Business Middle East» حفاظ الشركة على ميزانية عمومية قوية مع حد أدنى من الديون

راماشاندران: «طيران الجزيرة» تمضي بحذر... في خطة توسّعها المستقبلية

28 أكتوبر 2020 10:00 م

- سنواصل لعب دور مهم في نظام الشحن بالكويت والمنطقة
- أُجبرنا على اتخاذ قرارات مؤلمة لكنها لم تجعلنا نركع
- الحجم الصغير نسبياً إلى جانب الضوابط الصارمة للتكلفة سمح بخروج الشركة من أزمة الصناعة
- لا يزال لدينا النقود الكافية داخل الشركة للاستمرار أكثر من عامين

أكد الرئيس التنفيذي لشركة «طيران الجزيرة»، روهيت راماشاندران، أن الشركة تمضي بحذر في خطة توسّعها السابقة، والتي تم تعليقها مع تراجع الإيرادات بسبب ظهور وباء فيروس كورونا مع مطلع العام الحالي.

وفي لقاء مع موقع «Aviation Business Middle East»، وأوضح راماشاندران، أن الشركة تحافظ على ميزانية عمومية قوية مع حد أدنى من الديون، ما يسمح لها بالتنفيذ التدريجي لخطة التوسع، لافتاً إلى أن تركيزها ينصب اليوم على ضمان استمرارية أعمالها من خلال الضوابط الصارمة للتكاليف، مع التوسع أيضاً في القطاعات القابلة للتطبيق من الناحية التشغيلية.

وبحسب الموقع، عملت «طيران الجزيرة» والتي تعتبر أيضاً واحدة من شركات النقل الجوي الخاصة القليلة في منطقة الشرق الأوسط، على إعادة بناء شبكتها ببطء، مع عزمها إطلاق خدمات جديدة إلى العاصمة العمانية مسقط اعتباراً من 2 نوفمبر المقبل، كجزء من خطة التعافي المرحلية.

ووفقاً لروهيت راماشاندران، سمح حجم «طيران الجزيرة» الصغير نسبياً، إلى جانب الضوابط الصارمة للتكلفة بخروجها من أزمة الصناعة بتوفير المزيد من النقد، وإبقائها في وضع أقوى من بعض منافسيها، ما يعني نظرياً أنه بإمكانها العودة إلى خطط نمو ما قبل كورونا قبل المنافسة.

وتأتي خدمة «طيران الجزيرة» الجديدة إلى مسقط بعد إطلاقها رحلات إلى طرابزون التركية في أغسطس الماضي، وسيكون هذا المسار الجديد الثالث الذي أطلقته خلال فترة الوباء.

وبحسب راماشاندران، مازال هناك طلب على السفر، مبيناً أن مسقط وطرابزون تعتبران وجهتين مثاليتين للسائحين الباحثين عن أماكن آمنة من الوباء.

وقبل انتشار الوباء، أعلنت «طيران الجزيرة» عن خطط لمواصلة توسيع شبكتها مع تقديمها لفئات أسعار جديدة في بداية عام 2020. كما أصبحت أول شركة طيران منخفضة التكلفة في الشرق الأوسط تطلق رحلات طويلة المدى إلى المملكة المتحدة.

ومع ذلك، حذّر رئيس مجلس إدارة «طيران الجزيرة»، مروان بودي في يونيو الماضي، من أن الأداء القوي للشركة في عام 2019، والذي شهد مضاعفة الأرباح خلال العام، لن يتكرّر في 2020، حتى مع إجراءات خفض التكاليف الصارمة، لافتاً إلى أن الشركة أوقفت موقتاً خطط النمو الخاصة بها، بينما أعطت الأولوية للموظفين والعملاء.

ووفقاً للموقع، ضاعفت «طيران الجزيرة» أرباحها التشغيلية إلى 14 مليون دينار في 2019، وزادت الإيرادات بنسبة 26 في المئة إلى 103 ملايين دينار.

حال الشركة

قال راماشاندران خلال المقابلة، إن الشركة قامت على مدى السنوات الثلاث الماضية، برفع مستوى نشاطها بشكل كبير، وضاعفت أسطولها في آخر عامين ونصف العام، كما ضاعفت أرباحها في العامين الماضيين، لافتاً إلى أن 2019 كان عاماً قياسياً.

وأضاف أن «الشركة شهدت في يناير الماضي انخفاضاً طفيفاً وكنا نتساءل عن سبب ذلك، ومع نهاية الشهر أصبحنا قلقين للغاية، وفي فبراير بدأنا في وضع الخطط معاً».

وتابع أن معظم شركات النقل الجوي في هذا الجزء من العالم ليست كيانات مدرجة ولديها مساهمون حكوميون، أما «طيران الجزيرة»، فهي شركة مدرجة في البورصة الكويتية وعليها الاهتمام بمساهميها، لافتاً إلى أنها كانت من أولى الجهات في المنطقة التي اتخذت إجراءات صارمة للغاية من حيث التكاليف.

وأفاد بأنه كان على الشركة أن تتخذ بعض الخطوات المؤلمة للغاية، وأنه وامتثالاً للوائح، كان عليها إيقاف شركة الطيران بشدة بحلول 12 مارس، بحيث كانت الكويت من أولى الدول في المنطقة التي أغلقت المطارات بالكامل للرحلات المجدولة.

وتابع راماشاندران «لك أن تتخيّل الوضع في ظل مثل هذه الظروف، مع دعم إمكانية السفر إلى أي مكان، ومن ثم نحتاج إلى إعادة تنظيم أعمالنا مع قدر كبير من عدم اليقين، لقد ذهبنا سطراً بسطر من خلال جميع عناصر التكلفة في دفاترنا، وأعدنا التفاوض بشأن الكثير من هياكل التكلفة مع موردينا، وتحدثنا إلى مساهمينا ومجلس إدارتنا، واتفقوا بسخاء على تعليق أرباحهم».

وأفاد «كان علينا أيضاً اتخاذ بعض القرارات الصعبة للغاية بما يتعلق بموظفينا، إذ اضطررنا للأسف إلى التخلي عن نحو 37 في المئة منهم، وأنا أعتبر ذلك تضحية كبيرة من جانبهم، وقد تم إخبارهم جميعاً بعبارات لا لبس فيها أنهم موضع ترحيب كبير للعودة وسيتم إعطاؤهم الأولوية بمجرد تحسن الأمور».

وبيّن أنه بالنسبة للباقين، بما في ذلك فريق الإدارة الخاص به، مازالوا يحصلون على 50 في المئة من رواتبهم، وأنه شخصياً يعمل من دون راتب لأنه يعتقد بأنه بحاجة إلى أن يكون قدوة يُحتذى بها.

وأكد راماشاندران أن الشركة كانت بحاجة إلى ضمان احتفاظها بأكبر قدر ممكن من النقد في العمل، منوهاً بأنها تمتلك ميزانية عمومية قوية للغاية، وليس لديها أي ديون في دفاترها، ما يمثل حالة استثنائية على مستوى شركات الطيران.

وكشف أن الشركة مازالت تملك النقد الكافي، للاستمرار لأكثر من عامين بهذه الوتيرة، وما زالت قوية ومستعدة للتعافي الذي من المرجح أن يأتي قريباً والذي لن يكون سهلاً.

وذكر أنه كان على الشركة أن تبقى على الأضواء من خلال تشغيل عدد من رحلات الطيران والتي شملت إجلاء المواطنين في الخارج

والشحن.

وأوضح أنه بالنسبة إلى شركة طيران منخفضة التكلفة لم يكن لديها أي خبرة في مجال الشحن، قام فريق «طيران الجزيرة» بعمل هائل، إذ انه في غضون أسبوعين، تعلّم أعمال الشحن من الصفر مع الحصول على الشهادة اللازمة من شركة «إيرباص» وسلطات الطيران المدني الكويتية لبدء نقل البضائع على رحلات الشركة.

النظرة المستقبلية

وقال راماشاندران «أنا متفائل بسبب مكانتنا الفريدة في الكويت، فالبلاد لديها ثاني أعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الخليج، وأعتقد أننا نسيطر على قطاع الطيران منخفض التكلفة من وإلى الكويت».

وأضاف «لا شك بأن الأشهر 6 إلى 12 المقبلة ستكون صعبة للغاية على الجميع بمن فيهم نحن ولن تكون نزهة، وأرى أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً للتعافي، ولكنني أراهن على الشركة لأننا نمتلك قاعدة كبيرة، واستراتيجية عمل جيدة، وميزانية عمومية قوية جداً، ولذا نعم أنا متفائل بحذر في هذه المرحلة».

عمليات الشحن

وأوضح راماشاندران أن عمليات الشحن كانت فعّالة، وأنها مازالت صغيرة جداً مقارنة بالحجم العام للأعمال التي تقوم بها الشركة.

وأضاف «هذه الفترة علّمتنا أهمية أن تكون مبتكراً، وباعتبارنا شركة طيران منخفضة التكلفة، ولديها أحد أعلى مستويات استخدام الطائرات في العالم، وتشغل طائرات ضيقة البدن لمدة 14.5 ساعة في اليوم، حتى ننتقل بعد ذلك إلى أعمال الشحن، وتعلمها ثم تحقيق العدالة، فإن هذا يجعلني فخوراً جداً بفريق عملنا، وأظن أنه بمجرد عودة عملنا المعتاد، سنواصل لعب دور مهم في نظام الشحن في الكويت والمنطقة».

التحدي الحقيقي

وشدّد راماشاندران على أن الأزمة تمثّل تحدياً خاصاً لـ«طيران الجزيرة» من جانبين، فمن جانب تملك معظم شركات الطيران داخل المنطقة أباً كبيراً سيدعمها

خلال هذا الموقف، أما «الجزيرة» فليس لديها ذلك، وبالتالي عليها الاعتماد على مواردها الخاصة وميزانيتها العمومية.

وذكر أن الأمر الثاني هو أنه حتى بالنسبة لشركات الطيران في الغرب المملوكة للقطاع الخاص، فإنها تلقى معظمها نوعاً من خطة الإنقاذ أو حزمة التحفيز من حكوماتهم، وهو ما لم تحصل عليه «طيران الجزيرة»، مبيناً أن مرحلة ما قبل كورونا هي التي أبقتها خلال هذه الفترة.

وأفاد أن الأمر يؤذي الشركة التي أجبرت على اتخاذ قرارات مؤلمة لكنها لم تجعلها تركع على ركبها، منوهاً بأنها في وضع جيد بين أقرانها للتعافي سريعاً والاستفادة من الفرص التي تظهر أمامها.

مستويات السيولة

وأوضح راماشاندران أن «طيران الجزيرة» ما زالت أصغر جداً من حيث الحجم مقارنة ببعض أكبر شركات الطيران، وأن هذا بحد ذاته يعتبر ميزة في هذه الأوقات، لأنه يمنحها القدرة على التحلي بالمرونة والرشاقة وعدم تحمل التكاليف الضخمة للأساطيل الكبيرة.

وتابع «شيء مهم آخر هو تأثير أسعار الوقود والخراب الذي تسبّب فيه، إذ يعتقد معظم الناس أن سعر الوقود المنخفض للغاية الذي رأيناه في الأشهر الثلاثة الماضية كان سيعود بالفائدة على شركات الطيران، إلا أن العكس هو الصحيح، لأن معظم الشركات لديها مركز تحوط كبير وميزة انخفاض سعر الوقود لا تبدأ إلا إذا كنت تعمل».

ولفت إلى تعرض شركات الطيران لضربة مزدوجة حيث لم تكن تعمل، ولذا لم تتمكن من الاستفادة من سعر الوقود المنخفض.

إستراتيجية المرحلة المقبلة

وأفاد الرئيس التنفيذي في «طيران الجزيرة» خلال المقابلة، بأن الحكومة الكويتية، أصدرت خارطة طريق للطيران، وهي خارطة متحفظة للغاية، مبيناً أنه اعتباراً من 1 أغسطس وحتى نهاية فبراير، تم تحديد سعة الطيران بنسبة 30 في المئة، ومن فبراير إلى أغسطس المقبل بنسبة 60 في المئة، منوهاً بأنه واعتباراً من أغسطس 2021، فإن السعة لن تكون غير مقيدة بنسبة 100 في المئة بمطار الكويت.

واعتبر أن الوقت ما زال مبكراً، وأنه من الممكن تغير هذه التوجيهات اعتماداً على كيفية تطور الأمور، مشيراً إلى أنه يتعيّن على إدارة شركة الطيران ومحطة الجزيرة رقم 5، حيث ينصب تركيزها الآن، تنفيذ تدابير النظافة الشاملة على الطائرة وفي المبنى.

وعلى صعيد خطط النمو الخاصة بالشركة وإذا مازال نموذج المسافات الطويلة منخفض التكلفة أمراً تسعى الشركة إلى تحقيقه، قال راماشاندران إن الوجهة الوحيدة التي تقع ضمن هذا السياق، هي الرحلات المتوجهة إلى «غاتويك» من الكويت إلى لندن.

وأضاف أن من ناحية، ستكون شبكة الشركة مدفوعة بالطلب، ولكن من ناحية أخرى وبشكل أكثر تقييداً، فهي مدفوعة بالدول المنفتحة لقبول حركة المرور، وهذا هو التحدي الأكبر في هذا الوقت.

واشار إلى أنه في حين أن هناك طلباً من الهند وإليها، فإن عمليات الشركة إلى الدولة مقيدة بشدة بقرار حكومة الهند بتقييد الركاب القادمين، الذين سيكونون أيضاً مدفوعين بأي دولة تنفذ أي نظام صحي من حيث الحجر وما إلى ذلك.

وأضاف «في الوقت الحالي، سنكون متحفظين ونعمل على تجنب المخاطر، وسنتأكد من أننا نفعل ما هو ضروري للعودة التدريجية إلى العمليات، ما يعني أن طائراتنا لن تحلّق بالقدر نفسه الذي كانت عليه من قبل، ولكنني سعيد لأنها ستطير».

أسطول الشركة

أوضح راماشاندران عن تطلع الشركة إلى تعديل هيكل أسطولها في أعقاب الأزمة، قائلاً: أن «طيران الجزيرة» لا تقوم بتسليم أي طائرات قبل الأوان، وأنه وعلى العكس من ذلك فإنها ستتسلّم 4 طائرات «A320neos» جديدة في الربع الرابع من هذا العام، مبيناً أنه في النصف الثاني من العام المقبل ستعود الأعمال إلى طبيعتها، مع عودة الناس بشكل أساسي إلى السفر.

وبالنسبة لتوفير هذه الأزمة ساحة لعب متكافئة أو أصعب على شركات النقل الأصغر الآن، أوضح راماشاندران أن الأمر صعب بشكل عام على كل شخص في الصناعة وليس فقط شركات الطيران، إذ سيتغير ذلك لأشهر عدة إن لم يكن بضع سنوات، معتبراً أن الوحيدين الذين سيبقون على قيد الحياة هم أولئك الذين يمارسون الانضباط المالي والتجاري، وأولئك الذين يقيسون نجاحهم من خلال أكبر شبكة وأكبر أسطول، وأولئك الذين يقيسون نجاحهم من حيث الربحية والنتيجة النهائية ورضا العملاء.

ورأى أن الميزانية العمومية القوية هي المفتاح للتغلب على هذه الأزمة، إذ ليس هناك بديل عن وجود ميزانية عمومية قوية، مع تلقي القطاع المزيد من الأخبار السيئة في هذا المجال في ما يتعلق بفشل شركات الطيران.

إخفاق الشركات الخليجية

حول إمكانية تعرض شركات طيران في منطقة الخليج إلى الإخفاق قبل انتهاء العام، قال الرئيس التنفيذي في «طيران الجزيرة» إنه سيكون مندهشاً للغاية لسبب بسيط وهو أن شركات الطيران في هذا الجزء من العالم يُنظر إليها على أنها رمز الفخر الوطني أكثر من كونها شركات، ولذا يشك في أنها ستشهد إخفاقات في المنطقة، لاسيّما عندما تكون مدعومة من قبل الحكومات.

وأكد أنه كانت هناك العديد من الإيجابيات، وأكبرها هي الطريقة التي تتبعها الشركة للرقمنة، إذ انه خلال الفترة التي انخفض فيها حجم العمليات، ظهرت فرصة للتفكير والنظر في أفضل ما هو موجود في السوق، وما هو فعّال من حيث التكلفة، وما الذي سيزيد من الكفاءة ويقلل التكاليف، ويرفع من وقت الاستجابة.

وتابع «أعطت فترة التباطؤ في العمليات لفريق العمل بأكمله فرصة لمراجعة العمليات التي يجب تغييرها، والمبادرات الرقمية التي يجب القيام بها، الأمر الذي أثار روح المبادرة الحقيقية في فريقنا».

منافسة محلية

قال راماشاندران لدى سؤاله عن رأيه في إطلاق منافسة محلية جديدة على غرار شركة طيران «Wizz Air» و«العربية للطيران» في أبو ظبي، «إنه أمر مثير جداً للاهتمام، خصوصاً مع اتخاذ الشركتين قراراً بشأن القاعدة والإطار الزمني تماماً، وأظن أن كلاهما فوجئ بفعل الآخر الشيء نفسه، ومع ذلك، فإن المنافسة شيء ولدنا فيه في (الجزيرة) وفي الكويت توجد شركة نقل كبيرة مملوكة للحكومة، ونحن محاطون بشركات طيران كبيرة مملوكة للحكومة، لذا لا يكاد يكون هناك تكافؤ في الفرص».

وتابع «نعم ستضيف كيانين إضافيين إلى العرض وسيؤدي ذلك إلى الضغط على الأسعار وجعلها أقل ربحية لشركات الطيران، ولكن عندما تنخفض الأسعار وتنخفض الإيرادات، تبقى شركة الطيران ذات الهيكل الأقل تكلفة هي التي ستبقى على قيد الحياة. وما ستكون هذه؟ إنها أساساً شركة طيران واحدة أو شركتان في المنطقة، وواحدة منهما هي «طيران الجزيرة».

وأفاد« لذا ربما نحتاج إلى أن نكون أكثر ذكاءً في كيفية إدارتنا لشبكتنا، وفي بعض الحالات، قد نضطر إلى الدخول في معركة، وهذا ليس بالأمر غير المعتاد، وفي نهاية المطاف الهدف الأساسي هو أن يكون العميل مستفيداً، وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة تطور شركات النقل التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها خلال العام المقبل وخلال الفترة المقبلة».