بلا حدود

سليمان الشطي...

13 أكتوبر 2020 10:00 م

إن تزاحم المشكلات الدولية الليبرالية والقومية العروبية والإسلامية والوطنية، التي تجذرت إلى قضايا سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية سببت أزمة حقيقية لدى المثقف العربي؛ التبست عليه الأولويات واختلطت عليه العلاجات في ظل أنصاف المثقفين والمدّعين للعلم والمعرفة، الذين تحصّلوا على شهادات من أبواب متفرقة مجهولة المصدر؛ فاختلط الغث بالسمين.

البروفيسور الكويتي سليمان الشطي، عالم القصة والرواية والنقد الأدبي والتحليل النفسي والاجتماعي، عشق قاعات الدرس الأكاديمي، ونأى بنفسه عن صغائر الأمور، وتجنب ضغائن الضمائر؛ فاستحق مكانة بالرف العالي في قلوب طلابه.

في مجموعته القصصية «رجال من الرف العالي» ومن خلال قصتيه «خدر في مساحة وهمية» و«صوت الليل» قدم لنا الشطي أنموذجين لمثقفين سنقابل كل واحدة بالأخرى.

بطل قصة «خدر في مساحة وهمية» مثقف رفيع المستوى من الطراز الأول، خبرته فاقت أقرانه في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع، محنك مقتدر على مواجهة الصعاب، لا يخاف لومة لائم في الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم، يقول عنه الشطي «كان مفخرة لهم، هو الاسم الأبرز والأشهر، كم مرة أطلت صورته من صحيفة أو تلفزيون، واسمه الذي يتردد بين الأفواه... لقد قضى أخوكم حياته كلها جداً بجد، حمل هموم الأمة فوق رأسه... إن عقله يزن كل بقايا عقولكم أيها الأطباء، وتاريخه عريق، وخدماته ومواقفه السياسية تضعه في مقدمة الرجال».أ.هـ.

بطل قصة «صوت الليل» مثقف نرجسي، عاشق لنفسه، يسعى لتسليط الأضواء عليه، يحب المديح والتهليل والتبجيل، يتاجر بالكلمة دون عمل يقابلها، وما أكثرهم في هذا البلد، يرسم الكاتب صورة لهذا المثقف الانتهازي الوصولي وهو يواجه أول اختبار له، فهل يواجه الموقف بشجاعة أم يدس رأسه في التراب ويتوارى خلف الغير، هل يتحدى ويتخذ قراراً؟ أم ينكص على عقبيه؟ وتتضح صورة هذا المثقف واضحة جلية بأنها من الشخصيات الخاوية فارغة القيمة، يقول عنه الشطي «دبّ في ركبتيه تيار خوف سار، أمسك بالسماعة، لم يجرؤ على ضغط زر الفتح... هذا تصوير داخلي لموظف يستنجد به حارس عمارة مسكين في منتصف الليل إثر ألم معوي ألمّ به، مما ولد هواجس لا حصر لها زعزعت كيان هذا المثقف».