كلمات

دفعة كورونا

21 سبتمبر 2020 10:30 م
كان الإعلان عن نتائج الثانوية العامة من وزير التربية، هو رصاصة الرحمة على المنظومة التعليمية التي هي في الأصل ميتة سريرياً ودماغياً، فضلاً عن مخرجات التعليم التي تتراجع سنوياً إلى ذيل المؤشرات العالمية. كانت هناك خيارات عديدة متاحة للاحتفاظ - ولو بالقليل - من سمعة المنظومة التعليمية، وتجنيب سمعة الكويت التعليمية والعلمية، هذا الخيار الكارثي الذي لم تلجأ إليه كل الدول إلا دول الخليج أو بعضها في اعتماد «لم يرسب أحد»، كحل للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا. كان هناك خيار وسط في عدالة التقييم لخريجي الثاني عشر، وذلك باعتماد التعليم عن بُعد في شرح المتبقي من المنهج وإلزام الطلبة بالاختبارات الورقية، بعد تهيئة المدارس في الاحترازات الصحية، كحال كل الدول العربية والغربية تقريباً، والتي تفوق أعدادهم أعداد الطلاب والطالبات عندنا، ولكنهم لم يتركوا مصير سمعة التعليم للتكسب النيابي أو الاستسلام لضغط شعبي. بدعة وزارة التربية «لم يرسب أحد»، ألغت قاعدة تعليمية تربوية مهمة وأساسية وهي «الفروق الفردية» بين المتعلمين، فالجميع تجاوز أهمية التحصيل العلمي وقيمة الاختبارات الفصلية والشهرية، بجرة قلم من الوزير ومستشاريه من الأكاديميين والتربويين والموجهين. المشكلة الأكبر لم تنته بعد بهذه النتيجة الصادمة في تاريخ وزارة التربية، فآثارها على الحكومة ستبدأ تباعاً في كثافة أعداد الناجحين والناجحات وبنسب عالية، كانت مؤسسات التعليم العالي والجامعات لا تستوعبها في الوضع الطبيعي، يوم أن كانت نسب النجاح لا تتجاوز حدودها الطبيعية، فكيف ستستوعب هذه المؤسسات نتيجة كارثية وأعداداً تفوق طاقاتها؟ لن أتدخل في قرارات السلطات الصحية التي أوصت بهذا الشكل من إنهاء العام الدراسي، ولكن هل ما نشاهده من تعامل كثير من الدول في استئناف عامها الدراسي - كالصين مثلاً، بلد تفشي الوباء، التي عادت منظومتها التعليمية كما كانت قبل الجائحة وباحترازات صحية - كانت تغامر بصحة أبنائها مثلاً؟ وغيرها الكثير حتى الدول الفقيرة بإمكاناتها اتخذت قراراً شجاعاً في استئناف العام الدراسي مع زيادة جرعة الحذر والاحترازات الصحية. إذا استمر الوضع بهذا الشكل من التدخل والتكسب السياسي والاستسلام للضغط الشعبي، فسيستمر معه تدمير أجيال من الطلاب والطالبات، وتكون هذه الأجيال ضحية نظام تعليمي عن بُعد أثبت فشله تماماً مع آثاره الاجتماعية على الأسر، وكيفية تعاملها مع الأبناء، وستكون عملية التقويم والقياس للمتعلمين والمتعلمات صورية وهمية لا حقيقة لها، فالمطلوب قرار حكومي يحمي المنظومة التعليمية من التكسب النيابي والضغط الشعبي. free_kwti@hotmail.com