نادين البدير / عبدالله آل سعود الأكثر تأثيراً

1 يناير 1970 11:10 ص
| نادين البدير |

اختارت المجلة الأميركية فوربس شخصية عربية وحيدة ضمن شخصياتها العشر الأكثر تأثيراً لعام 2009.. صاحب الشخصية التي احتلت المرتبة التاسعة هو الملك عبد الله آل سعود.

هو الأكثر تأثيراً. فعدا عن مشاركاته الدولية الداعية للسلام فإن ما يحاول تنفيذه داخلياً يعني قلب كل شيء. وبدء حياة جديدة في بلده السعودية..

مؤتمر للسلام بين الأديان. نائبة وزير. جامعة مختلطة. أحكام متتالية بالعفو عن أبرياء وبريئات كانوا ضحايا لتطرف أحكام القضاء. إعلان رسمي عن الفقر. برنامج لإصلاح اقتصادي. تمرير ونشر تقرير ناقد لأجهزة الدولة المختلفة قدمته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. تقييد حركات التكفير وإباحة الدماء. بعثات تعليمية متتالية للخارج. أسلوب جديد في التعاطي مع مفردات عدة أهمها مفردة المرأة التي كان التلفظ بها عيبا فيما مضى فإذا بالملك، أول ملك سعودي، يصرح علناً أن هذه الكائنة هي جزء منه...

خارج السعودية. السؤال الذي يطرح أمامي عادة: « الملك السعودي صار شهيراً بحركته الإصلاحية.. فهل سيحقق كل الإصلاح الذي تأملونه؟ وإلى أي مدى المجال أمامه مفتوحاً؟».

بالتأكيد هناك رفض لما يحدث من تغيير من قبل التيار المتشدد الموجود. التيار الذي يرفض حتى الإصلاحات التي يقوم بها الملك، ويواجهه بها ببيانات تنتقد قراراته علانية رغم أنهم كانوا بالأمس يأمرون الجميع بطاعة الله والرسول وولي الأمر في كل شيء. من وجهة نظر المتشددين الحاليين فما يحدث هو حركة تغريبية علمانية منافقة للغرب. لقد اعتادوا على سعودية أخرى غير التي يرونها. سعودية الأشرطة والتسجيلات الدينية المكفرة، سعودية يتطاول علماء الدين بها على علماء الفلك والجيولوجيا ويرسمون خرائط جديدة للعلم والتقنية، يرفضون اختراعات ويقيمون اكتشافات أرضية وكونية بناء على أدمغتهم المنغلقة. سعودية يلاحق المطاوعة نساءها بالعصي. سعودية يسيطر بها رجال الدين على المناهج التعليمية والبيئات الداخلية لمراكز البحث والعلوم والمدارس والجامعات والمنازل وصولا لهندسة وتصميم العمران بطريقة تضمن الفصل التام بين ذكور البيوت وإناثها.

ردة الفعل تجاه التغيير: تهديدات لكل من يساند الإصلاح. تهديد لجامعة كاوست كونها مختلطة. تهديد للوطن. لأسواقه ومطاراته ومبانيه وضواحيه. حركة تدميرية. كره للوطن. أسباب مختلفة تدفع البشر لكراهية أوطانهم. لعلهم لما يعودوا يرون في المكان وطناً بعدما أصبحت قيمه غريبة عليهم. فأقوالهم تشير لخروجهم عن حدود الوطن وانتمائهم لتنظيم صاروا يعدونه وطنا بديلاً.

إلى أي مدى المجال مفتوح لتنفيذ الإصلاح؟

وهل سيكون هناك ضحايا؟

المجال مفتوح على مصراعيه فالقول بأن الإصلاح يتطلب التدرج البطيء أثبت خطأه.. جرة قلم من ملك أو زعيم بإمكانها تغيير كل شيء، وهكذا فقرارات الملك الإصلاحية تطبق وتنفذ ولا يثور عليها سوى أدعياء التخلف والطالبانيين. الشعب لم يثر ضد وجود اختلاط داخل صرح علمي على أرض وطنه. لم يثر الشعب على قرار ملكي بابتعاث بناته للدراسة في الخارج بل تتسابق العائلات (في المدن والأرياف) على نيل بناتها للبعثات والحصول على مقاعد في جامعة بريطانية أو أميركية.. القول بأن الشعوب متأخرة أثبت خطأه. بل هي تواقة لكل جديد ومعولم.

لا يثور سوى الحالمين بطالبان.

فهل من ضحايا لثورة الغاضبين؟ ومن لديه (لديها) الاستعداد ليكون أول الضحايا؟ خاصة حين يأتي الأمر لتنفيذ الإصلاح داخل الحدود السعودية. في أحيائها وبين سكانها دون عوازل ودون تجمعات أجنبية مختلطة لكن منغلقة. ليس ابتعاث لخارج الحدود، ولا هو اختلاط في جامعة كاوست الواقعة ضمن حرم يرتع بعيدا عن تجمعات السكان فلا يلوثها بالمعصية. لنرسم خيالا عن اختلاط في مدرسة محلية أو جامعة أو مصنع أو قيادة امرأة لسيارة أو بيعها التبغ والجرائد في بقالة.

هل نتخيل قيادة المرأة للسيارة دون وقوع ضحايا؟ فكرت بذلك وأنا أسير وحيدة بأحد الشوارع.. كان خالياً إلا من تحرشات، كان خالياً إلا من انعدام الأمان.

مثل هذه التغييرات الداخلية الحساسة جداً لا يجب أن تتم دون قانون يحمي الأفراد، ففرض قيم قانونية جديدة إضافة لمواد صارمة هو الخطوة الأهم للوصول إلى النقلة الجديدة. القانون فقط سيحمي من وقوع ضحايا. فهل القضاء الحالي مؤمن بالاختلاط ومستعد لمساندة الإصلاح؟ وهل تم تجنيد العدالة لتكون على أهبة الاستعداد؟

أفكر إن كنا تعلمنا شيئا من مسرحية الاستعانة بالحركات الدينية. في فصلها الأخير، العالم يفكر في الخلط النووي ونحن نفكر في خلط الجنسين.

لكن التفكير الأهم هو بوجود هذه الشخصية التي تعدت نطاق منصبها الملكي، وأصبحت في عداد العالمية. وجود يبشر بمستقبل رفيع. مستقبل سلام وعدل.





كاتبة وإعلامية سعودية

[email protected]