أخيراً عرفت السر وراء طأطأة الناس رؤوسها طوال الوقت، في البيت، في السيارة، في السوق، في العمل، في الديوانية، عند الأهل، في كل مكان، وكان يا ما كان.
المسألة يا سادة ليست للتفكير والتأمل الداخلي، بغرض تقويم الذات ومحاسبتها، أبداً لا والله. أو حالة انكسار داخلي يعيشها الشعب، ولم الانكسار ونحن شعب نملك كل مقومات الاعتزاز والافتخار، فمشاريع التنمية لدى حكومتنا، الرشيدة طبعاً، وخصوصاً العملاقة منها غطت نور الشمس فلم نعد نراه. وليست تلك الظاهرة، وأعني ظاهرة طأطأة الرؤوس، بسبب تفشي الاكتئاب في المجتمع الكويتي، ولم الاكتئاب أصلاً وكل الظروف المحيطة بنا تبعث على السعادة والفرفشة، فإيران دولة شقيقة صديقة تحب لنا الخير، ولم ولن تهدد أمننا في يوم من الأيام، وكل ما يقال عن الاحتمالات المستقبلية لاستخدامها غير السلمي للتكنولوجيا النووية محض هرطقات تافهة. أما العراق الشقيق فسيظل المدافع عن كياننا أبد الدهر، وسيبقى خط الدفاع الأول عن حدودنا الشمالية، ولن يطمع بنا في يوم الأيام، ولله الحمد والفضل والمنة، فلم الضيق والتفكير والهم والغم، كل ما في الأمر وببساطة أن السيد (البيبي) عامل عمايله!
(البلاك بيري) وما أدراك ما (البلاك بيري)، أو ما يسمى اختصاراً (البيبي)، جعل الناس، وخصوصاً النساء، في حالة (شاي ضحى) مستمر، منذ ساعات الصباح الباكر، وحتى قبيل النوم، سوالف ونكت وصور وفيديو وعالم آخر أنتم عنه غافلون، هذه الحالة لا تختلف عن جلسات شاي الضحى المعروفة سوى أنها بدون شاي أو زهورات، وبدون مكسرات لتمرين عضلات الفكين لزوم الحش والكلام الذي ليس له معنى، سوى الغيبة والنميمة وخراب البيوت.
لا أعلم لِمَ يندفع بعض البشر في الأغلب نحو التطبيقات الخاطئة للتكنولوجيا، السيارات يستخدمونها للقتل والأصل فيها التنقل، الانترنت يستخدم للي بالي بالكم، بلوتوث الهواتف النقالة لا يستعمل
إلا في الكافيهات والمطاعم، وأحياناًَ عند إشارات مرور شارع الحب، الكاميرات
المدمجة مع الموبايلات أصبحت لعنة على الجيل الحالي، وأداة فضيحة للكثير من البنات وأسرهم، كما باتت أحد أهم وسائل الابتزاز، الله يستر علينا بستره، قولوا آمين بس.
في الأفقيقولون في الأمثال الخرفوشية: إذا كنت تمشي مرفوع الرأس، شامخ الهامة، فذلك ليس دليل على ثقتك بنفسك، وإنما دليل واضح أنك لم تستعمل (البيبي) بعد!
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]< p>