على هامش معرض الكويت الدولي للكتاب
ناشرات عربيات «تحدثن عن تجربتهن مع الطباعة والنشر» : صناعة الكتاب تتصادم مع الرقيب والفوضى
1 يناير 1970
07:09 ص
|كتب مدحت علام|
تواصلت الأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب في عقد محاضراتها وأمسياتها، حيث أقيم مساء الاثنين الماضي في المقهى الثقافي محاضرة عنوانها «تجربة الناشرة العربية والكتاب»، وتحدث فيها الناشرات الدكتورة فاطمة البودي من مصر والدكتورة مي الزين من** لبنان، والدكتورة نجاة ميلاد من تونس، وأدار المحاضرة الدكتور محمد عدنان سالم.
في البداية تحدثت الدكتورة مي حسن الزين في ورقتها عن رسالة الناشر، التي هي المنارة التي تنير الدرب أمام الأجيال وهي المدماك الأساسي في بناء العقول ورعايتها... يمدها بوسائل المعرفة والنجاح وبناء الحاضر والمستقبل.
وقالت الزين: «ليس كل من طبع كتاباً أو كتبا عدة، أصبح ناشرا، ولن يستطيع كل من افتتح دارا أن يستمر في حمل أعباء النشر، ليكون متطفلا على هذه المهنة كما نراها في أيامنا هذه، حيث نرى كتبا تطبع بعناوين براقة ومضمون ضعيف، ونرى تكرارا للأسماء والمواضيع من دار لأخرى، إذ تكفي شهرة الكاتب ليكون الكتاب أو المؤلف معروفا ومن الناشرين من يعتبر النشر رسالة كما قلت سابقاً رسالة تثقيف وتوعية، حيث يندرج ذلك الاعتبار في أولويات الناشر الحريص على رسالته، وجعلها وسيلة من وسائل ازدهار الأوطان، بما في ذلك خدمة النشء، لا سيما في مرحلة الطفولة، وهذا ما وفّرنا له العناية والدراية في دار الكتاب بفرعيه اللبناني والمصري».
وأضافت: «أتكلم بالمختصر عن دور المؤسسات والحكومات العربية، حيث أصبحت هذه المهنة تتخطى الفرد وتمارسها المؤسسات ان في انتاجها أو في تشجيعها للناشر وتقديره ولا يمكن أن ننسى أن من أسبق الدول التي شجعت ولا تزال تشجع الناشر وتكرمه هي دولة الكويت الشقيقة، فالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يصب اهتماماته على نشر المعرفة والثقافة، حيث انه تفوق بإصدار مجلة (عالم المعرفة) واصداراتها السخية من الكتب التي تحتوي على جميع جوانب الثقافة والابداع إلى جانب العمل على إحياء التراث ونشره».
وتحدثت الزين عن تجربتها في النشر والكتاب، كونها نشأت في بيئة ناشرين سواء لجهة في أسرة والدتها أو والدها، إلى جانب مزاولتها رسالة القضاء والمحاماة، وقالت: «ليس من العدل في شيء اتهامي بالأنانية، إذا عبرت عن رأي خاص بي كناشرة، فقلت ان الناشرة تتميز عن أخيها أو شريكها الناشر بصفات تؤهلها إلى التميز، وتجعلها متقدمة في مضاهاته لتأدية الرسالة».
ثم تطرقت الزين إلى مشكلات الناشر العربي والتي حددها من خلال جوانب عدة منها اختيار الكتاب الناجح ثم تأمين المال لتوظيف عملية النشر، والإعلام والنقد، إلى جانب رقابة الجهات الرسمية، وتزوير الكتب، وفوضى النشر.
وقالت الدكتورة فاطمة بودي في ورقتها البحثية: «يعد معرض الكويت للكتاب واحدا من أهم معارض الكتب في العالم العربي، إذ يعد الثالث عربيا بعد القاهرة وبيروت، حيث تشارك دور النشر المحلية والعربية والعالمية بشكل متزايد عاما بعد عام، الأمر الذي يؤكد أن الكتاب المطبوع سيبقى أساس المعرفة وانتشارها وانتقالها من جيل إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى».
ثم تحدثت عن المرأة وصناعة النشر في مصر منوهة إلى ثلاثة نماذج نسوية تعملن في هذا المجال، النموذج الأول صاحبات دور النشر ذات المشروع والأهداف الثقافية، مشيرة إلى ان هناك رائدة مصرية في هذا المجال وهي روزاليوسف، بالاضافة إلى صاحبة ومديرة دار سنيا راوية عبدالعظيم.
والنموذج الثاني المرأة الناشرة ويتوقف عملها عند حدود الادارة مثل مديرة دار نهضة مصر داليا ابراهيم، وأخيراً المرأة المستثمرة والتي تدير دار نشر زوجها أو أحد أقاربها.
وأوضحت البودي انها تنتمي للنموذج الأول، كونها من خلال أدائها كمديرة وصاحبة دار العين للنشر.
وقالت: «ليس الهدف مجرد اصدار كتب ولكن اصداره بمضمون جيد، والسعي إلى ترويجه».
وتحدثت البودي عن صالون دار العين الثقافي، من خلال اعطائها للكاتب تميزه الخاص، والاحتفاء به، ليس بحفل توقيع فقط، ولكن بعقد ندوات يلتحم الكاتب فيها مع جمهوره مباشرة، مشيرة إلى الشخصيات المهمة التي استضافتها الصالون من الأديب السوداني الراحل الطيب صالح والدكتور فاروق الباز، والمترجم الشهير مصطفى فهمي وغيرها.
كما أشارت إلى مشاكل النشر مثل الرقابة، وصعوبة انتقال الكتاب بين الدول العربية وغيرهما، ثم تحدثت عن استراتيجية عمل الدار من خلال الاستعانة بهيئة استشارية دائمة من مختلف التخصصات، والدقة في انتقاء محتوى الاصدار، والتركيز على الثقافة العلمية وغيرها.
وركزت الناشرة الدكتورة نجاة ميلاد في ورقتها البحثية على توزيع الكتب، لتستهل حديثها بالقول: بدأت مشواري المهني في عالم الكتاب بعدما لاحظته أيام دراستي في فرنسا من اهتمام سلبي تجاه العرب والمسلمين، من قبل وسائل الإعلام وتهميش إذا لم نقل طمس لهوية جالية كبيرة من المهاجرين العرب والمسلمين، وكان أن قررت انشاء مكتبة ابن رشد سنة 1998 ويعرف بالفرنسي AVERROES في قلب الحي اللاتيني على أمتار من جامعة السوربون، للمساهمة في التعريف والترويج للثقافة العربية والإسلامية وحوار الحضارات والتنوع الثقافي، كما أنشأت جمعية ثقافية لخدمة الأهداف نفسها أطلقت عليها اسم منظمة ابن رشد للثقافة والعلوم والآداب والتربية وتجمع أعضاء من كبار الكتاب والمفكرين من العرب والفرنسيين، وبذلك كنت في فرنسا أول امرأة عربية تحمل مشعل الثقافة العربية الإسلامية وكلانا يرزح تحت وصاية الجهل والتخلف».
وأضافت: إن نسبة مشاركة المرأة في مجال النشر في الدول المتقدمة، تقارب نسبة الرجال «سواء كانت المرأة صاحبة المؤسسة أو مساعدة فيها، ومجال نشر الكتب أقرب لطبيعة المرأة، لأن المرأة تهتم بالتفاصيل، وعالم النشر مليء بالكثير من التفاصيل كالتوزيع والسوق والأسعار والموضوعات، بالإضافة للتعامل مع البشر من مختلف المستويات، بداية من الكتاب، وانتهاء بالموزعين وأصحاب المكتبات، فالنشر عمل جماعي، والاتجاه في العالم الآن لاشتراك أكثر من شركة أو مجموعة لتكوين دار نشر عملاقة، وبهذا يمكن للمرأة أن تشارك داخل هذه المنظومة مثلها مثل الرجل».< p>< p>