في خبر لافت ومثير، أعلن عن فوز الرئيس الأميركي بجائزة نوبل للسلام. العالم مندهش، أوباما نفسه لم يخفِ اندهاشه من جائزة لم يكن يتوقعها، والعالم يقول ان أوباما لم يقدم عملاً ملموساً يخدم السلم والأمن العالمي، ولجنة الجائزة تقول ان أوباما لديه مشاريع حسنة لخدمة السلام في العالم.
شخصياً، أعتقد أن أوباما نجح في خداع لجنة نوبل بخطب رنانة وكلمات معسولة طاف بها العالم... فقد ذهب أوباما إلى قلب العالم الإسلامي، إلى القاهرة، يدندن بكلمات معسولة عن احترامه لجميع الأديان ولجميع الآراء «الإسلامي والمسيحي واليهودي»، وأيضاً لم يخفِ تشجيعه لجميع الأفكار، مهما كانت ضئيلة ومنفردة، جماعات وأفراد، بهائية وبوذية، وهو لا يعارض الحجاب، ويصفق للتبرج والموضة.
أعلن عن غلق «غوانتانامو»، وعن سحب قواته من العراق، وزيادة قواته في أفغانستان، وألغى الدرع الصاروخية. أشياء كثيرة في أقل من عام، ولكن مجملها لم تقدم أي واقع عملي ملموس خدم السلام.
الخبر شغل العالم 24 ساعة، ثم كأن لم يكن، فليس بغريب أن يفوز أوباما. واللافت أنه قد فاز الأسوأ من الصهاينة سفاكي الدماء بالجائزة: مناحم بيجين سفاح دير ياسين، بيريز سفاح قانا وعناقيد الغضب، إسحاق رابين سفاح تكسير العظام.
الجائزة باسم الكيميائي السويدي اليهودي الفرد نوبل مخترع آلة الحرب والتفجير «الديناميت»، وبعد إعلان الجائزة في 1901 اندلعت الحرب العالمية الأولى وقتل فيها ثلاثون مليوناً، وبعد نحو عقدين اندلعت الحرب العالمية الثانية وقتل فيها أربعون مليوناً، وكان للديناميت الوجود الفعال القوي في تطاير ملايين الأجساد قتلاً ممزقة في الهواء.
ومُنحت قبل أكثر من عشرين عاماً لكاتب يهودي مجهول يعيش في نيويورك ولا يكتب أدبه إلا باللهجة «اليديتشية» اليهودية، التي لا ينطق بها سوى أربعين ألف يهودي في العالم، فكأنما هذه الجائزة هي بوجه من الوجوه، متخصصة في اعطاء نفسها لليهود ومن والاهم، لا للكبار المحترمين والشرفاء والأحرار في العالم. وما يؤكد ذلك نيل الكاتب المجري «كريتش» لجائزة نوبل في الأدب العام 2002، لا لشيء إلاّ لكونه يهودياً غاية همه ومبلغ علمه ذكريات وأخبار عن المعتقل النازي «أشفيتز»، كما أنه كان يكتب في الصحافة العالمية مقالات عن إسرائيل يبدي فيها سعادته برؤية نجمة داود على الدبابات الإسرائيلية الداخلة إلى رام الله، في حين أنه يرتدي عادة نجمة داود متدلية في جنزير ذهبي على صدره.
وأخيراً البعض يقول إن الرئيس الأميركي فاز بالجائزة بنيته الحسنة للسلم والأمن الدولي عبر سعيه للحوار الديبلوماسي في مشاكل معقدة وعدم تصريحه بتهديدات عسكرية مفزعة للعالم، ولكن المشهد قبل الجائزة يبعث على الشك، فعندما نستعرض المشهد العام المواكب للجائزة نجد الآتي:
اجتماع فاشل بين عباس والنتن ياهو في واشنطن برعاية أوباما. سحب قرار رفض المستوطنات. الأقصى تدخله جنود الصهاينة وتدنس أهم مقدسات المسلمين. السلطة الفلسطينية تؤجل التصويت على قرار «غولدستون» الذي يدين جرائم الصهاينة وقيل ان ذلك تم بضغط أميركي، وقيل بتهديد صهيوني بنشر شريط يتضمن تأييد قيادة السلطة للصهاينة بتدمير غزة و«حماس».
بعد ذلك المشهد المتخم بدراما الظلم للحق الفلسطيني تعلن لجنة جائزة نوبل عن فوز الرئيس الأميركي بجائزة نوبل للسلام. ولذلك أخشى أن تكون الجائزة مقدمة لتكريس ضياع الحقوق عبر الطرق الديبلوماسية أيضاً.
ممدوح إسماعيل
محامٍ وكاتب
[email protected]