في تقرير شامل عن حرب «سعد» و«القصيبي» الأقارب - الجيران في الخبر
«وول ستريت جورنال»: تسهيل ائتماني من بنك كويتي لـ«القصيبي» موقع من رئيس المجموعة وهو في غيبوبة قبل يوم من موته!
1 يناير 1970
06:59 ص
|اعداد حسين ابراهيم|
نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» امس تقريرا شاملا عن الخلاف القائم بين مجموعتي «احمد حمد القصيبي واخوانه» و«سعد» السعوديتين المتعثرتين، اشارت فيه الى ان احدى الوثائق المقدمة للمحاكم من قبل مجموعة «القصيبي» والمؤرخة في 21 فبراير الماضي تشير الى موافقة المجموعة على الحصول على تسهيل ائتماني من بنك كويتي، وتحمل توقيع رئيس المجموعة في حينه سليمان القصيبي الذي تقول الصحيفة إنه كان في حالة غيبوبة في ذلك اليوم وتوفي في اليوم التالي، وفق سجلات مستشفى في زيوريخ اطلعت عليها. وتتهم «القصيبي» رئيس مجموعة «سعد» معن الصانع بتزوير التوقيع، الامر الذي ينفيه الاخير.
وفي الاتي نص ترجمة بتصرف لتقرير الصحيفة:
عندما تزوج معن الصانع بنت واحدة من اغنى العائلات السعودية قبل نحو 30 عاما، اثار حفيظة بعض اقربائه الجدد وهو يتجه الى خيمة العرس التقليدية بسيارة «رولز رويس».
اليوم يخوض الصانع وزوجته سناء حربا مفتوحة مع هؤلاء الاقارب، عائلة القصيبي، حول اتهامات بالغش وتكديس ديون رديئة بمليارات الدولارات. ووفقا لوثائق محكمة، تشتبه عائلة القصيبي بان الصانع خدعها بمليارات الدولارات ودفع مجموعة العائلة «احمد حمد القصيبي واخوانه» الى العجز عن السداد، في حين ينفي محامو الصانع اي سوء صرف من قبله.
ويتيح الخلاف العائلي الذي تتردد اصداؤه في النظام المصرفي العالمي ويعتبر معوقا رئيسيا للاقتصاد السعودي، اطلالة نادرة على الشركات العائلية الخاصة حيث تبنى الامبراطوريات على روابط الدم والثقة.
110 بنوك محلية واجنبية على الاقل اقرضت الجانبين، مجموعة «سعد» ومجموعة «القصيبي»، اكثر من 15 مليار دولار في السنوات الاخيرة. بعض البنوك العربية شطبت ملايين الدولارات. في حين يقوم «دويتشه بنك» وجهات اخرى بمقاضاة مجموعة الصانع وشركات تابعة لمجموعة «القصيبي» واعضاء مجالس الادارات في هذه الشركات في نيويورك ولندن ودبي وجزر الكايمن.
كما ان الفضيحة تكدر اجواء المنطقة الراقية في الخبر حيث تعيش العائلتان في عقارات متجاورة.
واحدى اشارات التوتر صندوق زجاجي للاعلانات موضوع على مدخل عقار عائلة الصانع علقت فيه استدعاءات محاكم ووثائق من قبل انسبائه بعد رفضه استلامها.
الصيف الماضي كان مليئا بالثرثرة في تلك المنطقة من الخبر، حيث كانت سيدات الخبر يتحدثن حول كيف يمكن لهذا الخلاف العائلي ان يفسد قوائم المدعوين للحفلات الليلية التقليدية في رمضان.
وفي احدى المرات ساد ارتباك لدى زوجتي رجلي اعمال حول من تدعيان الى حفلتهما، زوجة الصانع ام اخواتها من ال القصيبي، وقالت احداهما «لا نعلم اذا كان من الجيد دعوة الجانبين معا».
وتقول مجموعة «القصيبي» انها كانت ضحية احتيال باموال تبلغ 9.2 مليار دولار نفذها الصانع بين العامين 2005 و2009. وجاء هذا الاتهام في اوراق قدمت الى محكمة في نيويورك، في اطار الدفاع في قضية رفعها احد المقرضين ضد «القصيبي». وتقول «القصيبي» في هذه الاوراق ان الصانع زور تواقيع عدد من افراد العائلة للحصول على قروض، كما زور دفاتر لشركات العائلة وقام بنقل الاموال الى مجموعته.
وفي قلب هذا الخلاف تقع سناء القصيبي التي تزوجها الصانع في العام 1980، وهي مساهم رئيسي في المجموعتين. فهي تملك 10 في المئة من مجموعة «سعد»، وفق تقرير لخدمة المستثمرين في «موديز» في 2008، كما انها واحدة من 20 فردا في عائلة القصيبي يمثلون المساهمين الرئيسيين في مجموعة القصيبي.
وفي الخامس من اكتوبر الجاري، امر قاض في المحكمة العليا البريطانية بتجميد مبلغ 1.6 مليون دولار كانت موجهة الى حساب في بنك «اتش اس بي سي» باسمي سناء القصيبي وابنتها من «مدارس سعد الوطنية»، وهي شركة تعليمية تابعة لمجموعة «سعد».
وخلال 12 ساعة من المقابلات هذا الصيف مع سبعة من المساهمين الرئيسيين في «القصيبي»، جميعهم تحدثوا عن مأزق العائلة. وقال اربعة منهم ان شقيقتهم سناء لم تعد تكلم شقيقها الوحيد سعود القصيبي الذي يدير المجموعة. كما ان علاقتها مع اقرباء اخرين باتت تقتصر على المكالمات الهاتفية والزيارات الاسبوعية لشقيقاتها وامها العجوز.
والعائلتان هما اقرب الجيران رغم ان كبر العقارات التي تقيمان فيها تعني انهما بعيدان عن بعضهما البعض اكثر من كيلومتر ونصف الكيلومتر.
ويتضمن عقار القصيبي منزلين احدهما كبير بناه الجيل السابق، والاخر اصغر بناه سعود، في حين ان الصانع يعيش مع سناء القصيبي في منزل محاط بالاسوار يحرسه رجال امن باللباس الرسمي. ويمنع الحراس ايا كان من الاقتراب من لوحة الاعلانات، التي غذت التكهنات، لان الاستدعاءات بقيت مهملة لوقت طويل بحيث طلبت محكمة الكايمن من عائلة القصيبي نشرها في الصحف السعودية، وهو ما حصل في اغسطس الماضي.
تعود جذور المشكلة المالية الى ما قبل اكثر من عقد عندما تدافعت البنوك الاجنبية الى تمويل المجموعات العائلية النافذة في المملكة العربية السعودية مع بداية ارتفاع اسعار النفط، حيث بدا الرهان على مجموعتي «سعد» والقصيبي» رهانا رابحا.
عائلة القصيبي هي عائلة بدوية كانت يوما تجهد في البحث عن اللؤلؤ لكسب عيشها، استقرت في المنطقة الشرقية من المملكة في الاربعينات. حينها بنى كبير العائلة حمد احمد القصيبي مطعما صغيرا لبيع الطعام لعمال النفط.
ثم بعد ذلك توسعت اعمال العائلة وتنوعت بين صناعة الانابيب و«البيبسي» والشحن والتفريغ والمال. وحاليا يوجد عضوان من العائلة في الحكومة السعودية.
في العام 1980، تولى عبد العزيز القصيبي وهو من الجيل الثاني ادارة المجموعة، وحين اراد العثور على زوج لابنته، وقع اختياره على طيار مقاتل، هو معن الصانع.
ويقول افراد من العائلة ان الصانع الذي نشأ في الكويت في جو اكثر انفتاحا من السعودية، اظهر مهارة نالت اعجاب عمه المستقبلي. لكن هذا الوضع لا ينطبق على كل افراد العائلة، حيث اثار وصوله الى خيمة العرس بـ «رولز رويس» حفيظة افراد محافظين من العائلة، بحسب اثنين ممن حضروا الزفاف. وقال احد افراد العائلة البارزين ان الامر «بدا غير لائق».
بعد الزواج، في العام 1981، عين معن الصانع مديرا لفرع الصيرفة في مجموعة القصيبي والذي كان يقوم على تحويلات اموال عمال النفط الى بلدانهم.
بعد وقت قصير اسس الصانع شركته الخاصة التي كانت في البداية تركز على العقارات. واظهر رغبة في النجاح بجهده الخاص. ويقول رئيس شركة سعودية للبتروكيماويات يعرف الصانع من خلال عضويتهما في غرفة التجارة ان «الصانع لم يكن يقبل ان يقول احد انه حصل على امواله من عمه».
وانطلقت امبراطورية الصانع الخاصة فعليا في وقت سابق من العقد الحالي. وفي العام 2005، توسعت شركاته من قطاع العقار الى النشاطات المالية والاستثمارية. وكانت الاعلانات الترويجية لمجموعته في ذلك الحين تقول انها ثالث اكبر مجموعة في المملكة.
وفي اشارة الى قدرته المالية، اشترى الصانع في العام 2007، حصة نسبتها 3.1 في المئة من بنك «اتش اس بي سي» البريطاني، ليصبح احد اكبر المساهمين في البنك.
وفي العام 2008، ادرجت مجلة «فوربس» الصانع ضمن لائحة الاغنياء بوصفه رقم 62 بين اغنياء العالم. يملك طائرة خاصة من طراز «ايرباص 320» ويسير في شوارع الخبر بسيارة «مايباخ» ذهبية اللون.
ومع توسع مجموعة «سعد»، شهدت مجموعة «القصيبي» مرحلة انتقالية، حيث توفي عبد العزيز القصيبي. وتبعا للتقاليد، انتقلت ادارة المجموعة الى كبير اشقائه سليمان.
ويقول افراد من العائلة وموظفون ان سليمان قسم المسؤوليات بين ثلاثة ذكور بارزين من العائلة. تولى سعود القسم الصناعي، واحد ابناء عمومتهم قطاع الاغذية والبيع بالتجزئة، في حين اشرف الصانع على الوحدات المالية للعائلة حتى الربيع الفائت.
وتتأتى مشكلة الديون الاكبر لمجموعة «القصيبي» من عملياتها المالية، بحسب عائلة القصيبي والدائنين. ويقول اعضاء مجالس ادارات من العائلة ان الصانع ظل مسؤولا عن الوحدات المالية حتى مايو الماضي.
وفي بيان صدر في الثاني من يونيو، قال ناطق باسم الصانع مقره لندن ان الصانع كان مسؤولا عن قسم الصيرفة، الا انه توقف عن العمل في هذا المنصب منذ سنوات، مضيفا ان علاقاته مع «القصيبي» في الاونة الاخيرة كانت قائمة على اسس تجارية.
من الصعب تحديد مناصب أدوار الصانع السابقة في مجموعة «القصيبي»، وبحسب وثائق وزعتها مجموعة القصيبي اعدها محاسبوها واطلعت عليها «وول ستريت جورنال» يبدو ان الصانع وقع وثائق بوصفه مديرا عاما لقطاع الصيرفة. كما وقع الصانع وثائق لوحدات مالية اخرى في مجموعة «القصيبي» من دون ان تحمل توصيفا وظيفيا له.
سليمان القصيبي توفي في فبراير الماضي. وقال سعود القصيبي ان الامور بدأت تتداعى بعد وقت قصير من ذلك. واوضح مسؤولان تنفيذيان في المجموعة انه في ابريل بدأ بعض مسؤولي المصارف السعودية يتصلون بالمجموعة للمطالبة بدفع 1.6 مليون دولار تمثل ديونا لها على قطاع الصيرفة.
التقى افراد من عائلة القصيبي بالصانع في العاشر من مايو لتقييم وضع وحدة الصيرفة. ولكن بنهاية مايو كانت الاتصالات ما زالت تتوالى من المصارف السعودية، كما يقول سعود القصيبي الذي امر عندها بالتدقيق ماليا في دفاتر وحدة الصيرفة.
واوضح سعود القصيبي «ما اكتشفه المدققون هو ان الامور تسير بشكل خاطئ. والتقارير المالية السنوية لم تكن تعكس حقيقة وضع الوحدة».
في الوقت نفسه تقريبا، بدأت امبراطورية الصانع ايضا تتداعى.
وتقول اوراق الدعوى التي رفعتها عائلة القصيبي في نيويورك ان الصانع فتح تسهيلات ائتمانية في الاقسام المالية لمجموعة القصيبي من دون الحصول على الموافقات المناسبة من اعضاء مجالس الادارات، ثم قام بتحويل الاموال الى مؤسسات تحت سيطرته.
ويوضح مدققو «القصيبي» في مقابلات واوراق انهم وجدوا «مئات» الوثائق التي تحمل تواقيع مزورة لكبار مسؤولي مجموعة «القصيبي». وفي احدى الوثائق المقدمة للمحكمة، يشير مدقق من شركة «ديلويت المالية المحدودة» الى ان الصانع حصل على قروض باسم مجموعة «القصيبي» من خلال تواقيع مزورة. وينفي الصانع الاتهامات بتزوير التواقيع.
احدى هذه الوثائق التي اطلعت عليها «وول ستريت جورنال» هي قرار من مجلس ادارة مجموعة «احمد حمد القصيبي» تحمل تاريخ 21 فبراير 2009، وتحمل توقيع سليمان القصيبي، رئيس المجموعة المريض في ذلك الوقت. الوثيقة تتضمن موافقة على تسهيل ائتماني جديد من بنك كويتي لوحدة مالية غير محددة تابعة لمجموعة القصيبي. ويقول محامو المجموعة ان معن الصانع هو من زور التوقيع.
واشارت مراجعة سجلات المستشفى من قبل «وول ستريت جورنال» الى ان سليمان القصيبي كان في ذلك التاريخ في حالة غيبوبة مستحثة طبيا بعد جراحة في احد مستشفيات زيوريخ. وتوفي سليمان في 22 فبراير.
ودعا سعود القصيبي في 24 يونيو الدائنين الى اجتماع لشرح الامور. وفي اجتماع اخر في اغسطس، ابلغ البنوك ان مجموعة القصيبي لن تلتزم بالوفاء بالديون التي تلقتها وحدتها المالية حتى تقرر المحكمة من المسؤول عنها. وذهبت بعض البنوك التي احبطها انعدام الشفافية الى المحاكم. ورفعت ستة بنوك على الاقل دعاوى ضد «القصيبي» لاستعادة اموالها، بما فيها «كومرتز بنك ايه جي». كما ان ثلاثة بنوك اقليمية على الاقل رفعت دعاوى ضد «سعد» للاسباب نفسها.
ويقول احد افراد عائلة القصيبي «القضية كلها محرجة. وفي النهاية لن يكون هناك رابح».