لفهم استجابته القوية لفيروس الأنفلونزا الذي يقتل أيضاً خلايا الجسم ويسبب الوفاة

قصة مرض «4» / جهاز المناعة... كيف يحمي الجسم من الأمراض؟

1 يناير 1970 10:17 ص
| بقلم د. أحمد سامح | قصصنا بالتفصيل حكاية الانفلونزا مع البشرية وطريقة انتشار فيروس الانفلونزا والأعراض والمضاعفات.

ثم تناولنا كل شيء عن لقاح الانفلونزا منذ استخدامه في الوقاية من أنواع الانفلونزا المختلفة منذ نهاية الأربعينات وحتى اكتشاف وانتاج لقاح ضد فيروس «H1 N1».

واليوم نتناول بالتفصيل كيف يحمي جهاز المناعة الجسم من الأمراض والفيروسات ومما يتكون جهاز المناعة ووظيفته؟

كذلك نتناول بالتفصيل أسلحة الجسم الأخرى في مقاومة العدوى بالأمراض والفيروسات وكيف تجري المعركة بين جيش الدفاع الإنساني والميكروبات الغازية؟

ولقد كشفنا في صدر جريدة «الراي» الصادرة يوم السبت 10 أكتوبر في الصفحة الأولى عن سر تحول فيروس الانفلونزا إلى مرض قاتل، وقد أوضحنا ان الاستجابة القوية لجهاز المناعة تقتل الفيروس وتقتل معه خلايا أنسجة أجهزة الجسم وبهذا تحدث الوفاة.

وكان لا بد من ذكر طريقة عمل جهاز المناعة بالتفصيل لتوضيح هذه النظرية الجديدة بأن ليس الموت بسبب الفيروس ولكن من الممكن أن يكون بفعل استجابة جهاز المناعة القوية للفيروس.



الجهاز المناعي في الإنسان هو المسؤول عن حماية الجسم من الكائنات التي يمكن أن تغزوه سواء كانت بكتيريا أو فيروسات أو فطريات أو طفيليات.

فهو يمثل خطوط دفاع متعددة وليس خط دفاع واحدا لحماية الجسم البشري وجميع أعضائه وأجهزته وأنسجته وخلاياه من تلك الميكروبات التي يمكن أن تمرضه.

وهذه الوظيفة الدفاعية والوقائية تقوم بها أساسا خلايا الدم البيضاء وعدد آخر من الخلايا المساعدة التي تنتشر في جميع خلايا وأنسجة أجهزة الجسم ولكنها تتركز وتتجمع بصورة مكثفة في الأعضاء الليمفاوية والتي تشمل نخاع العظام وغدة التيموس «Thymus» وهي غدة توجد بجوار القلب ثم الطحال والغدد الليمفاوية المنتشرة في شتى أنحاء الجسم.

وظائف الجهاز المناعي

وظيفة الجهاز المناعي هي التعرف على أي مادة غريبة عن الجسم والتخلص منها بواسطة مجموعات مركبة من الخلايا والبروتينات.

وكما يقول د. عبدالهادي مصباح أستاذ علم المناعة: «جيش الدفاع المناعي له قوات ثابتة في كل عضو من أعضاء الجسم وقوات انتشار سريع من خلال الدم تصل لإمداد مكان الهجوم بالقوات الدفاعية اللازمة للدفاع عن الجسم فنجد ان هناك خلايا ثابتة في الجلد وفي الأنسجة الموجودة داخل الجسم حيث يمكن للميكروب أن يتسرب بشكل أو بآخر إلى الجسم.

ونجد أيضا هذه الخلايا الثابتة موجودة في الغشاء المبطن للأمعاء والرئة وفي الكبد والمخ وربما كان عمل هذه الخلايا في تناغم وانسجام مستمر وقدرة عجيبة هو الذي يجعلها قادرة على رد أي عدوان على الجسم البشري وتقليل الخسائر التي تحدث نتيجة هذا العدوان إلى أقل حد ممكن»، أي التصدي للعدوى الميكروبية ومنع حدوث الأمراض والتقليل من أضرارها ومنع مضاعفاتها.

مكونات الجهاز المناعي

تعتبر خلايا الدم البيضاء القوة الضاربة الموجودة في الدم وفي السائل الليمفاوي ويحتوي دم الإنسان في المتوسط على نحو 35 ألف بليون من هذه الخلايا التي هي في حركة دائمة من دون توقف.

تبحث وتنقب عن الميكروبات والمواد الغريبة فإذا صادفت في جولتها ما يمثل خطورة على أنسجة الجسم فإنها تنجذب تلقائياً نحو مكمن الخطر «الميكروب أو المادة الضارة» وحينما تقترب من العدو فإنها تتحور بسرعة مذهلة لتكون أفواهاً فاهرة تقوم بالتهام العدو الذي سيقابل في داخل الخلية بأسلحة أخرى مهيأة للفتك بالعدو.

هذه الأسلحة عبارة عن أكياس تسمى الأجسام الهاضمة «ليسوزايم - Lysoscmes» من شأنها التقاط الميكروبات والمواد الضارة ومحاصرتها حتى تحبس في داخل الأجسام الهاضمة حيث تهضم بواسطة إنزيمات خاصة مهيأة لهضم المواد الغريبة التي تصل إلى داخل الأكياس والعجيب هنا أن المواد الضارة حينما تهضم بواسطة الانزيمات فإنها تتحول إلى مواد تستفيد منها الخلية.

ويتكون الجهاز المناعي من الخلايا الليمفاوية والخلايا الأكولة والخلايا المساعدة والجهاز المتمم أو التكميلي.

الخلايا الليمفاوية

تعتبر الخلايا الليمفاوية وهي أحد مكونات خلايا الدم البيضاء «20-30 في المئة» من مجموع الخلايا البيضاء المايسترو الذي يسيطر على الجهاز المناعي بأكمله وأهم أسلحة الدفاع والمناعة ضد الأمراض.

ويتم انتاج الخلايا الليمفاوية في الطحال والزائدة الدودية والغدة التيموسية والأنسجة الليمفاوية الأخرى.

وتتميز الخلايا الليمفاوية بوجه عام ان لها ذاكرة تقي بها ما حولها من أشياء بمعنى انه حينما يدخل ميكروب معين إلى الجسم فإن ذاكرة الخلايا الليمفاوية تسجل هذا النوع من الميكروبات «البكتيريا - الفيروسات - الفطريات) بحيث لو حدث غزو من هذا الميكروب مرة أخرى فإن الخلايا الليمفاوية تتجه نحوه للفتك به.

وتنقسم الخلايا الليمفاوية إلى نوعين أساسيين يختلف كل نوع عن الآخر من حيث الوظيفة وهذان النوعان هما:

خلايا «B» الليمفاوية

تختص هذه الخلايا أساسا بمقاومة البكتيريا والعدوى المتكررة من الفيروسات وتنشط هذه الخلايا في وجود الميكروبات ومسمياتها كما يساعد في تنشيطها الأنسجة الليمفاومة الموجودة في الأمعاء، وحينما تنشط هذه الخلايا تنمو وتتحول إلى خلايا أخرى هي خلايا البلازما «Plasma cell» وهي خلايا لها القدرة على افراز أجسام مناعية «Antibodies» التي من شأنها تنشيط عملية التهام الميكروبات بواسطة الخلايا الأكولة، كما تساعد الخلايا الأكولة في إبطال فعالية سموم الميكروبات.

والخلايا «B - البائية» بالاشتراك مع بعض الخلايا التائية مسؤولة عن الذاكرة القوية التي تمكنها من صناعة الأجسام المناعية «الأجسام المضادة» عندما يتعرض الجسم للميكروب نفسه للمرة الثانية، وهي فكرة التطعيم نفسها ضد الأمراض المختلفة حيث تحدد الأجسام المناعية «المضادة» أهدافها وتحاصرها وتهاجمها وتتشابك مع الجزيء المسبب للعدوى في الميكروب وتبطل مفعوله.

وتعمل خلايا «B» الليمفاوية بأمر الخلايا التائية «T» المساعدة «T-help[er cells» والتي تعزز انزيمات خاصة تسمى ليمفوكانيز ما يساعد على اتمام نمو الخلايا «B» المعروفة بالخلايا البائية وافراز الأجسام المناعية منها ضد الميكروب والجسم الغريب.

خلايا «T - تي» الليمفاوية

تمثل هذه الخلايا سلاحاً فتاكاً ضد الفيروسات والخلايا السرطانية وتنقسم هذه الخلايا بدورها إلى أنواع عدة منها ما يختص بالتحقق من وجود المادة الغريبة «خلايا تقوم بدور ضابط الجوازات» ثم اعطاء إشارة لجهاز المناعة كي يستعد بأسلحة ضد المادة الغريبة وتسمى هذه الخلايا الليمفاوية الخلايا المساعدة «Thelper cells «T حيث تقوم بدور المرشد عن العدو أو المهاجم، كما تنبه جهاز المناعة كي ينشط ويستعد ضد العدو وتتجلى أهمية الخلايا المساعدة حينما يصاب الإنسان بفيروس الإيدز.

هذا الفيروس يقوم بعملية غزو للخلايا المساعدة حيث يفقدها وظيفتها فيما يتعلق بالإرشاد عن العدو ومن حيث تنبيه جهاز المناعة حينما يشل حركة الخلايا المساعدة، وفي هذه الحالة يتغلب أعداء الجسم من بكتيريا وفيروسات وفطريات على خلايا الجسم ويصاب الإنسان بالأمراض الخطيرة.

وكما ان هناك خلايا ليمفاوية تقوم بتنبيه جهاز المناعة عند قدوم الخطر وهي الخلايا المساعدة فإن هناك خلايا أيضاً وظيفتها اخماد نشاط جهاز المناعة عند زوال الخطر وهذه الخلايا تسمى الخلايا الكابحة «المثبطة» Tsuppressor cells وهي خلايا تقوم بإبطال فعالية جهاز المناعة حينما تزول العدوى ويتم الشفاء بحيث لا تكون هناك ضرورة من تنشيط جهاز المناعة.

وإذا كان كل من الخلايا المساعدة والخلايا الكابحة «المثبطة» يؤدي وظيفة تنظيمية لجهاز المناعة فإن هناك خلايا ليمفاوية أخرى هي الخلايا السامة «المدمرة» وتعرف بـ «Cytotoxic T cells» وهي خلايا تتميز بقدرتها على اكتشاف العدو حيث تقوم بتدميره بواسطة انزيمات بداخلها خصوصا الفيروسات والخلايا السرطانية بمعاونة الخلايا التائية المساعدة «T helper cells».

الخلايا الأكولة

وهذا النوع من الخلايا الأكولة «Phagocytes» يشمل الخلايا وحيدة الخلية «Monocytes» التي تنمو وتكبر وتكون الخلايا الأكولة التي تسمى بالماكروفاج «Macrophages» وكذلك الكرات البيضاء المتعادلة الصبغة «Neutrophils» ووظيفة هذه الخلايا هي أن تتناول الميكروب أو الجسم الغريب الذي يكون ملتصقا بالأجسام المضادة ثم تلتهم كل الخلايا التي سقطت في هذه المعركة بين الأجسام المضادة والميكروبات المهاجمة لتنظف المكان منها تماما.

الأجسام المناعية «المضادة»

حينما تغزو الميكروبات أجسامنا تقوم قرون استشعار خاصة باستدراك الغزو الميكروبي هذه القرون الاستشعارية هي خلايا «T» المساعدة وهي نوع من خلايا «T» الليمفاوية التي تحدثنا عنها من قبل.

هذه الخلايا المساعدة تقوم بإصدار إشارة تنبيه إلى خلايا «B» الليمفاوية لحثها على انتاج أسلحة دفاعية ضد الغزو الميكروبي.

هذه الأسلحة هي بروتينات من نوع خاص لها أشكال مميزة ووظيفة محددة هي مقاومة الغزو الميكروبي الذي يمثل خطورة على أنسجة الجسم وتسمى هذه البروتينات بالأجسام المناعية أو الأجسام المضادة وهي بروتينات تنتجها خلايا «B» الليمفاوية بعد أن تتحور هذه الخلايا إلى خلايا «بلازما - Plasma cell» وتنتج الأجسام المناعية في مصانع انتاج خاصة وهي الأنسجة الليمفاوية مثل الطحال والعقد الليمفاوية.

حينما تنتج مصانع الانتاج الأجسام المناعية على اثر الغزو الميكروبي فإن الانتاج يصل إلى مداه بعد نحو 14 يوماً من بداية العدوى الميكروبية حيث تنتشر الأجسام المضادة في الدم أو تتمركز فوق أغشية الخلايا الليمفاوية.

وحينما يدخل ذات الميكروب إلى الجسم مرة أخرى فإن الأجسام المناعية «المضادة» تكون له بالمرصاد حيث تقيد حركة الميكروب وهذا التقييد يساعد الخلايا الأكولة في التهام الميكروب، ومن ناحية أخرى، فإن الأجسام المناعية «المضادة» تُبطل مفعول السموم التي تفرزها الميكروبات.

 



أسلحة الجسم الأخرى في مقاومة الفيروسات



يمتلك الجسم اسلحة اخرى منتشرة في مواقع كثيرة من الجسم وتشمل مواد مضادة للفيروسات والخلايات السرطانية بالاضافة الى حواجز وموانع طبيعية تحول دون وصول المواد الضارة الى مناطق حيوية في الجسم «سوف نتناولها لاحقا».

ليسوزايم يحمي خلايا الجسم وسوائله

تحتوي خلايا الجسم وسوائله مثل الدم والدموع على مادة شديدة الفعالية ضد الميكروبات وهذه المادة تسمى «ليسوزايم - lysosyme» وهي تعتبر بمثابة المضاد الحيوي الذي يقضي على الميكروبات.

وتعتبر هذه المادة من اهم الوسائل الدفاعية في الدموع حيث تطهر العين من الميكروبات اولا بأول وتمنع الاصابات الميكروبية للملتحمة.

وهناك مواد اخرى موجودة في الدموع مثل بيتا ليسين وغلوبيولينات المناعة لها القدرة على مقاومة الميكروبات ومنع الاصابة بالامراض التي تسببها.

ولمادة ليسوزايم اهمية هجومية في الخلايا الليمفاوية الآكلة والتي ذكرناها من قبل حيث يوجد بداخلها اكياس خاصة تسمى بالاجسام الهاضمة «lysosomes» وهي اكياس تحتوي على مادة ليسوزايم فحينما تلتهم الخلايا الآكلة الميكروبات فإن الاجسام الهاضمة تنجذب تجاه الميكروبات ثم تطلق اعيرة مدمرة متمثلة في مادة ليسوزايم التي تقوم بهضم الميكروبات وتحويلها الى اشياء تستفيد منها خلايا الجسم.

الإنترفيرون نجح في علاج الأمراض الفيروسية

تعتبر الفيروسات من الاشياء التي تهدد كيان الخلايا الحية وتلحق بها الامراض وبالرغم من اننا نتعرض بصفة مستمرة لهذه الكائنات الضارة الا ان ارادة الله سبحانه وتعالى شاءت ان تكون لنا وبداخلنا اشياء تقينا من خطر هذه الكائنات الضارة.

حيث تفرز معظم خلايا الجسم مادة فعالة ضد الفيروسات تسمى انترفيرون ويساعد في انتاج هذه المادة فيتامين «C» وعنصر المنغنيز وهي مواد نحصل عليها من الغذاء.

يتميز انترفيرون بفعالية ضد الفيروسات وخلايا الاورام فالانترفيرون يعتبر بمثابة القوة الكاسحة لهذه الخلايا الضارة.

ولقد استطاع العلماء فصل الانترفيرون من خلايا الجسم لاستخدامه في علاج الامراض الفيروسية والسرطانية ولما كانت وسيلة فصل هذه المواد تحتاج الى مجهود كبير وتكاليف باهظة فإن العلماء قد استفادوا من تقنيات الهندسة الوراثية في انتاج هذه المادة واستعمالها على نطاق واسع في علاج الامراض.

مضادات الأكسدة تحمي جهاز المناعة

يعتبر الأكسجين اهم العناصر التي يحتاجها الانسان لاستمرار حياته وذلك للدور المهم الذي يلعبه في انتاج الطاقة التي تستهلكها خلايا وأنسجة وأجهزة الجسم للقيام بوظائفها العديدة ويطلق على العمليات التي يتحول من خلالها الاكسجين الى طاقة باسم الأكسدة «oxidation».

وتعتبر عملية الاكسدة سلاحا ذا حدين فهي تساعد في انتاج الطاقة كما ان لها وظيفة دفاعية مهمة حيث يترتب على هذه العملية تكوين شوارد كيميائية تسمى بالشوارد الحرة «Free radicals».

وتتميز هذه الشوارد الحرة بقدرتها الدفاعية حيث تدمر الميكروبات «الفيروسات والبكتيريا والفطريات» والسميات وقد تدمر خلايا الجسم في حالة زيادتها.

وحينما يزداد تكوين هذه الشوارد الحرة الى الحد الذي يهدد كيان الخلايا الحية فإنها تقابل بعناصر مضادة تمنع تأثيرها المدمر وتسمى هذه العناصر بمضادات الاكسدة «Anti oxident» وتتمثل هذه المضادات في اشياء كثيرة ينتجها الجسم او تصل اليه عن طريق الغذاء.

فالجسم يستطيع انتاج مضادات كثيرة لهذه الشوارد الحرة مثل البروتينات والانزيمات ومادة جلوتاثيون ويصل الى الجسم عن طريق الغذاء مضادات اخرى مثل الفيتامينات «A - B - C- E» وعنصر السيلينيوم.

ومما يدعو الى التأمل ان هناك توازنا دقيقا بين الشوارد ومضاداتها في الجسم في الحالات الطبيعية وبحيث لا تطغى الشوارد الحرة على المضادات.

وبذلك فإن خلايا الجسم تبقى في حماية مستمرة من هذه المواد المدمرة «ومنها حماية خلايا جهاز المناعة» بالرغم من ان الخلايا تتعرض يوميا لعشرة آلاف ضربة من الشوارد الحرة.

ارتفاع حرارة الجسم يقاوم المرض وينشط المناعة

حينما ترتفع درجة حرارة الجسم على اثر الاصابة بالحمى مثلا فإن هذا الارتفاع يساعد في مقاومة الميكروبات المسببة للمرض والقضاء عليها.

ولذلك فإن الامراض الميكروبية «البكتيريا - الفيروسات - الفطريات» كانت تعالج برفع درجة حرارة الجسم الى اربعين درجة مئوية وذلك قبل اكتشاف الادوية المضادة للميكروبات مثل المضادات الحيوية.

ولقد بينت الدراسات الحديثة انه حينما ترتفع درجة حرارة الجسم عن الحد الطبيعي فإن هذا الارتفاع يؤدي الى تنشيط الخلايا الآكلة وخلايا المناعة الاخرى بحيث تزداد فعاليتها ضد الميكروبات وسمومها.

 



دور المناعة في مكافحة الأمراض الفيروسية



زاد الاهتمام بالدور المناعي الخاص بالفيروسات في السنوات الأخيرة نظراً لأنها تلعب دوراً مهماً كسبب لأمراض كثيرة وكان هذا الدور غير معروف سابقاً مثل علاقة الفيروسات بمرض السكر أو الأورام.

وقد زاد من اسباب هذا الاهتمام ان الدور الذي تلعبه المناعة في مقاومة الفيروسات لا ينتج عنه فقط التخلص من الفيروس ولكن تحدث بالاضافة الى ذلك اصابة في الأنسجة المصابة بالفيروس وقد يتسبب هذا الدور ايضاً في بقاء الفيروس كامناً لمدة طويلة كما يحدث في الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن.

وطريقة الاستجابة المناعية للفيروسات معقدة وتختلف حسب نوع الفيروس وخصائصه وطريقة تكاثره والمكان المصاب بالفيروس وطريقة انتشاره وتنقسم الاستجابة المناعية للفيروسات الى مناعة خلوية ومناعة عن طريق الاجسام المضادة «المناعية».

وتتم عملية المقاومة ضد الفيروس كما يلي:

(1) يفرز الانترفيرون والجسم المناعي «IGA» من الخلايا السطحية وقد يقضي ذلك على الفيروسات التي تتكاثر على سطح الجسم.

(2) الفيروسات التي تصل الى الدم تعمل الاجسام المناعية «المضادة» على مقاومتها.

(3) الفيروسات الموجودة داخل الخلايا تقاومها المناعة الخلوية والاجسام المناعية ايضاً حيث تعمل هذه المناعة على قتل الخلايا المصابة بالفيروسات كوسيلة لوقف الاصابة ومحاصرتها ولكن قد تنتج عن ذلك اضرار لخلايا أنسجة الاجهزة المصابة ما يتسبب في حدوث تغيرات مرضية في هذه الاجهزة والاعضاء.

دور الاجسام المضادة والخلايا المناعية

تلعب الاجسام المناعية بكل انواعها دوراً مهماً في حماية الأغشية المخاطية «في الجهازين التنفسي والهضمي و.... وغيرها» وتعمل على معادلة الفيروس ومنعه من الالتصاق بسطح الغشاء المخاطي. كذلك يؤدي الجسم المناعي الى التصاق وتجميع أجزاء الفيروس وبذلك يقلل عدد الاجزاء النشيطة القادرة على التكاثر والانتشار.

• تقوم الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا القاتلة التي تعتمد على الاجسام المضادة «المناعية» والخلايا البالعة «الملتهمة» بمقاومة الالتهابات الفيروسية.

• تقوم خلايا (تاو - «T») القاتلة بدورها في مقاومة بعض الفيروسات ولكن لابد من توافر شرط مهم لتقوم هذه الخلايا بعملها وهو ان تحمل الخلايا المصابة بالفيروس بروتينا معينا.

وعند التعرف على هذا البروتين بجانب تعرفها على الفيروس تقوم خلايا «T» بدورها في التخلص من الخلايا المصابة عن طريق افراز مواد معينة تقتل هذه الخلايا.

• تحدث عملية التخلص من الفيروس بعد1-2 ساعة من الاصابة به مما يكون له أبلغ الاثر في منع تكاثر الفيروس وانتقاله لاصابة خلايا أخرى.

• تقوم خلايا المناعة بافراز مواد تسمى سيتوكينيز والتي تلعب دوراً مهماً للغاية في تنشيط الخلايا «البالعة - الملتهمة» التي تقوم بدورها في التخلص من الفيروس.

كذلك تقوم خلايا المناعة بافراز الانترفيرون الذي يلتصق بمستقبلات على خلايا الجسم المجاورة وبذلك يحمي هذه الخلايا من وصول الاصابة اليها ويقوم الانترفيرون بتنشيط الخلايا القاتلة الطبيعية التي تعمل بدورها على قتل الخلايا المصابة بالفيروس.

وتؤدي العمليات السابقة الى عزل المكان المصاب ومنع وصول العدوى للخلايا المجاورة.

التأثير الضار لعمل جهاز المناعة ضد الفيروسات

• في اثناء قيام الجهاز المناعي بالاستجابة المناعية تحدث اضرار نتيجة تكون المركبات المناعية وكذلك تدمير الخلايا المصابة في أنسجة أجهزة واعضاء الجسم المصابة وبهذا تتوقف عن العمل اذا كانت استجابة الجهاز المناعي قوية لهذه العدوى الفيروسية.

• تتسبب الاصابة بالفيروس في ظهور أمراض المناعة ضد الذاتية نتيجة خروج انتجينات من الخلايا المصابة لم يتعرف عليها الجهاز المناعي من قبل والتي يصحبها تحفيز للخلايا المناعية التي تهاجم خلايا الجسم نفسه او تقليل نشاط الخلايا المثبطة للمناعة.

وهذا يشرح ما نشرناه بأن الاستجابة القوية لجهاز المناعة تقتل الفيروس ومعه خلايا أنسجة اجهزة الجسم وتتوقف عن العمل وتحدث الوفاة.