تحقيق / مهنة تحتكرها الوافدات... والعاملات بها اشتكين من تعرضهن للمضايقات
كاشيرات لـ «الراي»: الزبون ليس دائما على حق!
1 يناير 1970
04:16 م
|كتبت جمانة الطبيخ|
لم تكن معلومة انخراط 6971 فتاة سعودية في برامج للتدريب على مهن الكاشير والاستقبال ومبيعات التجزئة تمهيدا لالحاقهن في سوق العمل المحلي، سوى بداية الخيط الذي أمسكناه للبحث عن العاملات في مهنة «الكاشير» التي تحتكرها الوافدات وتحجم عنها المواطنات، باعتبارها - طبقا للعرف الاجتماعي - من المهن المتدنية.
معاناة «الكاشيرة» التي تبدأ من العمل طبقا لقانون «الزبون دائما على حق» ولا تنتهي بكم هائل من المضايقات والمعاكسات، شرعت الباب على أسئلة فقهية وحقوقية واجتماعية، منها: لماذا تقلل ثقافة المجتمع وأعرافه وتقاليده من تلك المهن ؟ ولماذا تحجم عنها المواطنات ؟ ولماذا ينظر إليهن بعض ضعاف النفوس نظرة دونية الى ان يثبت العكس؟ وهل سيمتنع من يحرمون الاختلاط وخروج المرأة الى العمل عن دفع فاتورة الجمعية ؟
«الراي» التقت بعض الكاشيرات للحديث عن تلك المهنة، وأكدت «شيل» التي أعلنت اسلامها وارتدت الحجاب انها فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله وليس من أجل العمل، موضحة ان أكثر شيء يشعرها بالاهانة عندما يشكك عميل بقيمة فاتورته، وتقول «كريمة»: «أعمل بوظيفة صعبة والزبون ليس دائما على حق»، وتضيف «أهم ما تعلمته أن أتعامل مع العملاء بأخلاقياتي كمسلمة»، وتؤكد «لينا» انها سعت لطلب الرزق الحلال، موضحة انها تعمل كاشيرة منذ 19 عاما وأهم ما تعلمته هو ان الالتزام يقي من الوقوع بالخطأ.
ولم ير الأستاذ في كلية التربية الاساسية قسم الدراسات الاسلامية الدكتور سليمان الشطي بأسا في عمل المرأة كاشيرة في حال التزامها بالضوابط الشرعية، لكنه اعتبر ان الاصل هو الا تعمل المرأة إلا للضرورة فهي لم تخلق للعمل، مؤكدا ان الرجل مجبر على النفقة، ولفت مساعد مدير جمعية الجابرية التعاونية حسين القطان الى ان تواجد المرأة كعاملة كاشير ليس حديث العهد، موضحا انها تجربة قديمة طبقت في أكثر من جمعية تعاونية... وهنا التفاصيل:
البداية كانت مع «شيل» وهي آسيوية مسلمة ترى ان وظيفتها مميزة ولكنها في الوقت نفسه صعبة، وقالت: «التعامل مع مختلف أنواع البشر ليس بالامر السهل خصوصا وإننا في هذه المهنة نعمل وفق نظم وسياسات الجمعية نفسها، فالزبون كما يقولون دائما على حق وأغلب المشاكل مع الزبائن تكون مالية، فعدم انتباه الزبون إلى المبلغ المقدم إلينا أو العكس، ومع حرصنا الشديد على الانتباه على الامانة التي تحت أيدينا إلا اننا قد نتعرض إلى العديد من المضايقات وهذا يرجع إلى نفسيات البشر المختلفة».
ومع أن بعض الآسيويات غير مسلمات نراهن جميعا يرتدين الحجاب وتعلق «شيل» على هذه الملاحظة قائلة: «الحمدلله قد من الله علي بالاسلام... وأنا فخورة جدا بارتدائي الحجاب الذي جعل الكثيرين يحترمونني، والتزامي به حفظني من العديد من المواقف التي كنت أقع بها من قبل»، مؤكدة ان التزامها بالدين وبارتداء الحجاب نابع من الاقتناع به من قلبها فهو لله، موضحة ان الزام الجمعية للكاشيرة بارتداء الحجاب يعود بالمنفعة عليهن بالدرجة الاولى، وقالت: «نحن نتعرض للعديد من المضايقات وخصوصا من الشباب فعندما يروننا محجبات يحترموننا أولا ويحترمون أنفسهم ثانيا».
وبالنسبة للمميزات والعيوب التي تراها في وظيفتها تعلق قائلة: «من أهم المميزات التي أراها في وظيفتي هي قدرتي الآن على التعامل مع مختلف أصناف البشر بحرية، فالمهنة منحتني الجرأة والمعرفة، وأهم عيب هو النظرة الدونية التي نتلقاها من بعض العميلات اللاتي يشعرننا بالنقص
وكأننا أقل منهن مع أن الاسلام يحترم العمل مهما كان نوعه فنحن نعمل للقمة العيش الشريفة».
وعن المواقف التي أشعرتها بالاهانة تردف قائلة: «من أكثر المواقف التي تشعرني بالاهانة عندما يشكك أحد العملاء بقيمة فاتورة الشراء وكأنني خنت الامانة وأضفت مبلغا على الفاتورة، ولان العميل دائما على حق فإنني أضطر لاعادة الحساب مرة أخرى للتأكد من المبلغ دون مراعاة منهم أنني قد أكون متعبة أومرهقة بعد ساعات العمل الطويلة، فمهنة الكاشيرة من أصعب المهن من وجهة نظري لاننا لا نحرص على المال فقط، بل نحرص على التعامل مع الكل بشكل ملتزم حتى ولو سببوا لنا بعض المضايقات أوالمشاكل، فالزبون ليس دائنا على حق كما يقول المثل، ومن المحزن أننا في الوقت الذي نحرص فيه على أداء واجبنا قد تكون ردود الافعال من العملاء ليست في مستوى الطموح المطلوب».
ونكمل حديثنا مع «كريمة» التي تعمل كاشيرة منذ سنوات طويلة لتحدثنا عن مهنتها قائلة: «أرى مهنتي غيرعادية فهي متجددة كل يوم، فالتعامل مع الزبائن يحتاج إلى فن وقدرة على التحمل، وكوننا نساء طبيعي أن نضطر إلى تلقي بعض التعليقات أو نتعرض للمضايقات وهذا قد يحدث لنا ونحن في وظائفنا أوخارجها، ولا أرى هذا عائقا أمامنا لأداء وظيفتنا التي سعينا لها طلبا للرزق الشريف»، وأضافت: «أكثر ما يزعجني من العميلات هو طلب بعضهن الغاء صنف معين من الفاتورة بعد محاسبتي لهن، ولانني لا أستطيع الالغاء وقد أواجه بعصبية واهانة، مبررات ذلك كوني إمرأة ولا أحسن التصرف، وهذا ما يجعلني في بعض الاحيان أحبط من هذه الوظيفة، فوظيفتنا صعبة والزبون ليس دائما على حق».
وبالنسبة للايجابيات التي تراها في الوظيفة تقول: «أرى بيئة العمل بشكل عام جيدة لظروفنا، فساعات العمل معتدلة والدخل جيد ولكن الصعوبة تكمن في التعامل مع العملاء فلكل منهم أخلاقياته المختلفة، وبما انني مسلمة فأهم ما تعلمته من عملي أن أتعامل مع الناس بأخلاقياتي وليست بأخلاقياتهم».
وتختم الكاشيرة «لينا» حوارها معنا بعد ترددها كثيرا في الحديث قائلة: «أعمل كاشيرة منذ 19 عاما ولله الحمد لا أعاني أي مشاكل، فعندما يحب الانسان وظيفته لا يفكر أبدا في عيوبها، فلكل وظيفة مميزاتها وعيوبها»، وتكمل: «سعينا جميعا للعمل لكسب الرزق الحلال، ومع أن هناك كثيرين يرفضون عمل المرأة وخصوصا إذا كان بعملها اختلاط بالرجال، ولكني واثقة جدا أن المرأة المحترمة والملتزمة بالاداب الاسلامية الصحيحة وطريقة التعامل الملتزم لا خوف عليها ولا يمنع الاسلام عملها، فالمهم في العمل الاقتناع بأن الناس مختلفو الطباع مثل الاصابع الخمس فهي ليست متساوية، لذا فإن التمتع بالاخلاق والالتزام يقي المرأة في الوقوع بالخطأ مع أي زبون».
وعن عمل المرأة في هذا المجال قال مساعد مدير جمعية الجابرية التعاونية حسين القطان: «تواجد المرأة كعاملات كاشير في جمعية الجابرية ليس حديث العهد، فهي تجربة قديمة طبقت في أكثر
من جمعية تعاونية أخرى، وهذه المهنة لم تكن يوما حكرا على جنسية معينة فقد كن بالسابق من الجنسية المصرية والهندية والسيلانية والفيليبينية».
ومن وجهة نظر شرعية كان للأستاذ في كلية التربية الاساسية قسم الدراسات الاسلامية الدكتور سليمان الشطي وجهة نظر في عمل المرأة كاشيرة فقال: «عمل المرأة كاشيرة في الجمعيات عمل دخيل علينا، فقد واكبنا الغرب وتدخلت العولمة في حياتنا فاستحدثنا أعمالا لم تنشأ المرأة لعملها، وبوجه عام هو عمل لا بأس فيه شرط ان تلتزم المرأة بالضوابط الاسلامية الشرعية وأهمها الحجاب وعدم التزين بالاضافة إلى اللباس المحتشم والالتزام المحدود بالتعامل مع الرجال، فالشريعة الاسلامية السمحة واضحة، فالمرأة لم تخلق لتعمل إلا للضرورة، والرجل هو المسؤول الاول والاخيرعلى النفقة عليها وعلى منزله».
السعوديات... كاشيرات
انخرطت 6971 فتاة سعودية في برامج التدريب التي أقرتها مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني لتدريبهن على مهن الكاشير والاستقبال ومبيعات التجزئة، تمهيدا لالحاقهن في سوق العمل المحلي.
وأوضحت احدى المشرفات على البرنامج في فرع مدينة الدمام أن الفرع اضطر إلى فتح باب التدريب لفترتين صباحية ومسائية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المتقدمات، واعتبرت أن البرنامج خطوة عملية في سبيل القضاء على البطالة النسائية، مشيرة إلى أن سوق العمل المحلي في حاجة ماسة لعدد كبير من المؤهلات في تلك المهن.
< p>< p>