الشركة شرحت في مؤتمر صحافي ملابسات يوم الازدحام غير المسبوق

هكذا «أغلق» افتتاح «بست دنكي» حولي!

1 يناير 1970 12:55 ص
|كتب حسين كمال|
يستحق ما حدث مساء الأربعاء الماضي في حولي أن يكتب في تاريخ الإعلان التجاري. فما كان يفترض أن يكون افتتاحاً لمعرض للالكترونيات تحول إلى حدث استثنائي، اختلط فيه أصوات الحشود الهائلة (هائلة بكل معنى الكلمة)، بأبواق السيارات التي امتدت لكيلومترات في جميع الاتجاهات. وبين كل ذلك كانت أضواء سيارات الشرطة تلمع من دون أن يكون للرجال فيها حول أو قوة على السيطرة على كل ما يجري.
كان على واجهات محلات «بست دنكي» أن تصمد في وجه كل ذلك، وكان على صالات المحل أن تستقبل تلك الحشود التي لا تتسع لها «ساحة العلم». وبما أن ذلك مستحيل، قررت إدارة شركة «بست يونايتد» التي تملك المعرض عدم فتح الأبواب في تلك الليلة، تفادياً لتحول الاحتفال إلى حدث سيء.
لم يخل الأمر من أحداث شغب سرعان ما ضبطتها الشرطة، لكن الحدث فتح الأعين على ما يمكن لإعلان تجاري أن يفعله! ورغم كل شيء فإن لدى «بست يونايتد» أسباب كثيرة لتفرح في سرها، فخبر الافتتاح التي تأجل إلى اليوم التالي، صار على كل لسان، إما استفساراً وإما ذهولاً من ضخامة الحشود التي جمعتها «فكرة تسويقية»، لا أكثر! وهي في أي حال لم تكن تتوقع أن تضطر لعقد مؤتمر صحافي في اليوم التالي (عقد الخميس الماضي) لشرح «ملابسات» ما حدث.
يروي رئيس «بست يونايتد» الكويت عبدالعزيز اليوسفي كيف عاشت الشركة تلك الليلة العصيبة. يقول إنها فكرت في تنفيذ فكرة تسويقية للفت الأنظار إلى المعرض في يوم افتتاحه، وكان أن اهتدت إلى الإعلان عن أسعار زهيدة جداً لأجهزة الكمبيوتر والكاميرات الرقمية وأجهزة المايكرويف.
وبشيء من التبرير يقول «إن العديد من الشركات المنافسة في السوق المحلي تتبع هذا الأسلوب الجذاب من خلال بيع الأجهزة الكهربائية بأسعار رمزية في أول أيام افتتاح المعرض لجذب الجمهور».
يشير اليوسفي إلى أن الشركة كانت تتوقع أن يجذب العرض المغري لأجهزة المايكرويف بدينار واحد مئات العملاء، لكن الآلاف التي توافدت لم تكن في توقعاتنا على الإطلاق، لا في إدارة الشركة ولا في إدارة التسويق».
وفي الواقع بدأت الشركة تلمس آثار «الضجة الكبيرة التي أحدثها الإعلان» قبل ساعات من موعد الافتتاح، كما لو أن الحدث مباراة تاريخية للمنتخب الوطني. يقول اليوسفي إن «الآلاف من الزوار بدأوا يتوافدون منذ الساعة الرابعة عصرا لحجز كوبونات الأجهزة الكهربائية». عندها بدأ القائمون على تنظيم الحدث يشعرون بالقلق من أن تخرج الأمور على السيطرة.
ويضيف اليوسفي «عندما شعرنا بان الأمر يزداد تعقيدا قمنا باتصالات مكثفة مع الشركة الأم اليوسفي لزيادة عناصر الأمن الخاص للمساعدة في السيطرة على الموقف والحيلولة دون وقوع أضرار في المعرض» الذي لم يفتتح بعد.
كانت الأمور تتطور بسرعة، فأرتال السيارات ملأت شارع تونس في حولي وجميع الشوارع المؤدية إليه، من داخل حولي والجابرية والدائري الرابع، مما اضطر الشرطة إلى تحويل السير في نقاط عدة. وأمام المحل، لم يكن السفير الياباني موتو موتو ورئيس شركة «بست دنكي» اليابان ايرزونو ليجدا طريقاً سالكاً إلى المعرض وسط الحشود.
وفيما كانت أنباء ما يجري في الخارج تصل إلى مسؤولي الشركة، كانت الأمور تخرج عن السيطرة والوقت يمر بسرعة وكان لا بد من اتخاذ قرار. جملة واحدة تكررت كثيراً في النقاشات، «ليس أمامنا إلا إلغاء العرض»، تجنباً لما هو أسوأ.
مثل هذا القرار لا يمكن اتخاذه من دون موافقة وزارة التجارة. اتصل مسؤولو الشركة بمسؤولي الشركة خارج دوامهم «لدينا وضع طارئ، لعلكم سمعتم بما يجري في حولي. نريد إذناً سريعاً بإلغاء العرض».
جاء جواب الوزارة بالرفض؛ «لا بد من الالتزام بالعرض والدعاية التي قامت بها الشركة على مدار الاسبوع». كان أمام المسؤولين وقت قصير لتوسيع دائرة الاتصالات مع الشرطة ووزارة التجارة «عندما تأكدنا بأن الوضع من الممكن ان يتحول الى كارثة يتخللها ضحايا وإصابات كثيرة».
يقول اليوسفي «ان وزارة التجارة تضع نصب عينيها حماية العميل والمستهلك والمواطن وعندما تيقنت أن الأمر تحول إلى كارثة وافقت على إلغاء الافتتاح ومن ثم العرض».
عندما اقتنعت الوزارة، كان أمام الشركة ساعات من الشد العصبي مع الجموع الغاضبة أو المتذمرة من الازدحام، لكن مع إشراق الشمس في اليوم التالي كانت الشركة تحصي «مكاسبها» من الضجة غير المسبوقة لدى افتتاح معرض من هذاالنوع، وخسائرها المادية (الطفيفة) والمعنوية من جراء إلغاء العرض للضرورة.
على المستوى المادي، يشير اليوسفي إلى أنه وعلى الرغم من وجود الآلاف من الزوار الا انه لم يحدث اي اضرار بالمعرض سوى اضرار بسيطة لحقت بالباب الخلفي من المعرض نتيجة تدافع الناس عند هذا الباب.
أما على المستوى المعنوي، فلا يخفي اليوسفي معالم السعادة على وجهه وهو «يقر» بأن «الدعاية الإعلانية التي قامت بها الشركة قبل موعد افتتاح المعرض أحدثت ضجة كبيرة».
بات «بست دنكي» على كل لسان، وسواء الذين شهدوا ما جرى أو سمعوا عنه، ربما يحركهم الفضول لزيارة المعرض في الأيام العادية. إنها شهرة توازي كلفتها أضعاف ما أنفقته الشركة على الإعلانات. هكذا يحصل عندما يحالف النجاح خطط التسويق.
بات على الشركة أن تفكر من الآن بما ستفعله عن افتتاح معارض أخرى، ربما يكون تكرار الفكرة نفسه «غير ذكي» في صناعة الدعاية التجارية، وربما لم تعد الشركة في حاجة لذلك. يقول اليوسفي إن «آلية التسويق المشوقة والجذابة كانت لافتتاح المعرض الاول فقط اما فكرة تكرارها مرة ثانية فهذا مستبعد من قبل الشركة في الوقت الحالي».
ويشير اليوسفي الى ان طبيعة الجو الحار في الكويت هي التي فرضت على الشركة ان تفتتح المعرض في هذا التوقيت من المساء، موضحا ان العديد من الزوار وخصوصاً اليابانيين لا يستطيعون تحمل درجات الحرارة العالية التي تشهدها الكويت في الساعات الأولى من النهار وفترة الظهيرة.
وبشيء من المراجعة، يقول اليوسفي إنه «نظراً لما جرى في حولي، ستعمد الشركة إلى افتتاح تفتتح المعرض الثاني للشركة في برج باناسونيك ديسمبر المقبل في الساعات الأولى من النهار وذلك نظرا لتغير درجة الحرارة واعتدالها». ويرى اليوسفي ان الآلاف من الزوار الذين حرصوا على التواجد قبل افتتاح المعرض بساعات لم يتوافدوا على المعرض للعرض المغري وانما جاؤوا لرؤية افتتاح المعرض الكبير الذي يضم تحت سقفه كل الماركات العالمية من الأجهزة الكهربائية وخير دليل على هذا الأمر ان احدى الشركات المنافسة كان لديها عرض كبير في نفس يوم افتتاح «بست» استمرت في الدعاية والترويج له في الصحف لعدة أيام.
ويعتبر اليوسفي ان زوار المعرض اثبتوا للجميع مدى العلاقة الحميمة التي تربطهم بشركة عيسى حسين اليوسفي ومن ثم معارض «بست دنكي» خاصة وان البعض اعتقد ان توافد الآلاف الى المعرض كان نتيجة العروض التي وصلت الى الدينار الواحد، مشيدا بالدور التي قامت به الشرطة من الحفاظ على النظام والأمن الذي خرج عن السيطرة.
ويلفت اليوسفي إلى ان الشركة قامت في اليوم التالي بطرح عرض مميز وقوي جدا مثل «دور واربح» وعلى كل مشتريات بـ50 دينارا جوائز مجانية وبالفعل شهد المعرض في أول يوم افتتاحه إقبالا جماهيريا كبيرا وكانت نسبة المبيعات في هذا اليوم اعلى من المتوقع نتيجة هذا العرض المميز.

العرض كان يغطي مئات الزوار

ولفت اليوسفي إلى أن بعض ما نشر في الصحف حول ان عرض «بست» من الأجهزة المخفضة كان ضئيلا للغاية هو خبر عار تماما من الصحة، مؤكداً ان عدد الأجهزة التي كانت مخصصة للعرض ومسجلة في وزارة التجارة كانت كبيرة جدا لتغطي مئات الزوار للمعرض، مشيرا الى ان العديد من المعارض العالمية تقوم بطرح هدايا مجانية لنسبة من 3 الى 5 في المئة من الزوار، ولكن نسبة العرض التي كانت ستطرحه الشركة اكثر من هذه النسبة بكثير.
وتوجه اليوسفي في النهاية بالشكر والامتنان الى وزارة الداخلية متمثلة في الادارة العامة للدوريات والأمن العام على ما قاموا به خلال الافتتاح والسيطرة على الموقف.

كيف تربح إذا بعت «المايكرويف» بدينار؟

ماذا تربح الشركة من بيع جهاز كمبيوتر بخمسين ديناراً وجهاز «مايكرويف» بدينار واحد؟
يشرح اليوسفي «السر» بأن «الشركة قامت بالاتفاق مع الشركات المنتجة لهذه الأجهزة لتقديم هذا العرض ومساعدة معرض «بست» الجديد في تحمل التكلفة مناصفة»، مضيفا «ان بعض الشركات اليابانية دعمتنا في تقديم العديد من الأجهزة بسعر رمزي جدا بمناسبة الافتتاح».