أساتذة الجامعة و«التطبيقي»: نعم بعض الدكاترة «يسرقون الأبحاث»

السرقات العلمية... الشك انقلب إلى يقين

1 يناير 1970 04:38 م
| كتب محمد نزال |
عندما نشر خبر على استحياء يكشف عن سرقة علمية أقدم عليها أحد أساتذة الجامعة، لم يتعامل الكثيرون مع الخبر «الفضيحة» على محمل الجد لأنهم اعتقدوا ان هناك لبساً لا سيما ان الأمر يتعلق بالمواقع الالكترونية.
«الراي» قصدت الحرم الجامعي والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والتقت عدداً من الأكاديميين الذين حسموا أمر الخبر، وقلب تأكيدهم اللبس الى حقيقة، والشك الى يقين، اذ بينوا ان السرقة العلمية موجودة وتحدث في المؤسسات الأكاديمية ولا عزاء للعلم والعلماء.
ووصفوا اللجان المشكلة للتحقق من السرقة العلمية في جامعة الكويت بالمعضلة حيث تبرئ من تشاء وتدين من تشاء، داعين الى انشاء مركز متخصص لتقييم الأبحاث والدراسات العلمية يكون تحت مظلة مجلس الوزراء للحد من هذه الظاهرة.
الناطق الرسمي لجمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت الدكتور عبدالله سهر يعتبر نسب بعض الدكاترة الأبحاث والدراسات العلمية المعدة من قبل دكاترة آخرين اليهم - السرقة العلمية - «قضية حساسة ومؤثرة تنال من شرف المهنة الأكاديمية».
ويرى ضرورة «التعاطي مع مثل هذه القضايا وفق منظور موضوعي، خصوصاً انها تتعلق بالأمانة العلمية لدى أصحاب العلم وان اتهام الشخص بالسرقة العلمية يضر سمعته ويقلل من قدره في المجتمع حتى اذا لم تثبت التهمة عليه وحصل على البراءة من خلال المحكمة او لجان التحقيق المشكلة في المؤسسات الأكاديمية»، مبيناً «يترتب على اسناد التهمة عدة اجراءات وهي التحقق منها بسرية وتوافر الأركان القانونية كاملة والتي تتمثل بأربعة أركان هي وجود التهمة وتعيين الشاكي سواء كان شخصاً أم جهة وتوافر الادلة والبراهين الواضحة وبيان الضرر من ذلك».
ويلاحظ سهر ان معظم الشكاوى المقدمة والمتعلقة في قضايا السرقة العلمية «فاقدة لبعض الأركان القانونية ان لم تكن تفتقر لجميع الأركان، ويهدف من خلال هذه التهم إلحاق الضرر بكرامة ومكانة المؤسسات العلمية والأكاديمية فقط مشدداً على أهمية توخي الحذر عند التعاطي مع هذه القضية»، مؤكداً على ضرورة «التأكد من توافر الأركان القانونية عند التحقق من تلك الشكاوى والتهم مع مراعاة وجود معايير واضحة بعيدة عن الازدواجية في التعامل مع مثل هذه القضايا».
ويضيف: «شخصياً أنا ضد عملية التستر على السرقات العلمية التي يرتكبها بعض الأساتذة وكذلك ضد التشهير بها بهدف النيل من كرامة بعض الأشخاص والمؤسسات الأكاديمية خصوصاً ان لجان التحقيق التي شُكلت للنظر في تلك التهم برأت الكثير من الدكاترة وأسقطت التهم عنهم».
ووصف اللجان المشكلة للتحقق من السرقات العلمية بجامعة الكويت بأنها «لجان معضلة تأتي على حسب رغبة الادارة الجامعية فهي تبرئ وتدين بشكل وآخر، والدليل على ذلك هو انصاف القضاء للعديد من الدكاترة الذين دانتهم تلك اللجان».
ومن جهته، يأسف عميد كلية العلوم الادارية في جامعة الكويت الدكتور راشد العجمي لطرح هذه القضايا خارج أسوار المؤسسات الاكاديمية، شارحاً ان «تهمة السرقة العلمية مرتبطة بسمعة الصرح التعليمي وأعضاء هيئة التدريس فيجب التعامل معها بحذر شديد ووفق معايير الموضوعية والحيادية حيث ان اسقاط لجان التحقيق التهمة عن عضو هيئة التدريس المتهم بالسرقة لا يسقط النظرة السلبية التي تولدت لدى المجتمع الجامعي والخارجي تجاه ذلك الدكتور نتيجة اتهامه بالسرقة العلمية».
ويعتقد العجمي ان لجان التحقيق التي تشكل في المؤسسات الأكاديمية في الكويت «تخرج برأي شخصي الى حد ما نظراً لعدم وجود معايير وقوانين تحكم آلية السرقة العلمية وتبين المحظور وتحدد المسموح به في عملية النقل من الأبحاث والدراسات العلمية».
ويشدد على ضرورة فتح هذه الملفات وطرح تلك القضايا ضمن لجان أكاديمية فنية متخصصة في ذلك المجال «فليس هناك داع لأن تطرح في الشارع العام ويقرأها الشخص المعني بها وغير المعني الأمر الذي يساهم في تشويه سمعة المؤسسات الأكاديمية والتعليمية».
ومن ناحيته، يرد عضو الجمعية العمومية لرابطة أعضاء هيئة التدريس بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم في كلية التربية الأساسية الدكتور بدر الخضري ظاهرة السرقة العلمية الى الجامعات الخارجية التي «لا ترقى لمستوى الطموح وتمنح الشهادات العلمية في ظل انخفاض جودتها العلمية والأكاديمية وافتقارها لمقومات المؤسسة الأكاديمية الناجحة»، واصفاً تلك الجامعات بجامعات «الدكاكين التي تبيع الشهادات العلمية».
وعن مخاطر هذه الظاهرة وآثارها السلبية، أوضح الخضري ان سلبياتها هي «تبوؤ الدكتور الذي يسرق البحوث العلمية مناصب ومراكز قيادية في المؤسسات التعليمية نظراً لارتباط الترقية الوظيفية بالدرجة العلمية التي يتمتع بها الدكتور»، مؤكداً ان السرقة العلمية «اسلوب يتبعه بعض أعضاء هيئة التدريس في المؤسسات الأكاديمية في البلاد».
ويشدد على ضرورة «تأكد لجان الترقيات في المؤسسات الأكاديمية من سلامة البحوث والدراسات التي يقدمها الدكتور الذي يرغب في الترقية وكذلك التأكد من نشر البحوث في مجلات علمية محكمة ومعتمدة لدى الهيئة»، آسفاً لعدم وجود مجلة علمية خاصة بالهيئة الأمر الذي يساهم في تفشي هذه الظاهرة في الهيئة مقترحاً انشاء مركز متخصص لتقييم الأبحاث والدراسات العلمية يكون تحت مظلة مجلس الوزراء.
ويفيد بأن السرقة العلمية «تنقسم الى نوعين، النوع الأول الأكثر خطورة وهو نقل الدراسة او البحث العلمي دون اجراء اي تعديل او تغيير عليه، والآخر هو تكييف البحث العلمي على الواقع الذي ينتمي اليه الدكتور شريطة ذكر المرجع الأساسي للبحث وهذا النوع من سرقة يعد سرقة ايجابية».
ويقول مساعد العميد للتوجيه الطلابي بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور فهاد العجمي ان السرقة العلمية «معول هدم للمؤسسة الأكاديمية وتؤثر سلباً على جودة التعليم»، لافتاً الى اهمية نشر البحوث العلمية في المجلات العلمية المعروفة عالمياً وسن عقوبات صارمة على من يسرق بحثاً علمياً لأن حقوق البحث محفوظة للباحث الأول.
ويشير الى «ثمة نسبة محددة للمطابقة بين البحثين اذا تجاوزت تلك النسبة اصبح البحث مسروقاً».
وذكر ان اعداد البحوث والدراسات بطريقة غير سليمة «لا يقتصر على بعض الدكاترة الذين يلجأون الى هذا الاسلوب في الحصول على البحث وحسب بل تعدى ذلك الى الطلبة الذين يستعينون بالمكاتب الطلابية المختصة في اعداد البحوث مقابل مبلغ من المال وهذا من شأنه أن يزرع ثقافة الاتكالية في جيل الشباب الذين سيقودون البلاد والمؤسسات التعليمية في المستقبل».
ويشدد على ضرورة «تشكيل لجنة عامة بالتعاون بين جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومعهد الكويت للأبحاث العلمية لتفادي حدوث السرقات العلمية والحد منها».