زيارة «العميد» إلى أربيل العراقية حققت أهدافها
«كاكا» حضر من أجل عيون الكويت
1 يناير 1970
05:52 م
|كتب محمود صالح|
رئيس اقليم كردستان العراق مسعود برزاني لم يسبق له أن حضر أي مباراة رياضية في تاريخه، إلا أنه قرر في اللحظات الأخيرة حضور لقاء فريقه أربيل مع الكويت والتي فاز فيها الأخير بهدف أهله للوصول إلى الدور قبل النهائي لمسابقة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والذي سيلتقي فيه فريق ثاوث شاينا من هونغ كونغ ذهابا في الكويت يوم 15 أكتوبر وايابا في هونغ كونغ يوم 21 منه وقد استحق لاعبو الكويت الأبطال المكافأة السخية وقدرها ألف دينار لكل لاعب والتي خصصها لهم مرزوق الغانم.
الرئيس مسعود برزاني كان التقى النائب مرزوق الغانم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الأمة مع النائب وليد الطبطبائي ووفد رياضي ظهر يوم اللقاء، وتناول الحديث الشؤون الرياضية والسياسية.
الزعيم الكردستاني لم يفصح للوفد الكويتي عن نيته حضور اللقاء التاريخي بين أربيل والكويت، وربما لم تكن لديه النية لحضور هذا اللقاء، إلا انه بعدما استمع إلى الوفد الكويتي استشعر أهمية حضوره، وربما قال في نفسه كيف يكون هذا الوفد الكويتي مرزوق الغانم ووليد الطبطبائي وعبدالعزيز المرزوق وخالد الغانم ومشعل الغانم وسعد الحوطي وناصر الطاهر وأسد تقي وعبدالعزيز العنبري أجرأ منه داخل بلده فقرر الحضور ولكنه لم يعلن ذلك رسمياً لدواع أمنية.
تواضع برزاني
فوجئنا ونحن جلوس في مقاعد الدرجة الأولى في مدرجات ملعب أربيل بهتافات الجماهير الكردية... كاكا كاكا والتفتنا نحسب أن البرازيلي كاكا قد حضر ليكون مفاجأة اللقاء ولكن سرعان ما عرفنا أن كلمة «كاكا» بالكردية هي «السيد» أو «الشريف» أو «المعظم» وتطلق على علية القوم خصوصا الرئيس الكردي مسعود برزاني الذي صعد الدرج وفي معيته رئيس وزرائه برهوم صالح والقيادات السياسية والرياضية وجلس في أقصى يمين المقصورة، ولم يتحرك إلى وسطها إلا بعد ما أصر عبدالعزيز المرزوق وخالد الغانم والطبطبائي على أن يتوسط برزاني الحضور، فكان حضوره تاريخياً ليتناسب مع اللقاء التاريخي الذي يحدث للمرة الأولى بعد عشرين عاماً على أرض العراق التي عانت كثيراً من ويلات الحروب والدمار.
رسالة إلى العالم
كان حضور برزاني هذا اللقاء، بمثابة رسالة إلى كل العالم بأن العراق خصوصا منطقة كردستان آمنة مطمئنة.
هذا الأمن استشعرناه جميعاً في هذه الزيارة التاريخية القصيرة التي قمنا بها منذ أن وصلنا إلى أرض مطار أربيل، فإذا بالحفاوة وكرم الاستقبال والضيافة تفوق كل وصف، فضلا عن الإجراءات الأمنية المشددة التي لم يكن لها داع على الاطلاق، بعدما استشعرنا هذا الأمن بعد 15 دقيقة فقط من خروجنا من أرض مطار أربيل قاصدين المدينة الواسعة مترامية الأطراف رائعة الطقس.
استقبال شعبي ورسمي
استقبال شعبي ورسمي في مطار اربيل يتصدر المستقبلين وزير الشباب والرياضة ومحافظ الاقليم وقائمقام المحافظة ونواب في البرلمان الكردي وقيادات رياضية وشعبية اصطفوا محيين الوفد الكويتي.
في المدينة كان الدكتور عبدالله مجيد رئيس نادي أربيل حريصاً على توفير كل سبل الراحة للوفد الكويتي ولم يترك شيئاً يحتاج اليه الوفد الكويتي إلا وفره... وزاد.
الجماهير الاربيلية جماهير راقية ومتطورة شجعت الوفد الكويتي بحرارة أينما حل، وفي كل وقت، وظهر تعطشها الشديد للقاءات الرياضية التي حُرمت منها طوال السنوات العجاف.
75 ألف دولار
اكتظ الملعب بالجماهير التي حضرت اللقاء، واصطفت مجموعات أخرى كبيرة لم تستطع الدخول ولعل الاجراءات الأمنية المشددة هي التي منعتها من الدخول. إذ إن تفتيشا ذاتيا أجري على كل من أراد دخول الملعب.
كان أحد المتعهدين اشترى تذاكر المباراة بمبلغ 75 ألف دولار، وطبع نحو 25 ألف تذكرة قيمة كل تذكرة أربعة آلاف دينار عراقي أي 5 دولارات وأبعد نادي اربيل نفسه من المشاكل التي تصاحب عملية تنظيم الدخول والخروج.
4 ملايين دولار
الدكتور عبدالله مجيد رئيس نادي أربيل من الشخصيات الرياضية الذكية والواعية والراقية، قال لـ «الراي» ان ميزانية النادي تبلغ 4 ملايين دولار سنويا مقابل ست لعبات يمارسها النادي منها القدم وألعاب المضمار والدراجات، وقال ايضا ان عدد أعضاء الجمعية العمومية للنادي الذين يحق لهم التصويت كل أربع سنوات لاختيار مجلس ادارة النادي الجديد يبلغ 340 عضوا نعم 340 عضوا، وعندما سألناه لماذا هذا العدد القليل؟ قال: إن ما يهمنا هو أن يقوم بالتصويت من يفهم في شؤون الرياضة والادارة، والعدد كبير لا يعبر بالضرورة عن هذا الفهم، وربما يكون وبالا على النادي وعلى ادارته، لهذا فإننا نحرص على أن يكون المصوتون من اللاعبين الحاليين والسابقين والموظفين في النادي والإداريين السابقين، وقال ايضا ان الحكومة منحتنا أرضا شاسعة حول الاستاد نقوم باستثمارها بالشراكة مع مستثمرين أكراد.
4 ملايين دولار ميزانية نادي أربيل العراقي والذي يضم ست لعبات فقط، وهذا يعتبر مبلغا كبيرا جدا بالنسبة لميزانيات أندية الكويت التي تبلغ نحو مليون ونصف المليون دولار سنويا مع الأخذ في الاعتبار ان هناك أندية تمارس 12 أو 14 لعبة وهذا كله يتطلب مبالغ إضافية كبيرة.
قدوري فضحنا
الوفد الإعلامي والصحافي المرافق لنادي الكويت قام بجولة حرة صبيحة يوم المباراة من دون مرافقة أمنية أو حراسة خاصة، واستقل ميكروباصاً متواضعا ونزلنا جميعا السوق الشعبي المكتظ بالمواطنين الأكراد الذين يتسوقون بشراهة، والاسواق تشبه أسواق «واقف» والمباركية المسقوفة، ولم يكن يبدو على ملابس أي أحد منا اننا من أعضاء الوفد الكويتي وكانت الأمور تسير سيرا حسنا ولم يشعر بنا أحد، وعندما وصلنا إلى أحد المقاهي واذا بقدوري كبير مشجعي أربيل والذي حضر مع الفريق هنا في الكويت يتوسط مجموعة من مشجعي أربيل يصرخ بأعلى صوته «هلا بالكويت... هلا بالكويت»، وإذا بالمارة جميعهم يتوقفون ويسألون ويصافحون ويرحبون بأعضاء الوفد الإعلامي المرافق، وتبددت مخاوفنا مرة أخرى ليؤكد الشعب الكردي حبه للكويت ولشعبها ولكل من حمل اسمها وجاء من طرفها.
«توأمة» مع أربيل
انتهز عبدالعزيز المرزوق رئيس نادي الكويت ومرزوق الغانم وخالد الغانم وبعض أعضاء مجلس ادارة النادي وجودهم في أربيل واتفقوا على توطيد العلاقات الرياضية بين ناديي الكويت وأربيل بما يشبه «التوأمة» من خلال تبادل الخبرات واقامة المعسكرات لا سيما وان الطقس في أربيل معتدل في معظم أوقات السنة باستثناء فصل الشتاء شديد البرودة.
الأهداف تحققت
الزيارة التاريخية لاربيل حققت أهدافها الرياضية والسياسية، فإلى جانب تأهل الكويت إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عن طريق أربيل بقيادة المدرب الوطني محمد عبدالله، فتحت هذه الزيارة الباب على مصراعيه لاقامة مباريات ولقاءات رياضية أخرى في هذا الاقليم الكردستاني الهادئ، وربما يسعى القياديون الرياضيون الأكراد إلى استضافة بطولات أكبر ولقاءات أوسع بعدما فتح فريق الكويت المجال واسعا لمثل هذه التجمعات. وفي اعتقادي ان ما تحقق من أهداف لـ «الكويت» في هذه الزيارة يفوق تحقيق كأس الاتحاد الآسيوي.
موافقية للدخول
يكفي أن نعرف ان منطقة كردستان العراق لا يسمح لأبناء العراق الآخرين من الجنوب دخولها إلا بتصريح خاص يسمى «موافقية» أي تأشيرة يتقدم صاحبها بموجبها إلى السلطات المختصة بطلب الدخول يذكر فيه سبب الزيارة والجهة التي سيقوم بزيارتها ومحل اقامته ومدتها، ويحتفظ بهويته على الحدود لحين العودة.
وفد إداري ناجح
لعل ما يلفت الانتباه تواجد وفد إداري مرافق لوفد الكويت ناجح قام بجهود مشكورة في تذليل كل العقبات التي تواجه الوفد وهم تامر عبدالعال المدير الداخلي للنادي ونواف الجريد مدير العلاقات العامة، والمصور الإعلامي الناجح والمتألق عبدالرحمن الأنصاري والناشطون باسل الظفيري وطارق الفرج، فلهم منا كل الشكر والتقدير على ما قدموه من جهد يستحق الثناء.
برزاني يشكر الكويت
أكد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني انه يؤيد كل اجراء من شأنه ازالة التوتر بين الكويت والعراق، موضحا ان الوقت لا يسمح بأي خلاف بين الطرفين وان الحوار هو الوسيلة الوحيدة لتجاوز العقبات. وبين البرزاني خلال استقباله النائبين مرزوق الغانم ود. وليد الطبطبائي انه سعيد بهذه الزيارة التي يقوم بها وفد نادي الكويت الرياضي لانها تساهم بشكل او بآخر في توجيه الانظار إلى الاقليم كما انها تساعد في رفع الحظر عن الرياضة العراقية.
واشار البرزاني إلى انه يشكر الكويت حكومة وشعبا على زيارتهم للإقليم، مؤكدا ان الكويت دولة شقيقة ولها كل تقدير واحترام في نفوسنا.