مبارك الهزاع / محقان / الحكومة الصامتة

1 يناير 1970 06:31 ص
في كل أزمة، في كل مصيبة، في كل كارثة نسمع تصريحات لأعتى عتاة المجلس، كما أن نواب الغفلة والخيبة لهم نصيب من التصريحات أيضاً، ونسمع من القنوات الساقطة أخلاقياً، ونسمع رأي كل من له شأن ومن ليس له أي شأن، فالكل يصّرح والكل يبت برأيه ويضع الحلول إن أمكن وينّظر، والسؤال هو لماذا أصبح الكل جنرالات في وقت الحرب وساسة في وقت السلم، لماذا يريد الكل أن يتحدث بالسياسة، والكل يريد أن يصل إلى مجلس الأمة بدل إكمال تحصيلهم العلمي، لماذا غالبية الناس يجب أن يتحدثوا في السياسة في الطالعة والنازلة؟
إذا كان هناك طفل لا يعرف المشي ماذا ستفعل؟ ستحاول أن تعلمه المشي رغم أنك لست خبيراً، ولكنك تحب الطفل وتريده أن يتعلم ولهذا تبذل أفضل ما لديك فتقول للطفل «تاتا، تاتا» وتهمز له بأحرف غير مفهومة، وتؤشر له بيديك علّ وعسى يفهم الطفل، وغالباً ما تنجح حركة «التاتا» رغم أن من يقوم بها ليس خبيرا تربويا إذ قد يكون الطفل ابنه أو أخاه فيتعامل معه على قدر ما لديه من حيلة. تخيل لو أن الحكومة هي الطفل وأن غالبية الشعب هم من يتحدثون في كل شيء ويحاولون أن يجذبوا انتباه هذا الطفل بحركاتهم الغريبة! ليس عيباً فيهم ولكن العيب في الطفل «اللي ما يدري وين الله قاطه»، فالحكومة كالطفل تتخبط، لا تعرف ماذا تفعل والناس على نياتها تحاول إرشاد الحكومة، وغصباً عن الناس سيتحدثون بالسياسة لأن الطفل يجب أن يتعلم المشي عاجلاً أم آجلاً، والخيار الوحيد هو هذه الخزعبلات «التاتاتية» لدى الناس، فأصبح كل فاضٍ قاضياً، وكل راعي قهوة سياسياً، وكل لاعب كرة خبيراً اقتصادياً.
الغريب في الموضوع أن آخر من يصرح أو لا يصرح بشيء هو الحكومة، فهي آخر من يتفوه بكلمة، وآخر بلاويها ما حصل من تراشق طائفي أتى من بعض المخبولين أصحاب الوجوه المقفرة، فلم تكن هناك إدانة ولم تكن هناك أي تلميحات بأن ما يحدث غير مرغوب فيه... من باب الحصافة على الأقل! إلا أن صاحب السمو الأمير كالعادة ينقذ الموقف بعدما تخاذلت حكومة لا طعم لها ولا رائحة، حكومة تدعم فريقاً دون آخر للوصول إلى مآربها في البقاء على رأس الهرم، ودليل بسيط على ذلك ان النواب هم من يقدمون القوانين والمشاريع ويحاولون أن ينفذوها لأن الحكومة عاجزة عن ذلك، في الدول المحترمة الحكومات هي التي تقود ولكن عندنا العكس، وأكرر العيب ليس فينا ولا في النواب ولكننا مبتلون بحكومة على قلبنا ولهذا يجب التعامل معها على أسلوب «تاتا تاتا» «أغو ماما» لعل وعسى.
***
وعود النواب غير المنفذة
علي الراشد: سأحاسب وزير الداخلية إذا لم يحوّل التجاوزات إلى النيابة (يونيو 2009)
مبارك الهزاع
[email protected]