لبنان بلد جميل حباه الله بالخضرة والوجه الحسن، وشعبه أهل أناقة ولباقة وعرف عنهم العيش ليومهم فقط، وهم أهل تجارة وصنعة، ودائماً ما تراهم ينجحون فيها ولكن يبدو لي والله أعلم أنهم غير موفقين في السياسة برغم الهامش الكبير من الديموقراطية الموجود لديهم، ولهذا اعتقد أنها ديموقراطية موجهة كديموقراطيتنا المسكينة، فمشكلتهم خارجية وأما مشكلتنا باطنية. لكن وحتى لا أخرج عن الشأن اللبناني أريد طرح سؤال مهم: لماذا تتمسك جماعة 8 اذار بوزارتي الاتصالات والنفط؟! وليعلم جميع اللبنانيين أنه لو تمت إعادة تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة مره ثانية فلن يحقق أي نجاح إلا بتوافر أحد سببين أولهما اتفاق الأقطاب السياسية الخارجية، ودع عنك جماعة 8 أو 14 اذار فلبنان تحول إلى مطبخ سياسي كبير يحاك فيه جميع أنواع الطبخات الشامية، والمصرية، والإيرانية، وحتى الخليجية، وبالتأكيد الأميركية حاضرة في هذا المطبخ، ويغلق هذا المطبخ شهرين في العام حتى يستقبل المطبخ اللبناني السواح من كل حدب وصوب ليتذوقوا الأكل اللبناني، ويتنزهوا في مصايف لبنان، ويكتشفوا مدينة بعلبك التي تعود تسميتها إلى إله الشمس (بعل) وبالمناسبة هي المدينة التي عاش فيها قوم سيدنا الياس عليه السلام. وثانيهما هو أن نقوم بإخراج الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من قبره ليوفر غطاء سياسيا للرئيس العماد ميشال سليمان كالذي وفره لزميله قائد الجيش السابق شهاب بعد أن أصبح رئيساً للبنان، أو أن يخلف الله لنا زعيما عربيا يستطيع لم شمل العرب وتوحيد صفوفهم، وهذا ما أراه جلياً في جلالة الملك عبد الله آل سعود خادم الحرمين الشريفين.
الاحتقان السياسي في لبنان لم يبدأ باغتيال الحريري، أو بخروج الجيش السوري من لبنان بل بدأ منذ استقلال لبنان، فالمشاهد تتكرر ولكن مع اختلاف الزمان والمكان وبالتأكيد مع تغير اللاعبين، ولم يكن في أي من هذه الاحتقانات السياسية على مدار الأعوام الماضية ابتداءً من الاستقلال مشكلة داخلية فيما بين اللبنانيين أنفسهم برغم تعدد مذاهبهم ومشاربهم، ولكنها القوى الخارجية التي تقوم بتوظيف أبناء الوطن اللبناني ليقوموا بالدور نيابة عنهم فتتحول الساحة اللبنانية تارة إلى حرب أهلية أو حرب خارجية ليس للبنان علاقة فيها، وإنما قدر الوطن اللبناني وشعبه أن يدفع التكاليف كافة بأموال خليجية وعربية، أو أن تتحول الساحة اللبنانية إلى مزايدات سياسية رخيصة تارة أخرى وكلنا يعلم ما حدث في اجتماع الخيمة بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس شهاب، وكيف عمل الرئيس شهاب على عدم توزير السياسيين في الحكومة لأنه اكتشف عدم صدقهم وحبهم للمصلحة الشخصية، واستماتتهم على أموال الشعب، فمن دون عزل السياسيين اللبنانيين وابتعاد القوى الخارجية عن التحكم بالمصير اللبناني فلن تنتهي الأزمة السياسية في لبنان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إضاءة
عندما توفي والد الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان احتار أهل قريته بإطلاق لقب عليه لدماثة خلقه وتواضعه وحبه للجميع فقالوا توفي الآدمي... توفى الآدمي.
مشعل الفراج الظفيري
[email protected]