مدير القرن العشرين جاك ويلش، من أشهر المديرين التنفيذيين لشركة «جنرال الكتريك» على الإطلاق، فقد استمر في قيادتها ربع قرن من الزمان، وكان معروفاً بالحسم والصرامة دون تردد، إذ انه فصل عبر مشواره العملي في «جنرال إليكتريك» حوالي (118000) مدير وموظف وعامل كانوا يقاومون التغيير الإيجابي ويحاربونه.
ولكن قبل أن تحكم عليه بأنه دكتاتوري في نمط إدارته للعمل، أو كما كان يطلق عليه المدير الجزار، عليك أن تعلم أن الشركة حققت في آخر عهده حوالي (13 مليار دولار) كإيرادات سنوية بعدما كانت (مليارا و57 مليونا) عندما تسلمها في عام 1981، كما أنه رفع القيمة السوقية للشركة من (13 بليونا) إلى (400 بليون)، ولو أنه أبقى أولئك المثبطين والمحاربين للإبداع والتغيير لما حقق نصفها أو ربعها.
لقد أصبح جاك ويلش مدرسة إدارية مثيرة لاهتمام كثير من الطامحين إلى التميز والإبداع والنجاح في حياتهم العملية، وغدا نموذجه في القيادة (4E) مرجعاً لمن يريد التعلم من رجل قَرَنَ الفكر الإداري الحديث بتجربة عملية نادرة.
تساءلت وأنا أقرأ سيرة هذا الرجل الأسطورة، ماذا عساه أن يفعل لو استعنا به فيما تبقى من عمره لإدارة التنمية في الكويت:
هل يا ترى يستطيع أن يحاسب القيادات الديناصورية في وزارات ومؤسسات الدولة على أخطائها في تصميم وإدارة مشاريع الدولة، وخصوصاً العملاقة منها؟
هل يا ترى يستطيع تحقيق حلم صاحب السمو أمير البلاد بتحويل الكويت إلى مركز مالي؟
كيف سيقوم بتفكيك صراعات الأقطاب إياها، وهل سيكون حاسماً وصارماً كما كان أيام «جنراك اليكتريك»، أم أن للسن أحكاما؟
هل سيملك قدرة حقيقية على تنمية صندوق احتياطي الأجيال، أم أن تفكيره سيتأثر بنمط الإدارة الكويتي، وهات يا شفط من احتياطي الأجيال لزوم الترقيع، وعندها بالتأكيد سنستبدل المثل الدارج «جاك الذيب... جاك وليده» بـ «جاك ويلش»!
في الأفق
قال امرؤ القيس في قصة مشهورة: (اليوم خمر وغداً أمر، لا صحو اليوم ولا سكر غداً)، وأخشى ما أخشاه ألا يصحو البعض من سكرته حتى يجعل عاليها واطيها، الله يستر!
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]