| بيروت - «الراي» |
أطلت السنة الجديدة على «ملفات قديمة»، اكثرها دراماتيكية «الفراغ الرئاسي» الذي سيكون محور الحركة الديبلوماسية العربية المستجدة في اتجاه بيروت انطلاقاً من مؤتمر وزراء الخارجية العرب يوم الاحد المقبل.
فـ «نقطة الارتكاز» في مجمل الحركة في اتجاه لبنان مع اطلالة السنة الجديدة تقدم على ما اعلنته القمة المصرية ـ الفرنسية التي انعقدت اخيراً في القاهرة ووجهت «رسالة قوية» الى سورية بضرورة تسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان.
وفي واقع الحال بحسب المعلومات المتوافرة لمصادر ديبلوماسية في بيروت ان انطلاق الحل اللبناني خرج من ايدي الافرقاء اللبنانيين، وهو بات محطة معالجة عربية ودولية ابرزها التنسيق الفرنسي ـ المصري الذي اطلقه لقاء القمة الذي جمع الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري حسني مبارك في القاهرة امس والذي اكد في خلاله كل منهما وجوب ان تنتقل دمشق من مرحلة الاقوال الى مرحلة الخطوات لمعاودة فتح قنوات الاتصال بين باريس وبينها بعدما اعلن الرئيس ساركوزي توقفها في انتظار ان تبادر سورية الى خطوات عملية في هذا المجال.
وفي سياق متصل بالخطوات الاقليمية لمعالجة موضوع الاستحقاق الرئاسي اللبناني قالت المصادر نفسها ان اعادة تظهير الدور العربي مجددا حيال الملف اللبناني تتجسد في الدعوة الى مؤتمر استثنائي لوزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية في السادس من كانون الثاني المقبل كنتاج للتوجه الدولي ـ الاقليمي، حيث سيتم البحث في الوضعين اللبناني والفلسطيني.
الا ان البارز والمهم في هذا الاجتماع هو اللقاءات التي ستنعقد على هامشه ومحاولة مصر مرة جديدة اعادة الحرارة الى العلاقات السعودية ـ السورية من خلال قيام الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية المصرية احمد ابو الغيط بمسعى لعقد لقاء بين وزيري خارجيتي المملكة العربية السعودية الامير سعود الفيصل، وسورية وليد المعلم. وهو لقاء سيبحث كذلك في طلب سورية ضمان حضور خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز القمة العربية المقبلة التي تنعقد للمرة الاولى في العاصمة السورية، وهي قمة تحرص دمشق على انجاحها في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط على خلفية التجاذب الاقليمي والدولي القائم راهنا، بدءا من الملف النووي الايراني، مرورا بالوضع في العراق، وصولا الى الوضعين اللبناني الفلسطيني.
وكشف المصدر ان السعودية ابلغت الى المعنيين (وسعاة الخير) ان تسهيل اجراء الانتخاب الرئاسي في لبنان هو مفتاح اساس للبحث في كل الامور، لافتا الى انه في ضوء ما سينتج عن اجتماع وزراء الخارجية العرب يتقرر مصير العلاقة الاوروبية من الباب الفرنسي مع سورية اولا ويتقرر كذلك ما اذا كانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستقوم بزيارة جديدة للمنطقة نهاية كانون الثاني المقبل، وما اذا كانت ستقوم ايضا بزيارة سوريا كما يتردد في الاوساط الديبلوماسية المواكبة للمواقف الاميركية ذات الصلة بتطورات الوضع في منطقة الشرق الاوسط، وتحديدا على مستوى التعاطي الاميركي مع كل من دمشق وطهران.
وشكل الاتصال الذي أجراه موسى برئيس البرلمان اول من امس مناسبة لتبديد سوء الفهم بين الجانبين. وشدد الامين العام للجامعة العربية على أن المبادرة العربية تهدف الى إنجاز تسوية عادلة. ورد بري أنه ليس ضد المبادرة العربية وأن الحل يبدأ بأن تنجز المصالحة العربية (تحديداً السورية السعودية) وعندها تنتهي الأزمة في لبنان.
وأبلغ موسى لصحيفة «السفير» انه أجرى اتصالات للغاية نفسها مع وزيري خارجية السعودية الأمـير سـعود الفيصل وسـورية ولـيد المعـلم في اطار التحضير للاجتماع العربي، مشدداً على أن يتحمـل العـرب مسـؤوليتهم إزاء الأزمـة التي تواجه لبنان، وقال «لا بد من عمل عربي جـدي وحثيث من أجل التسوية لئلا تصـل الأمـور الى ما لا يحمـد عقـباه».
ودافع موسى عن إدراج الموضوع الفلسطيني على جدول الأعمال في ضوء الممارسات العدوانية الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وقال «انابوليس انتهى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وعلى العرب أن يقفوا جميعاً الى جانب الشعب الفلسطيني».
ونفى بري نفسه مساء امس في تصريح لقناة «المستقبل» الاخبارية «ما اشاعته بعض وسائل الاعلام عن رفضه المبادرة العربية لاجراء الوفاق بين اللبنانيين خصوصاً ان الامين العامل لجامعة العربية عمرو موسى يعرف تفاصيل الخلاف اللبناني». لكنه سأل العرب «لماذا تركوا اللبنانيين في محنتهم خصوصاً ان لبنان قدم اليهم الكثير من التضحيات»، لافتاً الى ان مصالحة الدول العربية في ما بينها تؤدي الى حل الازمة اللبنانية.
وكان الرئيس فؤاد السنيورة أجرى اتصالات هاتفية بكل من الرئيس مبارك ووزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، وقد تركز البحث خلال الاتصالين على نتائج القمة المصرية الفرنسية والاجتماع الوزاري العربي المقرر الأحد المقبل.
وأكد مبارك للسنيورة، حسب البيان الذي وزعه المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة، أن «مصر لن توفر جهداً لمساعدة لبنان للعودة الى حالته الطبيعية والمستقرة وهي تدعم انتخاب رئيس جديد للبنان بأسرع وقت».
وفي ردود الفعل السياسية على المواقف التي اعلنها مبارك وساركوزي، اشاد رئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري بها، وقال في بيان له: «ان هذه المواقف تشير بشكل واضح الى مكمن الداء في الازمة التي يعانيها لبنان، حيث لم يعد خافياً على احد في المجتمع الدولي وفي العالم العربي، حقيقة ان النظام السوري يتحمل مسؤولية مباشرة في تعطيل الحياة الدستورية اللبنانية وممارسة كل اشكال التدخل التي تعرقل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وترجمة التوافق على اسم العماد ميشال سليمان رئيساً».
واضاف: «ان مواقف الرئيسين مبارك وساركوزي هي محل تقدير كل اللبنانيين الذين يتطلعون الى وضع حد للتدخل في شؤونهم الداخلية، وهي مواقف تعبر عن النموذج المطلوب لتعامل الاشقاء والاصدقاء مع لبنان. ان فرنسا دولة صديقة بكل ما للكلمة من معنى، والرئيس ساركوزي يجسد مفهوم الصداقة الحقيقية بين فرنسا ولبنان، ويؤكد ان مسؤولية هذا البلد الصديق لا تقل عن مسؤولية الاشقاء العرب الذين نثق بقدرتهم على ممارسة دورهم في رفع يد النظام السوري عن لبنان ومساعدة اللبنانيين على تجاوز المأزق الراهن وملء سدة الرئاسة وفقاً للصرخة النبيلة التي سمعها كل العالم من الرئيس مبارك».
وفي المواقف عشية السنة الجديدة، اعلن الرئيس الأسبق للجمهورية أمين الجميل «ان لبنان اليوم على عتبة مرحلة جديدة، وكذلك الشرق الاوسط خصوصا، بعدما تحققت كل الانجازات الكبيرة التي هي تحرير الجنوب في العام 2000 انسحاب الجيش السوري عام 2005 وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وكذلك الامر بالنسبة الى المحكمة الدولية التي ستعيد الثقة للبنانيين بأمنهم واستقرارهم. هذه كلها إنجازات مهمة جدا نود ان نبني عليها».
واعتبر النائب عزام دندشي (من كتلة الحريري) أن «إعطاء حق التعطيل - الفيتو لطرف ولا سيما حين يكون مرتبطا بمحاور إقليمية لا تصب في المصلحة الوطنية هو خطير جدا ولا يمكن أن يمر حتى مع وجود أكثر من 30 ألف صاروخ»، وقال: «حتى لو تنازلنا عن بعض مبادئنا وطرحنا تعديل الدستور من أجل مصلحة هذا البلد فإننا حتما نرفض حكومة يكون فيها لقوى 8 مارس «نصيب الأسد» ونرفض تلازم المسار والمصير مع إيران وأن يكون لبنان ورقة في الجيب السوري الإيراني».
وأكد رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد «ان ليس امام فريق السلطة الا خيارين: إما السقوط في الهاوية أو الاذعان لمطلب المعارضة بالتوافق والمشاركة الوطنية الحقيقية»، معلناً «لن تزيدهم سرعة السير الا قربا من الوقوع في الكارثة»، ومحذرا «من الامعان في السطو ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، لانهم بذلك يسلكون منحا انتحاريا خطيرا».
ورأى رعد «ان «تفاقم الازمة وعودتها الى المربع الاول بعد التنكر للاتفاق والمسعى الفرنسي الاخير يتطلب منا اصرارا على مواقفنا»، مشيرا الى «ان الثلث الضامن الذي تطالب به المعارضة في الحكومة والذي تستنفر ضده قوى السلطة هو الذي يضمن العيش المشترك في لبنان والتوافق فيه».
وقالت مصادر المعارضة ان حركة المشاورات الثنائية بين قياداتها توسعت اخيرا استعدادا للقاء موسع قد يعقد قبل نهاية الاسبوع الجاري وعلى الارجح مقر العماد ميشال عون في الرابية، غير ان موعده سيتحدد في ضوء الاتصالات المرتقبة، بحيث يعقد الاجتماع الموسع قبل الاجتماع الوزاري الاستثنائي في القاهرة.
اضافت المصادر «ان الجهود تبذل لوضع خطة عمل تفصيلية تتناول شكل ومضمون وتوقيت الرد على مواقف الاكثرية وعلى القرارات الحكومية في شكل خاص، خصوصا ما يتصل منها بممارسات الحكومة التي وضعت يدها قسراً على صلاحيات رئيس الجمهورية».
وكشفت مصادر في المعارضة لـ «وكالة الانباء المركزية» ان لجنة خاصة بدأت البحث في وضع دراسة مفصلة حول المراسيم التي وقعتها الحكومة في جلستها الاخيرة تمهيداً لوضع تقرير مفصل حولها وجدولتها بحسب اهميتها واهدافها ومراميها. وباشرت اللجنة البحث في سلسلة القرارات الاخيرة التي صدرت عن الحكومة.
في المقابل، اشارت مصادر في قوى الغالبية الى ان حركة الاتصالات مستمرة وان كانت على وتيرة منخفضة بسبب عطلة الاعياد لإبقاء التشاور قائما في مختلف التطورات ومشاريع الحلول المطروحة وتلك المتصلة بالاتصالات الجارية بين عواصم عربية واوروبية.
وكشفت مصادر قوى الغالبية عن ان المشاورات التي جرت اخيرا رمت الى نقل وجهات نظر اطراف الصراع، خصوصا وان الجانب الفرنسي نقل موقفاً سورياً من الازمة انطوى على دعم سوريا لمطالب المعارضة، خصوصا لجهة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وحصول المعارضة على الثلث المعطل، الامر الذي رفضته الغالبية. وابلغت الى الجانب الفرنسي رفضها الدخول في البحث في اي تفصيل، وتصرّ على امرين: تعديل الدستور وانتخاب العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي، رئيساً للجمهورية وبعدها تبحث المواضيع السياسية الاخرى.
ويجري النائب سعد الحريري الموجود في فرنسا سلسلة اتصالات مع المسؤولين الفرنسيين حول الاستحقاق الرئاسي، انطلاقا من المسعى الذي تقوم به فرنسا خصوصا مع سوريا لتسهيل اجراء الانتخابات وتليين الموقف السوري، بحيث تنعكس هذه الليونة على مواقف المعارضة وحلفاء سوريا في لبنان.
وينتظر سياسيون في الغالبية نتائج الاتصالات الجارية عربيا واوروبيا لمعرفة مدى الانعكاس الايجابي الذي قد يكون لها على الاستحقاق الرئاسي خصوصا وان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى سيوفد هشام يوسف الى بيروت لإجراء اتصالات مع الاطراف وإعداد تقرير يرفعه الى الامين العام قبل انعقاد الاجتماع الوزاري العربي.
من ناحية أخرى، تلقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم امس، اتصالين هاتفيين من الامين العام لرئاسة الجمهورية كلود غيان تم خلالهما «البحث في سبل المساعدة الممكن تقديمها» لانتخاب رئيس للبنان.
وذكرت «سانا»، انه «استمرارا للجهود السورية - الفرنسية الهادفة الى ايجاد حل توافقي للازمة السياسية القائمة في لبنان» تلقى المعلم «قبل ظهر اليوم اتصالين هاتفيين من السيد كلود غيان الامين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية».
وكشفت «وكالة الانباء المركزية» ان وفدا فرنسيا سيزور دمشق في 12 يناير الجاري برئاسة النائب جيرار بابت وعضوية نواب اعضاء في لجنة الصداقة الفرنسية السورية في الجمعية الوطنية.
وتجدر الاشارة الى ان هذه الزيارة هي الاولى منذ فترة وتأتي في اعقاب تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تعهد بعدم اجراء اي اتصالات اخرى مع السوريين طالما لم تحصل فرنسا على اثبات على وجود ارادة سورية لترك لبنان والسماح له بأن يتوصل الى رئيس توافقي كما تأتي بعد سلسلة مساع فرنسية مع سورية لمعالجة الازمة اللبنانية، وفي اعقاب تطورات في المنطقة والكلام عن اعادة صياغة علاقات اوروبية ـ سورية جديدة.
| بيروت - «الراي» |
توجّه رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة إلى اللبنانيين بالتهنئة بحلول السنة الجديدة، آملاً في ان تشهد 2008 «العودة إلى الاستقرار والنمو والانتظام في عمل مؤسسات النظام الديموقراطي اللبناني والدولة، وذلك عبر البدء فوراً بانتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد كي تعود هذه المؤسسات إلى ممارسة عملها في شكل طبيعي ومستقر في المحافظة على مصالح المواطنين والبلاد وحمايتها».
وقال السنيورة: «من موقعنا، نمني النفس ان تسلم الحكومة في اقرب وقت الأمانة (صلاحيات رئيس الجمهورية) إلى الرئيس الجديد والى مجلس النواب، فهذه المسؤولية والأمانة التي أولانا إياها الدستور، نحن ساعون ومصممون على تسليمها بأسرع وقت». وتوجّه إلى كل اللبنانيين «بمن فيهم القوى السياسية التي نختلف معها في الرأي والتوجه»، قائلا: «في النهاية ومهما تباعدت الرؤى في كيفية خدمة بلدنا، لا بد لدروبنا إن تلتقي، فمصيرنا اللقاء والحوار وتبادل الخطوات تجاه بعضنا البعض من أجل إنقاذ لبنان(...) ».
وختم: «الناس ملّوا السياسة والتهديد بافتعال الأزمات، والشعب اللبناني تعب، لكنه لم ولن يسمح لليأس بالسيطرة عليه (...)».
الى ذلك،اعلن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة انه لمناسبة حلول السنة الجديدة، سيتم اليوم وضع باقات من الزهر باسم السنيورة على ضرائح الشهداء الرئيس رفيق الحريري، باسل فليحان، سمير قصير، جورج حاوي، جبران تويني، بيار الجميل، وليد عيدو وابنه خالد، انطوان غانم، اللواء الركن فرنسوا الحاج، ونصب شهداء الجيش في وزارة الدفاع في اليرزة.