د. حنان المطوع / يا مرحبا / من هو المفلس الحقيقي؟

1 يناير 1970 06:57 ص
بسرعة فائقة مرّ شهر رمضان المبارك... وما هي إلا أيام ونستقبل عيد الفطر السعيد أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركة، وأعاد الله عليكم رمضان أعواماً عديدة. ولكن اسمحوا لي بسؤال: لماذا لا نستمر بعد رمضان كما كنا في رمضان؟ فما إن يمر رمضان حتى نعود كما كنا عليه قبل رمضان من آفات اللسان، وأمراض القلب، وارتكاب للمعاصي والآثام.
لا أدّعي أني من المؤمنين الذين لا غبار عليهم ولكني أذكر نفسي وأذكركم فقط لعل الذكرى تنفع المؤمنين. فحقيقة كم كان المشهد جميلاً ونحن نتسارع في رمضان لختم القرآن، وكم هو بديع والجميع يحاول أن يحافظ على الصلوات المفروضة والسنن والنوافل، وكم هو مفرح وكلنا يحاول أن يحافظ على لسانه وعلى أفعاله... كل ذلك لأننا في رمضان، فهل بانتهاء رمضان ننصرف عن كل تلك المثل والأخلاقيات، والعبادات، والأفعال الجميلة.
لماذا لا نحاول أن نعوّد أنفسنا على أن يكون العام كله رمضان، لماذا لا نلتزم دينياً وأخلاقياً في كل حياتنا وحتى نهاية عمرنا وألا نكون مفلسين في كسب الأجر، لماذا نكون في رمضان أناساً غير الذين يعرفهم الناس في غير رمضان، فهل برمجنا عقولنا على الفصل بين رمضان وغيره من الشهور التي هي كلها شهور الله «نعم لقد خص الله عز وجل شهر رمضان بالكثير من الفضائل فهو شهر نزول القرآن، وهو شهر التوبة والمغفرة والعتق من النار، وفيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وفيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر الجود والإحسان والدعاء».
نعم لرمضان خصوصية، ولذلك علينا أن نسأل أنفسنا ونحن نؤدي هذه الفريضة العظيمة هل اكتسبنا من صومنا تقوى الله فحافظنا على طاعته فانتهينا عما نهى وفعلنا ما أمر، فإن وجد الإنسان نفسه كذلك فليحمد الله وليستمر في طريقه إلى ربه في رمضان وغير رمضان، وإن وجد غير ذلك فليراجع نفسه ويجاهدها على تحقيق ما شرع الصوم من أجله ومنها تأديب النفس وتقوى الله... في رمضان وغير رمضان.
المسلم يجب أن تكون حياته كلها رمضان... نعم يكثف في رمضان العبادات ولكن على الأقل يلتزم بكثير منها في بقية أيام العام. وما نلحظه أننا جميعا نهتم برمضان ونترك العام كله باستثناء القليل منا، إخواني اجعلوا من عبادتكم لله (في رمضان وغير رمضان) باباً تصلحوا فيه ما فاتكم من حياتكم، وتجددوا توبتكم إلى خالقكم فكلنا خطّاء وخير الخاطئين التوابون.
يجب أن نعلم أن الحياة مهما طالت فهي قصيرة فلربنا قد لا ندرك رمضان المقبل، ولهذا يجب أن نكون مستعدين للقاء الله بالأعمال الصالحة التي فعلناها في حياتنا كلها وليس في رمضان فقط، وفي نظري المتواضع المفلس الحقيقي هو من لا يغتنم فرصة كسب الأجر، وتجديد التوبة وطلب المغفرة من سبحانه تعالى في هذا الشهر الفضيل.
لنستقبل العيد السعيد بكل المحبة والمودة، نزور الأقرباء والأصدقاء والجيران، ونفرح الصغار بالعيدية، وقبل ذلك لا تنسوا زكاة الفطر التي هي واجب على الجميع، ولا تنسوا استقبال رمضان المقبل بعد عام، فماذا جهزتم لاستقبال الشهر الكريم... بعد عام من الآن، كم مرة سنختم القرآن قبل أن يأتي رمضان المقبل، وكم مرة سنقوم الليل، وكم من المبالغ سندفع للفقراء والمحتاجين، وما المواقف المشرفة التي سنقف فيها مع المحتاج والضعيف والمظلوم؟
نتمنى أن يأتي رمضان المقبل ونكون قد حققنا جزءاً معقولاً مما حققناه في رمضان... وكل عام وأنتم بألف خير.


د. حنان المطوع
كاتبة كويتية