قصار ولكن ... عظماء
خروتشوف... عامل المناجم الذي حكم الاتحاد السوفياتي / 10
1 يناير 1970
01:11 ص
|القاهرة - من أحمد نصير|
«كل قصير مكير ... احذروا كل من اقترب من الأرض ... كل قصير خطير، القصير يا حكمة يا نقمة»... كثيرة هي تلك الأمثال التي تتحدث عن قصار القامة في مجتمعاتنا العربية، بعضها سخرت منهم وأغلبها حذرت من دهائهم ومكرهم وقدرتهم على المراوغة والمناورة.
لكن التاريخ يؤكد أن «كل قصير عظيم»... أو بالأحرى أن أغلب العظماء كانوا من قصار القامة، سواء من الزعماء أو القادة العسكريين أو الأدباء والمفكرين ومشاهير الفن والرياضة.
ومن أبرز الشخصيات المشهورة بقصر القامة... الفرعون المصري توت عنخ آمون، والقائد المغولي هولاكو، وإمبراطور فرنسا نابليون الأول ولويس السابع عشر، والسلطان العثماني سليم الأول، والملكة فيكتوريا، ونلسون وستالين وهتلر وموسوليني وفرانكو وغاندي ونلسون مانديلا وخروتشوف وأيزنهاور وغاغارين «أول من صعد إلى الفضاء» وغيرهم.
أما نجوم الفن والرياضة فأبرزهم بيكاسو ودافنشي وأسطورة الكوميديا تشارلي شابلن والمطرب المصري الراحل عبدالحليم حافظ وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والسندريللا سعاد حسني وغيرهم، ومن لاعبي كرة القدم: الأسطورة ماردونا واللاعب الأرجنتيني الساحر ميسي وغيرهما.
وهناك من الأدباء فولتير ويحيى حقي وإبراهيم المازني وإبراهيم ناجي وأمير الشعراء أحمد شوقي والأديب أحمد حسن الزيات.
الكاتب الصحافي المصري أنيس منصور قال : كان لأستاذنا العقاد نكتة خشنة يقولها أحيانا... يقول: الناس عندما يرونني أنا والمازني يقولون : هؤلاء العشرة، أي رقم 10 ـ أي العقاد هو الواحد والمازني هو الصفر لقصر قامته... وكان العقاد يضحك لذلك كثيرا.
وأضاف: لم نقرأ أو نسمع أن قصار القامة كانوا يعانون من هذا العيب في الطفولة أو في سنوات المجد... فقط الرئيس الفرنسي ساركوزي هو الذي قال: أنا قصير مثل نابليون... وكانت أم الرئيس ساركوزي هي التي تقول: إن ابني يخلع حذاء عالي الكعب من أجل حذاء آخر أعلى كعبا!... لعلها تقصد كعب الجميلات حوله!
غير أن علماء النفس يقولون إن: هتلر وموسوليني وفرانكو وستالين وغيرهم من قصار القامة عمدوا إلى تحصيل قوة الشخصية وجمع النفوذ السياسي في سلطتهم بعد أن عز عليهم أن يغيروا ما وهبتهم الطبيعة إياه من أجسام وقامات.
وعبر سطور «الراي»... نروي حكايات عدد من هؤلاء ومسيرة صعودهم، وكيف أصبحوا عظماء وإن اختلف البعض حولهم... فتابعونا حلقة بعد أخرى.
ولد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفياتي نيكيتا خروتشوف في كالينكوفا بمقاطعة كورسك الواقعة على الحدود الفاصلة بين روسيا وأوكرانيا في 17 أبريل العام 1894 لعائلة يعمل أفرادها في المناجم.
وعمل خروتشوف في البداية ـ بحسب صفحته على موقع موسوعة ويكيبيديا باللغة العربية - راعيا ثم عاملا في مصانع الحديد والصلب وانتسب إلى الحزب الشيوعي العام 1918، وحارب إلى جانب الحرس الأحمر أثناء الحرب الأهلية وبعد أن استتب السلام بانتصار الثورة اشتغل كعامل مناجم وانتسب إلى الجامعة العمالية العام 1922 حيث أصبح أمين سر خلية شيوعية فيها وبعد أن أنهى دراسته في الجامعة العمالية تفرغ للعمل السياسي في الحزب الشيوعي الأوكراني.
كان خروتشوف قصير القامة أصلع وسمينا... وكان ظريفا خفيف الدم مع بعض العجرفة والجفاء ... ولا ينسى العالم يوم خلع حذاءه ليضرب به منبر الأمم المتحدة احتجاجا ... كما لا ينسى تصريحه الشهير ضد الرأسمالية والذي أثار عليه حنق الصحافة الغربية عندما قال: «سندفنكم جميعا» ... مع تصريحات طريفة ومواقف ساخرة كانت موضوعا للصحافة ومدارا للرواية والنقل والاستشهاد .
هو... وستالين
في العام 1929 تم إيفاد خروتشوف إلى موسكو للدراسة في أكاديميتها الصناعية وبقي فيها حتى العام 1931حين عاد إلى أوكرانيا وأخذ يتسلق فيها بسرعة أعلى المناصب الحزبية فعمل سكرتيرا للجان عدة حزبية العام 1931 ثم انتخب عضوا في اللجنة المركزية العام 1932 فعضو في مجلس السوفيات الأعلى1937 فسكرتير أول للحزب الشيوعي الأوكراني وعضوا مرشح للمكتب السياسي العام 1939 وهو منصب رفيع يعتبر شاغله من قادة الاتحاد السوفياتي الفعليين.
وفي الحرب العالمية الثانية تولى خروتشوف نقل الصناعات السوفياتية من أوكرانيا نحو الشرق إنقاذا لها من الاجتياح الألماني، ثم عمل في المجالس الحربية في الجبهتين الغربية والجنوبية الغربية وشارك في تنظيم حرب الأنصار خلف الخطوط الألمانية وساهم كمفوض سياسي في الجيش في الدفاع عن ستالينجراد.
وفي العام 1943 تم منح خروتشوف رتبة فريق وعندما حرر السوفيات كييف في نوفمبر 1943 عاد إلى العمل كسكرتير أول للحزب الشيوعي الأوكراني.
وفي ديسمبر 1949... انتقل خروتشوف إلى موسكو... حيث أصبح أحد سكرتيري اللجنة المركزية للحزب واكتسب سمعة طيبة في مجال السياسة الزراعية. وفي أكتوبر 1952 وفي المؤتمر الـ«15» للحزب الشيوعي السوفياتي تم انتخابه عضوا في المجلس الرئاسي للجنة المركزية ولأمانة سر اللجان.
بعد وفاة ستالين العام 1953... قرر أعضاء اللجنة المركزية السبعة المجتمعون أن يتولى السلطة ثلاثة منهم هم : مولوتوف ومالينكوف وبيريا، إلا أن بيريا طمع في الانفراد بالحكم فتم اعتقاله وإعدامه فيما بعد وكان في ذلك فائدة كبيرة لخروتشوف الذي تمكن من إزاحة مالينكوف بسهولة وأحل بولغانين مكانه.
وفي الوقت نفسه تصدى خروتشوف لحل مشاكل كانت مفتاح شعبيته كتحسين الأوضاع المادية والإفراج عن المعتقلين السياسيين والتقارب مع تيتو وتطوير الاقتصاد الزراعي، غير أن ضربته الكبرى أتت في المؤتمر الـ 20 للحزب الشيوعي السوفياتي الذي أعلن فيه الحرب على الستالينية التي كانت حربا على الثوابت الشيوعية.
وكان المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي العام 1956 أول مؤتمر ينعقد بعد وفاة ستالين وخضع فيه الخط الجديد للمناقشة قبل أن يُقر ويُطبق بعد ذلك على جميع الأصعدة الأيديولوجية والاقتصادية والعلاقات بين الدول ذات الأنظمة المختلفة.
وأعد هذا المؤتمر لجنة تحضيرية مؤلفة من خروتشوف رئيسا وشبيلوف وكاغانوفيتش وميكوبان وسوسلوف وفورشيلوف كأعضاء. ولم يكن من المقرر البحث في أعمال ستالين.
الخطوط الكبرى
وفي فبرايرالعام 1956 افتتح خروتشوف المؤتمر الـ 20 وتلا فيه على مدى 8 ساعات تقريره الذي يقع في 100 صفحة وبعد أن عرض الوضع الدولي للاتحاد السوفياتي والحالة الداخلية ونتائج الخطة الخمسية للصناعة ونمو الإنتاج الزراعي ورفع المستوى الثقافي للشعب وتقدم الديموقراطية وتقوية الشرعية في النظام السوفياتي... انتقل خروتشوف إلى مشاكل الحزب الداخلية مستشهدا بلينين ومنددا ببيريا، ومشيرا إلى وفاة ستالين إلا أن أحدا من الخطباء لم يُشر ولو بإشارة عابرة إلى ستالين.
وأقر المؤتمر الخطوط الكبرى لتقرير خروتشوف ثم تمت دعوة المندوبين إلى جلسة خاصة مفاجئة حُدد يوم 24 فبراير 1956 موعدا لها حيث استمعوا إلى تقرير خروتشوف عن عبادة الفرد ونتائجها ومساوئها مع بحث حول القيادة الجماعية وفوائدها وندد بجرائم ستالين وغروره وبمساوئ بوليسه السري وبأخطائه يوم شن الألمان هجومهم على الاتحاد السوفياتي وديكتاتوريته بعد الحرب العالمية الثانية في الداخل والخارج.
وقد أحدث التقرير ضجة في العالم الشيوعي ومع أن النص الكامل للتقرير ظل سرا إلا أن ملخصه كان في متناول قادة الحزب الشيوعي وبعض قادة بلدان المعسكر الاشتراكي حتى أصبح السر معلوما وانتشرت روح التنديد بستالين والإشادة بخروتشوف في عدة بلدان اشتراكية مسببة العديد من التصفيات والخلافات الحزبية وممهدة الطريق أمام انقسام الحركة الشيوعية بين موسكو وبكين.
وفي السنوات التي تولى خروتشوف فيها زعامة الحزب والحكومة... تفاقم النزاع السوفياتي - الصيني في جوانبه «الإقليمية والقومية والأيديولوجية والاقتصادية»، وإن لم يشهد تفاقما عسكريا وكان خروتشوف صاحب قرار سحب الخبراء والفنيين السوفيات من الصين ووقف المساعدات الاقتصادية والفنية عنها العام 1961 وذلك كله كان لصالح الإمبريالية.
أما معركته في مواجهة الولايات المتحدة فيما يعرف بأزمة الصواريخ الكوبية 1962 فإنها اتخذت طابعا يهدد بنشوب حرب عالمية لأنها أوصلت البلدين إلى حافة الحرب إلا أن خروتشوف تراجع وسحب الصواريخ السوفياتية من كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو الجزيرة.
رفقة عبد الناصر
انتهج خروتشوف إزاء بلدان العالم الثالث ـ خصوصا الدول العربية ـ سياسة انفتاح وتفهم وتأييد فاتخذ موقفا حاسما من العدوان الثلاثي على مصر وقدم المساعدات لبناء السد العالي فضلا عن مئات المشروعات الصناعية وكسر احتكار صناعة السلاح في المنطقة العربية ـ خصوصا سورية ومصر - وعمل على مد الجسور إلى الشيوعية اليوغوسلافية من خلال اتفاقية التقارب بين الحزبين والدولتين في العام 1955.
وعلى صعيد التنمية الداخلية... أنجز خروتشوف الكثير ومن إنجازاته إصلاح نظام التعليم والخطة السبعية فضلا عن برنامج طموح لغزو الفضاء الخارجي وتعاظم القدرة العسكرية للاتحاد السوفياتي وتطوير أنواع جديدة من الأسلحة الاستراتيجية وتنمية الاقتصاد السوفيتي - رغم النكسات في المجال الزراعي ـ ودعم قدرات الحزب الشيوعي وتنظيماته.
على الصعيد الخارجي شهدت فترة زعامة خروتشوف تطورات هامة منها حل الكومنفورم العام 1953 وإنشاء حلف وارسو العام 1955 وعقد اتفاقية الحظر الجزئي للتجارب النووية 1963.
واقعة الحذاء
عندما زار خروتشوف الولايات المتحدة للمرّة الاولى في أكتوبر 1960م لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك لقي من الأميركيين استقبالا يتسم بعدم مراعاة اللياقة، خاصة وأنه ضيف ورئيس لدولة عظمى.
فقد رفضوا نزوله في فندق قريب من الأمم المتحدة بدعوى تهديد الأمن القومي الأميركي، ما جعله ينزل في حيّ هارلم الشهير وهو حىّ الزنوج.
وانتهز خروتشوف الفرصة ليهاجم أميركا والتفرقة العنصرية بها والحرية الرأسمالية الزائفة.
وأيضا ليمجّد الاشتراكية ويغني النشيد الأممي للاشتراكيين أمام الصحافيين وهو يخطب من شرفة الفندق... «انهضوا يا ضحايا الاضطهاد. سيخشى الطغاة قوتكم إذا نهضتم. لا تقلقوا على ممتلكاتكم. كيف تكون عندكم ممتلكات وأنتم من دون حقوق؟ انهضوا واهزموا الجهلاء العنصريين. إذا احترمتم أنفسكم ستسقط إمبراطورياتهم. ليست حريتهم إلا للأغنياء لكن الحرية للجميع».
وبدأت الاجتماعات في الأمم المتحدة من 10 أكتوبر العام 1960 - تاريخ نزول خروتشوف الأراضي الأميركية - وقد كان وقتها المناخ السياسي الدولي متوترا بعد أن أسقط السوفيات قبلها بأشهر طائرة تجسّس أميركية واعتقلوا الطيار.
يضاف إلى ذلك الانقلاب العسكري المدعوم من أميركا في الكونغو ضد الزعيم الوطني لومومبا.
وفي أجواء الحرب الباردة تلك كانت الخطابات في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة صاخبة ومليئة بالاتهامات المتبادلة والكلمات العنيفة ... وقد اتهم خروتشوف الأميركيين والغرب بأنهم جواسيس ومجرمون واستعماريّون إمبرياليّون وأنهم يستعبدون الشعوب باسم الحرية.
وجاء دور الرئيس الفيليبيني التابع لأميركا ليلقي كلمته التي هاجم فيها الاتحاد السوفياتي بصورة غير مباشرة وأن لهم مطامع توسّعية في جنوب شرق آسيا وأنهم توسّعوا في شرق أوروبا واحتلوها وأنهم يدعمون التمرّد في جنوب الفيليبين.
وهنا اغتاظ خروتشوف وضرب على الطاولة بيده، ثم خلع حذاءه وضرب به على الطاولة أمامه ثم وضع هذا الحذاء فوقها وكأنه يقول إن عدتم عدنا.
وفي الحقيقة كان هذا التصرّف موضع استهجان من القادة السوفيات بمن فيهم وزير خارجيته غروميكو الحاضر معه في اجتماع الجمعية العامة.
أما خروتشوف نفسه فقد كان فخورا بما قام به ومتباهيا حيث قال : «ذهبتُ إلى أميركا وضربتهم بحذائي».
طرائف وغرائب
للرئيس السوفياتي خروتشوف العديد من الطرائف ومنها: في العام 1956 ألقى خروتشوف خطابا في البرلمان الروسي «الدوما» في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي ندد فيه بجرائم الرئيس «ستالين» ضد الشعب.
وبعد أن أنهى كلامه جاءته رسالة من أحد الحاضرين كتب فيها: لماذا لم تقل هذا الكلام أمام ستالين والمعروف أنك من كبار رجاله؟ ابتسم خروتشوف وقرأ الرسالة على الحاضرين ثم طلب من صاحب الرسالة أن يعرّف نفسه ... ولما طال الصمت ضج بالضحك وقال : ليكن في معلوماتك يا صاح أننا في الهوى سوا ... فموقعك اليوم بالنسبة لي - الذي دعاك إلى السكوت- مثل موقعي بالأمس بالنسبة إلى ستالين ... لقد كنتُ خائفا مثلك.
زار الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو الاتحاد السوفياتي وكان في حينها رئيسا لوزراء فرنسا وكان من ضمن برنامج الزيارة زيارة أحد المعامل الذي كان يدار من قبل النساء السوفيتيات بدءا من المدير وحتى أصغر عاملة وارتجل الرئيس الفرنسي كلمة قال فيها: إن وضع المرأة في الاتحاد السوفياتي مزرٍ جدا فهي لا تستطيع أن تعيش دون أن تبذل العرق والجهد وتمنى أن يأتي اليوم الذي تصبح المرأة السوفيتية كمثيلتها في الغرب وكان ذلك بحضور خروتشوف امتعضت النسوة ولم يقمن بأي عمل مناف للعرف الديبلوماسي علما بأن ما قاله بومبيدو هو تجريح للنظام الاشتراكي.
وعندما جاء دور خروتشوف بالرد قال: أشكر الزميل الفرنسي على تمنياته للمرأة السوفياتية ولكن أقول له: إن المرأة التي تنال طعامها بعرق جبينها خير ألف مرة من المرأة التي تنال طعامها بعرق أفخاذها وبعد تصفيق حاد لمدة 5 دقائق ـ بدا الإحراج التام على الرئيس الفرنسي.
ودعا حزب العمال البريطاني خروتشوف لزيارة المملكة المتحدة وأثناء وجوده هناك أصرّ النواب العمال في مجلس العموم على أن يدعوه لحضور إحدى جلساته وحزب العمّال في الحقيقة لا علاقة له بالاشتراكية.
وقد قال الزعيم الهندي غاندي ذات مرّة: إنه يشعر بالحزن كلما فاز حزب العمّال في الانتخابات وفي نهاية الجلسة اصطف نواب حزب العمال لمصافحة خروتشوف إلا أنه وقف على طاولة الخطابة ونظر إلى زعيم حزب العمال - آنذاك ـ وقال له مشيرا إلى نوابه انظر إلى هؤلاء الخُشب الواقفة ! لقد قضينا على أمثالهم في ثورة أكتوبر عام 1917م وغادر القاعة دون أي مصافحة.
تنحية... ونهاية
كانت التطورات التي انتهت بتنحية خروتشوف مفاجئة وسريعة ففي الأسبوع الأول من أكتوبر 1964 استدعاه المكتب السياسي للحزب إلى موسكو من أجازة كان يقضيها في القرم حيث واجه اتهاما بأنه لا يحقق فكرة العدالة الاشتراكية ولا يقيم وزنا للمسؤولية الجماعية.
وقد أصر أعضاء المكتب السياسي على أن يُصدر نقدا ذاتيا فلم يفعل وطلب منه سوسلوف أن يستقيل من جميع مناصبه ما عدا رئاسة الوزارة فرفض خروتشوف وناقش وبرهن وهدد على مدى ساعات.
وفي 14 أكتوبر 1964 نُحّي خروتشوف عن جميع مناصبه وتُجمع الآراء على أن أبرز الأسباب وراء تنحيته هي:
- انفراده بالسلطة خلافا لمبدأ القيادة الجماعية وردته عن اللينينية.
- فشل سياسته الزراعية ونجاعة ما دمره من البناء الستاليني.
- الإساءة إلى هيبة الاتحاد السوفيتي إبان أزمة الصواريخ الكوبية.
- الإساءة إلى منصبه الحزبي والحكومي بتصرفات مظهرية أفادت منها الدعايات الغربية «مثل خلعه حذاءه وهو جالس في مقعده على رأس الوفد السوفياتي في الدورة العامة للامم المتحدة عام 1960 والدق به على المنصة».
- تفاقم الخلافات وتبادل الاتهامات مع قيادة الحزب الشيوعي الصيني.
عزلة واعتكاف
اعتكف خروتشوف بعد إعفائه من مناصبه في دار ريفية «داتشا» قدمتها إليه الحكومة السوفياتية حتى توفي في 11 سبتمبر 1971 وقد ظهرت في العالم الغربي قبل وفاته «سيرة حياة ذاتية» له بعنوان «خروتشوف يتذكر» وهي تغطي حياته وتحتوي على تقييم للأحداث والتطورات المعاصرة له والتي شارك فيها والتي تابعها وهو متقاعد.