«شر النفوس 2».... سقوط الدراما الاحترافية

نايف الراشد في مسلسلات من تأليفه وإنتاجه وبطولته هو «براد بيت» الخليج تعشقه النساء مع أنه يحتقرهن ويبتزهن

1 يناير 1970 10:08 م
|كتبت ليلى أحمد|
في غالبية مسلسلات نايف الراشد التي من انتاجه يظهر «أبو النوف» في كل المشاهد التلفزيونية «ما يعطي نفسه راحة ابدا» يسيطر على عيون المشاهدين ويعبيها بكل لحظة، يطلع اكثر من اي فنان مهما بلغ تاريخه الفني كما نرى في مسلسل «شر النفوس 2» نايف أهم من سعد الفرج ويظهر أكثر منه في المشاهد، سعد الذي يقوض نهاياته بـ«أعمال أي شي»، يطلع ابو النوف أكثر من اسمهان توفيق وهو «ابن اليوم» أقوى من فنانة تعمل في المجال الفني اكثر من اربعين عاما بينما نايف... كالفقع في يباس الارض ومثله كثيرون!
هو المنتج... وبفلوسه وشركته يرى انه من حقه أن يفعل ما يشاء ليس لضرورات فنية بل لتحقيق رغباته في البروز الذاتي دون مسوغات منطقية، سيكون الامر من حقه طالما ان لا محطة تردعه ولا نقابة تضع توصيفات في كل شيء ولكل شيء.
ودائما، حتى على شريط الاسماء والصور «التتر»... نايف راز نفسه بمختلف الاوضاع... يفتتح الكادرات ويغلقها نهاية بتوقيع اسم المخرج وبينها له «ستالاف» حركة الانفعالات والملابس والازياء بالدشداشة، بالبنطلون بلا مبالاة... بالتصوير الخارجي وهذا لا يعني تعدد أدواره وتنوعها، انها نفس الشخصية الشريرة الانتهازية الفقيرة الراغبة في الوصول الى القمة بطرق ملتوية، اذا... «براد بيت» عفواً نايف لا بد أن «ياكل» المسلسل من أوله لآخره، يفرض نفسه على الجمهور حتى وهو سرحان، الأهم ان تلتقطه الكاميرا ويبين انه «الموووت الحمر» الحلووو...
لا أدري أي وهم يسقط في حبائله المنتجون الذين بلا تاريخ وفجأة اصبح كل واحد فيهم ينتج لنفسه مسلسلا ويصبح بطله الأوحد.
في المقابل... نرى نجوم هوليوود كـ«براد بيت» الذي بالرغم من موهبته ونجوميته الصاعقة لا تكون اللقطات الفيلمية مقتصرة عليه إذ لا بد من المنطق الدرامي وعدم إلغاء وعي الجمهور واحترام ذوقه وعقله...
في حلقات «شر النفوس» فإن اسم نايف هو خليل... تيمنا بـ«حلاوة» مهند التركي الذي مثل مسلسل «خليل وميرنا» وعرض على «mbc»... والذي قدم دور العاشق الرومانسي في المسلسل الصاعقة « نور» التركي.
وفي العادة فإن المؤلف الذي هو نايف نفسه يرسم لنفسه دور آسر قلوب بنات المسلسل - حشا أحمد رمزي زمان - ... ومقطّع السمكة وذيلها مع انه لا يملك من المقومات الجمالية أو المالية والوضع الاقتصادي والمركز العالي واسم العائلة الكبيرة والنافذة، وحتى سلوكه ليس «جنتل مان» فكيف يصبح «دونجوان» عصره وتموت عليه النساء ويحتملن أكاذيبه الساذجة وتصبح مقدسة وكل الضعف بالحبكة الدرامية المتواضعة وسطحية الشخصية التي يمثلها لا يفكنها لانهن يجب ان يصدقنه مع ان ما يقوله احيانا لايصدقه عقل ولا منطق الا انهن مأسورات له وبكل طيبة خاطر يصرفن عليه ويقبلن بابتزازه الدائم لهن، حصل هذا في «شر النفوس» في جزئه الاول مع لمياء طارق التي كانت مسحوقة الارادة أمام أكاذيبه الساذجة، ويحصل الآن في الجزء الثاني.
اذاً... كل المشاركين ليسوا ابطالا في مسلسلات نايف الراشد... كلهن... لا قيمة لهن وحتى لا قيمة كبيرة للرجال، وظهورهم مرتبط بجعله يستمر ليستمر في مساحة دوره اكثر... كلهم كواكب باهتة حول نرجسيته و«شمس» اطلالته، فلو اختفى احدهم لظرف ما فلن تشعر بخلل درامي.. الامور ستسير زي الورد !
في «شر النفوس 2» ارتبط بامرأة بالسر، وهو يظل يبهدل فيها بشكل مقزز ومع هذا فهي- من دون منطق تعشقه عشقا لا يوصف، وتصدقه و... تنصاع لكل أوامره دون نقاش.
شخصية خليل في مسلسل «شر النفوس» فارغة انسانيا من محتواها فهي شر مطلق، ولا جوانب عادية مثل البشر في حياته، ما رأيه بما يفعله بالنساء، ماهي دوافعه الفكرية والنفسية، ماهي العوامل التي ساهمت في خلق هذه التركيبة،.. لماذا تتسطح جميع الشخصيات النسائية الى حد التحقير والطعن في عقلها وذكائها وانسانيتها، فهن جميعا ساذجات و... شديدات الغباء!
ومن أزمات الشخصية المكتوبة (هو كتبها لنفسه - وهو المنتج) هو لا ينتبه ان الله حرمه من موهبة خفة الظل، ومع هذا فهو يترك مساحة لافيهاته والتي هي في منتهى ثقل الدم، يرمي الإفيه من دون ان يسمعه الاخر، كأنه على خشبة المسرح وهو ما لا يصلح بالتلفزيون ثم.. يسأله الآخر عما « قال عظمته» به...، فيجيب: لا شيء... والآخر يسكت دون شك.
ولان لديه شركة انتاج ووهبه حرية أن يؤلف نصوصه لنفسه، وحرمه من خفة الدم، تظهر افيهاته منحصرة في اطار التعليق على «اشكال» الآخرين أو يحتقر عقل من أمامه، أو يزدري انسانيته.
كما ان خليل / نايف الراشد او لنقل «براد بيت الخليج» يثق ثقة خيالية انه « وسيم» لديه ثقة عالية بالنفس، فهو يكسر كل الاعراف الاجتماعية، والاصول المتعارف عليها في مجتمعاتنا المحافظة، فيسمح لنفسه بالذهاب الى «داخل» اتيليه خياطة خاص بمجتمع الحريم،ومعروف ان الرجال لا يدخلونه.
فاطمة العبدالله الجميلة الاداء والاحساس التمثيلي المحجبة الفاضلة هي شقيقته لا تردعه وتمنعه من الدخول الا بصوت ضعيف... ويستمر بمزاجه في اقتحام عالم النساء، ولاننا لا ننسى انه هو المؤلف والبطل والمنتج فإن الموظفات العاملات بالاتيليه لا يلفت نظرهن دخول رجل غريب عليهن، وكأنهن اعتدن على ذلك، فيستمررن في أداء أعمالهن «عاااادي» ولا كأنّ رجلا اقتحم مكاناً نسائياً محرماً على الرجل....
واخيرا وليس آخرا... ان خليل الكويتي/ نايف الراشد.. لا ينفك يمثل نفس الصفات الشخصية بكل أعماله فهو - بنظر نفسه وسيم - و... قاطع دروب مع النساء.. وهو فقير ومن اسرة متواضعة ذات امكانات مادية ضعيفة، ويتميز بالانتهازية الشديدة للوصول الى بنات العائلات من الاثرياء ليشبكهن... بحبه !
نايف هو الكاتب المؤلف وهو المنتج الذي يصرف على العمل وهو البطل، اذاً.. لا بد أن يرسم دوره كما يحلم أن يظهر على الشاشة بطلا مغوارا قاهر النساء البطل الاوحد الذي لا يقهر...!
اذا فمن حقه ان «يشق ويخيط» كما يشاء بعيدا عن الاصول المهنية والاحترافية في مجال الانتاج الفني فاذا اجتمعت كل هذ الاعمال بشخص واحد، هل نتوقع مسلسلا ذا حبكة درامية مقنعة، لا شطحات فردية وسطحية في الاحداث... وبهتان في رسم الشخصيات التي يجعلها تدور في فلك البطل «خليل» الراشد الحالم بأن يكون مهند التركي معشوق نساء الشرق أو «براد بيت» معشوق نساء كوكب الارض !
فبعد «شر النفوس 2» هل سيتحقق له ذلك ! هل ستتبادل نساء العالم العربي صوره.. ويكشفن عن اعجابهن ومشاعرهن لخليل الراشد الكويتي !!! وهل صبايا أميركا واوروبا والشرق الاقصى والادنى واليابان واستراليا سيحلمن بنظرة من عين براد الراشد يوما!
أجزم ان هذا لن يتحقق لنايف ولن تتحقق له أحلام مهند التركي، ولا «براد بيت» الاميركي، لان الفن هناك صناعة محترمة،تعي ماتصدر للناس، وتلبي احتياجاتهم معبرة عن احلامهم بينما لدينا نحن الخليجيين والعرب... مزاج شخصي جاهل وغير مسؤول تجاه وعي الجمهور وتجاه المجتمع لذا تبرز «العقد» الفردية في الاستحواذ والبروز في مرحلة تاريخية معينة والتي تشير الى تدهور مختلف الفنون وإشارة لوصولها للدرك الاسفل معبرة عن انحطاط معاييرها الفنية وضوابطها الملتزمة تجاه قضايا المجتمع.