تمر الساحة السياسية في الكويت بأزمات تلو الأزمات تخلقها عوامل عدة واعتبارات عديدة، لكن أسها الأساسي أنها لا علاقة لها بطموحات وهموم المواطن الأساسية والفرعية كذلك على حد سواء. هذا الانفصال في العلاقة بين ما يدور في الساحة السياسية وطموحات وهموم المواطن يزداد اتساعاً يوماً بعد يوم بشكل عميق وخطير قد يؤدي في مراحله المتقدمة، إن لم يتدارك عقلاء القوم الأمر، إلى كفر المواطن بالديموقراطية والحرية المتاحة أمامه، مما يحدث غربة سياسية وواقعية تعيشها الحكومة والمجلس. وهذه الغربة ستجعل الجميع بمعزل عن هموم المواطن وآماله.
إن هموم المواطنين واحدة، وهموم الثنائي السابق ذكره أشتاتاً متفرقة لا علاقة لها بواقع وهموم المجتمع الكويتي،
مفارقة عجيبة أليس كذلك؟ ففي من يفترض فيه التركيز ووضوح البرنامج لا تجد هذه الصفات عنده بخلاف المواطنين الذين اتفقوا على هم الإسكان وضرورة حله في حين اختلف المجلس والحكومة في شأنه، بل لم يتم تطبيق القوانين ذات الشان إلى الآن، كقانون الإسكان عام 1993 وتعديله عام 1995 في شأن جعل مدة الانتظار خمسة أعوام، واتفقوا على هم الصحة، وهم التعليم، وهم الأمن، وهم المرور، وهم...والحكومة والمجلس لم يفعلا شيئاً حيالها البتة، مما عزز الشعور العام لدى المواطنين والمتمثل في فقدان الثقة في ما يطرح من الجميع، فماذا يعني هذا؟
ببساطة يعني أن هناك خللاً خطيراًَ في الممارسات الديموقراطية الحالية ونتائجها نعيشها جميعاً على مختلف الأصعدة بشكل سلبي ومؤثر على أسلوب معيشتنا وحياتنا، بل وحريتنا وديموقراطيتنا التي أصبحت وهمية بهذه الممارسات القائمة على المصالح الآنية والشخصية الضيقة، فأصبحت مؤسساتنا الدستورية رائدة هذا الخلل، وأصبح المواطن رائد الدعوة الحقيقية للإصلاح والتنمية والرقي. كما يعني هذا الوضع المؤسف أنه قد حان الوقت ليكون لهذا المواطن الواعي الكلمة الفصل في شؤونه العامة، وذلك من خلال تغيير الممارسات الدستورية والديموقراطية، وجعل المؤسسات الدستورية خاضعة لمحاسبة المواطن كما في الديموقراطيات العريقة التي لو نظرنا إلى تاريخها لوجدنا سر تقدمها في هذه الممارسة. ولو نظرنا إلى دول أخرى تعيش التخلف والضعف لوجدنا سر ذلك هو الاستبداد وفقدان الحرية. فالحرية والديموقراطية إن لم تمارس وتفعل في حياة الشعوب فلا أثر لها إلا على الورق، فيا ليت عقلاءنا يدركون هذا
ويعون تجارب التاريخ وحياة الشعوب والأمم ففيها العبر.
سيف الهاجري
كاتب وناشط سياسي كويتي
[email protected]