عين أميركية على تبذير الطاقة في الخليج

1 يناير 1970 11:50 ص
يعد المقيمون في الإمارات العربية المتحدة، بسياراتهم «المتوحشة» ذات الدفع الرباعي وحمامات السباحة المبردة وملاعب الغولف المروية في الصحراء، من بين المستهلكين أكثر شراهة للطاقة في العالم. وتعد بصمة الكروبن للفرد الواحد هناك من بين الأعلى في العالم.
حتى أمد قريب، كان ذلك يعد شأناً داخلياً في الغالب. تعتبر الإمارات أحد أكبر المنتجين للطاقة، والإسراف في الاستخدام (للطاقة) كان يظهر فقط في الإحصاءات المركبة للمجموعات البيئية. لكن الاستهلاك الإماراتي للطاقة ارتفع بشكل هائل وبسرعة كبيرة، إلى الحد الذي جعلها غير قادرة على الاستمرار في تلبية احتياجاتها. هذا العام، طلبت الإمارات من أميركا المساعدة في تطوير محطة للطاقة النووية. فجأة لم تعد أنماط الحياة المترفة في أبوظبي ودبي شأناً داخلياً.
بات شأناً يخص الكونغرس الأميركي أن يوافق على عرض الرئيس باراك أوباما لبيع الطاقة النووية. لدى الكونغرس شكوك حول الصفقة، خصوصاً لجهة أن التكنولوجيا الأميركية قد تسلك طريقها إلى إيران المجاورة للإمارات. لكن لدى الكونغرس فرصة ضئيلة للتصدي للقرار، الذي سيدخل حيز التنفيذ في أكتوبر المقبل.
إلا أن الوقت مازال متاحاً للكونغرس لتحسين عرض أوباما. فالإمارات تحتاج إلى ما هو اكثر من المساعدة النووية، إنها في حاجة إلى كبح جماح بعض من أكثر معدلات الهدر في العالم للماء والكهرباء بلا حدود. تلك مساحة يجد الكونغرس فجأة لنفسه نفوذاً فيها.
يبدو غريباً أن شبكة الكهرباء، التي تعمل بشكل رئيسي على الغاز، غير قادرة على ملاقاة الحاجات السريعة النمو للمدن الإماراتية. بعض المجمعات التجارية والأبنية ظلت خاوية بسبب عدم وصلها إلى الشبكة المثقلة. وكانت دبي قد شهدت قبل وقوعها في الركود تضاعفاً في استهلاك الكهرباء بين العامين 2002 و2007. وقالت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» العام الماضي، أن حاجة دبي لإضافة 11 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية حتى العام 2015، ستتكلف نحو عشرة مليارات دولار أميركي.
أعطى الركود فرصة قصيرة للإمارات لردم الفجوة السوداء، لكن من المتوقع أن تعود البلاد إلى النمو المحموم العام المقبل، لتعود احتياجاتها من الطاقة إلى الواجهة مجدداً.
في الواقع، تواجه جميع دول الخليج، باستثناء قطر، قصوراً في موارد الطاقة. وعلى نحو لا يصدق، لا تنتج هذه الدول، مع كل ما لديها من احتياطات ضخمة، ما يكفي من الغاز الطبيعي لمواجهة الطلب على الكهرباء. الكويت تشهد بالفعل انقطاعات في الكهرباء. السعودية تشغّل ما يقارب طاقتها القصوى. في الإمارات وعمان، الموقف سيئ لدرجة أن الدولتين تخططان لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء تعمل على الفحم الحجري، وهو الوقود الأحفوري الوحيد الذي يفتقده العرب.
في شبه الجزيرة العربية التي تفتقر للمياه، لا يستخدم الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء فقط. مياه الشفة تستخرج من تقطير مياه البحر عبر إحراق الغاز. ومع ذلك، فإن الإمارات تسجل معدل استخدام للمياه هو الأعلى في العالم، بمتوسط 145 غالوناً للفرد.
ولو أن المياه المقطرة تباع بكلفة الإنتاج، لما كانت الإمارات في هذا المأزق، لكن حكام البلاد يقدمونها والشعب يضيعها. تبدد المياه في غابات اصطناعية وملاعب للغولف وشلالات مياه وهمية وأحواض زهور في الطرقات. الحال مع الكهرباء هو نفسه. «سكي دبي»، الذي يستخدم المياه المقطرة لصناعة الثلج، بإمكانه أن يستمر بصناعة الثلج عندما تكون الحرارة 120 درجة فهرنهايت (49 درجة سيليسوس) في الخارج لأن الكهرباء رخيصة. ويقول خبير في دبي إن بإمكان مباني المكاتب أن توفر 30 في المئة من الكهرباء المستخدمة ببساطة إذا ما أطفئت الأنوار واجهزة التكييف في الليل. ومع هذا النوع من الهدر، تحتاج الإمارات بإلحاح إلى سياسة حساسة تجاه الطاقة.
ليس على الولايات المتحدة ان تغير نمط الحياة هذا. وبدلاً من تغيير سريع للعادات الإماراتية السيئة، على الكونغرس ان يربط الاتفاق النووي بتعهدات من الإمارات بخفض الاستهلاك. بهذه الطريقة، سيكون دفع الإمارات بعيدا عن الوقود الأحفوري الذي تبذره مفيداً للجميع. فعندما يكون الخليج قوة نووية كفوءة في استخدام الطاقة، سيصبح بالإمكان تحرير المزيد من الطاقة للتصدير.
تعمل أبوظبي بالفعل على بناء مدينة «مصدر»، الخالية تماماً من الانبعاثات الكربونية، بالاعتماد على الطاقة الشمسية، وهي طاقة مجدية في منطقة مشمسة. لكن دبي تكاد لا تفعل شيئاً، وتحتاج إلى من يدفعها (بهذا الاتجاه). لا بد للاتفاق النووي أن يكون مشروطاً بسياسة حساسة تجاه الطاقة، من يدري؟ لعل ذلك يأتي ببعض الانفتاح على الديموقراطية.
عن «فاينانشال تايمز»