تحقيق / تعددت أسباب العزوف عن السفر لكن الآراء توحدت في إمكانية إيجاد جو سياحي في الكويت
«المرابطون» في الصيف... لكلٍ قصة!
1 يناير 1970
10:17 ص
| تحقيق باسم عبدالرحمن وهاني شاكر |
المسافرون صيفا يجنون من السفر فوائده السبع، لكن ماذا يقول «المرابطون» في البلاد لسبب او لآخر عن عدم السفر وما شعورهم تجاه من يسافر وتجاه بقائهم خصوصا مع ارتفاع درجة حرارة الطقس إلى ما يقارب الخمسين درجة مئوية؟
العديد من المواطنين الذين التقتهم «الراي» أكدوا ان الحر والاجواء المناخية المحملة بالغبار احد اهم اسباب هجرة الديرة خلال فترة الصيف الى جانب قلة الاماكن السياحية الكويتية وفقرها النسبي في هذا المجال.
واشاروا الى امكانية الاستعانة بالديوانية والمقاهي كبديل نسبي الى حد ما عن السفر، خاصة ممن ليسوا من هواة السفر الى جانب امكانية قضاء اوقات ممتعة في بعض المنتزهات والمجمعات الترفيهية، غير انهم اجمعوا على ان السفر أمر لابد من وقوعه ولو كان من قبيل التغيير.
ولفتوا الى ان المرابطين في الكويت دون سفر في فترة العطلات يراودهم شعور الحنين للاهل والاصدقاء الذين سافروا بدورهم وهذا الشعور يكون احيانا مقرونا ببعض الغيرة والحسد، لانهم لم ينالوا حظهم من الاستجمام والراحة، إلا ان كل الحسابات تختلف بمجرد رجوع المسافرين والاسراع الى المطار لنيل سبق الاستقبال.
واوضحوا ان موسم السفر له تأثيرات سلبية تتعلق بالاقتصاد جراء ما ينفقه اهل الكويت خارج ديرتهم الى جانب هبوط حركة البيع والشراء لمستويات متدنية، إلا أنهم أكدوا أن للسفر مزايا لعل اهمها انحسار الازدحام المروري والمدرسي بشكل لافت يخلق نوعا من الحركة السهلة والميسرة لمرتادي الشوارع والمجمعات التجارية والاماكن السياحية الداخلية، مطالبين بضرورة تنشيط السياحة الداخلية بانشاء مزيد من المنتجعات السياحية واستغلال الجزر الكويتية.
وأمل الكثيرون ممن التقتهم «الراي» أن تحل الأيام المقبلة بعودة الكثيرين من «الطيور المهاجرة» مع قرب حلول شهر رمضان المبارك لصوم الشهر الكريم وسط أحضان العائلة وفي الكويت حيث لشهر الصوم طعم آخر.
مزيد من التفاصيل في التالي من السطور:
رأى علي القطان ان الحر هو العامل المؤثر على مسألة سفر الكويتيين، علاوة على ان الكويت لا توجد فيها اماكن سياحية تشجع على البقاء صيفا، ولفت الى ان الديوانيات يقل عدد روادها بحلول الصيف بسبب سفر غالبية مرتاديها، مؤكدا ان الديوانية لا علاقة لها بالسفر حيث ان اغلاقها صيفا ليس السبب الرئيسي في سفر الكويتيين.
وقال القطان ان سفر الاهل والاصدقاء لا يؤثر على شعوره بدرجة كبيرة لانهم سيرجعون عاجلا ام اجلا، الى جانب ان فترة غيابهم غير طويلة ولا تتجاوز الشهرين، علاوة على ان غالبية الاهل لا يسافرون جملة مع بعضهم ففريق يسافر وحالما يستعد الفريق الاخر يكون الفريق الاول قد عاد، الى جانب بقاء بعض الاهل والاصحاب ممن لا يفضلون السفر والترحال.
اما عبدالعزيز الهدب فاكد ان السفر في فترة الصيف له دواع كثيرة يأتي طقس الكويت الحار في مقدمتها، الى جانب الرغبة في تغيير الجو والحياة الروتينية ولاراحة الاعصاب بعد عناء طويل في ايام العمل، والاستفادة من فوائد السفر التي قيل فيها (سافر ففي السفر سبع فوائد).
واشار الهدب الى انه في حالة عدم سفره بالصيف فانه يقضي يومه في الديوانية مع الاصدقاء وان كان عددهم اقل من روادها في فصل الشتاء، منوها الى الشعور بالفرحة حينما يعود اصحابه او اهله الذين كانوا على سفر.
و يرى مهند السعدي ان الكويت يتبدل شكلها تماما في فصل الصيف عن فصل الشتاء حيث ان الفصل الاول يعتبر موسم هجرة يتوجه فيه الكل الى خارج الديرة، لدرجة ان من لا يملك اموالا يقترض لكي يسافر بعيدا عن الحياة المملة التي تشهدها الكويت خاصة خلال شهري يوليو واغسطس من كل عام، لدرجة ان الاسواق والمجمعات التجارية لا تجد اقبالا كبيرا من الزوار.
وقال السعدي اذا سافر جميع الاهل والاصدقاء فان حالتي النفسية تسوء جدا لانني لم اسافر مثلهم واذهب الى عملي بنفسية سلبية، وفي حالة عودتهم فانني لا اشعر بالفرحة بقدر الالم لانهم سافروا واستجموا في حين انني لم احصل على نصيبي من الاستجمام ولذلك فانني لا افضل الذهاب لاستقبالهم بالمطار.
ولفت السعدي الى ان الدواوين لا تعوض من فضل البقاء في الكويت على السفر حيث ان الكثير منها لا يستقبل الرواد في فصل الصيف لان اكثر اصحاب ومرتادي الديوانيات يكونون بدورهم مسافرين.
بدوره قال علي محمد ان الكويت تتبدل كليا بين فصلي الصيف والشتاء واهم ما يميز الكويت صيفا قلة الازدحام، مؤكدا انه ليس من هواة السفر ويفضل البقاء في الكويت لانه من النوع «البيتوتي» وبالتالي لا يفضل المقاهي او الديوانيات وهذا بدوره يتسبب في الحنين الى اهله واصدقائه الذين سافروا خارج الكويت لقضاء عطلاتهم، واكد ان شعور الحنين ينقلب الى بهجة وفرحة كبيرة بعودتهم.
واوضح محمد انه يحاول التغلب على شعور الحنين الى اهله واصدقائه المسافرين بواسطة التواصل معهم عبر الهاتف حيث ان اخي مسافر حاليا ودوما ما اتصل به واطمئن عليه، مضيفا: في حالة عودة اهلي واصحابي من السفر يحاول الكل ان يكون في استقبالهم واحاول ان يكون لي السبق في هذا الاستقبال.
واوضح خالد الخليوي ان اختلاف الكويت شتاء وصيفا اشبه بالفرق بين الابيض والاسود، حيث ان درجة الحرارة تصل الى اكثر من 60 درجة مئوية وفوق ذلك تلف الكويت موجة الغبار المحمل بالاتربة، الامر الذي يصعب معه البقاء في هذه الاجواء.
واشار الى ان الملاحظ في وسط ذلك ان الناس بدأت في السفر هروبا من هذه الاجواء الحارة التي تتسبب بنوع من الضغط النفسي.
وقال الخليوي: لو سافر اصدقائي وتركوني هنا بمفردي احس بانني سانفجر وتصل حالتي النفسية لدرجة الصفر حيث اشعر بانهم يستجمون ويستمتعون في الوقت الذي اصبح فيه محبطا نفسيا ومعنويا جراء بقائي لوحدي هنا، مشيرا الى ان الديوانية من الممكن ان تقلل حجم الشعور بالحنين للاصحاب والاهل المسافرين نوعا ما ولكن ليس بدرجة كبيرة.
واكد الخليوي انه عندما يرجع الاصدقاء من السفر اكون سعيدا واحسدهم على انهم قضوا اجازة سعيدة بعيدا عن الاجواء المناخية هنا ويكفيني هذا الشعور بالفرحة بغض النظر عن هديتهم التي جلبوها لي من سفرهم، ولفت الى انه يبادر بدعوتهم. وقال ان عادة اهل الكويت التي تدل على الكرم إقامة وليمة على شرف العائدين من السفر حتى ولو كان هذا السفر ليومين فقط.
اما عبدالرحمن بوهادي فرأى ان الكويت في فصل الصيف ترتدي ثوبا جديدا حيث تصبح الشوارع فسيحة والمجمعات هادئة، غير انه لفت الى ان الصيف يتسبب في صرف الكثير من اموال الكويتيين خارج ديرتهم في البلدان التي يصطافون فيها وبالتالي يكون «دهننا في غير مكبتنا».
وتابع بوهادي: ينقصنا جو لكي تصبح الكويت دولة سياحية خاصة وان الكويت بدأت تمتلك العديد من المنتزهات التي يمكن الاستغناء بها عن السفر.
وفي حديثه عن امكانية تعويض الديوانية عن السفر قال بوهادي: بالنسبة لي يمكن ان تغنيني عن السفر ولكن بالنسبة للاخرين لا اعتقد ذلك خاصة وانه اذا كان عموم الاهل والاصحاب مسافرين فمعنى هذا ان روادها غير موجودين، وبالتالي فان الفرد مضطر الى السفر.
فيما قال بدر ملك ان تأثير سفر اهل الكويت يكون كبيرا بالسلب عليها من الناحية الاقتصادية، حيث تقل حركة الشراء والبيع بالاضافة الى قلة عدد المتواجدين في البورصة وتعطل الكثير من الاشغال لحين العودة من السفر، وبالتالي توقف الحياة شبه التام في البلد وهو ما يؤكد ان السفر له اثر سيئ كبير عليها الا انه ربما تكون هناك ايجابية واحدة للسفر على اقصى تقدير هي قلة الحمل الكهربائي المرتبط بالقطع الى جانب راحة النفس من عناء عام كامل من العمل.
واضاف ملك: لو سافر كل اهلي واصحابي خارج الكويت ساكون اول من يسافر قبلهم لانه ليس لدي اي نية للبقاء هنا في الكويت وحيدا لانه لا توجد اي اماكن سياحية في الكويت يمكن استبدالها بالسفر فهي فقيرة جدا من هذه الناحية باستثناء الشاليهات وحديقة الشعب وهذه لا تحتسب منتجعات سياحية بالمعنى الحقيقي.
واكد ملك ان الديوانية لا تغني بدورها عن السفر، وذكر انه لو سافر جميع الاصدقاء او لم يسافروا سيسافر لا محالة، مشيرا الى انه لا يفضل الذهاب الى المطار لاستقبال العائدين من السفر لان الذهاب الى المطار معناه شيء واحد فقط لدي «انني مسافر خارج الكويت».
و أوضح عبدالرحمن حماد أن من أهم دواعي سفر الكثيرين من المواطنين الكويتيين في فترة الصيف ارتفاع درجة الحرارة وارتباط الكثير من المواطنين بأبنائهم في الدراسة، وبالتالي لا يستطيعون السفر إلا في العطلة الصيفية، ومن دواعي السفر الأخرى ذهاب الكثير من الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة الذين لا تقبلهم جامعة الكويت إلى التقدم إلى الجامعات في الدول الأخرى . وأشار حماد إلى أن هناك الكثير من الأماكن الترفيهية المنتشرة في محافظات الكويت المختلفة وامتلاك الكويت أفضل جزر في الخليج العربي ما يوجب الاهتمام بتلك الجرز من خلال إنشاء منتجعات سياحية تعمل على تنشيط حركة السياحة الداخلية، مشيرا إلى أنه في حالة تنشيط السياحة الداخلية يزدهر الاقتصاد لان ما ينفقه الكويتيون على السياحة في الدول الأخرى كثير جدا فلو انفق في الداخل لانتعش الاقتصاد بشكل عام في الكويت، وعلى الدولة أن تضع خطة للتنشيط السياحي ووضع الكويت على الخريطة السياحية من أجل تعدد موارد الدخل في البلاد.
وبين حماد أنه يقضي وقته في الديوانية على الرغم من قلة روادها في الصيف نظرا لسفر الكثيرين، و التزاور بين الأهل والتجول في المجمعات التجارية والمقاهي الشعبية والرحلات البحرية .
وارجع مشعل البراك إقبال الكثيرين من المواطنين على السفر في فترة الصيف إلى ارتفاع درجة الحرارة وقلة الأماكن الترفيهية في الكويت رغم وجود الكثير من المناطق التي تصلح لإنشاء منتجعات سياحية وترفيهية، لكن لا تلقى اهتماما من المستثمرين الذين يستثمرون أموالهم في دول أخرى، داعيا إلى تقديم تسهيلات لكل مستثمر يساهم في تنشيط السياحة الداخلية بإنشاء منتجعات سياحية في الجزر الكويتية .
وأوضح البراك أن الكويت تتأثر اقتصاديا في فترة الصيف أوتحدث حركة ركود في الأسواق لوجود العديد من المواطنين والمقيمين خارج البلاد، موجبا إجراء دراسة لتنشيط السياحة الداخلية بإنشاء الكثير من الأماكن الترفيهية التي تناسب كل الأعمار والفئات، لان الكويت تمتلك شريطا ساحليا كبيرا على الخليج العربي ينبغي استغلاله جيدا بما يعود على البلد بالخير، ومشيرا إلى ضرورة استغلال الجزر الكويتية وإنشاء مدن ترفيهية تناسب كافة الفئات الموجودة في الكويت .
وبين البراك أنه رغم كثرة المسافرين خارج الكويت إلا أننا نجد نفس الازدحام في المصالح الحكومية من مراجعين وفي المستشفيات وكافة المؤسسات الخدمية، موضحا أن من مميزات فترة الصيف ندرة الازدحام في الشوارع الذي كان يحدث بصفة يومية في الأيام العادية .
وبين البراك ان الكثير من الديوانيات لا تستقبل روادها في العطلة الصيفية إلا أن هناك ديوانيات مفتوحة وقلة روادها لسفر الكثير منهم إلا أننا نقضي أوقاتا جميلة في الديوانيات، كما ان لفترة الصيف ميزة أخرى هي زيادة الترابط الأسري الذي يحدث لان الأب والأم يعرفان الكثير عن مشاكل أبنائهما وبالتالي يتم توجيههم التوجيه الصحيح .
بدوره، قال بدر العمار ان عملية السفر روتينية لا تقتصر على الكويتيين فقط بل كل مواطني دول العالم يسافرون في فترة الصيف إلى دول أخرى من اجل تجديد النشاط والخروج من دوامة العمل، وان الحركة السياحية تشهد نشاطا ملحوظا في الصيف لذهاب الكثير إلى شواطئ في دول أخرى .
وأوضح العمار أن السفر يشتد في الصيف نظرا لان تلك الفترة مرتبطة بالعطلة الدراسية في الكثير من دول العالم، ولان الأسرة لا تستطيع أن تسافر وتترك أبناءها لذا يكثر السفر في الصيف لأنه هو الوقت المناسبة لسفر الأسرة مجتمعة، وكذلك سفر الأصدقاء مع بعضهم البعض، ومن الأسباب التي تدفع إلى كثرة السفر ارتفاع حرارة الجو إلى درجات عالية جدا .
وذكر العمار أن من أهم دواعي سفر المواطنين الكويتيين للخارج بحث المواطن عن أماكن سياحية وترفيهية تجذبه رغم أن الكويت تمتلك مقومات سياحية كثيرة لكن لم تجد اهتماما وعناية بالدرجة المطلوبة .
وأشار العمار أن على الحكومة أن تسعى جاهدة من أجل تنشيط السياحة الداخلية واستغلال الأماكن النادرة الموجودة في الكويت وبالأخص الجزر التي تصلح لإنشاء أماكن سياحية ووضع الكويت على الخريطة السياحية لان جزر الكويت من أجمل الجزر لكن أين الاستثمار فيها وإنشاء منتجعات سياحية ومدن ترفيهية؟ مشيرا إلى أن في حالة استغلال الجزر سياحيا ستتم إضافة موارد أخرى لمصدر الدخل وهي السياحة، لان الكثير من دول العالم مصدر دخلها الوحيد هو السياحة فيجب الاهتمام بالسياحة من اجل تعدد مصادر الدخل .
و قال علي الشمالي ان من أبرز دواعي وكثرة السفر في فترة الصيف ارتباط الكثير من الأسر بالعام الدراسي ولا تستطيع السفر أثناء الدراسة، كما ان العطلة تتزامن مع ارتفاع درجة حرارة الجو وبالتالي يكون فرصة للهرب من لهيب فصل الصيف.
وأشار الشمالي إلى أنه لتنشيط السياحة الداخلية يجب أن تتوافر عوامل أساسية وهي الاهتمام بالأماكن السياحية الموجودة وزيادتها وكذلك العمل على زيادة الأماكن الترفيهية الموجودة وتطويرها بما يواكب طموحات ورغبات روادها.
وأشار إلى ضرورة زيادة الاهتمام بالجزر التي تمتلكها الكويت وإنشاء مدن سياحية تضاهي الكثير من المدن السياحة العالمية لأنها من أجل الجزر في المنطقة العربية، و هناك رؤوس أموال تستطيع أن تحول تلك الجزر إلى منتجعات سياحية، داعيا المستثمرين إلى أن يستثمروا في ديرتهم ويجب أن يكون « دهننا في مكبتنا»
وذكر الشمالي أن من أهم عوامل تنشيط السياحة الداخلية أقامة أمسيات شعرية للشعر النبطي والشعر الفصيح لأنه من المعروف عن الشعوب العربية حبها للشعر، وكذلك من أهم العوامل التي تساعد على تنشيط السياحة الداخلية أقامة عروض مسرحية وسينمائية وزيادة الاماكن الترفيهية الخاصة بالأطفال .
ونفي الشمالي ما يقال ان الاقتصاد الكويتي يتأثر في الصيف نظرا لسفر الكثير من المواطنين والمقيمين، لان الاقتصاد الكويتي لا يتأثر كونه اقتصادا قويا ليس من السهولة تأثره موسميا الى جانب ان غالبية الأعمال تدار اليوم عن طريق الانترنت، فالكثير من رجال الاعمال اليوم يدير شركاته وهو خارج حدود الدولة الموجودة بها هذه الشركات.