عادل حسن دشتي / شقشقة / «التكتل الشعبي» بين الواقع والطموح

1 يناير 1970 07:22 ص

عتب علينا البعض لقسوة نقدنا لنواب «التكتل الشعبي»، وعتب علينا آخرون لعدم نقدنا إياهم بما فيه الكفاية في مقالنا المعنون «الشعبي في عيون الشعب» الذي أتى على خلفية تصويت النواب على احالة اقتراحات إسقاط فوائد القروض وصندوق المعسرين إلى لجنة النحاسة المالية، ولهؤلاء الأحبة جميعاً نقول إن العتب على قدر المعزة والمحبة، كما يقولون، فكما أن نقدهم لنا مباح، بل وواجب عليهم، فإننا نرى أن نقدنا لـ «التكتل الشعبي» هو نقد مباح، بل وواجب علينا أيضا سراً وعلانية، شريطة أن يكون بإطار النقد البناء الهادف للإصلاح وتقويم المسار، بعيداً عن التجريح والافتراء، فكلنا يكرر القول المأثور «رحم الله من أهدى إلي عيوبي»، وكلنا يحتاج إلى الناصح الأمين الذي ينير له جانباً من طريق الإصلاح الطويل والشاق والمظلم. ومهما اختلفنا في الآراء فإن الخلاف لا يجب أن يفسد للود قضية بأي حال من الأحوال.

وعليه فإن موجة النقد الكبيرة التي وجهت إلى موقف «التكتل الشعبي» سواء كانت من قبل مؤيديه، أو من قبل معارضيه ومخالفيه، أو حتى من قبل مبغضيه فإنها تدل بلا شك على الموقع الكبير الذي أخذ «التكتل الشعبي» يشغله عبر أعوام عمره القصير في العملين السياسي والبرلماني، وتدل كذلك على حجم الآمال الكبيرة التي تضعها قطاعات واسعة من الشعب على «التكتل الشعبي» ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والطائفية والقبلية في المجتمع، وتدل كذلك على أنه أصبح رقماً سياسياً صعباً في المعادلة الكويتية، إذ يرى الكثيرون أن «التكتل الشعبي» استطاع أن يكون تجمعاً سياسياً قوياً يضم نواباً مخضرمين وذوي خبرة من مختلف شرائح المجتمع في الكويت ومناطقها ومن خلفيات فكرية ومذهبية مختلفة، في حين أن باقي التكتلات السياسية في المجلس هي أشبه بنواد مقفلة على أصحابها لا تجد من بين أعضائها من يختلف معهم طائفياً أو عنصرياً أو طبقياً أو حتى فكرياً، ويكفيه كذلك أن مواقفه أصبحت محط أنظار أي صاحب قضية أو اقتراح أو قانون أو سؤال أو استجواب. وعليه تتحدد مسارات أو اتجاهات أي منها، نظراً إلى المصداقية الكبيرة التي يتمتع بها التكتل. ومن هنا كانت انتقادات محبيه له على قدر آمالهم وتوقعاتهم منه.

ولذلك فإن ما يحتاجه «التكتل الشعبي» اليوم بداية هو أن يخرج للشعب بموقف توافقي جماعي موحد وواضح بين نوابه السبعة من صندوق المعسرين وقضية إسقاط الديون، بحيث يأخذ بعين الاعتبار حاجات المواطنين ومعاناتهم الحقيقية ومصالح الدولة وتحملها لأخطاء أجهزتها التنفيذية والرقابية بلا إفراط أو تفريط. وبعد الانتهاء من هذه القضية وتبعاتها، فإنه يستوجب على «التكتل الشعبي» الإسراع في استكمال بناء الأسس والأطر التنظيمية للعمل كتكتل سياسي متواصل مع الجماهير في مختلف المناطق وفق رؤية استراتيجية واضحة ومكتوبة للاستفادة من مختلف الطاقات والخبرات المالية والاقتصادية والقانونية والإعلامية والفكرية في المجتمع عبر اللجان المختلفة فيه، لتكون رافداً ومعيناً متخصصاً للتكتل ونوابه بحيث تعطي اللجان العاملة رأيها لنواب التكتل بأهم القضايا والمشاكل المطروحة أمام المجلس كالإسكان والبدون والصحة والتربية وغيرها من القضايا الملحة وفق دراسات فنية متخصصة مع ضرورة استمزاج الرأي الشعبي العام وفق الآليات الحديثة والموضوعية لقياس توجهات الرأي العام، وصولاً في نهاية المطاف إلى العمل الحزبي المنظم، فالعمل السياسي الجاد يحتاج إلى جهود تشترك وتتضافر بها مختلف الفعاليات بالمجتمع لكي يؤتى بثماره في عالم تتسارع به الأحداث كل لحظة.

ويرى الكثيرون أن «التكتل الشعبي» يمر اليوم بمفترق طرق مصيرية فإما أن يتميز عمن سواه من التيارات لدينا برؤى وآليات واضحة ومحددة تلبي طموحات الوطن والمواطنين ويشكل نموذجاً راقياً ومتقدماً للأحزاب الديموقراطية بحيث يصبح مشعلاً من مشاعل الإصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين في البلد وما أكثرهم، وإما أن يلحق بمن سبقوه من التيارات بسلبياتها وخطاياها كلها، وبُعد بعضها عن هموم الأمة وانتهازية بعضها الآخر، وعندها لا نملك إلا أن نصرخ بأعلى أصواتنا ونقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


عادل حسن دشتي


كاتب كويتي

[email protected]