«جاك العلم»... الصحافة لا تهاجم لغرض الهجوم، فرسالتها غاية في الخطورة من جانب مسؤوليتها الاجتماعية، وعادة تأخذ أي مؤسسة محترمة هذا الجانب محمل الجد، لأن أي خلل يحصل قد يفقد المؤسسة أهم قيمها.
بعد عودتي من السفر تصفحت الجرائد وكان التركيز على قضية العقود النفطية الستة التي أثارتها صحيفة «الراي» وتناولتها من هذا الجانب الذي يربط وزارة النفط التي تعتبر شريان الحياة لدينا في المجتمع الكويتي، ومدى توافر المسؤوليات الاجتماعية وهو ما يطلق عليه عند المجتمعات الغربية بـ
«Social Responsibilities» فهل هي موجودة!
وفي القطاع النفطي، قيادات نفطية تنفيذيون، وهم لا شك على علم بما حصل في قضايا «الداو» والمصفاة الرابعة ويفترض أن تكون الإجراءات معروفة سلفاً، إلا إذا كانوا يحاولون توريط القائد وزير النفط على حد تعبير أحد النواب... الله أعلم!
إذاً نحن حينما نبحث في الموضوع يجب ربط العلاقة بين العقود الستة النفطية من ناحية سلامتها وسلامة إجراءات القائد المسؤول عنها سياسياً ومن هم وراء ذلك الإجراء سواء كان مخالفاً أو صحيحاً... ولا ينبغي للقائد أن ينفعل ويحركه الغضب، لأن متطلبات القيادة تحتم عليه الهدوء في وجه العاصفة ومعالجة الأمر بروية.
أرسطو مؤسس نظرية الإقناع ربط فاعليته، أي الإقناع، بما سمي بمثلث الإقناع الذي ترتكز أركانه على:Ethos Pathos... and Logos وهي المتحدث: القائد أو أي طرف في الموضوع، المستمع: أي كان تصنيفه وهو المتلقي للحديث، والموضوع وهو مضامين العبارات المسترسلة.
فالقائد حينما يتحدث فيجب عليه أن يكون ملماً بثقافة وخبرة وطبيعة رد الفعل المتوقعة من المتلقي للحديث، وعليه يتم اختيار العبارات بشكل مناسب خاصة إذا كان الموضوع في غاية الحساسية كما هي الحال بالنسبة للعقود الستة.
الكلمة قد تفسر في غير محلها أحياناً، وحركة الشفاه وأصابع اليد ونبرة الصوت كذلك لها مؤشرات عدة: قد تبين غضب المتحدث، ازدراءه وتهكمه من المستمع وقس على هذا الكثير، ولكن ما نود ذكره والتركيز عليه ينحصر في الموضوع المطروح وطريقة معالجته، ومن حقنا كمتابعين معرفة سبل العلاج وهل أركان المثلث قد تم تفعيلها.
لذلك يحق لنا أن نسأل: هل العقود الستة سليمة الإجراءات، وهل نحن في حاجة إلى أزمة كي تحل الأمور كما حصل من قبل في قضايا مشابهة، ولمصلحة من؟
هذه رسالتنا لعلنا نجد مفهوما جديدا للإقناع نابعاً من السمات القيادية السليمة، ولو إننا على يقين بأن هناك لغزا وجب علينا معرفته ومعرفة السبب وراء استمرارية البحث في المجهول في مختلف قطاعات الدولة... فاعطونا المسؤوليات الاجتماعية الصحيحة التي تعتبر الأساس في رسم إجراءات أشبه بالمسطرة وأسنان المشط القويمة... و«جاك العلم». الله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]