العطارة تستهوي النساء أكثر والعطار مستمر في مهنة إصلاح ما أفسد الدهر

1 يناير 1970 02:22 م
| تحقيق وتصوير غانم السليماني وعمر العلاس |

لم يقل القائل «لا يصلح العطار ما أفسده الدهر» قاصدا النساء فقط، فالأمر منطبق على رجال ونساء وكل بالغ للمرحلة التي يبرز فيها الفساد على الصلاح في جسم الإنسان لكن الظاهر للعيان وبشهادة العطارين ان النساء يشتغلن على محلات العطارة وامورها اكثر من الرجال بدليل ان بحث النساء وثقتهن بإصلاح العطارين لما افسده الدهر هو الغالب والسائد والمستحق للمقولة القديمة! ويا أيتها النساء... عسى ان يصلح العطار ما افسدته دهوركن!

تجارة العطارة (الحنوط) كما هو اسمها قديما عرفت منذ القدم في المنطقة العربية حيث كان العطار بمثابة الحكيم الذي يلجأ اليه المرضى املا بالشفاء ولكن في ظل التقدم الطبي الذي شهده العصر الحديث ترى ما الذي طرأ على هذه المهنة من تغير؟

تقدم محال العطارة الآن وصفات لتبييض البشرة واطالة الشعر للنساء وبعض الاعشاب لعلاج القولون وامراض الاعصاب ومهدئات نفسية وبعض المقويات الجنسية التي تلقى الرواج من الرجال لمعالجة حالات العقم املا بتحقيق املهم بالانجاب لكن تلك الوصفات من يقوم بتركيبها، هل هو العطار كما كان يحدث قديما او انها تأتي جاهزة من الخارج؟

الانقسام في الجدوى والفائدة من الاعشاب التي تباع في محال العطارة تضاربت حولها الآراء بين مؤيد ومعارض ومثارا للجدل على مواقع الانترنت وصفحات الصحف إلى حد وصل الي تبادل الاتهامات بين الاطباء والمداوين بالاعشاب في احدى الدول العربية وامتد النقاش في مداه إلى قاعات المحاكم، والقنوات الفضائية

«الراي» جالت على بعض المحال الخاصة بالعطارة ورصدت آراء اصحابها فكانت هذه الحصيلة:

صفات تاجر العطارة

خالد ابو رحاب - صاحب احد محلات العطارة:

العاملون في هذا المجال لا بد ان تتوافر لديهم الخبرة الكافية فيما يتعلق باسماء الاعشاب وفائدتها وكيفية تناولها وطريقة تجهيزها بالبيت وهذه الامور مجتمعة لا تأتي إلا بالخبرة فخبرة العطار إلى جانب اطلاعه على الكتب العلمية المتعلقة بالاعشاب وفائدتها وانواعها المختلفة هي الركائز الاساسية التي يستند عليها العمل في مجال العطارة، مضيفا ان العطارة تعد في المقام الاول والاخير تجارة انسانية لذا وجب على الشخص العامل بتلك التجارة او المهنة الا يكون شغله الشاغل الربح وجمع الأموال لأنها في المقام الاول كما قلت مهنة انسانية وليست مهنة تجارية بحتة.

واشار ابو رحاب إلى ان استمرار نجاح تجارة العطارة متوقف على اربع صفات مأخوذة من الأربعة حروف التي تتكون منها كلمة «تاجر» حيث ان لكل حرف مدلول يدل على صفة جوهرية لا بد من توافرها لمن يعمل بمجال تجارة العطارة فالتاء تعني التقوى والالف امانة والجيم جرأة والراء رحمة وهكذا فتاجر العطارة لا بد ان يكون تقيا وامينا وجريئا ورحيما بالناس وهذه الصفات ان اجتمعت جميعها في اي شخص فإن تجارته بإذن الله سيكتب لها النجاح والتوفيق.




حكيم وحنوط!

وعن اصل تجارة العطارة يقول:

كانت تسمى في قديم الزمان بتجارة الحنوط والعطار كان يسمى بالحكيم فقديما لم يكن هناك بديل عن الاعشاب لذا اود ان اشير إلى ان هناك مقولة خاطئة تتكرر على مسامعنا في الوقت الحاضر وهي «الطب البديل» فالامر ليس كذلك لأن اصل الادوية جميعا من الاعشاب اذا من اين الاعشاب تسمى بالطب البديل، فاغلب الادوية الطبية الحديثة تم تصنيعها من الاعشاب.


أشهر الوصفات

وعن اشهر الوصفات التي يزيد الطلب عليها قال:

هناك بعض الوصفات والاعشاب متميزة بزيادة الطلب عليها وهي الخاصة بتطويل شعر النساء تليها الوصفات الخاصة بتبييض الوجه وجمال الجسم بشكل عام اما الوصفات التي يزيد الاقبال عليها من قبل الرجال فأهمها وصفات تساقط الشعر لكن الشيء الذي احب ان الفت النظر اليه ان تلك الخلطات مكونة من خلاصة الزيوت والاعشاب الطبيعية التي هي في كثير من الاحيان ليست لها اي اثار جانبية لأنها بعيدة كل البعد عن المواد الكيماوية والتركيبات الصناعية ومادة الكورتيزون.

وعن مدى فاعلية الوصفات في تحقيق نتائج ايجابية مع من يتداوون بها اوضح قائلا:

فاعلية الوصفة وتحقيق النتائج المرجوة امر يتوقف على امرين اولهما التشخيص السليم لأنه نصف العلاج فإن كان التشخيص صحيحا وفر المريض على نفسه الكثير من الاموال والوقت اما الأمر الثاني لفاعلية الاعشاب فهو التطبيق العملي اي البدء بمراحل العلاج وملاحظة ما يطرأ على الفرد من تغير.

وعن المعايير التي يتم في ضوئها وصف تركيبة الاعشاب للمريض قال: «قديما كان الاعتماد بشكل كبير على العلاج بالاعشاب التي يصفها العطار اغلب الأحيان بناء على ما لديه من خبرة اما الان فاختلف الوضع ولله الحمد لان الطب في ايامنا هذه تقدم كثيرا وهناك اهل الطب الذين يدرسون تلك الاعشاب بطرق علمية ويصفون البعض منها للمريض ويقتصر دورنا في الوقت الحالي على توفير  تلك الاعشاب وهكذا فان مسؤولية التشخيص تتم من قبل الاطباء لانهم الاقدر والاجدر على القيام بتلك المسؤولية خاصة ما يتعلق بالأمراض العضوية.


اتقوا الله

وعما اذا كان التداوي بالاعشاب تحول إلى سلعة تجارية بحته قال: «والله يا اخواني انا لا مفتي ولا عالم ولا حكيم... ولكن الساكت عن الحق شيطان اخرس»! وعلى الانسان ان يراقب الله في كل اعماله وتجارته فهناك من يستغل ذلك بالدعاية في الجرائد والقنوات الفضائية، وأنا لا اقصد ان الدعاية مرفوضة ولكن لابد من المصداقية في الدعاية والا يتم ايهام الناس بامور قد لا تتحقق ولابد ان نعترف ونكون واقعيين ان هناك مبالغة في الايام الاخيرة في كم الدعاية الغرض منها التربح المادي.


وصفات خاصة

وعن حقيقة ان بعض محلات العطارة تمتلك وصفات خاصة بها وعما اذا كانت تلك التراكيب تأتي اليها من الخارج او ان اصحاب هؤلاء المحلات هم من يقومون بتوليفها اوضح قائلا: «هناك محلات تولف خلطات ووصفات خاصة بها لكنها قليلة مقارنة بما يتم استيراده من الخارج فاغلب اعتماد محلات العطارة بالكويت على ما يتم استيراده من دول مثل السعودية والسودان ومصر والهند وايران».

وعما اذا كانت الوصفات المتوافرة بمحلات العطارة حققت نتائج ايجابية مع بعض من يتداوون بها اوضح قائلا: «نعم الحمد لله حمدا كثيرا فالعديد من الوصفات حققت نتائج باهرة فعلى سبيل المثال بعض الوصفات المتعلقة بالربو وضيق التنفس حققت نتائج ايجابية جيدة جيدا فبعض من المرضى الذين كانوا يعانون من ضيق التنفس وكانوا دائمي الاستخدام للكمام او البخاخ كمساعد لهم في عملية التنفس بعد تناول بعض الوصفات من الاعشاب الطبيعية الخالصة وجدوا انفسهم قد توقفوا تماما عن الكمام او البخاخ وهذا يؤكد ان العديد من الوصفات تحقق نتائج ايجابية جيدة، فايضا هناك على سبيل المثال وصفات لعلاج القولون والمعدة ووصفات خاصة بامراض النساء، مؤكدا على ان تلك الاعشاب او الوصفات يتم اعطاؤها للمريض بناء على نصيحة الطبيب لان كثيرا من الاطباء ينصح المرضى بتناول بعض الاعشاب التي ثبت على مر الزمن فائدتها.




أعشاب... وسحر!!

وعن علاقة بعض الوصفات او الاعشاب بالسحر يقول: «ليست هناك علاقة بين الاعشاب والسحر، فالسحر علاجه بالقرآن والسنة النبوية، وعلى المريض الذي يعاني من السحر ان يعالج نفسه بنفسه والا يجعل بينه وبين الله واسطة»، مضيفا ان «الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله قال ان السحر امر واقع من كثير من الناس، وانه يؤثر باذن الله عز وجل كما قال سبحانه وتعالى في حق السحرة (وما يعلمان من أحد)، يعني الملكين (حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله)، فالسحر له تأثير ولكنه باذن الله القوي القدير اذ لا يقع في الوجود شيء الا بقضائه وقدره سبحانه وتعالى ولكن هذا السحر له علاج وله دواء وقد وقع على النبي صلى الله عليه وسلم وخلصه الله منه وانجاه الله من سوئه ووجدوا ما فعله الساحر فاخذ واتلف فأبرا الله نبيه صلى الله عليه وسلم من ذلك». وأوضح ان «الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله قال «ان الله سبحانه وتعالى امر بالاستعاذة بالله من شر النفاثات في العقد وهن السواحر اللاتي ينفثن في العقد لاتمام مقاصدهن الخبيثة».


علاج السحر

وتارة يعالج السحر بالقرآن سواء قرأ المسحور على نفسه اذا كان عقله معه سليما او قرأ غيره عليه فينفث عليه في صدره او في اي عضو من أعضائه يقرأ عليه بالفاتحة او آية الكرسي والاخلاص، والمعوذتين وآيات السحر المعروفة من الرقية الشرعية ثم الدعاء، مشيرا إلى من العلاج المفيد في حالات السحر كما قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله «ان يقرأ هذه الايات والسور والدعاء في مساء ثم يشرب منه المسحور ويغتسل بباقيه وهذا ايضا من اسباب الشفاء والعافية وان يجعل من الماء سبع ورقات من السدر الاخضر ويدقها ويجعلها في الماء كان هذا من اسباب الشفاء».




الدواء النافع للمسحورين

ويخبرنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ايضا ان «هذا الدواء مفيد ونافع للمسحورين وان هذا الدواء ينفع لمن حبس عن زوجته فان بعض الناس يحبس عن زوجته لاسباب ولا يستطيع جماعها فاذا اتى بهذه الايات والدعاء فقرأ على نفسه او قرأه عليه غيره او قرأه على ماء ثم شرب منه واغتسل بالباقي او جعل فيه سبع ورقات سدر وقرأ فيه ما تقدم ثم اغتسل به كل هذا نافع باذن الله للمسحور والمحبوس  عن زوجته.




أعشاب غير مطحونة

اما ابراهيم سعد احد العطارين فيقول في نصيحته لمن يقبل على شراء الأعشاب:

هناك بعض النقاط لا بد للزبون ان يعيرها كثيرا من الاهتمام خصوصا في مجال العطارة وأول هذه النصائح التي اود تقديمها للزبون شراء الاعشاب غير المطحونة لأنها مضمونة مئة في المئة وطبيعية الامر الآخر الذي احب ان اشير اليه ضرورة التأكد من عدم وجود مشابهة للعشب المراد شراؤه بمعنى ان هناك الكثير من الاعشاب التي تتشابه والتي تختلف اسعارها والتي لا يسهل على الزبون العادي ملاحظتها.


لا آثار جانبية

اما محمد علي مرزى احد العطارين فيقول عن التداوي بالاعشاب «ان اول ميزة للتداوي بالاعشاب انها خالية من الآثار الجانبية وانه ليس لها اي اضرار طالما كان التشخيص سليما، مضيفا ان التشخيص تقع مسؤوليته في جزء كبير منه على المريض نفسه اذ ما حدد بدقة ما يطلبه من محل العطارة اما الجزء المتبقي من المسؤولية فيقع على خبرة العطار.


خبرة كافية

وعن طول المدة التي قضاها في مجال العطارة قال: امارس هذا العمل منذ 15 سنة، وانه صارت لديه الخبرة الكافية للتعامل بشكل منطقي مع كل ما يتعلق بمجال العطارة سواء الاعشاب وانواعها او مع التركيبات والوصفات التي هي في اغلب الاحيان تأتي جاهزة من دول مثل ايران والهند وبعض الدول الافريقية وعن اسعار الاعشاب قال «السعر يتحدد وفقا لنوعية الاعشاب الا ان معظم الوصفات الجاهزة تتراوح اسعارها ما بين نصف دينار و750 فلسا.


العطارة شطارة

اما صالح محفوظ صالح فيقول: العطارة شطارة لكن معنى هذه العبارة يصل في كثير من الاحيان إلى الاذهان بشكل مغلوط فليس المقصود بهذه العبارة شطارة العطار في عملية البيع او شطارته في تحقيق مكاسب او ارباح كثيرة.

ولكن المقصود الحقيقي والصحيح لهذه العبارة هو شطارة العطار ومعرفته بما يحتويه محله من اعشاب ووصفات ومعرفته بفائدة كل نوع من انواع الاعشاب لأنه من دون تلك المعرفة لا يصح ان نطلق عليه لقب عطار بل يسمى في هذه الحالة بائعا لأن هناك فارقا كبيرا بين البائع والعطار فالاول بمثابة مساعد للعطار لأنه لا تكتمل لديه بعد الخبرة الكافية التي تؤهله ليحل محل العطار فمثلا اذا لم يكن العطار على دراية كافية بفائدة كل نوع من تلك الاعشاب قد تصير هناك مشكلة فعلى سبيل المثال حبات الكمون توصف للشخص الذي يعاني من الإسهال فإذا حدث مثلا العكس واعطيت لشخص يعاني من الامساك فإنه قد تصير هناك مشكلة.


تدريب...

لذلك لا بد من تدريب الشخص العامل بمحل العطارة فترة من الزمن ليكتسب الخبرة الكافية لكن اود ان اشير إلى نقطة مهمة ربما تكون هي الأهم لمن يعمل بمجال العطارة الا وهي هواية الشخص للعمل في هذا المجال.

فإن تكون هاويا للشيء خير من ان تكون دارسا له بينما انت تكرهه... فالدراسة دون حب وهواية المادة التي تتم دراستها لا تحقق النتائج الايجابية نفسها التي تحدث مع هواية الفرد وحبه لعمله.

اشهر الوصفات

ويؤيد صالح محفوظ كلام سابقيه فيما يتعلق بأشهر الوصفات والاعشاب التي يزيد الاقبال عليها إلا انه يضيف ان الاقبال على طلب الاعشاب مرتبط بعوامل عدة منها على سبيل المثال الفصل الزمني الذي نحن فيه فمثلا يزداد الاقبال على شراء الاعشاب التي تتعلق بضيق التنفس في شهري اغسطس وسبتمبر تلك الفترة التي تكثر فيها امراض الحساسية مضيفا ان سمعة العطار ومصداقيته لها دور كبير في نجاحه.

اما خالد بريك احد العاملين الجدد في محلات العطارة فيقول: لا بد لمن يعمل في هذا المجال من فترة تدريب كافية ليكتسب الخبرة التي تؤهله ليحل محل العطار اذا غاب لسبب ما. مشيرا إلى ان تلك الخبرة تأتي للشخص من خلال حبه لهذا المجال ومجالسة اهل الاعشاب والدراسة والاطلاع في الكتب واخيرا اقول ان من يرد الله به خيرا يفقه فيما يفعل.