مشعل الفراج الظفيري / إضاءة للمستقبل / بلد المليون عبقري!

1 يناير 1970 06:07 ص
في السابق كنا نلوم على الحكومة أنها لا تتعامل مع الأمور إلا عندما تحدث أزمة، فلا تلتفت للخدمات الصحية إلا إذا احترق أحد المستشفيات وراح ضحيته عشرات الأبرياء، ولا تلتفت للتعليم إلا عندما يغتصب أحد تلاميذ المرحلة الابتدائية، ولا تلتفت لوزارة الشؤون إلا عندما تُسرق الملايين من الجمعيات التعاونية أو تحترق مجموعة من الناس في صالة نشاطها للأفراح، ولا تلتفت للبورصة إلا عندما يكسر عظم الفقير وتفلس صناديقها الاستثمارية، وغير ذلك من مجالات.
أسألكم بالله هل نحن في بلد لديه حكومة ومؤسسات مدنية أم نحن في غابة؟ والطامة الكبرى أن أعضاءنا الكرام في مجلس الأمة يريدون أن يحرقوا البلد بمن فيه بسبب «الفهامية» الزائدة فكل أمر يحدث لديهم عنه ثقافة واسعة، والكل يريد أن يضع الحل حسب استراتيجيته، والحكومة مع الأسف تعطل عقلها أحياناً ليقوم السادة العباقرة بالتفكير عنها، وعلى سبيل المثال لا الحصر موضوع تعديل المناهج كان الأجدر بالوزيرة أن تعمل على دراسة المناهج وبشكل عملي وفي مطابخها الخاصة الموجودة في الوزارة، فإن كان هناك ما يلزم لتعديها فعليها رفع تقرير مفصل إلى مجلس الوزراء الذي بدوره يحوله إلى اللجنة التعليمية في مجلس الأمة وتتم مناقشته، ومن ثم يتم رفعه إلى مجلس الأمة للتصويت فإن حاز الأغلبية فلا بأس وهذه هي السياسة، أما إذا كنا نريد أن نلعب سياسة تارة وتارة أخرى نمارس الشيوعية فهذا لا يتوافق، فنحن لا نستحق حتى العيش في هذا الوطن الذي لا تأخذنا فيه رحمة أو مخافة من الله.
أصبحنا محترفين في التنظير، ومستشارين في جلد الذات فأي مشكلة أو قضية سرعان ما تطفو على السطح نشبعها مناقشة ومن ثم ننتقل إلى مشكلة أخرى دون حل، فالناظر إلى مشاكلنا وعلى مدى أكثر من عشرة أعوام يرى أمامه الشريط يتكرر وبالسيناريو نفسه ولكن مع اختلاف بسيط في الأبطال والكومبارس، إنني لا أتهم أحداً وفي الوقت ذاته لا أبرئ أحداً فجميعنا مشاركون في هذه الجريمة المنظمة سواء بقصد أو من دون قصد فالأمم هي من تبني الأوطان وليست الأوطان هي من تبني الأمم، ونحن في الكويت لا نتمتع بالحرية المسؤولة، وليس لدينا احترام كامل للقانون، ووصل الحد بالأغلبية أن لديها القدرة في أحيان كثيرة على تطويع القانون، وفي المقابل وصل البعض إلى مرحلة اليأس فعندما ينكرون منكراً يقال لهم كن متفائل وهو يرى بأم عينيه كيف يستباح المال العام، وكيف تتدهور مؤسسات البلد، فالحرامي والمتجاوز على القانون هو من يجلس في الصفوف الأمامية، وأما العفيف والغيور على وطنه فهو غير مرغوب فيه حتى من بعض أصحاب القرار، ولهذا فلا غرابة أن نصل إلى هذا المستوى من الانحطاط في المناقشة والاختلاف في الرأي، فلم تعد لدينا شجاعة الكلمة، وأصبحنا موهوبين في التطبيل والتزمير أيضاً وجميع مشاكلنا مع الأسف هي خصومة بين فريقين ولكل فريق مشجعوه الذين ينتظرون المكافأة والمصالح الدنيوية الضيقة ولا عزاء للوطن... فلا نامت أعين الجبناء و«مسيلمة كذاب ومحمد نبي».
إضاءة
إذا وصلت الموؤدة والمختنقة إلى المنصب الوزاري فلا غرابة أن نرى سطوة المتردية والنطيحة على مؤسسات البلد وهذا أعتقد هو زمان الرويبضة الذي أخبرنا عنه رسولنا الكريم.


مشعل الفراج الظفيري
كاتب كويتي
[email protected]