د. وائل الحساوي / نسمات / لماذا يكره العالم أميركا؟!

1 يناير 1970 09:58 م
د. وائل الحساوي

من أشهر الكتب التي تم تأليفها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتمت ترجمته إلى أكثر من 22 لغة هو كتاب «لماذا يكره العالم أميركا» لمؤلفيه الغربيين «ضياء الدين سردار» و«ميريل وين ديفيز»، يبين فيه الكاتبان بأن أعداد المنتقدين الأميركيين لأميركا وسياستها وأفعالها وأساطيرها الخرافية كبير، ولكن المشكلة تتمثل في تهميش وتغييب هؤلاء عن التيار الرئيسي للخطاب الاميركي، وذلك بسبب تضييق نطاق أفق الحوار الوطني المحدود أصلا، بالتزامن مع الرقابة الذاتية التي تبنتها وسائل الاعلام الاميركية، وقد اعترف مقدم البرامج الاميركي الشهير (دان رادز) من محطة (CBS) بأن الأميركيين لم تتح لهم معرفة كيف تبدو أميركا أمام العالم، وان مجتمعهم المفتوح عانى من حرمان شديد من التقارير الاخبارية والنقدية والاستقصائية، وعانى من معلومات ناقصة ومشوهة ومنحرفة.

وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة «انترناشيونال هيرالد تريبيون» الاوروبية كانت آراء 58 في المئة من المستفتين من غير الأميركان بأن سياسات واشنطن تعتبر السبب الرئيسي في اثارة مشاعر السخط والغضب ضد الولايات المتحدة، بينما رأى 90 في المئة من الأميركان بأن قوة بلدهم وثروتها هما السبب وراء كره العالم لهم.

ويلخص الكاتب الشهير «روبرت فيسك» مشكلة عدد كبير ومتزايد من الاميركيين في محدودية التنوع في الرأي الاميركي، والذي يعكسه الخطاب السياسي للحكومة، والكونغرس ووسائل الاعلام، وكثيرا ما يبدو داخل الولايات المتحدة ان أصعب عنوان للجدل والحوار هو فكرة اميركا ذاتها ومشكلاتها ما يمثل السبب الرئيسي للحنق والبغضاء والعداء وحتى الكراهية فيما وراء حدود أميركا (أي انهم لا يرون إلا مشاكلهم).

عندما قرأت ما نشرته الصحف الكويتية بالأمس عن الاستطلاع الذي أجري على الشعب الاميركي، وان 12 في المئة من الاميركان يرون بأن الكويت مركز للارهاب، لم استغرب ذلك لأن الكثير من الشعب الاميركي مغيب عن العالم ولا يدري ما يدور فيه، بل انه قد اسلم زمامه لمجموعة من السياسيين يتحكمون فيه، ولا شك اننا كذلك نتحمل جزءا من التقصير في ايضاح الحقائق للشعب الاميركي وللعالم كله، لكن الواجب على حكومة الولايات المتحدة ان تبدد تلك النظرة الخاطئة لدى شعبها لا سيما وانها تكرر في كل مناسبة بأن الكويت تعتبر حليفا استراتيجيا مهما لديها.

كذلك فقد تعجبت من تحرك الكونغرس الاميركي لاصدار قرار يدين فيه تركيا لابادتها الارمن في بداية القرن الماضي، فما فائدة هذا القرار وهم يرون تركيا تسعى جاهدة للتقارب مع الغرب؟! ولماذا ينسى الاميركان ما فعلوه تجاه الهنود الحمر من ابادة جماعية، ثم في اليابان وفيتنام، وحاليا في أفغانستان والعراق وسجن غوانتانامو سيئ الذكر وغيرها؟!

إن المشكلة هي أن المنظار الذي ينظر به الأميركان للعالم الخارجي قد تم تفصيله بطريقة لا تبرز الا ما يريده راسمو السياسة الخارجية حتى وان أضرت بمصالح الولايات المتحدة وتسببت في الازمات مع بقية الشعوب!


د. وائل الحساوي

[email protected]