كبير المفتشين في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» قال إنه ليس سياسياً ويتحدث من واقع خبرته كفني

أبوشادي لـ «الراي»: المبنى السوري لم يكن مفاعلاً نووياً ... وتقارير الوكالة تعتمد على أنشطة مخابراتية

1 يناير 1970 08:01 ص
| القاهرة - من حنان عبدالهادي |
أكد كبير المفتشين ورئيس قسم الضمانات سابقاً في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» الدكتور يسري أبوشادي أن تقرير «الوكالة» عن سورية مأخوذ من تقرير المخابرات الأميركية، وأن المبنى الذي ضربته إسرائيل في سورية لم يكن سوى منشأة عسكرية عادية، وأن التقارير الفنية تؤكد استحالة أن هذا المبنى كان يحوي مفاعلاً نووياً، مشيراً إلى أنه عندما أدلى بهذا الرأي غضب منه الأميركيون وتم تحويله للتحقيق.
وأضاف الدكتور أبوشادي، في حوار مع «الراي» عقب عودته إلى القاهرة قبل أيام قليلة: «الشكاوى ضدي جراء ذلك انتهت بحفظها، وقد تركت «الوكالة برغبتي»، ولم أرغب أن يُمد لي، وقد طالبت كثيراً ممن وضعوا التقرير في «الوكالة» عن سورية بأن نناقش تفاصيله لكنهم رفضوا، وأنوي أن أكتب كتاباً عن هذا الموضوع، وسأضع فيه جميع التفاصيل الفنية، فالتقرير الذي أصدرته «الوكالة» بعد خروجي على المعاش ظهرت فيه جميع الأخطاء التي كانت موجودة من قبل».
وقال: «على الدول العربية أن تتطلع لزيادة قدرتها الكهربائية من خلال البرامج النووية، ودول مثل الكويت والسعودية والإمارات بخاصة، في حاجة إلى بناء محطات نووية».
وهذا نص مادار معه من حوار:

• انتقدت إسرائيل الدكتور البرادعي أخيراً وقالت إنه كان متحيزاً لسورية في تقريره، وأكدت على أن سورية لديها منشآت نووية، فكيف تفسر ذلك الانتقاد؟
- اندهشت من أن تأتي هذه الانتقادات من الجانب الإسرائيلي، لأن تقارير «الوكالة» الثلاثة المتعلقة بسورية تسير في الخط «الأميركي - الإسرائيلي» نفسه. دعونا نرى أولاً، ما الذي فعلته «الوكالة الدولية للطاقة» ثم نصل إلى القصة، المخابرات المركزية الأميركية قدمت تقريراً إلى «الوكالة» ضد سورية بعد أن ضربت إسرائيل المبنى بنحو سبعة أشهر، وقالت ان المبنى الذي ضربته إسرائيل كان لمفاعل شبيه بالمفاعل الكوري.
وفي التفاصيل الأميركية، التي تكشفت بعد ذلك من خلال التقرير الذي عرض على الكونغرس في أبريل 2008، أن هذا الموقع ترصده منذ العام 1999، وأنها بدأت تعرف أنه مفاعل نووي منذ العام 2001. والغريب في هذه التفاصيل أن أميركا تقول انه منذ العام 2001 وهي تعرف أن هذا مفاعل... إذ لماذا لم تقل ذلك في وقتها، لماذا انتظرت سبعة أعوام حتى تبلغ «الوكالة»؟
• وأيضا فإن هذه الفترة من 2001 وحتى 2008 كانت كفيلة بأن تتم سورية خلالها منشأتها النووية إن كانت موجودة بالفعل أليس كذلك؟
- نعم، المدة كانت طويلة ومثيرة للتساؤل أن تصمت المخابرات الأميركية طوال هذه الفترة، والمبنى دمرته إسرائيل بعد ذلك في سبتمبر 2007، وحجم التدمير كان كبيراً لدرجة أن سورية بعدها بنحو شهر أو شهر ونصف الشهر مسحت ما تبقى من على ظهر الأرض وحولته إلى شيء آخر، وبعد كل هذه القصة جاءت أميركا في 24 أبريل 2008 لتتقدم بالشكوى!
وأنا في ديسمبر الماضي قلت انه من الجانب الفني هناك استحالة أن يكون هذا المبنى مبنى شبيهاً بمبنى المفاعل الكوري، وأحد الأسباب أن ارتفاع المبنى الكوري 50 متراً وهذا المبنى ارتفاعه 10 أمتار فقط.
بعدها حدثت ضجة شديدة في الوكالة، وقدمت شكاوى ضدي وتم التحقيق فيها، وانتهى التحقيق بأني لم أخطئ في أي إجراءات ولم أفش أي أسرار، وهذا لأن التقرير كان منشوراً بالفعل وأنا لم أتحدث بصفتي موظفاً في الوكالة، كل ما فعلته أني علقت على تقرير المخابرات الأميركية الذي نشر في كل وسائل الإعلام، وفي الوقت نفسه لم أعلق على التقرير الذي خرج من الوكالة آنذاك. والذي أثارني أن تقرير الوكالة يعتمد على أجزاء كبيرة من تقرير المخابرات الأميركية وحوى أخطاء فنية كثيرة، وأنا بحكم خبرتي الطويلة جداً في هذا المجال قطعاً كنت أرى الخطأ بسهولة، وهذا التقرير كان مليئاً بالأخطاء سواء تقرير المخابرات الأميركية، أو حتى تقرير «الوكالة» التي أخذت عن المخابرات الأميركية، وبالتالي اعترضت.
• كيف كان شكل ذلك الاعتراض من جانبكم على تقرير «الوكالة»؟
- في البداية كان الاعتراض داخلياً في «الوكالة»، وأرسلت إلى مديرها مرات عدة، وقمت بتقديم تقارير كاملة أرصد فيها الأخطاء. ولكن لم يرد عليّ أي شخص، يقول حتى إنك مخطئ، وقد يكون عدم الرد لأنهم يعلمون أن حجتهم ضعيفة وأن حجتي أقوى بكثير منهم.
• نشرت إحدى الصحف أن «الوكالة الدولية للطاقة» رفضت أن تمد لك للعمل بها، فما مدى صحة ذلك؟
- لقد تركت الوكالة برغبتي، كانت استقالتي جاهزة قبل ذلك من ستة أشهر كاملة، كنت عازماً على تقديمها في حال ما لم ينصفني التحقيق.
• يعني ذلك أن أميركا كان يمكنها أن تجبرك على الاستقالة من منصبك؟
- أنا قلت انه لو كان هناك رأي بأني قد سببت حرجاً على اعتبار أني موظف في «الوكالة» فأنا على استعداد لتقديم استقالتي. واستمرت التحقيقات لمدة أشهر وانتهت بأنني لم أخالف أي قواعد، وعندما أردت الخروج من «الوكالة» طُلب مني ألا أتحدث في الأمر فقلت لهم أنا مستعد للتوقيع على ورقة قانونية بذلك ولن أتحدث في الموضوع مرة أخرى بشرط أن تأتوني بالخبراء ونتحدث وإما أن يقنعوني أو اقنعهم، وقلت لهم لو أن هذا الطلب لم ينفذ إذا ليس هناك ما يمنعني أن أقول رأيي عندما أخرج على المعاش، ولم يحدث ما طلبت وهذا دليل على ضعف حجتهم الفنية.
• لكن هناك تقرير حديث صدر عن سورية من «الوكالة الدولية للطاقة» بعدما خرجت على المعاش وقد أشرت إليه فما الذي أغضبك بشأنه؟
- التقرير صدر بعد خروجي على المعاش بأيام وحوى كل الأخطاء التي كانت موجودة قبل ذلك، وأنا كنت قد قلت للمسؤولين في «الوكالة» ان تقرير سورية المقبل يجب ألا يحتوي على الأخطاء نفسها، ويحتوي على اعتذار عن أخطائكم وإلا سأتحدث، ثانياً هم يعلمون جيداً أني أنوي أن أكتب كتاباً عن موضوع سورية بصورة خاصة وسأضع فيه كل التفاصيل الفنية فأنا رجل غير سياسي، كل عملي في التصميم والهندسة، ومجالي هو تصميمات المفاعلات، وذلك ما سأرد عليه فنياً لأن بعض الأفواه سواء في داخل «الوكالة»، أو في أميركا، أو في بعض دول الغرب يحاولون الهروب من الجزء الفني، ويقولون هذا عربي أو مصري أو مسلم، أي يبحث عن حجة غير فنية، وأنا أحترم الذي يعاملني «فني لفني» بغض النظر عن جنسيتي.
• الانتقاد الإسرائيلي لـ «الوكالة» جاء بشكل مسرحي ومفتعل!
- الوكالة قدمت ثلاثة تقارير تعتمد على تقارير المخابرات الأميركية، والتقريران الأخيران تقول فيهما «الوكالة» انها وجدت يورانيوم في بعض العينات بالموقع، وسورية تقول إن اليورانيوم من المحتمل أن يكون جاء من قنابل إسرائيلية تستعمل يورانيوم، و«الوكالة» توافق على رأي إسرائيل وترفض وجهة النظر السورية...
• وأليس من المحتمل بالفعل أن تكون الصواريخ الإسرائيلية وهي تضرب الموقع السوري كانت تحمل بداخلها يورانيوم؟
- هناك العديد من الاحتمالات، الاحتمال الأول أن تكون إسرائيل فعلاً تضرب بقنابل يورانيوم عميقة، وهذا احتمال وارد لأن إسرائيل تريد أن تضرب أشياء في العمق، فالضربة كانت قوية واحتكاك قنبلة اليورانيوم، وهو جسم معدني ثقيل جداً وليس من السهل تفتيته، يصدر عنه احتكاك فتنتشر أجزاء من اليورانيوم. الاحتمال الثاني أن يكونوا قد ضربوا بقنابل عادية ووضعوا بعض اليورانيوم. والاحتمال الثالث أن تحليل العينات نفسه غير سليم، فالمدير العام لـ «الوكالة» أعلن في سبتمبر الماضي أن نتائج العينات سلبية، وذلك يعني أن بعض المعامل لم تجد شيئاً في العينات التي فحصتها، ولكن بعدها بشهر أو اثنين جاء نائبه وغير الكلام وقال ان العينات إيجابية، وذلك يدل على أن تناقضاً في تحليل العينات، ولكن «الوكالة» لا تنشر التناقض بل تنشر ما تريد، ذلك اتجاه سياسي.
• ذلك الأمر يأخذنا لنقطة مهمة: لمصلحة من تعمل «الوكالة الدولية للطاقة»، أليس من المفترض أن يكون دورها محايداً؟
- «الوكالة» تضم 146 دولة عضواً، والمفترض أنها تقدم خدمات مميزة في كل شيء، هناك الضمانات في التعاون الفني، وبناء المفاعلات، والأمان النووي، وتقوم بدور ممتاز وأغلبه من دون تدخل سياسي إلى حد كبير، إنما الجزء الحساس هو الذي يخص الضمانات هذا المجال يشهد ضغوطاً سياسية. والسؤال هو إلى أي مدى تقاوم الوكالة الضغوط؟ هذا يعتمد على الأشخاص الموجودين في «الوكالة»، ولا ننسى أن الوكالة واقعياً ثلث ميزانيتها تأتي من أميركا، وهي تعتمد على الخبراء الأميركيين والأجهزة والمعدات الأميركية. وذلك لا يعني أني أتهم أحداً، على العكس الدور الأميركي إيجابي ولا ننسى أنها دولة متقدمة ولديها خبراؤها ومعداتها وأجهزتها. ولكننا نريد أن تتمتع «الوكالة» بالحيادية التامة. فما يلفت النظر أن هناك عدداً من الدول عليها علامات استفهام دائماً... كوريا الشمالية وإيران وسورية ومصر، وذلك يدعونا للسؤال: ألا توجد مشاكل في العالم إلا في هذه الدول؟ وبصورة خاصة مصر وسورية لأنهما كما أرى فنياً ليس لديهما شيء يستحق الضجة.
• باعتبار أنك كنت مفتشاً لـ «الوكالة» في العراق فما حقيقة ما قيل وقتها عن أسلحة الدمار الشامل لديها؟
- العراق خالفت اتفاقية حظر نشر الأسلحة النووية وحاولت أن تهرب من التزاماتها، وبالفعل عملوا برنامجاً نووياً غير سلمي على مدى أعوام، وكانوا قد اقتربوا من تخصيب اليورانيوم، وكانوا في الطريق لصناعة القنبلة. لكن بعد ذلك انتهى كل ذلك، في أواخر التسعينات لم يعد في العراق إمكانات نووية، وجاء بوش في العام 2002 وقال ان العراق لديه أسلحة دمار شامل، وهذه كلها أكاذيب مخابراتية.
• لماذا إذا لم يخرج تقرير «الوكالة» وقتها متضمناً هذه الحقائق، التقرير الذي خرج كان ضعيفاً ويلقي بالشبهات على العراق؟
- في العام 1998 قمنا بعمل تقرير نهائي، وكان هذا آخر عمل كنت متداخلاً فيه بقوة، مفاده أن العراق لم تعد لديه إمكانات نووية تصلح في الاستخدام غير السلمي، وكل النقاط التي كانت مفتوحة تقريباً أغلقناها وما تبقى كانت نقاطاً بسيطة جداً لم يكن لها علاقة بإمكانات العراق، كانت مجرد أسئلة قديمة عن مدى التعاون.
قدمنا التقرير وقلنا فيه بوضوح اننا أنهينا البحث في كل النقاط، وأن العراق وصل لمرحلة الصفر، والعقوبات التي عليها قابلة للرفع، وكان شرط رفع العقوبات عن العراق أن نقدم تقريرا إيجابياً عنها، وقدمنا هذا التقرير لمجلس الأمن لأننا نحن في العراق لم نكن نمثل «الوكالة» ولكننا كنا ننفذ قرار مجلس الأمن، وكان من المفترض أن يجتمع مجلس الأمن ويدرس ويأخذ قراراً بتأييده، لكنه وضع في الأدراج، بعد ذلك بأعوام وفي جلسة مجلس الأمن الشهيرة اختلف مدير «الوكالة» مع الأميركيين وقال انه ليس هناك إشارة إلى أن العراق أحيا البرنامج النووي السابق، لكنه في الوقت نفسه قال انه لا يستطيع أن يعطي رأياً قاطعاً إلا بعد أشهر عدة، وطلب وقتها 3 أشهر ليعطي الرأي القاطع، وهذا ما يدعو البعض للقول أنه أعطى إيحاء بأنه هناك احتمالية أن العراق مازال يملك إمكانات نووية، وكان ممكناً أن يكون الكلام حاسماً وفنياً ودقيقاً خاصة وأننا في التقرير فندنا كل الادعاءات الأميركية ونعرف أنها أكاذيب، فعلى سبيل المثال عندما قالوا إنه أخذ اليورانيوم من النيجر كانت كل الأوراق مزورة والألمونيوم الذي قيل انه تم استيراده لتخصيب اليورانيوم اتضح أنه لا يصلح لتلك العملية، وهكذا، فلماذا لم تقال الكلمات بهذا الوضوح الدقيق الذي يجعل العالم كله يعرف ما اكتشفته «الوكالة» بالتحديد!
• ومن خلال تفتيشكم للمنشآت النووية الإيرانية... هل حقاً إيران طورت إمكاناتها النووية بحيث أصبحت قادرة على إنتاج أسلحة نووية من خلال مفاعل بوشهري؟
- «الوكالة» لم تجد أي شيء عسكري محدد، فقط كلها معلومات تأتي عادة من المخابرات، والموضوع العسكري كان شبه منته منذ العام 2003، الآن بدأ يعود مرة أخرى في تقارير «الوكالة» لأن المخابرات قالت إنها بدأت تجد أشياء جديدة. وفي تقديري الشخصي، وأنا أصبحت الآن محايداً، أنا قرأت التفاصيل كلها وهي ضعيفة ليست أكثر من كلام مخابراتي، ليس هناك شيء محدد يمكن أن نلمسه بشكل حقيقي. لكن بالنسبة لإمكانات إيران لابد أن نعترف أنها منذ 2007 تنتج «يورانيوم مخصبا»، لكنه منخفض التخصيب، صالح لمفاعلات القوى، واليوم، وهذا مكتوب في التقرير الرسمي، بدأت تصل إلى مرحلة التصنيع، وأتخيل أنها خلال عام أو عام ونصف العام يمكن أن يكون لديها الوقود الكافي للمحطة النووية التي يملكونها، واليوم إيران لديها أكثر من 5 آلاف وحدة إنتاج يورانيوم مخصب، وتقترب من الـ 7 آلاف وحدة وعندما نصل لهذا الرقم نقول إن إيران واقعياً لديها القدرة. ولو أرادت أن تدخل في المجال العسكري ففي مدى محدود زمني جداً سيتمكنون من ذلك وهم يسيرون في هذه المرحلة.
هذا الكلام كله يعني أن إيران لديها الإمكانات لكني لا أعتقد أن أحداً قد اكتشف أنها بدأت تصنيع الأسلحة النووية، وهذا رغم أنها تخضع للتفتيش الدقيق جداً من قبل الوكالة، وبشكل مكثف عن جميع الدول الأخرى رغم من أنها لم توقّع على البروتوكول الإضافي. والتفتيش يصل إلى درجة أن «الوكالة» تقوم بعمل 30 تفتيشا من دون إعلان، وهذا شيء في غاية الصعوبة أن تقبله أي دولة أخرى وحتى الآن لم يتم العثور على أي شيء، وهذا لأنهم حذرون جداً.
• ولماذا لا تفتش الوكالة على إسرائيل خاصة وأنها تهدد
المنطقة بأكملها؟
- هذا هو عدم التوازن، فإيران وقعت على اتفاقية منع الانتشار النووي أما إسرائيل فلم توقع من الأساس وبالتالي ليس من حق الوكالة أن تذهب للتفتيش، من حق «الوكالة» أن تفتش على المنشآت الإيرانية لأنها وقعت على الاتفاقية الأساسية، ولكنها لم توقع على البروتوكول الإضافي والذي يمنح الحق في التفتيش على أي أماكن يشتبهون فيها غير المصرح بها.
• البعض يقول إن بناء مفاعل نووي في مصر لا يعني أنها ستخصب اليورانيوم ولكن فقط ستكون مستوردة للطاقة بأن تأخذ اليورانيوم المخصب من الوكالة الدولية وتقف في الطابور، فما رأيك؟
- مصر وكما سمعنا منذ أيام قليلة وقعت على الاتفاقية مع المكتب الاستشاري، وعلى فكرة هناك الكثير ممن كتبوا وقالوا إن مصر توقع عقد إنشاء أول محطة نووية، والحقيقة أن العنوان كان خاطئاً لأنه ليس عقد إنشاء والوقت لايزال مبكراً جداً على عقد الإنشاء، العقد الذي تم كان لدراسة نسبة الأمان في الموقع المحدد كي نقدم طلب ترخيص بإنشاء محطة نووية، بعد ذلك تأتي مرحلة تدريب العاملين، ثم اختيار الشركة التي ستبني المحطة، فالمرحلة بعيدة جداً وأرجو ألا تأخذ وقتاً لأننا نفذنا هذه المرحلة نفسها منذ 30 عاماً، واخترنا الاستشاري مرات عدة، واخترنا الموقع الذي تبدل من برج العرب إلى سيدي كرير إلى الضبعة، وتم التأكيد أكثر على الضبعة، وجاءت شركة فرنسية ودرست الموقع تماماً وقتلنا الموقع بحثاً وكنا على وشك اختيار شركة البناء لكن في هذا الوقت جاءت حادثة تشيرنوبل، وكان القرار السياسي بتأجيل الموضوع أو إلغائه. واليوم في تقديري أنها جريمة في حق الشعب المصري والعربي ألا نبدأ في استخدام الطاقة النووية ومصر بالذات، لأن معدل استهلاك البترول للكهرباء عالٍ جداً ونحتاج ما يقرب من محطتين نوويتين في العام، أي نحتاج من 1500 إلى 2000 ميغاوات كهرباء في العام الواحد وهذا يعادل من مفاعل إلى اثنين. من أين نأتي بهذه الكهرباء، بحرق البترول؟ معدلات زيادة حرق البترول في زيادة، ما جعل مخزون احتياطي البترول يقل بشدة، وكانت هناك تقديرات في مصر أن الاحتياطي يكفي لفترة من «30 - 50» عاماً، الآن انخفضت لتصبح 20 عاماً، إذا من أين يجد الأبناء والأحفاد الكهرباء بعد انتهاء البترول. والشعب العربي يعاني من هذا أيضاً. مصر لديها 15 في المئة كهرباء تأتي من المياه والـ85 في المئة تأتي من البترول والغاز، والدول العربية 100 في المئة تأتي من البترول والغاز، دول مثل الكويت والإمارات والسعودية تحتاج لكهرباء من المفاعلات النووية، وأنا سعيد بأن الإمارات بدأت تتنبه أكثر وتريد إنشاء 4 مفاعلات، والسعودية تفكر في ذلك.
هناك خطورة في أن أحرق البترول الذي له قيمة كبيرة جداً، وليس من المناسب حرقه حتى يعطيني كهرباء، خاصة وأن البترول يستخدم في صناعات أخرى وهو شيء قيم أعطاه الله لنا ويجب ألا نضيعه بهذه البساطة، في المقابل أنا لديّ مصدر آخر نظيف للطاقة نظيف والتلوث الناتج عنه محدود فلماذا لا نلجأ له.
الدول العربية، خصوصاً الدول البترولية، يجب أن تستغل إمكاناتها المادية لإنشاء مفاعلات. لدينا اليوم أكثر من 30 دولة في العالم لديها مفاعلات نووية تنتج كهرباء، وهناك دول مثل فرنسا وصلت لإنتاج نحو 80 في المئة من كهربتها من الطاقة النووية.
• لكن ألا يخشى على الدول العربية التي ستقوم بعمل أي مفاعل نووي سلمي أن يتكرر معها ما حدث مع سورية؟
- بعد «اتفاقية السلام» أميركا اشترطت وقالت لا مانع أن تأخذ مصر محطة نووية بشرط أن تأخذ إسرائيل محطة مثلها وجاءت إسرائيل وقالت انها لا تريد محطة، وهذه من الأمور صعّبت الأمور ضد مصر، واليوم لا أعرف ما الذي سيحدث إذا خرجت المنشآت النووية في الدول العربية إلى حيز التنفيذ، سوف نرى... كل الاحتمالات واردة.
• رغم أن إسرائيل لم توقع على اتفاقية حظر نشر الأسلحة النووية ولكنها تتدخل في عمل «الوكالة الدولية للطاقة» النووية فمن الذي أعطاها هذا الحق، وكيف تستمع لها الوكالة؟
- عدم توقيع إسرائيل على هذه الاتفاقية هو أساس المشاكل وعدم التوازن في المنطقة كلها، وإسرائيل لديها الحماية الأميركية، لكن يتردد أن أميركا ومنذ نحو الشهر تتفاوض مع إسرائيل للتوقيع على المعاهدة لكن نقطة الخلاف هي هل توقع كدولة نووية أم دولة غير نووية؟
إسرائيل لديها قنابل نووية ولن تدمرها إلا إذا تشكلت حكومة وطنية من جميع الطوائف في إسرائيل، ولكن هذا لن يحدث والاقتراح العملي هو أن توقع إسرائيل على اتفاقية خاصة تفصح فيها عن عدد القنابل الذرية التي لديها من دون تدميرها، فقط تكون تحت إشراف لجنة من «الوكالة» أو من الدول الكبرى ويتم إجراء عمليات تفتيش على هذه القنابل، وهذا بدلاً من أن نظل محاصرين بالسؤال المبهم: ما الذي عند إسرائيل وكم وأين؟ على الأقل تكون هناك خطوة أولى للتفتيش، لكني أظن أن هذا حلم.