بورتريه 21/ عاماً على غيابها وما زال صدى ضحكاتها يجلجل في بواطن الذاكرة

فريال كريم... امرأة أوجدت نكهة لفن الكوميديا

1 يناير 1970 02:04 ص
| كتب إيلي خيرالله |
ذات مساء صيفي حار، في الرابع من يوليو 1988 كانت الفنانة اللبنانية فريال كريم، التي اشتهرت بأداء أدوار كوميدية عدة جسدتها على الشاشتين وعلى خشبة المسرح، وبأغنيات من نوع خاص، تحيي حفلاً غنائياً في أحد المرابع اللبنانية. حاولت أن تخفف من وطأة حرارة الجو المرتفعة بأغنيات خفيفة الظل تشبه روحها الجميلة، فكان الساهرون يرددون معها كلمات أغنيتها «جارنا الشاويش يا بويا كان ماشي وراي» والتصفيق يتردد في الصالة من جهات عدّة الا أن نجمة تلك السهرة كانت تعاني من أعراض أزمة قلبية داهمتها في تلك اللحظات فلم تشأ أن تعكر صفو الحضور وتحاملت على نفسها وتابعت الغناء وهي تضع يدها على قلبها الذي أخذ يطلق صفارة الانذار محذراً من دنو أجل صانعة الابتسامة الأبلغ أثراً في لبنان، لكن صاحبته لم تستجب لانذاراته الى أن قرر فرض سطوته فسقطت فريال كريم على المسرح سقوطاً مدوياً وهي مطبقة بأصابعها على الميكروفون الذي كانت تنشر من خلاله رسالة الفرح الحقيقي.
صودف في تلك الليلة وجود أحد المعجبين بفن هذه الكوميديانة العظيمة وقد كان يحمل كاميرا الفيديو ليسجّل الحفلة، ولم يكن يخطر في ذهنه على الاطلاق أن هذا الفيلم الذي صوّره سيتحوّل الى مادة تتهافت عليها وسائل الاعلام لنقل اللحظات الأخيرة في حياة رائدة من رواد فن التمثيل الهزلي القديرة فريال كريم.
أرشيفها في أدراج مكتبة «تلفزيون لبنان» غني جداً، لا سيّما أنها أطلّت على الشاشة الصغيرة في زمن الكبار فكانت الفاكهة التي تزيد درجات عالية من الحلاوة لأي عملٍ تنضم اليه. رافقت في بداياتها «أبو سليم وفرقته» في العديد من الأعمال نذكر منها «المليونير المزيّف» اذ جسدت دور خادمة المليونير «علي دياب» والتي يغرَم بها البستاني «فهمان»، كما أدّت دوراً مميزاً مع الثنائي «أبو سليم» و«فهمان» وبقية اعضاء الفرقة في مسلسل «سيارة الجمعية» وتسابقت الأقلام النقدية للكتابة عن موهبتها الفذّة.
ولا يمكن أن نغفل سلسلة الأعمال التي جمعتها بنجم الكوميديا اللبناني حسن علاء الدين (شوشو) ومشاركتها له في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية في المسرح كان أبرزها «طبيب بالرغم منه»، «وراء البرافان»، «الدكتور شوشو»، «الحق عالطليان»، «واو وسين».
وكرّت السبحة مع انطلاق عصر الألوان في عالم التلفزيون فأطلت فريال في أدوار عدّة منها شخصية «ام خبار» في مسلسل حمل العنوان نفسه، كما عرفها جيل الثمانينات في شخصية «زمرد» التي قدمتها ضمن المسلسل اللبناني الأكثر تميّزاً في تلك الحقبة للكاتب القدير محمد شامل «الدنيا هيك» الذي قدّم من خلاله شخصية المختار على مدى 130 حلقة. ومن المعروف أن فريال كانت قد سبق أن تعاونت مع شامل من خلال مسلسل «شارع العز» الذي أنتج في أوائل الستينات وأفرز العديد من النجوم منهم وفاء طرابية ووداد حمدي ومارسيل مارينا وسمير معلوف.
ومع الراحل ابراهيم مرعشلي كان لفريال حصة كبرى في مسلسله «ابراهيم أفندي» الذي ما زال يحقق نسبة مشاهدة مرتفعة جداً في الاعادات وهي كانت الاطلالة الأخيرة لها تلفزيونياً.
على مسرح الياس الرحباني جسّدت دوراً مميزا في مسرحية «وادي شمسين» الى جانب القدير ايلي صنيفر والنجمة المبتدئة آنذاك باسكال صقر. وأخذت من الياس أغنية مميزة بعنوان «خدلي ايدي» و«برات البيت عامللي عنتر» (التي جددها فريق الفور كاتس) وتشاركت مع الياس الرحباني أداء أغنية «مطار أورلي».
السينما أحبّت فريال منذ طفولتها حين أدت دوراً وهي طفلة الى جانب نجيب الريحاني ضمن فيلم «سكة السلامة» وشاركت الصبوحة وفهد بلان عام 1945 في فيلم «شهر العسل» ومن بعدها أدت أدواراً متفرقة في الضياع (1961) وكرم الهوى (1967) ولهيب الجسد (1967) ومسك وعنبر (1973) والأستاذ أيوب (1975) وأخيراً في عالم الشهرة (1985).
فريال كريم من الوجوه التي يصعب محوها من الذاكرة، نظراً لما حققته من رصيد فني زاخر بالعطاءات ولتمكنّها من رسم الابتسامة على الوجوه في زمن كثرت فيه الأحزان والحروب وسكنت الأحزان أصقاع القلوب فكانت ضحكة فريال البلسم الذي يداوي الجراح الأليمة ويغرس مكانها فسحة من الأمل والتفاؤل.