سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ذكر لصحيفة «عالم اليوم» عدد الأحد 14 يونيو 2009 أن «القوانين الحالية أكل الدهر وشرب عليها» وبعضها ينص على العقاب «بعملة الروبية»، ودعا إلى تحديث القوانين وتطبيق القانون وأن على الوزراء تطبيق القانون.
ماذا يعني هذا التصريح؟ وماذا نستشف منه؟
يظهر لنا هذا الحديث مدى الشفافية التي يؤمن ويتعامل وفقها سمو الرئيس، والأمانة الصحافية هنا تدفعنا إلى كتابة هذا المقال تقديراً لسمو الرئيس، خصوصاً أن من أهم أنماط القيادة: التحفيز، الدعم، الشفافية، الخلق الراقية، والحياد في تطبيق القانون... أين المشكلة إذاً؟
أعتقد أن من أهم المعوقات التي تعاني منها الحكومة بجانب ما ذكره سمو الرئيس عن قدم القوانين وعدم تحديثها لمجاراة الوضع القائم، وهي من مهام الفتوى والتشريع والجهات القانونية في مختلف منشآت الدولة، بالإضافة إلى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة ونواب الاختصاص، والمختصين تنحصر في الآتي:
1 - عدم وجود لجان لتحديث العمل بطريقة تضمن توافر الطريقة المتبعة في كل منشأة «& Approval Mechanism Process Flow»، وهو نظام إلكتروني خاص بمتابعة تدفق المعاملات «Work Flow» متضمناً تحديداً واضحاً للفترة الزمنية المطلوبة في إنجاز أي عمل سواء كان على هيئة معاملة خاصة لفرد أو مؤسسة أو حتى على مستوى مراجعة الطبيب أو تحديد المواعيد وخلافها... وهذا النظام يمنع الواسطة والتجاوز على القانون ويبيّن المسؤول المقصر في عمله.
2 - عدم توافر نظام قيادي للجهاز التنفيذي يضمن توافر القيادات الصالحة ويبعد «المعشعشين» في مراكزهم، وإلا ماذا يعني بقاء عقوبات بالروبية؟ وكيف نفسر تأخير معاملات العباد الذي دفع البسطاء للتوجه إلى نواب الخدمات؟
3 - الحسد... الظاهرة التي يتميّز فيها المجتمع الكويتي، ونرى هذا الخلل ماثلاً في المشاريع وغيرها، لأن البعض يحاول بالأخذ في منهجية «كل يدني النار صوب قرصه»، وأثر الحسد في غاية الخطورة، وهو من الأسباب الرئيسية في تدهور عجلة التنمية.
4 - استمرار بعض القرارات مرتبطة بالوزير، وما ان يتغير يأتي الوزير في تغييرها، وهو الغالب على الحال في وزاراتنا... مع العلم بأن خطة العمل مرتبطة بالحكومة والوزير هو القيادي الذي يحفز ويشجع ويوجه التابعين له لتنفيذ المشاريع وتطوير طريقة العمل من خلال العمل الجماعي، وهذا أمر مرتبط بثقافة المجتمع ككل، ولكن ما ان تتوافر النية في الإصلاح فلا راد لها.
5 - وجود شللية وميكانيكية عمل «شيلني وأشيلك» بجانب نفوذ البعض الذي يجعلهم خارج نطاق المحاسبة كانا السبب، وأثرهما واضح في بعض الجهات، وقد يكون للتدوير وتجديد الدماء أثر إيجابي في تخفيف هذا الأثر.
6 - الأهم من هذا وذاك عدم وجود خطة إنقاذ شاملة تنفذ بعض ما جاء في دراسة شركة ماكينزي العالمية قبل أعوام عدة، ناهيك عن غياب نظام الثواب والعقاب... فلنبحث عن القضايا التي تم حفظها: كيف؟ الله أعلم!
7 - الأساس في عدم انسجام العلاقة بين السلطتين يعود إلى عدم توافر خطة العمل الحكومية التي تحاكي هموم الشارع الكويتي، وتوفيرها بالاتفاق مع السلطة التشريعية بجانب عدم إنشاء مكاتب استراتيجية تعمل على ربط مكتب سمو الرئيس مع مكاتب الوزراء معنية في تنفيذ خطة العمل الحكومية.
المراد أن سمو رئيس مجلس الوزراء و«الحق حق» الذي عنوّنا فيه هذا المقال قد أثبت أنه إصلاحي كقيادي، لأن الإدارة الفعلية للجهاز التنفيذي بالدولة من مهام الوزراء، وبشكل أكثر دقة الوكلاء والوكلاء المساعدين... ومن لا يستطيع تطبيق القانون فليترك المجال لغيره. هذا هو الشيخ ناصر المحمد نفسه وبكل شفافية صرح ووضح ويبقى الأمل في الأيام المقبلة، ونتمنى من الجميع من وزراء ونواب ومسؤولين تدارك الأمر وإصلاح ما يمكن إصلاحه مادامت الأيدي ممدودة للعمل الجاد... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]