تنظيم مهنة التقييم العقاري ... هل يكفي لضبط التلاعب بالأسعار؟
1 يناير 1970
04:28 ص
| كتب حسين كمال وأحمد خميس |
يشعر عبد الرزاق (43 عاماً) أن شيئاً من كرامته أصيب حين أبلغ بقرار وزارة التجارة تنظيم مهنة المقيمين العقاريين، بشروط ليس بمقدوره استيفاؤها. فهو من نحو عشرين عاماً يعمل في المهنة، وتنقل بين مكاتب كثيرة، إلى أن استقر به الأمر في المكتب الذي يعمل فيه حالياً. يقول اليوم وهو يشعل سيجارته إنه أحس بأن شيئاً من قوته تعرض للشلل.
ليس عبدالرزاق إلا واحداً من عشرات المقيّمين الذين لم يعد بإمكانهم التوقيع على أي تقييم عقاري بعد أن صدرت الشروط الجديدة لمزاولة المهنة.
إلا أن كثيرين يرون الجانب المملوء من الكأس، فقرار وزارة التجارة والصناعة بتنظيم المهنة وحصر مزاولتها بالمدرجين فقط في سجلاتها يقطع الطريق على من يحاول من خلال المهنة المضاربة أو استغلالها لمصالح شخصية تهدف إلى التلاعب بالأسعار في السوق العقاري، وفي ذلك مصلحة لكل «أهل السوق». إلا أن القرار جاء مفاجئاً لكثير من الشركات التسويقية التي تقدم خدمة التقييم العقاري لمساندة أعمالها وتسويق مشاريعها، حيث انقسم بين مؤيدين ومعارضين في ما يخص بعض البنود الخاصة بالقرار.
ويقول المؤيدون لقرار الوزارة إن هذه الخطوة تعتبر خطوة على الطريق الصحيح نحو منع المضاربات في السوق من قبل من ليس له خبرة في مهنة التقييم العقاري والتي انتشرت بشكل كبير خلال الفترات الأخيرة، ولاسيما انه سيساهم في ضبط ايقاع السعر العادل للسوق.
أما المعارضون فيقولون ان القرار يحتاج إلى تعديل في بعض بنوده والنظر في تعديلها، منها مدة سنوات الخبرة التي تصل إلى 10 سنوات لمقيمي العقار غير الحائزين على مؤهلات تعليمية كافية، وأيضا المؤهلات العليا التي يشترط أن يحصل عليها المقيم للعقار، مشيرين إلى أن أغلب التجار العقاريين ليس لديهم مؤهلات عليا، ورغم ذلك ناجحون في أعمالهم، أما بالنسبة للخبرة، فتعتبر فترة طويلة ولكن مقبولة.
ومن «اهل السوق» من يقول إن تنظيم مهنة المقيّمين العقاريين لا يكفي وحده لضبط التلاعبات، فالمصالح الخاصة والمحاباة أمور يمكن أن تحدث سواء استوفى المقيّم الشروط أم لا. ويرى هؤلاء أن العقوبات على من يخالف شروط مزاولة المهنة قد لا تكون كافية، خصوصاً إذا لم يكن هناك تشدد في تطبيقها.
وينص القرار الأخير لوزارة التجارة على العقوبات التي يجوز توقيعها على مقيّم العقار في حال ارتكابه مخالفات لشروط مزاولة المهنة تتدرج من الإنذار إلى الوقف عن مزاولة المهنة مدة لا تزيد على سنة، وأخيراً إلى شطب الاسم من السجل.
وكانت وزارة التجارة قد أصدرت الشهر الماضي قرارا لتنظيم مهنة مقيمي العقار الذي يحتوي على ستة بنود للحد من المضاربات يشترط أن يكون مقيم العقار مدرجاً في سجلات الوزارة وأن يكون لديه خبرة في السوق لا تقل عن 10 سنوات، أو أن يكون المتقدم للمهنة حاصلاً على شهادات جامعية في المحاسبة أو الاقتصاد أو إدارة الاعمال أو الهندسة المعمارية، ومزاولاً للمهنة لخمس سنوات على الأقل.
وهذا القرار من شأنه أن يمنع شركات عقارية كثيرة تقوم حاليا بتقييم العقارات داخل وخارج الكويت من ممارسة التقييم، حيث ان المهنة أصبحت محظورة عليهم إلا بعد التسجيل في سجلات الوزارة.
وشدد مدير إدارة التسويق في شركة «باز للاستثمار العقاري» خالد الشمري على ضرورة الاستعجال في تطبيق قانون تنظيم مهنة مقيمي العقار وعدم الاكتفاء بإصدار قرارات لا تطبق، مؤكداً «أننا نشد على يد وزارة التجارة في اقرار مثل هذه القرارات التي من شأنها حفظ حقوق المشترين وتحافظ على مصداقية المهنة إذ لابد ان يكون المقيم شخصا جديرا بالثقة قادرا على اعطاء التقييم الصحيح».
وأوضح ان المقيّم يجب ان يكون مثقفاً عقارياً وان يتمتع بالخبرة اللازمة، مبيناً ان السوق متقلب ويحتاج الى شخص يعرف احوال السوق لان العقار قد يختلف سعره من وقت لآخر.
وأكد ان ما يقال عن عملية «التقييم الودي» غير صحيح، مطالباً بأن يتبع المقيم الاسس العلمية والواقعية حتى لا يتسبب بقرارات استثمارية خاطئة، أو بتضليل المستثمرين في أي من الشركات التي تقيّم أصولها.
وأشار الى ان هناك عددا كبيرا من مقيمي العقار غير مسجلين في ادارة العقار بوزارة التجارة ويمارسون هذه المهنة بصفة «مقيمي الديوانيات» ما يتسبب ببيوع خاطئة أو بمعنى اصح يقدمون تقييمات فيها محاباة، وعلى سبيل المثال عندما يكون لدينا عقار بقيمة 100 الف وبحضور البائع يخفض السعر الى 60 الفاً مثلاً، تواطؤاً مع المشتري.
وطالب الشمري بأن تكون هناك رقابة على تطبيق هذا القرار وان يوثق المقيم كل عقار يتم تقييمه بشهادة رسمية بحيث يتحمل المسؤولية المترتبة على التقييم والرجوع الى التقييم الرسمي في حال نشوب أي خلاف بين الطرفين.
وتمنى الشمري ان تعجل الوزارة في تطبيق القرار والا يحفظ في الادراج ويجب ان يضاف عليه بان يكون التقييم بمثابة شهادة رسمية.
من جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة في شركة «دار الكوثر العقارية» احمد الصفار إن قرار التجارة والخاص بمقيمي العقار يعتبر قرارا جيداً، ولكن يحتاج إلى تعديل في بعض بنوده منها البند الخاص بفترة الخبرة في السوق والتي تصل إلى 10 سنوات، مشيرا إلى أنها فترة طويلة نسبياً بالاضافة إلى الشهادات التي تطلبها الوزارة لمزاولة المهنة قد لا تخدم السوق، إذ إن أغلب المقيمين في السوق ليس لديهم الشهادات المطلوبة وهو ما قد يؤدي إلى عرقلة قطاع التقييم في السوق.
ولفت الصفار إلى أن هذا القرار في المقام الأول سيخدم السوق من ناحية التنظيم وعدم استمرار عمليات المضاربات، في حين ان القرار سينعكس سلباً على الشركات التي تعتمد على التقييم كمهنة اساسية في تسويق عقاراتها.
أكاديمية عقارية
وأكد الصفار أن السوق يحتاج إلى اكاديمية عقارية على المستوى الخليجي لتنظيم وتفعيل التقييم العقاري في السوق ككل، مشيرا إلى ان هذه الاكاديمية ستهدف إلى الحد من المضاربات وإعلان الاسعار حسب السوق كي لا يتلاعب بها المضاربون.
لافتا إلى أن القرار الصادر سيهدف إلى مزاولة المهنة من ذوي الاختصاص وحاملي الشهادات العلمية، وذلك لرفع القطاع إلى الأمام والارتقاء به، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن شركته تقوم بعمل التقييم العقاري بشكل ودي وليس بمقابل كما يفعل البعض، حيث ان هذا القرار سيضبط إيقاع السوق مستقبلا.
من جهته، قال مدير عام شركة «أمتار العقارية» علي الكاظمي ان قرار تنظيم مهنة مقيمي العقار سيحسن من هذه المهنة لأن هذا القرار يجعل هناك تقييما واقعياً خصوصاً ان هناك بعض البيوع تتم بشكل وهمي وايضاً بالنسبة للتقييم لابد ان تكون له ضوابط.
واشار الى ان هناك شركات عدة لا تراعي الكثير من المعايير كمعيار الموقع او المساحة او المنطقة التي يقع فيها العقار.
وقال من الافضل ان يحتوي القانون على ضوابط وان تكون هناك رقابة من قبل الوزارة على المقيمين، مؤكداً ان في الوقت الحالي أنه لا توجد رقابة على مزاولي هذه المهنة، الامر الذي يتسبب بمشاكل كثيرة للمشترين.
واضاف، على وزارة التجارة ان تتبنى هذا القرار للحفاظ على مدخرات المستثمرين بالعقارات بتنظيم دورات وورش عمل واخضاع الشركات التي لديها مكاتب تقييم لاختبارات في التقييم العقاري لمعرفة مدى قدرة هذه الشركات لتقييم العقارات حتى يكون هناك معيار ثابت للمقيم ولايمكن التلاعب في اسعار العقار.