كنا قد نبهنا في مقالات سابقة السادة النواب والوزراء من مغبة الوقوع تحت تأثير ردة الفعل النفسية، لأن الفاصل بين أدب الحوار وسياق الحديث يكمن في مدى التزام الفرد بالجانب النفسي عند مناقشة أي أمر كان في البرلمان حيث الجلسات يتم بثها وتنقلها القنوات الإعلامية إلى معشر المشاهدين والمستمعين والقراء.
في جلسة «الهوشات» المنعقدة في 10 يونيو2009، لم تكن المشادات بين النواب والوزراء فقط، بل حتى بين النواب أنفسهم، وهذا مؤشر لعدم نضج الممارسة الديموقراطية، ويظهر الأمر بأن في الأنفس بقايا شوائب لم يتحرر منها بعض الأطراف، وهو ما ينعكس سلباً على طبيعة العلاقة بين السلطتين.
المساجلات المستمرة توضح الفراغ الذي تعاني منه الديموقراطية الكويتية فأصبح واجباً على العقلاء التدخل الفوري لتجاوز مرحلة الهوشات، المشادات، والمساجلات الدائرة فصولها في البرلمان وخارجه. فالنواب والوزراء بحاجة إلى دورة مكثفة من قبل المختصين في كيفية التعامل وفق نمط حضاري، كي لا يقع البعض في مرمى الآخر سواء كان وزيراً أو نائباً! وإذا كانت الهوشات قد طالت أربعة وزراء والسجال حصل بين أكثر من نائب وآخر، فكيف نستطيع تجاوز الأزمة بجانب الدورة المطلوبة أعلاه؟
إن ما يربط النواب بالوزراء موضح من الناحية الدستورية، ورغم أن النواب غير مؤاخذين عما يبدر منهم من قول وعمل في البرلمان وفي لجانه المختلفة فهذا الحق لا يجب أن يتجاوز الأعراف والتقاليد الموجبة للاحترام وانتقاء الألفاظ المقبولة، ناهيك عن لغة الجسد التي أحياناً يكون أثرها أبلغ من حدة الكلام.
لذلك نجد أن النائب يجب أن يسمي الأشياء بأسمائها، وكل موضوع يبدأ بالحوار الودي وتوجيه النصح بمكاشفة وشفافية، ثم يستخدم النائب حقه في توجيه السؤال إلى الوزير المعني، وإن لم تكن الردود مقنعة أو مخالفة للحقائق الدامغة التي يملكها النائب يكن الاستجواب هو الحل.
ولا بأس أن يقدم أكثر من استجواب ولا يوجد أي مبرر من جزع السلطة التنفيذية من استخدام النواب هذه الأداة الدستورية، لأنها السبيل الوحيد لتجاوز الأخطاء، ففيها يدلي كل طرف بدلوه، والنواب في نهاية الأمر هم الجهة التي تحكم على الوقائع ودفاع الوزير المستجوب.
المهم في الأمر هنا، أن ما حصل من سلوك يعتبر مدخلاً لعدم وجود انسجام بين السلطتين، وهو مما لا شك فيه يؤثر على الإنتاجية المرجوة: فهل يستقيم الوضع بتدخل العقلاء لمعالجة الأمور بحكمة وروية أم تبقى شوائب الأنفس عاملاً محركاً للعلاقة بين السلطتين؟ والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]