ما أجمل الأمثال حين نقرأها في زمن أفقد الإنسان العاقل صوابه. إنه زمن غريب تعقدت فيه شؤون الحياة الاجتماعية وصار السلوك القويم أشبه بالسير عكس التيار، إذ إن الغالب على مجريات الأمور لدينا نابعة عن حسابات سياسية ومصالح شخصية، ولهذا السبب فقد الإصلاح بريقه ونوره.
ولو نظرنا للمثل القائل: «لا تكن لينا فتعصر ولا يابساً فتكسر»، لوجدنا سر النجاح في المرونة قولاً وفعلاً... نعم، فبعد أن تم تأجيل تقديم استجواب الوزيرة الصبيح بعد مرونة من قبل الدكتور سعد الشريع تلقينا الشكر من الوزيرة الصبيح، فما أجملها من مرونة اتسم بها الطرفان. هذه المرونة الأدبية أضفت أجواء «ارتياحية» على الساحة السياسية الملتهبة بين النواب أنفسهم من المؤيدين والمعارضين للاستجواب.
إنها مبادرة ما قبل عيد الأضحى، الذي صادف أمس، ونتمنى أن تستثمر هذه «الليونة» في مراجعة ما تختزله الأنفس تجاه الأحداث المقبلة سواء تجاه استجواب الوزيرة الصبيح أم أي قضية أخرى تحط بركابها في مجلس الأمة.
نحن بحاجة إلى مراجعة ذاتية للمواقف يتم من خلالها عمل موازنة بين حاجة الوطن والمواطنين من جهة وما تختزله الأنفس من الجهة المقابلة، كي تطغى مصلحة الوطن والمواطنين على أي غاية أخرى، مهما كانت تداعياتها ودوافعها التي تركت أثراً سلبياً على طبيعة العلاقة بين السلطتين.
إن الحكومة مطالبة بالمرونة تجاه مطالب النواب والاستئناس برأي المصيب منهم، فكلا الفريقين مطالبان ببسط حالة الرخاء المعيشي وتوفير خدمات لائقة للجميع من دون استثناء ومن دون تمييز وبشفافية طبعاً!
إن السلوك القويم يحتاج إلى قيم يتفق عليها الفريقان وأسلوب في الطرح يرفع من مستوى الأداء، بعيداً عن الجوانب الشخصية وعواملها المساندة التي عكرت صفو العلاقة بين السلطتين، وفقد على أثره مفهوم الإصلاح الحقيقي.
لهذا السبب صارت «المواقف اليابسة» سيدة الموقف والمحرك للأقوال التي تسبق الأفعال في معظم المواقف التي تشهدها الساحة المحلية. إننا يا معشر القراء نبحث عن المرونة الأدبية المفقودة، ونتمنى أن نراها حاضرة في الاستجواب وغيره من جلسات المناقشة لأي قضية كانت. إننا نريد المرونة الأدبية السمحة التي تقرب ولا تفرق وتصلح ولا تفسد، وأن نعالج أمورنا المتعثرة بحنكة ودراية آخذين بعين الاعتبار عامل الوقت...والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]