محمد الوشيحي / آمال / شاظكم شمشاظكم

1 يناير 1970 02:06 م

عيدكم مبارك...

مع سبق الاصرار والترصد، اعتذرت عن كتابة مقال اليوم، كونه سيستحوذ على أول أيام العيد. لكن اتصالا واحدا يحمل تهديدا خطرا وصلني من الزميل علي بلوط بأنه «سيقضي على عيلة الوشيحي كلّون، وما بيخلي حدن منّون يخبّر» كان كافيا لردعي وبث الذعر في قلبي. فامتشقت القلم وكتبت بيد راجفة:

في برنامج شاعر المليون، أحرص على متابعة تعليق لجنة الحكام للاستماع تحديدا للشاعر حمد السعيد الذي يمتلك موهبة كشف الأوزان بسرعة مذهلة، وإن كان زملاؤه أيضا يمتلكون هذه الموهبة إلا أنه الأسرع وبفارق كبير عنهم. إضافة إلى قدرته على تصحيح الخطأ، بعد كشفه، خلال ثانية واحدة.... أعجبني الوضع، فرفعت البيرق الأحمر وأعلنت - أمام الأصدقاء – التحدي لحمد في سرعة الكشف عن مواطن الخلل وكسور الأوزان، وأوصيت من يبلغه رسالتي: «انتبه يا حمد، واعرف بأن هناك من يتحداك في هذا الموضوع، فلا تنتظر إلى أن ينتهي الشاعر من قصيدته، كما تفعل أحيانا، لتبلغه بالخطأ، بل أوقفه في اللحظة... والوعد قدام»! وبعثت برسالة أخرى، مختصرة وسرية للغاية، إلى زميله عضو لجنة التحكيم تركي المريخي، وهي عبارة عن بيت آيل للسقوط: «يا ثقل دمك يا المريخي وأنا أخوك، متى بتعلن مهرجان اعتزالك».

من جهة أخرى، لا أظن بأن أحدا سيشكك بشاعرية ناصر الفراعنة الذي فاجأ الناس باشتراكه في المسابقة، لكنني أرى بأنه شاعر متكلف فوق الحد، والدليل «قصيدته المروبعة» التي شارك بها... لاحظوا: «بسمك اللهم منزل سورة الأحقاف والأعراف منزل قاف كاف هاء ياء عين صاد، عالم سر العباد ومهلك فرعون ذي الأوتاد عاد هل إرم ذات العماد ومن بنوا صخرا بواد، جيت لا حي ولاني ميت بين أقبلت بين أقفيت أحط البيت تلو البيت وأشد القياد، جيت للحفل أعدي شهلول هملول بردي قامت يدي تصفق يدي طبعي لجيت أبغى القصيد»! هذا كله، مجرد البيت الأول من قصيدته التي نظمها بعدما حضر حفل سباق للخيل، واشترط عليه الحضور كتابة قصيدة خلال ساعتين، وبالفعل كتب هذه القصيدة المعجزة خلال الساعتين، لكنها من النوع الذي لا يحفظ ولا يبقى في الذاكرة. تابعوا أيضا هذا البيت في مدح الحصان الفائز واسمه «المرسول»: «لا تعصب ثم تنصب ما تقول إلا مقصب تاج كسرى ما تغصب عرض طول وطول عرض، فزته فزة قريص مونس بالساق لسعة في سباق النخبة التسعة يرى أن الفوز فرض، كن تفتاله تفتل روس رهبان تبتل ركزته حافر وحافر زلزلت في كل أرض، تقل لا طوّف حصان يقول له: هاه اقتنعت؟ أوكيه ثاني مرة اعرف قيمتك علم وكيد».

قصائد ناصر الفراعنة لا يتغنى بها الناس رغم جزالتها وموسيقيتها الصاخبة، بينما يحفظ غالبية عشاق الشعر كل ما يقوله ضيدان بن قضعان رغم بساطة مفردته... وأعتقد بأن ناصر يمر بمرحلة «إثبات الوجود» التي مرّ بها قبله الشاعر العلم المرحوم محمد السديري أيام شبابه عندما كتب قصيدته «الإعجاز»، ولا زلت أحفظ أربعة أبيات من أبياتها الستة. لكن لو دققنا في القصيدة فلن نجد شيئا فاخرا كما في قصائده الأخرى. خذوا قصيدة السديري: «صلا صالي(ن) صلب(ن) بصاليه صابني، صطا صارمه بصخار بالصدر صايبه / صفق واصطفق صلب(ن) صرم صافي الصدر، تقصص وقص أقصى قواصي ذوايبه / صروف القصى صالت وصابت صبابتي، صدا صدري الصافي وصكت مصايبه / صليب الصخر لو صابه اللي مصيبني، تقصص صفاه وصب صلصال ذايبه».

هي لوثة شعرية كانت قد أصابتني في فترة من الفترات فكتبت قصيدة طويلة مجنونة، قلت في أحد أبياتها: «بَعَدْها يا بو تركي لو حرفت القاف ماش اخلاف، أبي العرّاف لامن شاف قافك عاف موالي»! ويبدو أن المرحوم خالد النفيسي انبهر أيضا بهذا النوع من الشعر فتغنى: « يا أهل الشاظ والشمشاظ، والمقص والمقراظ، يالله عطونا شاظنا شمشاظنا، ومقصنا ومقراظنا، ونرد لكم شاظكم شمشاظكم، مقصكم مقراظكم»... صح لسانه.

وأعتقد بعد قراءة هذه الكلمات الرائعة للفراعنة والسديري والوشيحي والنفيسي، سيحتاج الزميل بلوط إلى ثلاثة أسابيع لإعادة تركيب خلايا مخه... والبادي أظلم.


محمد الوشيحي

[email protected]