جدل في مصر: إعلان خطة جديدة للسلام أم حشد المعارضين لـ«نووي» إيران؟

تقرير / أوباما يحمل إلى القاهرة «رسالة مصالحة» إلى المسلمين

1 يناير 1970 04:52 م
| القاهرة - «الراي» |
يتوجه باراك اوباما الاسبوع الجاري الى الشرق الاوسط، لالقاء خطاب مصالحة مهم، وعد به منذ فترة طويلة المسلمين الذين قد يحكمون على الرئيس الاميركي على افعاله اكثر من كلامه.
ويلقي اوباما الخميس في القاهرة (ا ف ب)، الخطاب المرتقب كثيرا بعد توقف الاربعاء في السعودية وقبل التوجه الى المانيا ثم فرنسا، في زيارة وضعت تحت عنوان «الذكرى».
وكان اوباما تعهد خلال حملته الانتخابية، التوجه الى العالم الاسلامي من خلال «منتدى اسلامي مهم» خلال الايام المئة الاولى لرئاسته. لكن وان لم يحترم استحقاق المئة يوم، فان اوباما عازم على «توجيه رسالة اشمل حول الطريقة التي تستطيع بها الولايات المتحدة تغيير علاقاتها مع العالم الاسلامي الى الافضل» بعد التشجنات ابان رئاسة سلفه الرئيس جورج بوش.
فمنذ تسلمه الرئاسة، خص اوباما وهو مسيحي، لكنه امضى قسما من طفولته في اندونيسيا اكبر بلد مسلم في العالم من حيث التعداد السكاني، اول حديث لقناة «العربية» ليمد «يد الصداقة» الى المسلمين.
واعلن اغلاق معسكر غوانتانامو وخطة انسحاب من العراق، كما وجه رسالة تاريخية الى الايرانيين. وفي تركيا اكد ان الولايات المتحدة «ليست ولن تكون ابدا في حرب مع الاسلام»، كما التزم في الجهود الرامية الى حل النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني.
وفي هذا الصدد، قال لدى استقباله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ان حل هذا النزاع يمثل «عاملا اساسيا في اذهان العديد من العرب في المنطقة وغيرها» وسيكون «من غير المناسب بالنسبة الي عدم التحدث عنه»، الخميس.
الا ان اوباما لم يعلن بعد تفاصيل خططه من اجل السلام في الشرق الاوسط. فهل يكون الخطاب الذي سيلقيه مناسبة للقيام بذلك؟ وتساءل الخبير جون الترمن «لماذا يذهب لكشف خطة سلام في القاهرة؟ لا يمكن التحدث عن ارض محايدة هناك. كما انني لا اعتقد ان الرئيس مستعد».
ويرى الخبراء ان التوقعات كبيرة. فاوباما يحظى برصيد تأييد واسع، لكن هناك عديدين في المنطقة يريدون منه ان يمارس ضغوطا على حليفه الاسرائيلي الكبير.
واضاف الترمن: «اعتقد ان شهر عسل الرئيس في الشرق الاوسط لن يدوم طويلا لان السياسة لن تتغير».
ويتوقع ان يعطي اوباما ضمانات خلال زيارته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، الشريك الأول. كما يتوقع ان يبدي مجددا تأييده لادخال المبادرة التي طرحها الملك عبدالله في 2002 ضمن خطة سلام. لكن يتوقع ان يضغط في الوقت نفسه على الدول العربية للعمل على تطبيع علاقاتها مع اسرائيل.
كما ينتظر ان يتحدث كثيرا عن ايران، فيما تقلق الدول العربية من اجراء مصالحة بين واشنطن وطهران على حسابها.
ويبدو خطاب الخميس، حساسا لانه سيلقى في مصر، الحليف الكبير للولايات المتحدة واول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع اسرائيل، لكن الولايات المتحدة تشير اليها بانتظام باصبع الاتهام لممارساتها المتنافية مع الديموقراطية.
وحول احتمال ان يتحدث الرئيس الاميركي عن الديموقراطية في خطابه، قال مارك ليبرت احد مستشاريه، «لديكم هنا رئيس لا يخاف من التحدث عن مسائل صعبة».
واختار اوباما لالقاء خطابه جامعة القاهرة المعروفة بانها الجسر الفكري والليبرالي بين الشرق والغرب. لكن الحدث سينظم بالتعاون مع جامعة الازهر المؤسسة المرموقة للدراسات الاسلامية.
وفي القاهرة، زادت مساحة التكهنات، عشية زيارة اوباما، وتبلورت التساؤلات حول نقطة رئيسية، «ماذا سيقول اوباما في خطابه؟ وما الجديد الذي سيقدمه للعالمين العربي والإسلامي»؟
سياسيون وخبراء تصدوا لهذه الزاوية، وتباينت آراؤهم في تصريحات خاصة لـ «الراي»، بعضهم أكد أن قضية السلام ستكون على قمة أولوياته، وآخرون قالوا إنه سيركز على الملف النووي الإيراني وقضايا الشرق الأوسط.
الخبير في وحدة النظم السياسية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع، من أنصار الفريق الذي اعتبر أن الرئيس الاميركي قادم لمحو الآثار السيئة التي تركتها إدارة بوش السابقة، بمعنى أن خطابه سيكون بمثابة «عربون» صلح مع العالمين العربي والإسلامي.
وأضاف: «أوباما سيدعو الى العيش بين الغرب والعرب بسلام، وسيضع حلولا رئيسية خاصة بسياسته في مكافحة الإرهاب، والعنف السياسي، في الوقت ذاته لن يخلو خطابه من تلميحات عابرة عن الملف النووي الإيراني».
وتوقع ربيع، أن يلقى خطاب أوباما هجوما من «جانب إيران وحزب الله، ودول الممانعة، وبالتأكيد إسرائيل لن تكون بعيدة عن ذلك، فهي في حال ترقب مستمر، ورد فعلها سيتضح بعد الخطاب، وليس قبله».
هناك رأي آخر تبناه أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان جهاد عودة، الذي أكد أن «الخطاب لن يتطرق لمشكلات إقليمية سواء فلسطين أو العراق، لأنها باتت مشكلات قديمة، وتمت مناقشتها في زيارة الوفد المصري لواشنطن، لكنه سيركز على قضية السلام والإسلام الحضاري، والتواصل عبر الثقافات، وضرورة تحقيق العدالة والإنصاف الاجتماعي والسياسي».
وحول اختيار مصر بالذات، قال إن «مصر عاصمة إسلامية كبيرة، وتمثل عنصر السلام، والاستقرار في المنطقة».
وأضاف: «لا يمكن توقع ردود الفعل، لأننا سننتظر ترجمة الخطاب إلى أفعال».
وأشار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان مصطفى الفقي، إلى أن اختيار مصر لمخاطبة العالم الإسلامي «تمثل تعزيزا لقيمة الدولة، وبرهانا على مكانتها في الساحة الدولية، مؤكدا أن الزيارة تهدف لمخاطبة العالم الإسلامي ككل، وليس خطابا ثنائيا بين دولتين».
كما أشار إلى أن الزيارة «تمثل فرصة لحل بعض المشكلات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك فرصة لتهدئة الأوضاع بين الغرب والشرق، خصوصا العالم الإسلامي».