شدني هذا العنوان اللافت في إحدى زوايا الصفحة الأولى لإحدى جرائدنا المحلية الصادرة حديثاً فتتبعته إلى الصفحات الداخلية من تلك الصحيفة، وإذا هي صفحة اقتصادية بمقالات مترجمة منقولة بالاتفاق الحصري مع إحدى الصحف العالمية وبرعاية إعلانية من أحد البنوك المحلية، وقرأت المقال واذا هو أشبه بدعاية انتخابية مدفوعة الثمن للترويج لرئيس الوزراء الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو، إذ يصور للقارئ أن الجنة الاقتصادية الموعودة قد تحققت في إسرائيل، ويخلص كاتب المقال إلى «أن التجربة أظهرت أن الموارد البشرية القوية والسوق المفتوحة هما أفضل العوامل التي قد يطلبها بلد ما، وهذا درس جيد يجب أن يعتبر منه الشرق الأوسط الغني بالنفط». ويضيف كاتب المقال ماثيو كامنسكي أنه «صحيح أن هذه الثورة المصغرة التي حدثت أخيراً مازالت في بداياتها، إلا أنها ربطت إسرائيل بالعالم، والعكس صحيح، ولا شك أن هذه خطوة جيدة لازدهارها وأمنها في المستقبل».
هكذا وبكل بساطة تحاول هذه الجريدة المحسوبة على بعض الفعاليات السياسية والاقتصادية في البلد تمرير مثل هذه المقالات علينا وعلى قرائها، وتركز على الجوانب الاقتصادية الناجحة في إسرائيل وآفاق التعاون الواسع في المستقبل مع السوق الإسرائيلية الواعدة في تطبيع وترويج إعلامي فاضح.
في حين يرى الكثيرون أن ما يحدث في «إسرائيل» هو معجزة حقاً، ولكن ليس من وجهة نظر هذه الجريدة، فصمود أهلنا في فلسطين رغم الحصار والتقتيل والمطاردة والاعتقال وظلم ذوي القربى لهو المعجزة الحقيقية التي يجب أن نتحدث عنها، وأن اصرار أهلنا في فلسطين على التمسك بالأرض ورفض التنازل عنها رغم كل المغريات والضغوط لهو المعجزة الحقيقية التي يجب أن نشيد بها، وأن توالي قوافل الشهداء رجالاً ونساء من أهلنا في فلسطين لهو المعجزة الكبرى التي يجب أن يرفع بها إعلامنا وشبابنا وزعماؤنا وقادتنا رؤوسهم في زمن أصبحت فيه العزة والكرامة عزيزة وصعبة المنال.
ويرى الكثيرون أن سرعة إقرار مجلس الأمة لدينا لقانون مقاطعة الكيان الصهيوني الذي أقرته اللجنة التشريعية أخيراً هو الرد الشافي من قبل نواب الأمة على محاولات وأشكال التطبيع كلها التي يقوم بها البعض، وأن إصدار هذا القانون هو تأكيد لأهلنا في فلسطين بأن الأمة معهم ولو بأقل القليل، فها هو مؤتمر أنابوليس الذي لطالما صفق له المصفقون وطبل له المطبلون تمخض فولد فأراً ميتاً يزكم أنوف المطبعين والمهرولين والمستسلمين، فهل يفعلها نوابنا إكراماً لفلسطين وأهلها وشهدائها وأقصاها الذي بارك الله عز وجل حوله؟ إنا لانتفاضة نوابنا منتظرون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
عادل حسن دشتي
كاتب كويتي
[email protected]