عاموس هرئيل وآفي يسسخروف / من يتراجع أولاً؟
1 يناير 1970
09:46 ص
في مقال نشر في «هآرتس» قبل أسبوعين حلل الوف بن الأسباب التي من شأنها أن تؤدي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مهاجمة المنشآت النووية لإيران، إذا ما فشلت المساعي الديبلوماسية التي تمارسها الولايات المتحدة. في مثل هذه الحال، يجب الأخذ بالحسبان لجانبين حرجين: طبيعة رئيس الوزراء وقدرة إسرائيل العسكرية على التصدي للتحدي.
بعد الاسبوع الأخير، يخيل أن لا حاجة لزيادة الكلام بشأن العنصر الأول. سلوك نتنياهو حول ميزانية الدولة أثار ذكريات غير لطيفة من ولايته السابقة. القرار بالهجوم على إيران منوط أساساً بشخص واحد، رئيس الوزراء. ستكون هناك بالطبع أهمية كبيرة لموقف بعض أصحاب المناصب الكبرى: وزير الدفاع، وزير الخارجية، رئيس الأركان، قائد سلاح الجو، رئيس «الموساد». ولكن هذا حقاً المكان الذي تكون فيه اليافطة التي تباهى ايهود اولمرت بأنه علقها في مكتبه (المسؤولية تتوقف هنا) ذات صلة على نحو خاص. نتنياهو، كما اتخذ صورة هذا الأسبوع في قضية الميزانية، يمتشق من تحت الابط، يتذبذب، يعرق ويقبل الضغط (مرة أخرى هذه الكلمة، من الولاية الأولى، البشعة)، تطرح مخاوف بالنسبة لقدرته على التغيير.
القرار بقصف إيران يستوجب تخطيطاً جذرياً وبعيد المدى، حرصاً أقصى على السرية، وثقة كبرى بين كل المحافل ذات الصلة. صحيح أن من الصعب الاستنتاج من عملية الموازنة اموراً تتعلق بالمسألة الإيرانية، ولكن الاسبوع الأخير لا يبشر بالخير. بالنسبة للأمن الميداني: نتنياهو فشل قبل أقل من عامين بهذر زائد في التلفزيون عن قصف المنشأة النووية في سورية، عندما كان هذا لا يزال يعتبر هذا سراً للدولة (كنت شريكاً في المداولات. هنأت اولمرت). صحافيون تحدثوا معه على مدى أعوام طويلة في المعارضة، فوجئوا أحياناً من عدم الحذر الذي تحدث فيه في المسألة الإيرانية وعن قدرات معينة توجد، زعماً، تحت تصرف إسرائيل.
أعصاب من حديد
من الولاية الأولى يُذكر نتنياهو بالذات بالفجوة بين تصريحاته الكفاحية وأفعاله المتصالحة. المرة الوحيدة التي تجرأ فيها على المراهنة، في فتح نفق المبكى، أدت إلى اضطرابات وتنازلات لياسر عرفات في «اتفاق الخليل»، وفي «اتفاق واي». الأسابيع الأولى من حكومة نتنياهو تطرح السؤال في أن من عين يوفال شتاينتس وزيراً للمالية وخضع دون معركة لعوفر عيني، هل سيظهر أعصاباً من حديد بالذات حيال محمود أحمدي نجاد.
بالنسبة للقدرة العسكرية، فإن ولاية نتنياهو بالذات بدأت ببشائر مشجعة. رئيس الوزراء، كما قيل، أخذ انطباعاً إيجابياً من مستوى جهوزية الجيش الإسرائيلي لاحتمال هجوم في إيران. هذا انطباع مغاير جوهرياً عن ذاك الذي أخذه اولمرت قبل نحو ثلاثة أعوام. ولكن القفزة الكبرى في الاستعدادات أملتها المستويات التنفيذية، حتى قبل أن يدخل إلى الصورة رئيس الوزراء، وتمت، بقدر كبير، بمبادرة قائد سلاح الجو في حينه، اللواء اليعيزر شكدي، الذي رأى لنفسه «مهمة تاريخية» في اعداد خيار هجوم حقيقي حيال إيران.
هل يكفي ذلك كي تتمكن إسرائيل من أن توقف لوحدها البرنامج النووي الإيراني؟ الجواب على ذلك لا يزال موضع خلاف. على كل طيار كبير متقاعد يعتقد أن الحديث يدور عن مهمة قابلة للتحقق، يمكن أن نجد جنرالين من البر يدعيان بأن المشروع لا يزال أكبر من مقاييس إسرائيل وأن هجوماً مستقلاً، دون اسناد أميركي، من شأنه أن ينتهي بمصيبة. معقول أن تكون الاستعدادات الهجومية مستمرة.
لغز الانتخابات
قبل أن تصل إسرائيل إلى نقطة القرار (رئيس شعبة الاستخبارات اللواء عاموس يدلين وصف هذا الاسبوع الوضع من 2010 فلاحقاً، بأنه «حرج»). وسيتعين عليها أن تتابع ما يجرى في الانتخابات للرئاسة في إيران في 12 يونيو.
وللمفارقة، يوجد منطق في الادعاء أن من الأفضل لإسرائيل انتصار الرئيس الحالي أحمدي نجاد الذي يتنافس على ولاية ثانية ويعرض نفسه في موقف متطرف أكثر بكثير من كل مرشح متطرف آخر. على المستوى الدولي، انتخابه لن يؤدي إلى تغيير النهج في الموقف من إيران والخطر الكامن في تحولها النووي. فضلاً عن ذلك، فإن الحوار الأميركي الإيراني الذي تسعى إليه واشنطن الآن يمكنه أن يبدأ دون عراقيل. انتصار مرشح إصلاحي (نسبياً) كحسين موسوي، وتبادل السلطة من شأنهما أن يعرقلا بدء الحوار ومنح إيران زمن باهظ آخر يمكنها فيه أن تواصل التقدم نحو النووي.
انتصار إصلاحي من شأنه أن يعطي إيران صورة معتدلة، تعرقل فرض العقوبات، رغم أن القرارات الحقيقية في المجال النووي من نصيب الزعيم الروحي، علي خامينئي، ورغم أن السعي إلى النووي مقبول أيضاً على التيارات الأكثر اعتدالاً في القيادة الإيرانية.
من الصعب التقدير من سينتصر في الانتخابات القريبة المقبلة، إذ انه لا يزال من الصعب فهم من يتنافس فيها. طريقة الانتخابات الإيرانية لا تقوم على أساس الأحزاب أو القوائم، بل على طرح المواقف الشخصية. «مجلس المراقبين»، الهيئة الخاصة التي تضم ممثلي خامينئي أيضاً، تصادق على قائمة المرشحين النهائية. في الماضي اختير بين اثنين من ثمانية مرشحين. خامينئي قال هذا الأسبوع ان: «علينا أن نختار من لهم تأييد شعبي ويعيشون بصورة بسيطة ومتواضعة»، وهي أمور كفيلة بأن تفسر كتأييد للرئيس القائم.
الكثير منوط أيضاً بقدرة الإصلاحيين على بلورة معسكر موحد حيال المحافظين. إذا تمكنوا من التراص حول مرشح واحد مثل موسوي أو مهدي كروبي، ستزداد فرصهم في النصر. «تقريباً كل المرشحين يمكنهم أن يعتبروا اليوم برغماتيين ومعتدلين بالقياس إلى أحمدي نجاد»، يقول البروفيسور دافيد مينشري، خبير الشؤون الإيرانية من جامعة تل أبيب: «بالقياس إليه كلهم معتدلون. أنا أبحث في الشأن الإيراني منذ زمن بعيد ولو قالوا لي انه في يوم من الأيام سيعتبر موسوي، رئيس الوزراء المتطرف في عهد الحرب الإيرانية العراقية، إصلاحيا، لكنت سقطت من كرسيَّ».
بعد الانتخابات، من المتوقع أن يبدأ الحوار مع الولايات المتحدة، والذي لا يزال موضع خلاف في الدوائر المتطرفة في طهران. ويقول مينشري ان: «بدء المحادثات سيشكل ضربة قاسية لأحد المبادئ التي وجهت الثورة الإسلامية. ولكن يجدر بالذكر أن الحوار ليس على رأس جدول أعمال الحملة الانتخابية حتى الآن. التركيز هو على المواضيع الداخلية. كما أن «انتصار» الثورة في غزة أو في لبنان لم يعد يثير اهتمام الناخب. فهو يريد أن يعرف أين اختفت أموال النفط».
وحسب أقوال مينشري، فإن: «الحوار هو مرحلة ضرورية في الطريق إلى وقف النووي، حتى وإن كان له غير قليل من المعارضين في إسرائيل. إذا كنت معنياً بضغط أميركي فإن عليك أن تدير حواراً في البداية، وذلك كي تقنع بأنك بذلت كل جهد لحل المشكلة، قبل أن تبدأ في ممارسة ضغط حقيقي».
عاموس هرئيل وآفي يسسخروف
«هآرتس»