السفارة الإيرانية أحيت الذكرى الـ 29 للشهيد مرتضى مطهري

1 يناير 1970 01:26 ص
| كتبت غادة عبدالسلام |
أقامت المستشارية الثقافية للسفارة الإيرانية لدى الكويت الملتقى السنوي للعلامة الشيخ مرتضى مطهري في ذكرى استشهاده التاسعة والعشرين والذي يتخذ منها يوم يحتفل به الشعب الإيراني بالمعلمين ودورهم الريادي.
الملتقى الذي اقيم مساء أول من امس في مبنى المستشارية في الجابرية بحضور السفير الإيراني لدى الكويت علي جنتي وعدد من رجال الدين والمثقفين الإيرانيين والكويتيين شارك فيه عضو اللجنة الشرعية للوقف الجعفري الدكتور الشيخ احمد حسين واستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور جعفر غلوم والباحث المختص بالشؤون الإيرانية المهندس مصطفى غلوم وقدم الندوة التي اقيمت الكاتبة الصحافية ايمان شمس الدين.
بداية، اعتبرت شمس الدين اننا امة لاتعرف عظماءها الا بعد ارتحالهم، وان عرفناهم نكتفي برفع كلماتهم كشعارات تبقى بعيدة عن واقع التطبيق وتبقى رهينة التاريخ والأوراق والذكريات، مشيرة إلى ان «الأمل يبقى دائماً يحذونا لأن يجد العظماء مكاناً بيننا على المستوى العملي الذي يتعدى المؤتمرات إلى التطبيقات والنهوض في مشوار سبر أغوار الإسلام والكشف عن كنائزه المكنونة».
وأضافت اننا اليوم نعيش الذكرى التاسعة والعشرين لاستشهاد احد العظماء الذين قدموا الكثير في سبيل النهض الشاملة وكان له اسهامات كثيرة، حيث قدم روحه ثمناً في سبيل تثبيت ركائر الثورة الإسلامية».
موضحة ان «الشهيد مطهري واجه القادم الغربي إلى الداخل الثائر في لحظات تاريخية وواجه النظريات الغربية، حيث استفاد من تجربتها الإنسانية وتعرض بقراءة واضحة واعية للنظرة الإسلامية» معتبرة انه «على المستوى الداخلي توغل في نقد الذات وطرح الاشكاليات على المستويات التنظيمية والمنهجية الفكرية وحدد معالم الحركة الاصلاحية التي نعتمد علي التدرج والتدريج والحفاظ على الأصالة مع التشديد على التجديد والعصرنة».
بدوره، تحدث الدكتور الشيخ احمد حسين حول «الاصلاح والتجديد في فكر الشهيد مطهري»، معتبراً ان الشهيد نموذج مستمر من حيث الحيوية والتجدد والنشاط حيث تميز وجوده بأنه لم يكن فقيهاً وفيلسوفاً فقط، بل كان عالم اجتماع وواعظاً ومزيجاً من انماط مختلفة واستاذاً لثورة الحق على الباطل ما جعله شهيداً حياً على العصر».
وتحدث الشيخ احمد حسين عن التجديد عند الشهيد مطهري، معتبراً انه شخص الآفات التي اصابت العقل الإسلامي بالعجز والجمود، وقام بالاصلاح من خلال تشخيص الاعراض المرضية لمعرفة اسبابها المؤدية إلى خلل في بنية المؤسسة الدينية آنذاك وركز على احياء التفكير في الدين، مضيفاً ان «اهم ركائز البناء المنهجي للاحياء عند الشيخ مطهري قامت على امور اهمها معرفة الذات والآخرين والالتزام بالعقل الدستوري البرهاني والالتزام بالموضوعية والفكر النقدي، اضافة إلى ايمانه بالمشروع الإسلامي ودعوته الدائمة إلى اصلاح البناء الفكري الديني، كما تميز بكسر النمطية الحوزوية التقليدية».
وأشار إلى ان «الشهيد مطهري امتاز بنكرانه لذاته وكان بعيداً بمحض ارادته عن الاضواء رغم شهرته الواسعة في نطاق الحوزة العلمية والجامعية والاكاديمية، كما امتاز بأنه كان منظومة متكاملة من الاصلاح والتجديد وخاض حرباً مع النفس والغير من أجل الاسلام».
وختم الشيخ احمد حسين بالتشديد على ان «مسؤولية المجتمعات الإسلامية ليست فقط في تكرار افكار الشهيد مطهري، ولكن في نقده ليصبح لدينا علماء كثر مثله ولنتطور ونصبح قوة ثقافية حضارية تغزو العالم بمعارفها وعلومها وتحوز الاحترام الحضاري الحقيقي بجدارة.
من جهته، تحدث استاذ العلوم السياسية الدكتور جعفر غلوم عن المشهد الثقافي والفكري الذي لازم حياة الشهيد مطهري ونهج الشهيد، مشيراً إلى ان موقف المنظرين والمفكرين والباحثين في التراث الإسلامي حيث وجدت ثلاثة فرق كبرى هي المادحون للتراث مدحاً لا حد له بدعوى الاصالة والقدسية والوحي الالهي المستقاة من القرآن والسنة، والقادحون للتراث قدحاً لا حد له بدعوى الحداثة والتجديد، اضافة إلى منهج توفيقي بين القدح والمدح»، موضحاً ان الشهيد مطهري سلك بديلاً عن المسارات الثلاثة في معالجاته واطروحاته ودعا إلى تأسيس وبناء تراثنا الحاضر من خلال تحصيل اسباب المعرفة على وجهها الأوسع وتحصيل اسباب العمل الانفع».
وشدد على ان «التفكير والتحليل والاستشراف والاطروحات الفكرية والحضارية للشهيد مطهري كانت تصب في تأسيس وتأهيل قواعد وأسس عقائدية ومعرفية وعقلانية وعلمية متينة تمكننا من بناء صرح حضارتنا الاسلامية الانسانية دون السعي إلى نفي الأعمال الفكرية الاخرى او ادانة اصحابها دون دليل عقلي ودلائل موضوعية والهدف هو المساهمة في شحذ طاقات جديدة للقول والتفكير او للفعل والتأثير لرسم مستقبل البشرية على اسس متينة.
وختم الدكتور جعفر غلوم بالتأكيد على ان مشروع الشهيد كان في اعادة التفكير في تراثنا على نحو يؤدي إلى تغيير علاقتنا بالوجود والحقيقة وان نستيقظ من سباتنا العميق ونخرج من موقعتنا الفكرية وان نزحزح الاشكالات ونفكك المقولات للدخول إلى المناطق الهامشية او المعتمة او المستعصية على التفكير او لافتتاح مناطق جديدة تغير شروط المعرفة وتضاعف امكانات الفهم والممارسة والتطبيق».
من جانبه، تحدث الباحث في الشؤون الإيرانية المهندس مصطفى غلوم عن نهج وملامح ثقافة الشهيد مطهري، معتبراً اننا بحاجة إلى قرن من الزمن لمعرفة جزء من فكره ومؤكداً ان الشهيد كان سداً منيعاً امام كل الافكار اللإسلامية وكان يجمع بين فهمه للإسلام المحمدي النقي ومعرفته التامة بالافكار الليبرالية والماركسية وغيرهما، مشدداً على انه «كان ضد التحجر والتخلف وبنى نفسه بنياناً اسلامياً محمدياً خالصاً.
ولفت إلى ان الشهيد مطهري كان يركز على مبدأ العدالة في الاسلام وتصدى لنظريات الدين من غير الروحانية وكان يستفيد من نظرية اصلاح الدين بالدين، اضافة إلى انه اعتلى المنبر الحسيني واخذ يصحح الفكر الحسيني وكان فقيه عصره» مضيفاً انه «لم يستفد لنفسه شيئاً وكان حراً في تفكيره ويدعو للحرية في الفكر وكان عنده ايمان في دور الأمة في تقرير المصير» معتبراً ان من قتل الشهيد مطهري هو الجهل والتحجر والجمود، مشيراً إلى ان كتبه ترجمت للغات عدة ووصلت بقاعا واسعة من المعمورة».
إلى ذلك كتب الملحق الثقافي للسفارة الإيرانية محمد كياني كلمة حول ذكرى الشهيد مطهري، مشيراً إلى انه «ان الطريق الصواب في الإسلام المحمدي الأصيل مزيلاً صدأ الانحراف والضلال والالتقاط في افئدتهم». مضيفاً ان كتبه ونتاجاته وأقواله كانت العنصر السليم لحل الكثير من المشاكل والقضايا، ومشدداً على ان «العلامة الشهيد مطهري كان ابناً باراً وحقيقياً للإسلام المحمدي الأصيل الذي حرص على دم الشهداء في سبيل العدالة والحق ومنح المسلمين اسمى مدارج العزة والشرف والكرامة خصوصاً في الفكر والعلم الوحداني والرباني.