اجتماع في «عين العاصفة» لمجلس القضاء الأعلى بعد غد

لبنان: تداعيات إطلاق الضباط الأربعة تحوّلت «كرة ثلج»

1 يناير 1970 09:03 م
|بيروت - «الراي»|
تحوّلت تداعيات إطلاق الجنرالات الأربعة بقرار من المحكمة الدولية، بعد توقيفهم لـ 44 شهراً في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، «كرة ثلج» آخذة بالتدحرج في اكثر من اتجاه، وسط تقديرات تؤشر الى ان هذا الملف مرشح لمزيد من التفاعلات على المستويين السياسي والقضائي في ضوء اعلان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله «اننا لن نقبل بعد اليوم بأي قرار يصدر عن المحكمة الدولية قبل ان نبحث وندقق في القرينة والدليل» من جهة واستمرار الهجوم المركز على القضاء اللبناني والمطالبة بإقالة القضاة المعنيين بملف الحريري ومحاسبتهم من جهة اخرى.
وعشية اجتماع مجلس القضاء الاعلى بعد غد، للبحث في هجوم المعارضة على السلطة القضائية، كان هذا الملف محور لقاءات الرئيس ميشال سليمان العائد من زيارة لبريطانيا والذي اجتمع برئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير العدل ابرهيم نجار. وقال السنيورة: «تشاورنا في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت وكيف تم التوافق داخلها على الخروج بموقف موحد نعتقد انه يؤكد على استقلال القضاء اللبناني ودوره في معالجة كل اموره، لان هناك فصلا بين السلطات. ونحن حريصون على هذا الفصل وألاّ يصار الى تعدي سلطة على اخرى».
وهل إطلاق الضباط الاربعة سيمهد الى التوافق على مذكرة التفاهم بين مكتب المدعي العام والحكومة اللبنانية أم ستبقى معرقلة؟ أجاب: «أعتقد ان مذكرة التفاهم تم التفاهم عليها وانتهت منذ زمن، وذلك في جلسة لمجلس الوزراء التي تكلم فيها فخامة الرئيس، وقال ان هذا الموضوع يتولاه وزير العدل وبالتالي أخذ هذا في الاعتبار في الجلسة ودُوّن في محضرها، وبالتالي هذا الموضوع انتهى، وهذا الموضوع أصبح بيد وزير العدل».
ورداً على سؤال آخر، اكد «ان القضاء ليس في موقع المتهَم»، وقال: «القضاء هو الجدير ببت الامور، وينظر في الامور من جوانبها كافة. نحن لا نضع القضاء في موضع الاتهام على الاطلاق ونحن حريصون على هذه السلطة وعلى استقلالها في شكل كامل وان لا نتدخل في هذا الامر، وانا لمست هذا العمل على مدى كل السنوات الاربعة الماضية، ونحن حريصون على سمعة القضاء وهيبته وحياديته ولا نتدخل، هذا امر بالنسبة لنا، كما ذكرت في مجلس الوزراء، حائط من نار حتى لا يكون على الاطلاق اي تدخل من جهة على جهة اخرى».
وعما يقال من ان إطلاق الضباط الاربعة سيؤثر على مسار ونتائج الانتخابات، أجاب: «هذا الامر يجب ألاّ يسيَّس او يوظَّف لمصلحةٍ هنا او هناك».
اما لقاء سليمان مع نجار، فتمحور «حول موضوع اطلاق الضباط وما رافقه من تهجم وتشهير من البعض على القضاء اللبناني». وأطلع الوزير، الرئيس على جدول اعمال اجتماع مجلس القضاء الاعلى الثلاثاء، كما على موضوع اعتقال السلطات التركية، حسين جعفر المتهم بالاعتداء على دورية للجيش اللبناني في رياق في 13 ابريل الماضي وقتل اربعة عسكريين.
وفي وقت لم يصدر أي موقف من «14 مارس» على توصيف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ما جرى في شأن الضباط الاربعة وتالياً موقفه من المحكمة الدولية، رأت أوساط مراقبة في الاكثرية ان اعلان نصر الله الصريح عن عدم القبول بأي قرار من المحكمة الخاصة بلبنان من الآن وصاعداً يتعارض مع التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية وقراراتها «الملزمة»، ويؤشر تالياً الى «مشروع ازمة» داخلية جديد، رغم اللهجة الهادئة التي استخدمها الأمين العام لـ «حزب الله».
وكان نصر الله اعلن ليل اول من امس، ان قرار قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان «لا يعني حكما ان المحكمة نزيهة»، معتبراً ان اطلاق الضباط الاربعة بعد نحو أربع سنوات «دليل على ان مسار لجنة التحقيق الدولية خاطئ ومسيّس وان احتجازهم كان سياسيا».
ورأى «أن قاضي الاجراءات التمهيدية لم يكن يملك خياراً سوى اطلاق الضباط بعدما تخطى حجم الفضيحة التي تسببت بها لجنة التحقيق الدولية القدرة على تغطيتها»، وقال: «لن نقبل بعد اليوم بما قبِلنا به في الايام الاولى لاعتقال الضباط . يُتهم الناس ويُعتقلون ونبقى كلنا جالسين ننظر وممنوع على أحد أن يفتح فمه لأنه سيُتهم بتعطيل التحقيق وبتغطية القتلة وما شاكل. هذا أمر لا يستطيع أحد أن يتساهل فيه بعد الظلم الكبير الذي لحق بالضباط والمعتقلين وبنفس قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولكن لن نقبل بعد اليوم بأي قرار عن المحكمة الدولية وإنما نريد أن نبحث وندقق في القرينة والدليل قبل أن نقبل»، لافتًا الى «أن قرار فرانسن أنهى مرحلة سوداء، ونحن اليوم أمام مرحلة جديدة، لا نريد الحكم عليها مسبقًا، وعلى قضاة المحكمة منذ الان أن يثبتوا أنهم حياديون وغير مسيّسين، وهم قادرون بأدائهم على ذلك».
واذ دعا الى «ان نضع الادانة السياسية والاتهام السياسي جانباً»، شدد على «أهمية محاسبة شهود الزور ومن صنعهم وموّلهم كي لا نفتح الباب أمام شهود زور آخرين في المرحلة المقبلة»، لافتا الى «أن معلومات الحزب تؤكد أن آذان المحققين الدوليين لا تزال مفتوحة أمام مضللي التحقيق، وبعضهم يسكن حالياً في هولندا».
وطالب الاجهزة القضائية والأمنية اللبنانية بالعمل على كشف الحقيقة وليس الاكتفاء بعمل المحكمة الدولية «ولكن ضمن مقاربة جديدة تقضي بالانفتاح على كل الاحتمالات، ومن ضمنها ان تكون اسرائيل الجهة التي نفذت عملية اغتيال الحريري». وبرّر احتضان «حزب الله» لعملية تخلية سبيل الضباط الأربعة، معتبراً ان الاحتفاء بالافراج عنهم «كان واجباً لأن ظلماً كبيراً لحق بهم». وفي حين لفت ان نصر الله تجاهل في إطلالته الحديث عن القضاء اللبناني، إلا ان ما لم يقله على هذا الصعيد اعلنه مرشح «حزب الله» في قضاء صور نواف الموسوي الذي قال «اننا كنا بالامس امام حدث وطني كبير تمثل بإطلاق الاسرى المعتقلين في سجون التحقيق الدولي والقضاء اللبناني غير المستقل الخاضع للسلطة السياسية الانقلابية»، معتبراً ان «استقالة القضاة المتورطين ليس كافيا بل المطلوب محاسبتهم». وفي اول إطلالة له في حديث «سين جيم» تلفزيوني، اتهم المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد مدعي عام التمييز سعيد ميرزا بـ «تسييس القضاء اللبناني وتشويه صدقيته».
وقال السيد لتلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله»: «وضعوا الفكرة (الاتهام)، وقالوا للقضاء هؤلاء هم المتهَمون، وارسلوا للقضاة زهير الصديق وهسام هسام وتم تسويقهم من القضاء». واذ وصف «عملية تقبل الشهود من لجنة المحقق ديتليف ميليس» بانها «غير مسؤولة»، تساءل «عن مسؤولية القاضي ميرزا والضباط والاعلاميين والسياسيين والذين يعرفهم الشيخ سعد الحريري والرأي العام اللبناني والذين ارسلوا هؤلاء «المساطر» الى التحقيق». وطالب باستقالة القضاة «الذين تسببوا بتوقيفي مع الضباط، لأن المحكمة الدولية ادانتهم من خلال اخلاء السبيل، أو أن يعمد سعد الحريري إلى الطلب منهم أن يستقيلوا، أو سأقاضيهم أمام المحاكم كما فعلت مع ديتليف ميليس». اضاف: « في مراحل التحقيق الاولى، قال لي محقق اجنبي انه في الضاحية الجنوبية، وفي حي معوض وفي بناية في الطابق الثالث اجتمعتم انت و(العميدان) مصطفى حمدان وريمون عازار و(اللواء) علي الحاج ومعكم اصف شوكت وسمى عشرة ضباط سوريين، فأجبته (هازئاً): نعم اجتمعنا ولكنك نسيت الرئيس (بشار) الاسد والرئيس (اميل) لحود».
في المقابل، رأى النائب مصطفى علوش، في خطاب الامين العام «انتقائية واضحة ومريبة».
وأوضح في أن «المفارقة في كلام السيد نصر الله اعتبار المحكمة سخيفة بغض النظر عن النتائج، ومطالبته باتهام اسرائيل او مجموعات أخرى، فهل اذا جاء الاتهام بما يتناسب معه تصبح العدالة مطلقة؟». وشدد على «ان خطاب نصر الله يشكل تراجعاً عن التصريحات التي ادلى بها كل من يحيط به بعد اخلاء سبيل الضباط ويؤكد ان هناك احساساً لديهم ان ذنباً ما سيوجَّه الى الفريق الذي يمثلونه».
واعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «ان قرار تخلية الضباط الأربعة يؤكد استقلالية المحكمة الدولية ومهنيتها وبأنها تعمل بعيدة عن أي تدخل سياسي، مما يقتضي وضع حد لكل محاولات التشكيك فيها وتشويهها وتعطيلها»، محذراً من «مغبة الاستغلال السياسي والانتخابي لتخلية الضباط لان هذا الأمر يُدخل البلاد في أجواء من التشنج السياسي»، ومستنكراً «الحملة المشبوهة التي تستهدف القضاء اللبناني ورجالاته».
وعلى خط آخر، شدد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على «خوض الانتخابات النيابية المقبلة بهدوء وبروح ديموقراطية عالية»، داعياً اهالي قضاء عاليه الى «التصويت للائحة 14 مارس (غير المكتملة) كاملة، اضافة الى الوزير طلال ارسلان».