د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / تطاحن وتناطح... في ساحات الحرية!

1 يناير 1970 03:39 م
يدعي الكثيرون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة التي لا تقبل النقد، بل تجدهم يدافعون عنها، ويستميتون في الجدال عنها، وإذا سألتهم عن الدليل والبرهان؛ أخذوا ينفضون أيديهم ويعقدون حواجبهم، لأنهم طولبوا بشيء يصعب عليهم الحصول عليه!
الردح السياسي الذي نقرؤه في الصحافة هذه الأيام؛ وفي منتديات الإنترنت، دونما ضمير حي، ودونما رادع ذاتي، يجعل الحليم حيراناً! نعم نريد المزيد من الحريات... نريد المزيد من الديموقراطية... نريد المزيد والمزيد من كشف الحقيقة المرة أحياناً، ولكننا نرفض أن تتحول ميادين الحرية إلى ساحات حروب وتطاحن؛ يتناطح فيها الجميع، ومن يملك «قرناً» أكبر فهو الغالب بلا شك!
جميل أن تنتشر ثقافة النقد، ومصطلح الحوار؛ والرأي والرأي الآخر، وهذا مما يأمر به ديننا الحنيف، فليس فينا خير إن لم نقل ما نعتقده صواباً، وليست فينا ذرة من الوطنية أو الإحساس بالمسؤولية إن سكتنا عن الخطأ.
والمشكلة - في ظني - لا تكمن في الحرية التي نتمتع فيها في الكويت، بل هي أمر نفتخر فيه أمام الآخرين، بل تكمن في ثقافة النقد المغروسة في غيابات ومكنون النفوس، لقد تعلمنا أن نوجه سهامنا «المنقوعة» بالسم الزعاف تجاه الآخرين دونما الاتكاء على الدليل، فتكرار الاتهام عند البعض يؤكده بلا شك! وتداوله في الإنترنت أصبح المرجع الذي لا يقبل النقاش! و«مانشيتات» الصحف أصبحت الحجة التي ما بعدها حجة! ونسينا أو تناسينا قوله سبحانه: «يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على فعلتم نادمين»!
بعضنا تتحول ظنونه إلى حقائق، بمجرد أنه نطق بها، ويرى أن العيب في التراجع عما قاله، وبعضنا يظن واهماً أن رأيه حقيقة مطلقة الزمان والمكان لا تقبل الجدل، ولو جئته بمليون دليل على عكس ما يظن «وإن بعض الظن إثم».
الطامة الكبرى أن ثقافة الرأي الآخر لدى البعض ليس فيها مصطلح ذكر المحاسن والإيجابيات، بل النقد والتجريح ولا شيء سواهما! ولنا عودة إن كتب الله لنا البقاء مع هؤلاء...
في الأفق:
يقول الشاعر:
ما قيمة الإنسان معتقدا
إن لم يقل للناس ما اعتقدا
ماذا يفيد الصوت مرتفعا
إن لم يكن للصوت ثم صدى


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]