د. إبراهيم الهدبان / ما قصة ساركوزي؟

1 يناير 1970 06:25 ص

«على الفلسطينيين أن يوطنوا في دولة فلسطينية وليس في إسرائيل، وليس معقولاً أن يطالب الفلسطينيون بدولة مستقلة لهم وبحق إعادة اللاجئين إلى دولة إسرائيل التي يوجد فيها مليون عربي»، هذا الحديث للرئيس الفرنسي الإسرائيلي نيكولا ساركوزي، أو لعل علينا أن نقول الرئيس الإسرائيلي - الفرنسي ساركوزي فكلاهما صحيح. وأوردت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية هذا التصريح لساركوزي عند لقائه  الثلاثاء الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في قصر الإليزيه في باريس.

ساركوزي الذي كان قد صرح في نهاية شهر أغسطس بأنه يرفض قيام «حماسستان» في غزة يكشف يوماً بعد يوم عن ولائه وخضوعه لإسرائيل، ويرسل رسالة واضحة أن فرنسا لم تعد وسيطاً محايداً بين العرب أو الفلسطينيين من جهة والصهاينة من جهة أخرى، لأنه كشف مراراً وتكراراً عن ولائه لبني جلدته من اليهود الصهاينة المغتصبين.

كيف ينكر الرئيس الفرنسي على من طرد من بيته وبلدته حق العودة إليهما؟ وكيف يجمع بين إعطاء قطعة من الأرض من دون سيادة للفلسطينيين ليقيموا دويلة عليها لا تملك حتى الحق في جبي الضرائب، أو في تقرير من يدخل إليها ومن يخرج، أو في تشغيل الوحدات المولدة للتيار الكهربائي فيها، وبين «الحق» المشروع لمن سلبت أرضه في استرجاعها؟ كيف تنكر ساركوزي لمبادئ الثورة الفرنسية التي تطالب بالحرية والمساواة؟ فهل الشعب الفلسطيني حر في قطعة الأرض التي يعيش عليها والتي تتضاءل يومياً على يد المستوطنين؟ وهل يعيش الشعب الفلسطيني، وحتى العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وضع المساواة مع اليهود الإسرائيليين؟

إن الانحياز إلى اليهود الذي يظهره ساركوزي ينزع عنه صفة المحايد خصوصاً في ما يتعلق بقضايا العرب والمسلمين، ويجعل فرنسا بأكملها في الخندق الإسرائيلي الذي لا يعول عليه في قضايا الشرق الأوسط. لقد كان الأولى بالرئيس الفرنسي ساركوزي السير على خطى سلفه الرئيس جاك شيراك الذي كان ينظر إليه على أنه صديق للدول العربية، مع أنه لم يكن فعلياً قادراً على تغيير شيء، لأن أوراق اللعبة في الشرق الأوسط كانت دوماً بيد الولايات المتحدة، إلا أن العرب اعتبروه صديقاً يمكن الاعتماد عليه عند التفاوض مع الإسرائيليين أو مع الأميركيين، مما كان دافعاً لهم للذهاب إلى المفاوضات مهما كانت عقيمة. إلا أن الوضع الحالي وانضمام فرنسا برئاسة ساركوزي سوف يشجع المتشددين في العالم العربي ويدفعهم إلى تصعيد حدة المواجهة ورفض أي اقتراح أو موقف فرنسي بسبب انكشاف هذا الموقف لصالح الصهاينة.

على ساركوزي أن يظهر ضبط النفس والحياد في تعامله مع العرب والإسرائيليين ولو ظاهرياً، وذلك كي يعيد إلى فرنسا دورها في المجتمع الدولي في ما يتعلق بالقضايا المهمة، كالملف الفلسطيني والعراقي والإيراني وغيرها من الملفات.


د. إبراهيم الهدبان


أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

[email protected]