تقرير / مبعوث «الرباعية» مشغول بالدفاع عن مثليي الجنس

بلير يتهم البابا بأنه بعيد عن نبض الجمهور

1 يناير 1970 04:42 ص
|لندن - من إلياس نصرالله|
أثار مبعوث اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، ضجة واسعة أمس، بمهاجمته البابا بنديكت السادس عشر، واتهامه بأنه بعيد عن نبض الجمهور، وكشف عن أنه دافع عن مثليي الجنس أمام البابا خلال لقائه به في الفاتيكان، وقال انه «هاجم التوجهات المعادية لمثليي الجنس التي تحصن البابا خلفها، وأبلغه أن الوقت حان لتغيير آرائه حول الموضوع»، مما أوحى بأن بلير لم ولن يترجل عن حلبة النشاط السياسي وهو معني بفتح جبهة واسعة مع الأوساط التقليدية والمحافظة في المجتمع الأوروبي والعالم أجمع وحضها على التغيير.
وكان بلير أثار اهتماماً كبيراً لدى الرأي العام البريطاني والعالمي على حدٍ سواء، بتحوله عن مذهب آبائه وأجداده البروتستانتي واعتناقه المذهب الكاثوليكي حالاً بعد تنحيه عن رئاسة الوزراء قبل عامين تقريباً. وذهب الكثير من المحللين إلى تفسير هذه الخطوة كل بطريقته الخاصة، فهناك من قال انه فعل ذلك بتأثير من زوجته شيري التي تتحدر بالأصل من عائلة كاثوليكية وأن الخطوة تثبت مدى سيطرة الزوجة على زوجها وانصياعه لرغباته، فيما رأى البعض أن بلير، الذي يطمح إلى رئاسة الاتحاد الأوروبي، وجد أن اعتناقه الكاثوليكية يقرّبه من هذا المنصب لأنه سيجلب له تعاطفاً من جانب الغالبية الكاثوليكية لدى الشعوب الأوروبية التي تحتفظ بلدانها بعضوية الاتحاد.
لكن كشف بلير ذاته أمس في مقابلة أجرتها معه مجلة «أتيتيود» الناطقة بلسان حركة مثليي الجنس في بريطانيا، أنه حمل لواء مثليي الجنس إلى عقر دار أعرق مؤسسة محافظة في العالم، أي الفاتيكان، ينسف كل تلك الأقوال ويكشف أن الرجل يعمل من منطلقات أعمق وأكثر شمولاً. فمن غير المعقول أن يكون شخص مثل بلير طامعاً بكسب ود الكنيسة الكاثوليكية أتباعها ثم يقوم بتحديها في مسألة من أعقد المسائل المطروحة على بساط البحث في المجتمعات الغربية والتي من شأن مجرد ذكرها فقط أن يثير اشمئزاز وغضب الكاثوليكيين المحافظين.
ولا مجال لتأويل أقوال بلير وأهدافه في هذه المسألة، فالرجل مصمم على خوض معركة شرسة مع الكنيسة الكاثوليكية شبيهة إلى حدٍ ما بالمعركة التي خاضها حول الموضوع ذاته أيام رئاسته لمجلس الوزراء في بريطانيا مع الكنيسة الأنغليكانية البروتستانتية التي انتمى إليها.
يشار إلى أن حكومة بلير ضمّت عدداً من مثليي الجنس المجاهرين بميولهم، لدرجة دفعت رئيس زيمبابوي روبرت موغابي للقول في لحظة غضب انها حكومة مثليي الجنس. وكان أبرز الوزراء مثليي الجنس في حكومة بلير ولا يزال حتى اليوم، اللورد بيتر ماندلسون، وزير التجارة حالياً، ودافع بلير ذاته ووزراؤه عن مثليي الجنس في المحافل السياسية والدينية وساهموا في خلق جدل داخل الكنيسة الأنغليكانية التي يرأسها تقليدياً ملك بريطانيا وكبير الأساقفة أسقف كانتربوري، فيما يُعتقد أن بلير ووزراءه لعبوا دوراً رئيسياً في وصول روان ويليامز إلى منصب كبير الأساقفة، نظراً لتسامحه في مسألة مثليي الجنس التي أحدثت شرخاً خطيراً بين الكنائس الأنغليكانية في العالم.
وقال بلير في مقابلة مع «أتيتيود»، انه يعمل على حض الشخصيات الدينية أينما ذهب على إعادة تفسير كتبهم الدينية والبحث فيها عن المعاني المخفية وإعطائها تفسيرات «مجازية لا حرفية»، مؤكداً أن من شأن مثل هذه النظرة الجديدة إلى الكتب السماوية أن «تجعل التجمعات الدينية مستعدة لتقبل مثليي الجنس والتعامل معهم كند للند». وجاءت أقواله بعد أيام فقط على الضجة التي أثارها البابا حول رفضه ليس فقط لمثليي الجنس، بل لمجرد فكرة استعمال الأكياس الواقية في العلاقات الزوجية، ووصف مثليي الجنس بأنهم «منحرفون وذوو نوازع شريرة داخلية غير أخلاقية».
ودعا بلير، المؤسسة الدينية الكاثوليكية إلى إجراء «ثورة في التفكير» لديها، وقال: «هناك أشياء عظيمة كثيرة في الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب أمور كثيرة مثيرة ينادي بها البابا الحالي، لكنني أعتقد أن المهم في الأمر أنك إذا دخلت إلى أي كنيسة كاثوليكية، خصوصا من الكنائس التي يرتادها أناس كثيرون، في أحد أيام الأحد واستفتيت آراء المصلين، ستفاجأ كم هي ليبرالية أراؤهم». وقال ان هذه الليبرالية لدى جمهور أتباع الكنيسة الكاثوليكية لا تنعكس في التوجهات القديمة التي يتمترس خلفها، قادة الكنيسة الكاثوليكية. واضاف أن لا مجال أمام أي حركة أو حزب سياسي سوى الوقوف إلى جانب العدالة في المجتمع واحترام الناس. وتابع: «ينسى الناس دائماً، على سبيل المثال، أن المسيح والنبي محمد، كانت دوافعهما قائمة على الرغبة في تغيير الطريقة التي كان الناس يفكرون بها تقليدياً».
وكان بلير أعلن عقب تنحيه عن رئاسة الوزراء عن تأسيس «مؤسسة بلير للإيمان» التي تُعنى بالقضايا الدينية والتقريب بين أتباع الديانات المختلفة والتخفيف من حدة الصراعات الدينية في العالم. ويبدو أن لدى بلير الذي تعرّض لانتقادات شديدة بسبب تقصيره في أداء دوره كمبعوث للجنة الرباعية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، إلى الشرق الأوسط، مشروعاً أكبر من تحقيق الوفاق بين العرب والإسرائيليين في الشرق الأوسط يهدف إلى إحداث تغييرات جذرية عميقة في عمق تفكير المجتمع الدولي.