د. مبارك الذروة / نريد ممثلاً عن الأمة لا عليها؟

1 يناير 1970 11:23 م
يتساءل الشارع العام عن تزايد المقبلين على الترشيح للمجلس المقبل، وكل يقول أنا بن جلا طلاع الثنايا... متى أضع العمامة تعرفوني. وتتفاوت آراء المتابعين لهذا الشأن بين محبط من ابتعاد كفاءات وطنية مخلصة وعزوفها عن خوض الانتخابات المقبلة، إلى آخرين كفروا بالعمل السياسي، إلى غلو نواب في مراقبة تخبط الأداء الحكومي، إلى مغالٍ في رفض الديموقراطية أصلاً وحرية العمل السياسي، في وطن أرهقته الصراعات الدامية بين أطياف السياسة وشخصنة الخلافات بشكل ملحوظ. ومع ذلك فقد قابل العقل العام للأمة نتائج العمل النيابي بردود أفعال متعجلة أكثر من كونها مبنية على فكر أو سلوك مدروس.
تلك التراكمات التي نشطت في ذهن المواطن طوال أعوام الصراع بين السلطتين أوجدت بالتأكيد عند البعض رفضاً ضمنياً لشكل العلاقة بينهما، من ناحية، وشجعت أصحاب الأغراض والأهواء أن يسلخوا جلد المكتسب الدستوري ليتعرى أمام الجمهور استعداداً لنهشه وتقطيع أوصاله. أعوام عدة مرة هي في تاريخ العمل البرلماني كضربة فأس بيد فلاح يحفر قبر أمة لا تعي التجارب ولا تقرأ التاريخ.
ويتجلى السؤال بإلحاح في هذه المرحلة بالذات: لماذا هذا التسابق على كرسي البرلمان؟ وهل هناك من جديد؟
يرى المواطن البسيط أن البرلمان الكويتي تجارة مربحة، فأنت بمجرد إعلان اسمك لخوض الانتخابات ترى المساعدات المالية من قريب وبعيد تنهال إلى جيبك الفاضي لتسد بها ديون حملتك وما سبقها وتوفر ما يمكن توفيره. كما أنك قد تصبح من المشاهير، خصوصاً إذا كنت ممن يعانون من عقدة النقص وانخفاض التقدير الذاتي.
لكن هناك صنفاً آخر من المرشحين يبحث عن النجاح للوصول إلى مملكة الثراء وكنوز الذهب والفضة. هؤلاء هم الذين يمارسون الدفع والبذخ للمتردية والنطيحة من مرتشي وفاقدي الذمم والضمير. إنهم يساهمون بنشر الفساد القيمي والأخلاقي كنشر الإشاعة ضد المنافسين وقطع حبال المواطنة الحقة بين الناس، ناهيك عن شراء الأصوات واستخدام مفاتيح الشر الانتخابي وضرب الخصوم والافتراء على عباد الله ظلماً وعدواناً «والله لا يحب المعتدين».
هؤلاء الغاية عندهم تبرر الوسيلة يتسمون بالكذب والتدليس وإظهار الصلاح والطهر، أولئك هم شر البرية فاحذروهم.
كيف يتقلد أولئك شرف الأمة ويصبحون نواباً لنا؟ كيف يشرعون ويراقبون ويقومون بواجباتهم على أكمل وجه؟ كيف يؤدون أعمالهم بالصدق والأمانة؟ كيف يتم ذلك كله، وهم الذين وصلوا إلى مجلس الأمة عن طريق الرشاوى والكذب والنفاق الاجتماعي ومخالفة القوانين وأخلاقيات المهنة؟
إنها مرحلة حرجة في تاريخ الكويت نتمنى أن نرى وجوهاً صادقة تسن لنا طريقاً تقدم فيه لغة المجموع على الفرد وتعمل للكويت قبل القبيلة والعائلة وتخشى الله وليس الناس.
تحتاج الفرصة الأخيرة، كما فهمتها من خطاب صاحب السمو، إلى مراجعة لأدبيات العمل البرلماني والتفقه فيه ومعرفة مكتسبات الأمة وواجباتها والنظر إلى عواقب الأمور ومآلات الأشياء. كما يحتاج نواب التكتلات الإسلامية إلى معرفة فقه الأولويات وحساب الموازنات وسنن التدرج في الإنكار. كما يحتاج الآخرون إلى صيانة المال العام وعدم التهاون في شأنه بحجة الأزمة تفرض نفسها!
كلمة أخيرة إلى الناخب البصير ألا يكون كالببغاء يردد ما يدور قبل تمحيص الخبر والنظر بتفحص
قبل فوات الأوان. ولنتذكر حديث الرسول (عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم): «إذا وسدت الأمانة عند غير أهلها فانتظروا الساعة». ولكل أجل كتاب.


د. مبارك الذروة
أكاديمي وكاتب كويتي