راجح سعد البوص / حكمة اليوم / «نوري اكتمل»

1 يناير 1970 07:08 ص
وصلتني رسالة من مبرة «طريق الإيمان» تطلب مني المساهمة في إنجاح فعاليات حملتها «نوري اكتمل» الهادفة إلى تأصيل حب الحجاب في نفوس الفتيات.
الأخوة في مبرة «طريق الإيمان» أشكر لكم جهودكم في حفظ الكويت وأهلها من كل مكروه. أقول إن الدعوة إلى الفضيلة مطلب شرعي واجتماعي تتفق عليه الملل والنحل المحافظة كافة، ولا يخالف في ذلك إلا صاحب هوى، بل إن الحجاب سبب لانخفاض معدل الجرائم والاغتصاب الذي تتعرض إليه الفتيات الصغار من أصحاب النفوس الضعيفة، بل إنه حماية للصغيرة التي لم نعد نأمن عليها في مدارسنا من هؤلاء الوحوش من الحراس وعمال النظافة، خصوصاً في الأعوام الأخيرة التي أصبحت فيها الانتهاكات ظاهرة ووزارة التربية عاجزة، فلماذا لا نعلم بناتنا وأبناءنا كيف يحمون أنفسهم من الأشرار؟
عزيزي ولي الأمر يسرني في هذه المناسبة أن أسوق لك هذه الرواية لتقرأها على صغيرتك حماية لها ونصرة لإخواننا في مبرة «طريق الإيمان».
يقول الدكتور نبيل السعدون، عضو مجلس إدارة مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير): «أثار اهتمامي خبر الفتاة الصغيرة التي طردتها أكاديمية بن فرانكلين في مدينة ماسكوجي بولاية أوكلاهوما، في أوائل شهر أكتوبر الماضي، بسبب إصرارها على ارتدائها الحجاب خلال ساعات الدوام المدرسي، فقررت زيارتها في مدينتها مع أولادي خلال عطلة نهاية الأسبوع نيابة عن مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير).
وجدت أسرتها تقيم في بيت متواضع وفي حي فقير في المدينة حيث استقبلتنا الأسرة بالترحاب، وكان أكبر همي أن أرى تلك الفتاة الشجاعة التي هزت الأوساط التربوية والإعلامية في أميركا وتناقلت أخبارها وكالات الأنباء الأميركية والعالمية. سلمت أمة الله علينا، وهذا اسمها الإسلامي، وحيانا والدها وشكرنا على الزيارة لمؤازرته وأسرته، إذ يشعر بالوحدة بسبب خلو المدينة الصغيرة من المسلمين تقريباً، كما أن أمة الله هي الطالبة الوحيدة المسلمة في المدرسة. سألتها لماذا يريدون إجبارك على خلع الحجاب؟ فقالت ببساطة وبراءة الطفل: (لأنهم لا يريدون لديني الإسلامي أن يكون له وجود في المدرسة). ثم حدثني والدها فقال إن الأمر بدأ في 11 سبتمبر الماضي، إذ قالت معلمة أمة الله بأنها لا تستطيع أن تأتي إلى الأكاديمية مرتدية الحجاب، لأن قوانين المنطقة التعليمية تقضي بمنع غطاء الرأس من أي نوع خلال اليوم الدراسي، وأكد على ذلك مدير المدرسة، ثم تبنى الموقف أيضاً مدير المنطقة التعليمية».
ويضيف: «تحدثنا عن عدم منطقية هذا القرار لأن القوانين الأميركية تجيز حرية التعبير وحرية ممارسة الاعتقادات الدينية، كما هو مفروض، خصوصاً في ولاية أوكلاهوما لأنها واحدة من اثنتي عشرة ولاية تبنت قوانين إضافية محلية تؤكد على حرية ممارسة الاعتقادات الدينية والتعبير عنها. وكنت قد تحاورت مع إبراهيم هوبر، المدير الإعلامي لـ(كير)، إذ إننا نتابع تطورات هذه القضية فقال: (كنا في الماضي ننجح في حل مشكلة من هذا النوع بمجرد مكالمة هاتفية، أما بعد أحداث سبتمبر 2001 أصبح الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً)».
وعلى كل حال وبتوفيق الله وبعد حملة ضغط إعلامي وجماهيري دعت إليها «كير» وشارك فيها مئات المسلمين والعرب، وانضمت إليها مؤسسات حقوقية أميركية أخرى، تراجعت إدارة المنطقة التعليمية في منتصف شهر أكتوبر عن موقفها جزئياً وسمحت لأمة الله أن تعود إلى المدرسة مرتدية حجابها لحين إتمام الجهاز القانوني لدى المنطقة التعليمية في ماسكوجي مراجعة نظمها وقوانينها ومحاولة استيعاب حجاب أمة الله من دون مخالفة للقوانين المرعية لديهم. وفي حالة تراجع المنطقة التعليمية وتضييقها على أمة الله مرة أخرى فإن «كير» وربما مؤسسات حقوقية أميركية أخرى يدرسون إمكانية رفع دعوى قضائية ضد المنطقة التعليمية في ماسكوجي، وذلك للدفاع عن حق أمة الله وحقوق الملايين من المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب في المدارس الأميركية على مدى الأعوام والأجيال القادمة.
هذا الخبر أثار في نفسي مشاعر فياضة غامرة واحتراماً عظيماً لهذه الفتاة المسلمة الملهمة وأسرتها التي أرسلت من خلال موقفها رسائل عدة وفي اتجاهات عدة. أولها للمسلمين جميعاً أن المسلم الحق يثبت على مبدأه ويكون رائداً في رفع شعارات الإيمان والعفة، وهو يؤثر إيجابياً على الغير ولا يتأثر سلبياً بهم ولو كان وحيداً، وأن الثبات على المبدأ الصحيح يؤدي بعون الله إلى ترسيخ الحق في واقع الناس. ورسالة للشباب المسلم أن عليهم ألا ينجرفوا وراء المظاهر، وأن يتجنبوا التقليد الطائش والأعمى، وأن يلتزموا بجوهر طاهر ومظهر عفيف، كما أمر الدين الحنيف. وثالث هذه الرسائل للآباء والأمهات أن يكون هدفهم في الحياة أن ينشئوا من نسلهم جيلاً يكون أكبر همه إرضاء الله تعالى والفوز بالجنة لا الافتتان بمظاهر هذه الحياة وزينتها. ورسالة للمجتمع الأميركي تنبهه إلى مدى التراجع الذي وصل إليه في مجال الحريات الدينية، إلى حد ضيق بعض أفراده بحجاب فتاة صغيرة وحيدة عرفت كيف تتمسك بقوة وإيجابية بحقها حتى استعادته، ورسائل أخرى عدة يضيق المجال لذكرها.
حكمة اليوم
«ما أسهل أن تكون عاقلاً بعد فوات الأوان»، حكمة فرنسية.


راجح سعد البوص
كاتب كويتي
[email protected]