تقاتل الناشطات السياسيات، وخصوصاً المرشحة السابقة رئيسة مؤسسة «نحو أداء برلماني متميز» السيدة عائشة الرشيد، بشراسة لضمان دخول المرأة قاعة عبد الله السالم، وهو بالمناسبة حق مكفول لها ولغيرها. كل ما في الأمر أننا بصدد مناقشة قصة «الكوتا» النسائية التي تثيرها الناشطة وأخواتها. نريد أن نعرف هل «الكوتا» مقبولة سياسياً وفكرياً؟
الكوتا تعني ببساطة: إرغام المجتمع وبحكم القانون على قبول نسبة معينة لفئة من الناس (نساء في هذه الحالة) ليشتركوا وليمارسوا وظيفة التشريع والمراقبة.
لست في معرض تقييم الأداء السياسي لأي من الكويتيات، لأنها لا تختلف عن الرجل في شيء، ولكن ما تعنيه الكوتا هو نقيض لما تقوم عليه الأنظمة الديموقراطية. فمن يسعى للتوسع في الديموقراطية بالتأكيد سيعارض نظام «الكوتا» لأنه يعني تقييد الحرية السياسية للناس واستبداله، كما يبدو لي، بفرض سيادي يتصادم مع ما تريده الديموقراطية. لهذا إن كانت النساء تريد «الكوتا» حقاً فعليهن أن يتوقفن عن توجيه مطالباتهن إلى سمو الأمير حفظه الله، وبدلاً عن ذلك يشرّقن باتجاه مجلس الأمة طالما هو السلطة التشريعية في البلد ورأيه بالتالي رأي الأمة.
وإن أردتم المكاشفة، العمل بالكوتا يفتح الباب لاستفهامات جديدة وكثيرة قد نكون في غنىً عنها. فمثلاً ما هي النسبة المقبولة للكوتا؟ لا أتذكر أين سمعت أو رأيت عدد كرسيين أو ثلاثة تُخصص للنسوة كمُقترح لضمان الوصول إلى البرلمان، لكن ألا ترون أنه رقم صغير بالنظر لنسبة المرأة في المجتمع الكويتي! ثم ماذا عن باقي فئات المجتمع كالشيعة إلى السنة، والقبائل إلى الحضر، والفقراء إلى التجار، والمسيحيين إلى المسلمين، وهكذا دواليك؟ المُخيف في هذا المنحى أن ينتهي بنا المطاف إلى نظام شبيه بأنظمة المحاصصة الطائفية كالنظامين العراقي واللبناني؟!
ومن الممكن أن يقول السائل وما العمل مع من يقع عليه الظلم ويُحرم من العمل السياسي؟ ما سبق لا يعني البتة أن «الكوتا» لا تجوز دوماً، لأنها خيار عندما تشعر الأقليات أنها مُضطهدة ومهمشة ومُستضعفة في القرار السياسي. المرأة في حالتنا ليست كذلك ولم تعد تعاني مرارة الحرمان السياسي لسببين: أولاً لأنها وبعد إقرار حقها السياسي أُجيز لها التنافس جنباً إلى جنب الرجل، وثانياً لأنها أغلبية في المجتمع.
لسنا ضد دخول المرأة للبرلمان ولكن هل سألنا أنفسنا ما ضرورة وصولها من عدمه؟! فالمعيار السياسي الحقيقي يكمن في الكفاءة السياسية بغض النظر عما إن كانت الشخصية أنثى أو ذكر. الفيلسوف السياسي جون رول John Rawl له رأي مهم في هذا المضمار يعرضه في كتابه الشهير «A Theory of Justice» وفيه يستبعد تحقيق العدالة الاجتماعية إلا بعد أن ينسى جميع أفراد المجتمع كل السمات التي يمتازون بها كالجنس والمال والعائلة. ووفق نصيحة رول على المرأة الكويتية أن تنسى أنها أنثى إن ما أرادت الدخول إلى العمل البرلماني.
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]