«علي الجارم... فصل الخطاب»... شاعر كبير وابن وفيّ
1 يناير 1970
11:22 م
| القاهرة - من أغاريد مصطفى |
«علي الجارم... فصل الخطاب» عنوان الكتاب الجديد الذي صدر عن الدار المصرية - اللبنانية في مصر... من تأليف الدكتور أحمد علي الجارم.
الكتاب يقع في 320 صفحة من القطع المتوسط... وهو امتداد لجهود الدكتور أحمد الجارم في جمع تراث والده الشاعر علي الجارم، الذي يعد ثالث ثلاثة في الشعر المصري الحديث: أحمد شوقي، وحافظ ابراهيم، ثم علي الجارم الذي لقب بشاعر العروبة والاسلام، ونظرا للأهمية الكبرى التي يمثلها الجارم في الثقافة المصرية في القرن العشرين، ولما قوبل به من تعتيم فرضته ظروف خارجة عن السياق الأدبي والفني.
شرع الدكتور أحمد الجارم... في جمع تراث والده، فأخرج الى النور «ديوان الجارم» وكتاب «جارميات» الذي يحوي مقالاته وأبحاثه اللغوية والأدبية، وكتاب «سلاسل الذهب» الذي يجمع فيه جميع القصص التاريخية التي كتبها المرحوم علي الجارم، وكان رائدا للقصة التاريخية في عصره، كما قام بجمع غالبية الأبحاث والمقالات عنه شاعرا وأديبا ولغويا في كتابين مهمين هما: «الجارم في ضمير التاريخ»، و«الجارم في عيون الأدباء».
كما قام الدكتور أحمد... بتأليف كتاب عن والده بعنوان «الجارم ناثرا»، وها هو في كتابه الجديد «علي الجارم... فصل الخطاب» يضع أيدينا على اسهامات علي الجارم، وحياته الحافلة بالعطاء... فقسمه الى 4 أقسام كبيرة، هي على التوالي: علي الجارم شاعر مصر الكبير وشاعر العروبة من المهد الى اللحد، ومؤامرة الصمت والتعتيم على شاعر العروبة علي الجارم... ثم الحاقدون على الجارم في حياته... وأخيرا مظاهر التكريم للشاعر الكبير علي الجارم.
كتب مقدمة الكتاب الدكتور الطاهر أحمد مكي، الذي يصف الجارم بأنه كان رأس شعراء العربية في عصره دون نزاع، التقت عنده جميع الامكانات التي تجعل منه شاعرا فردا، يملك الموهبة الخلاقة المبدعة، وهي هبة من الله لا تشترى ولا تستعار ولا تكتسب، وتمثل تراثنا الأدبي بعمق في أدق تفاصيله وأجمل روائعه، شعرا ونثرا تاريخيا ولغة.
هذه المكانة التي بلغها علي الجارم في ثقافتنا كانت سببا في أن يواجه حربا شرسة من حاقدين أثناء حياته، وحتى بعد مماته، فظل تراثه مطمورا، لا يجد من يخرجه الى الوجود حتى حمل عبء المهمة بنفسه ابنه الطبيب الذائع الصيت أحمد علي الجارم، الذي ختم بهذا الكتاب تراث والده كاملا، وقليل من الأدباء والكتاب من يرزقه الله بابن كأحمد الجارم لا يسكت على تراث والده، فسخر وقته وجهده لانجاز هذه المهمة، التي لا تستطيعها المؤسسات الكبرى وقام هو بها منفردا. جدير بالذكر... أن عباس محمود العقاد، كان من المعجبين بعلي الجارم شاعرا وناثرا، فكتب عنه: انه ركن من أركان مدرسة شعرية تستحق الآن أن تعرف بملامحها، وأن تستقل بعنوانها، فلا تلتبس بمدرسة أخرى، تنسب الى عَلَم من أعلام الشعر المخضرمين بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين، انها مدرسة يجوز لنا أن نسميها بمدرسة دار العلوم، ونعجب لأنها تتميز بهذه الميزة الواضحة، وهي أدل عليها من كل جامعة أخرى تفرقها ولا تقارب بين أوصالها، فلها ملامح أسرة فكرية نفسية خلقتها طبيعة الدراسة التي انفردت بها دار العلوم. ولا يظن ظانّ، كون علي الجارم «درعميا» بأنه سلفي تقليدي، بل انه بعد عودته من بعثة الى انكلترا، جمع بين الثقافتين العربية الأصيلة، والغربية الحديثة، وكان واعيا بمتطلبات التقدم، وأنه ينهض على دعامتين: ألا تدير ظهرك لتراثك وتاريخك، وألا تغمض عينيك عن واقعك وما حولك.