ماذا أراد الناخب؟

1 يناير 1970 02:13 م
مرت حتى الآن أسابيع ستة منذ يوم الانتخابات العامة للكنيست. منذئذ - وغالب الظن إلى أن تقوم الحكومة الجديدة في القدس - نسمع المرة تلو الأخرى السياسيين يحاولون أن يشرحوا لنا ما الذي أراده الناخب. ولكل واحد منهم لديه تفسيراته التي تأتي لخدمة مصالحه السياسية.
أسمح لنفسي أن أعطي جواباً قاطعاً على هذا السؤال ويخيّل لي أن الجواب واضح تماماً وغير قابل للتفسيرات، فبطاقة التصويت في صندوق الاقتراع هي ما أراده الناخب.
شخصياً، بعد ترددات، صوت لـ «حزب العمل». أردت أن يكون هذا الحزب قوياً قدر الإمكان. ورغبت في أن ينجح العمل على الأقل في الحفاظ على مقاعده الـ 19 التي كانت له في الكنيست المنصرفة. لم أفكر عند التصويت بعملية التشكيل الائتلافي الذي سيكون غداة الانتخابات.
أسمح لنفسي بان أفترض بأن هكذا أيضاً فكّر عموم الجمهور، فكل واحد أراد أن تحظى القائمة التي صوت لها بأكبر عدد ممكن من المقاعد.
في هذه الأثناء تمكنا من نسيان ما قاله لنا السياسيون على مدى أكثر من أسبوع - بين يوم الانتخابات وحتى اليوم الذي كلف فيه رئيس الدولة مهمة تشكيل الحكومة إلى بنيامين نتنياهو - في حينه كان الصراع يدور على من سيكون الشخص الذي «يشكل الحكومة».
تسيبي ليفني و«كاديما» طالبا بالصدارة لنفسيهما، إذ إن الناخب قرر بأن «كاديما» هي القائمة الأكبر في الكنيست، مع 28 مقعداً، مقابل 27 مقعداً لـ «الليكود». ومقابلهما ادعى رجال «الليكود» بأن ما يقرر في هذا الشأن ليس «القائمة»، بل «المعسكر»، وقد أعطى الناخب غالبية واضحة لكتلة اليمين، 55 مقعداً، مقابل 44 لكتلة اليسار (من دون النواب العرب). وفي الحساب الرياضي ذاته كان يمكن أيضاً تشكيل معسكر الوسط، معسكر الوحدة الوطنية، والذي يضم ما لا يقل عن 68 مقعداً (كاديما، الليكود وميرتس).
وفي هذه الأثناء وانطلاقاً من الرغبة في ضمان تأييد القوائم في المشاورات التي ستكون مع الرئيس، جرت ارتباطات وبنيامين نتنياهو أعطى تعهدات في الإطار الائتلافي «الضيق» الذي سيقيمه المعسكر الوطني.
هذه الخطوة توجت بالنجاح وبالفعل كلفه الرئيس شمعون بيريز هو بمهمة تشكيل الحكومة، رغم أن حزبه لم يكن الحزب الأكبر.
وعندما بدأت مرحلة جديدة. مرة أخرى لم يعودوا يتحدثون عن الناخب الذي أراد المعسكر الوطني، بل عن الناخب الذي يريد حكومة وحدة وطنية تضم «كاديما»، «الليكود» و«العمل».
ولكن إذا كنا نعني بحكومة وحدة وطنية، وليس بالمعسكر الوطني، فعندها نعود إلى المسألة السابقة: من يكون الحزب المتصدر في حكومة الوحدة هذه؟ المنطق البسيط يشير بالذات إلى «كاديما» إذ إنه هو الحزب الأكبر...
نعود إلى «العمل»: ما الذي قاله الناخب لهذا الحزب؟ الرسالة المهمة والأساس لم يقلها من صوت لهذا الحزب، بل ثلث ناخبي الحزب الذين كانوا له قبل أعوام ثلاثة وهجروه، ملوه، وفضلوا الرعي في حقول غريبة، هذه أو تلك، وتركوا إيهود باراك مع 13 مقعداً. للأسف الشديد، هذا كان قول الناخب لقيادة «العمل».
وأخيراً، أخشى - خيراً كان أم شراً - أن في ختام بضعة أيام أخرى من المساومات ستقوم لنا حكومة، ولن تكون هناك أي صلة بين إرادة الناخب وبين الائتلاف الذي سيتشكل.
شلومو غازيت
رئيس شعبة الاستخبارات السابق
«معاريف»