النفط

1 يناير 1970 07:55 ص
الاستغناء عن أولى منشآت التكرير في الكويت لم يعد ممكناً في ظل تعطّل البديل

«الرابعة» في الأدراج... «مصفاة الشعيبة» على الطاولة إذاً!

يكاد أحمد الجيماز لا يجلس على مكتبه إلا وتحت يديه خريطة، يقرأ ما فيها من ميليمترات باستمتاع كما لو أنه يقرأ رسالة حب. هذه الأيام اشتاق مكتب أبو عبدالله إلى خرائط مصفاة الشعيبة، بعد أن انشغل لسنوات بالمصفاة الرابعة، لكن من دون حب أو عواطف.
فالمهندس المنهمك دائماً بهدوء، بحكم منصبه كنائب للعضو المنتدب لمصفاة الشعيبة في شركة البترول الوطنية، يتكرر على لسانه رفض «الارتباط العاطفي» الذي يجعل البعض في موقف الرفض لإغلاق أولى المصافي في تاريخ الكويت، مصفاة الشعيبة، وإنشاء أخرى جديدة.
يرسم المهندس بحركة سبابته دوائر على خريطة أمامه وهو يشرح الأسباب التي تجعل تطوير وحدات التكرير في مصفاة الشعيبة غير مجد، وينطلق من هناك ليأتي من طريق خلفي إلى الحديث الأهم عن المصفاة الرابعة الجديدة وتوأمه مشروع الوقود البيئي.
يقول الجيماز، الذي يقال إنه هو مهندس عمليات المصفاة الرابعة فنياً، «إن المعادلة كلها اختلت عقب قرار الغاء عقود المصفاة الجديدة». يصمت قليلاً ويضيف «أصبحت الصورة ضبابية الآن... فالتصور كان يقضي باستغلال الجزء الأكبر من المصفاة في مشروع الوقود البيئي، وإغلاق وحداتها التكريرية بالتزامن مع بدء المصفاة الجديدة».
ما العمل الآن؟
يجيب الجيماز وهو يسترق النظر إلى الخريطة امامه «علينا تقييم خططنا من جديد... فالمصفاة الرابعة كانت تمثل ركنا رئيسيا في استراتيجية التكرير وبعد اختلال هذا الركن لا بد من اعادة النظر بشكل كامل».
إعادة النظر هذه تشمل مصفاة الشعيبة بشكل رئيسي، التي ربما توضع على الطاولة مجدداً خطط تطويرها وتحويلها لجعل منتجاتها متوافقة مع متطلبات السوق. لكن الجيماز يطرح أسئلة لا يجد عليها أجوبة في حقيبته الفنية: هل لايزال الهدف المحافظة على البعد الاقتصادي فقط؟ ام سيكون للمصفاة بعد استراتيجي للمحافظة على حصة الكويت التسويقية بالخارج وعدم فقدان الزبائن؟
ويشير إلى أن الاستغناء عن الطاقة التكريرية للمصفاة (200 ألف برميل يومياً) غير ممكن إذا لم يوضع قطار مشروع المصفاة الرابعة على السكة.
يشدد الجيماز على الطابع الفني لحديثه، لكنه لا يجد مفراً من الاستفزاز حين يسأل عن المليارات العشرة التي وفرتها الكويت من إلغاء مناقصات المصفاة الرابعة و«كي داو»، فيقول «لا يمكن لبلد ان يتطور من خلال تخزين الأموال في البنوك»، ويلفت إلى أن حجب التمويل عن المشروعات سيكبد البلاد كلفة أكبر على المدى الطويل.
«الراي» التي حظيت بالمقابلة مع الجيماز في غفلة من أسفاره وانشغالاته، تطرقت معه إلى الحوداث المتكررة التي تشهدها مصفاة الشعيبة، وقصتها منذ تطويرها في الستينات إلى اليوم الذي تبلورت فيه القناعة بإغلاق بعض وحداتها، وشؤون أخرى كثيرة، وكان هذا اللقاء: • ما التحديات التي تواجهها مصفاة الشعيبة؟
- بداية أود أن تعلم أن مصفاة الشعيبة لا تختلف عن باقي المصافي في العالم والتحديات التي تواجهنا فيها ترجع إلى قدم التكنولوجيا المستخدمة فيها خصوصاً اننا ندير منشأة اقتصادية وعلينا تحقيق ربح معقول منه يتوافق وتوجه مؤسسة البترول الكويتية وتحقيق معدلات عالية من كفاءة التشغيل والسلامة بمفهومها الشامل طبقا لكل المقاييس العالمية مع الوضع في الاعتبار أن طبيعة عمل المصفاة له خصوصيته عن مصافي الكويت فهي اول مصفاة تم بناؤها وتشغيلها من قبل شركة البترول الوطنية 1968 وكانت تمثل بداية جيل جديد من المصافي الحديثة في ذلك الوقت، كما أنها أول مصفاة في العالم تطبق مبدأ معالجة النفط الخام عن طريق الهيدروجين والمواد الحفازة وطبقت فيها احدث التكنولوجيا في تلك الأيام.
كذلك لابد من توضيح بعض الأمور منها أن المصفاة انفقت عليها مبالغ كبيرة لتحسين ادائها فهي تتميز بدرجة عالية من التكامل بين وحداتها وهذا النوع من التصاميم يتميز بمميزات وسلبيات فميزاتها ان كفاءتها عالية في التشغيل، أما الجوانب السلبية أنها تفرض تحديات كبيرة في التشغيل والصيانة لان اي خلل في المصفاة تكون له ابعاد اكبر بكثير من المصافي الاخرى نظرا لتأثر باقي الوحدات. كذلك في حال فقدان اي معدة لا بد من العمل على صيانتها بأسرع وقت ممكن لكي لا تتأثر المصفاة بشكل كبير، كما أن العديد من وحداتها تفتقر إلى معدات احتياطية وهو ما نراه في تصاميم المصافي الحديثة حاليا.
وبالمناسبة فإن المصافي صممت لتعمل لما يقارب 91 في المئة من العام والباقي للصيانة الدورية اما مصفاة الشعيبة فبعض وحداتها تخضع للصيانة لمدة تقارب الشهرين كل سنة، ولو وضعنا «الشعيبة» بين المصافي الأخرى لوجدناها نقطة الضعف فيها، بسبب كلفتها التشغيلية العالية وكلفة تكرير برميل النفط عالية مقارنة مع مثيلاتها.
واضيف هنا من التحديات أيضا خضوع المصفاة لعمليات الصيانة الكثيرة وكذلك التشغيل نظراً لان تصميمها يعود إلى الستينات. وأشير هنا إلى أن مصفاة الشعيبة تستهلك طاقة اكبر مقارنة بالمصافي الأخرى، فتكرير برميل النفط يحتاج إلى ضخ طاقة اكبر عن المصافي الحديثة مما يقلل من ربحها وكذلك استهلاكها من الكهرباء اكبر وتحتاج لصيانة فترات اطول فكلفتها التشغيلية اكبر وهو ما يمثل تحدياً.
أما التحدي الأكبر هو انتاجها لزيت الوقود المتكسر نظراً لان منافذه التسويقية محدودة جدا وهو من المنتجات الرئيسية في المصفاة ونتوقع مستقبلا عدم تمكنا من تسويق هذا النوع من المنتجات التي تنتجها المصفاة، على الرغم من أن مصفاة الشعيبة هي الوحيدة التي تنتجه ويمثل 21 في المئة من اجمالي إنتاجها.
ومع ذلك نحن نسعى لادارة المصفاة بأسلوب آمن ومربح ونعمل على التكيف مع طبيعة المصفاة من النواحي التشغيلية بما يتوافر لدينا من آليات. فمصفاة الشعيبة لها جوانب ايجابية خصوصا انها حققت ارباحاً العام الماضي تفوق الـ 100 مليون دينار وهذا العام حتى يناير 2009 حققنا 25 مليون دينار ارباحا، وحصلت مصفاة الشعيبة على شهادات تميز عالمية منها «الآيزو 14001» وادارة السلامة والصحة والبيئة وعلى «نظام ادارة الجودة 9001» وحصلنا على جوائز عدة في مجالات الصحة والسلامة ونفخر بان مصفاة الشعيبة تدار بأيد وخبرات وطنية ذات مستوى عال من الكفاءة ويرجع الفضل لكوادرها في استمرار عمل بعض وحدات المصفاة والتي تعتبر من اقدم المصافي وتم اغلاق مثيلاتها في الدول الصناعية المتقدمة.
إغلاق «الشعيبة»
• كثيرون يتساءلون عن سبب اتخاذ القرار بإغلاق مصفاة الشعيبة. أليس هناك سبيل للاستفادة منها وتطويرها عوضاً عن إغلاقها؟
- في البداية يجب أن نوضح لماذا ستغلق المصفاة؟ ومتى طرح هذا الخيار؟ فلم يكن سهلاً قرار الإدارة التخلي عن أهم أصولها.
والحقيقة اننا نتعامل مع مصفاة الشعيبة من منظور تجاري بحت فعندما تحدثنا عن مشروع المصفاة الجديدة وأكدنا انه مشروع استراتيجي لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء وله بعد بيئي ومن ثم فهو مشروع تجاري وهذه كانت اولويات مشروع المصفاة الرابعة. وكذلك فإن مشروع الوقود النظيف موضوع بقاء (اكون او لا اكون) نستمر وننتج منتجات مطابقة للمواصفات العالمية او منتجات نقذفها في البحر.
اننا ننظر إلى موضوع تحديث مصفاة الشعيبة من منظور تجاري بحت فلدينا منشأة فيها مشاكل تشغيلية ومنتجاتها قد لا تسوق على المدى القريب وبنظرة شمولية للمصفاة من جانب اقتصادي بحت تبين لنا أن استمرارها غير مجد ولا بد من معالجة هذه المشكلة، ولتحويلها إلى تجارية مربحة علينا معالجة التكلفة التشغيلية العالية وزيادة كفاءة المعدات وتقليل الاستهلاك الشره للطاقة ورفع المستوى التشغيلي ومعالجة ذلك كله من خلال حزمة من المشاريع.
وللتوصل إلى قرار، أجرينا دراسات عدة داخلية آخرها لشركة «uop» الاميركية العالمية والمتخصصة في تصميم المصافي، فقد جاء خبراء الشركة وعرضنا لهم تصورات عدة واعطيناهم مطلق الحرية خصوصاً أن خيار الاغلاق لم يكن مطروحا، وطلبنا منهم تحويلها لمصفاة تحاكي احدث مصافي العالم الحديثة وكان على عكس المتعارف كان التحدي أمامنا هو كيفية الابقاء على المصفاة.
وخرج الفريق بتصورات عدة وتبين بعد الدراسة المستفيضة وباحدث الاساليب العالمية أنه يمكن تحويلها وتطويرها، لكن من خلال الشق الاقتصادي عند حساب التكلفة وحساب العائد على الاستثمار تبين ان العملية غير مجدية، إذ ان إعادة تأهيل المصفاة سيتكلف مليارات وعائدها لا يوازي «الحد الادنى» للمردود حسب استرشادات المؤسسة.
• عندها اتخذتم قراراً بإغلاق المصفاة؟
- لا ليس صحيحاً. لم يكن هناك توجه في أي وقت من الأوقات للاستغناء عن مصفاة الشعيبة بالكامل. كان التوجه بسبب الدراسات التي أشرت إليها آنفاً إلى الاستغناء عن بعض وحداتها واستغلال وحدات أخرى كبيرة منها «حديقة الخزانات» و«مرافق التصدير» ضمن مشروع آخر هو مشروع الوقود النظيف.
ولذلك أود أن أصحح بأن المصفاة لن تغلق، بل ستتحول عملياتها من التكرير إلى التصدير فقط، وتمثل الوحدات والخزانات والمرافق التي ستظل في الخدمة 60 في المئة من منشآت مصفاة الشعيبة.
• لكن يبقى السؤال قائماً، أليس الاستمرار في تشغيل وحدات التكرير أفضل من عدمه، خصوصاً في ظل سعي الكويت إلى زيادة طاقتها الإنتاجية؟ ومتى تتوقعون المضي في تنفيذ هذا القرار عملياً؟ بكلام آخر، متى ستتوقف المصفاة عن التكرير؟
- القرار ليس عشوائيا وليست المسألة مسألة ارتباط عاطفي تمنعنا من اغلاق المصفاة، وكما قلت، سنعيد استغلال اجزاء كبيرة من المصفاة.
وبالنسبة لتوقيت اغلاق مصفاة الشعيبة اود التأكيد ان ذلك لم يكن مطروحاً من الأساس واشير هنا إلى انه عند اغلاق وحدات تكريرية معمول بها في جميع مصافي العالم وحتى في الكويت فليس ذلك اختراعاً. فعندما تصبح الوحدات متقادمة من الاجدى بناء جديدة مكانها وهذا تم في مصفاة الأحمدي وميناء عبدالله، إذ تم تحديث العديد من الوحدات وتم بناء وحدات جديدة وهذا ليس جديداً. أما ان تنفق وتستثمر باستمرار وبكثافة على الصيانة دون نتيجة، عندها تتوصل إلى أن الصيانة غير مجدية والأفضل انشاء مصفاة جديدة.
اود الإشارة إلى ان القطاع النفطي يدار بفكر استراتيجي متماشياً مع مستجدات الصناعة العالمية فالوقت له قيمته لدينا ونسعى للتحسين والتطوير ونسعى ليكون في الكويت مجمع نفطي متكامل ذو اداء عالمي لحفظ مكانة الكويت في هذا المجال، لكن المشكلة ان مصفاة الشعيبة هذه رغم كل ما يميزها ومقارنة مع التكنولوجيا الحديثة في التكرير تجدها تسحبك إلى الخلف
لذلك نسعى للتحديث ومواكبة أحدث التكنولوجيا العالمية لتستمر المسيرة كما هو مخطط لها.
• كما فهمت من كلامك، يرتبط إيقاف وحدات التكرير ببدء تنفيذ مشروع الوقود البيئي، لأن وحدات التخزين والتصدير ستوظف ضمنه، وهناك الآن شكوك حول مستقبل المشروع بعد أن تعطل مشروع المصفاة الرابعة عملياً. ما تأثير كل ذلك على الخطط المتعلقة بمصفاة الشعيبة؟
- لا شك ان المعادلة كلها اختلت عقب قرار الغاء عقود المصفاة الجديدة. أصبحت الصورة ضبابية خصوصاً ان التصور كان استغلال الجزء الأكبر من المصفاة في مشروع الوقود البيئي، وتصور اغلاق الشعيبة جاء ليتوافق مع المصفاة الجديدة إذ ان قدرتنا على تشغيل اربع مصاف كانت صعبة لكن الاغلاق او الاستغناء عن بعض الوحدات واستغلال الباقي في المصفاة الجديدة كان سيتزامن تقريباً مع عمل المصفاة الجديدة حتى نتمكن من تدريب العاملين عليها ونقلهم إليها مع مراعاة ان حجم المصفاة الجديدة يمثل ثلاثة أضعاف حجم مصفاة الشعيبة لكن الآن علينا تقييم خططنا من جديد. وبالنسبة للعاملين لدينا حاجة للتوظيف والتطوير نظراً لفقدان الموظفين بسبب التقاعد الطبي والتقاعد المبكر للكويتيين.
الأولويات تغيرت
• الأولويات كلها تغيرت الآن... هل سيعود إعداد الدراسات إلى المربع الأول؟
- المصفاة الرابعة كانت تمثل ركنا رئيسيا في استراتيجية التكرير الكويتية وبعد اختلال هذا الركن لا بد من اعادة النظر بشكل كامل فمن المحتمل تغيير النظرة إلى مصفاة الشعيبة وهناك تساؤل سيطرح نفسة هل لايزال الهدف المحافظة على البعد الاقتصادي فقط؟ ام سيكون للمصفاة بعد استراتيجي للمحافظة على حصة الكويت التسويقية بالخارج وعدم فقدان الزبائن؟
كذلك هناك مشكلة في بيع الوقود والنفط الخام وكل هذه العوامل ستتم دراستها مع المتخصصين في المؤسسة وخصوصا «التسويق العالمي»، فلا بد من اعادة النظر في معطيات السوق وادخال كل المعلومات عن الكساد العالمي المستجد والذي لم يكن في الحسبان ومعرفة ما إذا كانت تأثيراته موقتة ام سوف تستمر؟ وهل دخلت مصفاة الشعيبة لبعد اخر غير البعد الاقتصادي، فالكساد العالمي يعني انخفاض تكلفة التطوير لأن الاسعار بشكل عام انخفضت،ومن هنا علينا اعادة دراسة الجدوى مع انخفاض الاسعار ومع انخفاض هامش ربح المصافي فلا بد من معرفة الجدوى وهل الجدوى اقل من الحد الادنى ام تحسنت؟ وكلها أمور يجب النظر إليها بناء على المستجدات العالمية مثل الكساد.
• هل نفهم أن بالإمكان إعداد خطط جديدة للتوسع واعادة تأهيل مصفاة الشعيبة؟ وكم قد تتكلف؟
- الخطط موجودة ومدروسة وجاهزة لكن التكاليف عدة مليارات من الدولارات. لكن لابد من دراسة تأثير الكساد على التكلفة وكذلك لابد من دراسة الانخفاض العام في هامش الربح على صناعة التكرير وبالتأكيد ستكون النتائج ايجابية وستنخفض التكلفة فيما بين 20 و30 في المئة، فالخطط موجودة وجاهزة في اي وقت نرى أن هناك توجها لتأهيل المصفاة. ونحن جاهزون لاختيار الأفضل والاصلح الذي يخدم استراتيجية المؤسسة والكويت.
• وكيف ستفي منتجات المصفاة باحتياجات الطلب العالمي؟
- المصفاة لا بد من تطويرها وضخ الاستثمارات فيها والتطوير يعني ضمان مطابقة انتاجها للمواصفات العالمية الحديثة ولتتماشى مع التشدد المتزايد للمواصفات البيئية في الأسواق العالمية، خصوصاً ان الوعي البيئي لدى الدول في تنام مستمر ولا بد من التماشي مع هذا التوجه العالمي وإلا فلن نضمن تسويق منتجاتنا عالمياً. وهذا هو هدف مشروع الوقود النظيف.
وبالمناسبة أضيف هنا للعلم أن مصفاة الشعيبة كانت ضمن مشروع تطوير المصافي «الوقود النظيف» لكن بعد انتهاء الدراسة تبين ان التكلفة عالية جداً. فالمصفاة الجديدة سوف تنتج 615 الف برميل يومياً في حين مصفاة الشعيبة تنتج 200 الف برميل وهنا لا بد من التفرقة بين الجانب الاقتصادي والجانب الفني فمصفاة الشعيبة قديمة ومهما طورنا فيها فلن تكون بنفس كفاءة الجديدة.
• ما حجم الانتاج الحالي للمصفاة؟ وهل يمكن الاستغناء عنها في ظل تعطل المشاريع البديلة؟
-تكرر المصفاة حاليا 200 الف برميل يوميا ونحافظ على هذا المعدل من الانتاج. ولا اعتقد أنه يمكن الاستغناء عن مصفاة الشعيبة في ظل الظروف الحالية لحين وضوح الرؤية.
التوفير والتكلفة
• هناك من يقول إن إلغاء مشروع المصفاة الرابعة والشراكة مع «داو» وفر على المال العام عشرة مليارات دولار. هل هذه الأرقام واقعية؟ وهل يستفيد المال العام من بقاء مصفاة الشعيبة في الخدمة وتعطيل المشاريع الأخرى؟
- لا يمكن لأي بلد أن يتطور من خلال تخزين الأموال في البنوك وعدم الإنفاق على الاستثمارات. فالأموال يجب ان توجه للتنمية في مختلف القطاعات، ومن ضمنها القطاع النفطي خصوصاً انه في تطور مستمر ومصدر الدخل الرئيسي.
وهناك تساؤل يطرح نفسه، هل نسعى لتنمية مصدر الدخل الرئيسي بدون استثمارات؟ فحجب التمويل سيترتب عليه خسائر اكبر في المستقبل عندما نعاني من عدم القدرة على مواكبة المواصفات المستقبلية للأسواق العالمية والمعاناة من قلة كفاءة المنشآت وهذه هي
اوجه الصرف التي دائماً نتحدث عنها وكلها ذات مردود اكبر من المبالغ التي يتم الحديث عن توفيرها.
• لماذا لا يكون البديل إنشاء وحدات جديدة ضمن المصافي القائمة لزيادة طاقتها وتحسين منتجاتها، بدلاً من إنشاء مصفاة جديدة؟
- ابداً التطوير لن يعطيك اداء افضل من المصافي الجديدة، فلك ان تتخيل الخيار بين أن تطور سيارة قديمة او ان تشتري سيارة جديدة وتقارن بين أداء كل منهما وأيهما افضل على المدى البعيد. فمهما صرفت على القديمة لن تعطيك أداء افضل من الجديدة، وهذا مثال بسيط. فما بالك بمنشأة معقدة مثل مصفاة تكرير؟
إن ما نسعى اليه هو تجنب مفاجآت التطوير فدائما هناك قصور أونقص في شيء ما. في حالات التطوير والأفضل هو الجديد لضمان منشآت خالية من المشاكل تعطي لنحو 25 عاما.
أما تقبل التطوير وعدم تقبل إنشاء مصفاة جديدة فهو الغريب، فدائماً الأفضل ترك هذه الامور للفنيين والمختصين فهم أدرى بالمشاكل التي قد تظهر في التطوير مقارنة بالشيء الجديد من بدايته لنهايته، وربما السبب في هذا المنطق أن هناك ارتباطا عاطفيا او اعتبار ان إنشاء مصفاة بديلة تفريط في اصول تدر ارباحا.
الحوادث في «الشعيبة»
• ما أسباب الحرائق والمشاكل المتكررة في مصفاة الشعيبة؟
- اولا: العمل بالقطاع النفطي والمصافي بالغ التعقيد وحافل بالمخاطر، ولكن هناك انظمة واساليب تحكم ادارتنا للمصافي للحد من هذه المخاطر. فهذا علم ادارة يشكل جزءاً لا يتجزأ من الروتين اليومي لنا ولا نبخل كادارة على الموظفين والعاملين بالتجهيزات او التدريب لرفع وعيهم.
وهناك ثلاثة أسباب رئيسية للحوادث: الاول قد يكون خللا في المعدات والثاني قد يكون خللا في تطبيق الانظمة والثالث قد يكون خللا في العنصر البشري. واي خلل في هذه العناصر يترتب عليه حوادث ونحن نهتم جدا بالعنصر البشري، ويتم حاليا تدريب مشغلين جدد يحصلون على شهادات عالمية لا يحصل عليها مشغلون مثلهم في الدول الاوروبية.
اما بالنسبة لجانب الانظمة فنطبق احدث نظم الادارة والجودة وفي مجال الأمن والسلامة والصحة، ولا نتعامل مع الشيء العادي فالناس ينظرون إلى الحدث الكبير فقط اما الإدارة فتتعامل مع مئات الاحداث الصغيرة يومياً ولا ننتظر حدوث حادث للتعامل معه بل نسعى لعدم حدوثه، فحتى الحوادث الصغيرة التي لم ينتج عنها اضرار نحللها ونطبق اعلى معايير السلامة عليها، واحدث نظم التحليل واي أحداث داخل الشعيبة او أي من المصافي الاخرى نأخذ منها الدروس والعبر ويتم شرحها ومسبباتها لجميع العاملين وكذلك الحوادث العالمية، فلدينا مستشارون ينقلون لنا اي حادث يحدث في مصافي العالم.
وأشير هنا إلى أن جميع المسؤولين بالقطاع النفطي يهتمون بالعاملين في القطاع وهناك «نظام التدقيق على المواقع»، وبدءاً من الرئيس التنفيذي لأصغر مسؤول، يقضي هذا النظام بالقيام بجولات تفتيشية على المواقع للتفتيش على طرق الأمن والسلامة والبيئة للمحافظة على العاملين وهو نظام فعال لإيصال رسالة إلى الذين يعملون في المواقع ان اكبر مسؤول بالقطاع مهتم بسلامة العاملين فيه وللتأكد من تطبيق اعلى معايير الصحة والسلامة والبيئة للحفاظ على العاملين، وكل مسؤول بدءا من الرئيس التنفيذي وما دون لديهم جدول لزيارات المواقع النفطية  وهو نظام مطبق في اكبر الشركات العالمية.

إلغاء «الرابعة» سيسبب عزوف المقاولين
ويزيد التكلفة والشروط الجزائية مستقبلاً


سألت «الراي» الجيماز: كيف هي العلاقة الآن بالمقاولين العالميين؟ وهل تتوقع ان تتأثر سلباً بإلغاء عقود المصفاة الرابعة؟ فكان جوابه ما يلي:
- الشركات العالمية المشاركة في مشروع المصفاة الجديدة فضلت الكويت على دول كثيرة في وقت لم يكن هناك ازمة اقتصادية لما تتميز به من استقرار ولا يخفى على أحد ان هذه المشاركة كانت قبل الكساد العالمي وكان امامهم فرص كبيرة في دول مجاورة غير أن تصنيف الكويت لديهم كان عاليا جدا من ناحية الاستقرار، بسبب وضعها المالي وتمويلها الذاتي لمشاريعها.
والحقيقة أنه بعد إلغاء عقود هذه الشركات سيتم تصنيف الكويت كدولة غير مستقرة ما سيؤثر علينا عند طرح اي مشروع كبير مستقبلا سيكون الإقبال اقل من المقاولين المتميزين عالمياً وسيكون هناك عزوف من الشركات المتميزة العالمية وقد نفقد النخبة من المقاولين وهو ما يعني فقدان الجودة في أي مشروعات مستقبلية كما أن عروضنا ستقابلها اسعار اعلى على اعتبار انها تتعرض لمخاطر اكبر وكونها غير مضمونة التنفيذ، وستكون الشروط الجزائية اكبر لان عنصر المجازفة لدى المقاولين زاد، وعدم الاستقرار في البلد يدخل ضمن عنصر التسعير.

سرّك في بير

• تأكد من عدم فصل إدارتي الشؤون الإدارية والمالية عن بعضهم داخل مؤسسة البترول الكويتية غير أن عمليات دمج اخرى تجرى دراستها لم تتأكد بعد ومازالت أفكاراً لضم إدارة نفطية إلى أحد قطاعات المؤسسة.
• • •
• تردد أن ما يتعرض له قطاع التدريب في مؤسسة البترول الكويتية من اتهامات بالتجاوزات سببه تصفية حسابات من قبل متنفذين توقفت مصالحهم بسبب إجراءات اتخذتها العضو المنتدب للتدريب والقواعد التي وضعها لسير عمليات التدريب.
• • •
• تبين أن إحدى مسببات تراجع مكافأة المشاركة بالنجاح في القطاع النفطي تأثر مخزون إحدى الشركات النفطية التابعة بانخفاض الأسعار.
• • •
• يقال أن هناك خطة محكمة تم صياغتها للإيقاع بين قيادات القطاع النفطي عن طريق بث الفرقة بينهم وتقليبهم على بعض.
• • •
• يواجه رئيس مجلس إدارة شركة الناقلات ما يشبه العصيان من مسؤولين في الشركة، يقال إنهم يشدون أزرهم بقوى متنفذة سابقة في القطاع. ويقال إن هؤلاء يتصرفون كما يحلو لهم من دون أي مراعاة للصلاحيات، ولا ينفذون إلا ما يروق لهم من قرارات الإدارة، ويروجون أن أحداً لا يمكن أن يحاسبهم.
• • •
• تكاد شركة الكيماويات البترولية تكون الوحيدة داخل القطاع النفطي التي سارعت إلى تنفيذ لائحة الجزاءات الجديدة على العاملين فيها، وهي لائحة يصفها بعض العاملين بأنها «تعسفية»، فيما يراها آخرون «حازمة» وضرورية للانتظام الوظيفي.

عبد الله العجمي:  المصفاة الرابعة لم تلغ

الكويت، ابو ظبي - كونا، رويترز- اكد مدير مشروع الوقود البيئي في شركة البترول الوطنية عبد الله العجمي ان الكويت لم تلغ خططها لاقامة المصفاة الرابعة.
وقال العجمي في مؤتمر عن الطاقة في الامارات ان قرار الغاء المناقصة لبناء المصفاة لا يعني أن المشروع قد ألغي.
وأبلغ الصحافيين أن المجلس الاعلى للبترول الكويتي سيعيد تقييم مشروع المصفاة الجديدة وان ذلك سيحتاج لبعض الوقت قبل ان يصدر المجلس توجيهاته وانه لم يضع جدولا زمنيا بعد.
وقال مدير العلاقات العامة والاعلام في شركة البترول الوطنية المهندس محمد منصور العجمي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان قرار اعادة طرح مناقصة مشروع المصفاة هو شأن يخص المجلس الاعلى للبترول الذي سيجتمع لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن.
واوضح ان «هذا هو الرأي الرسمي في موضوع المصفاة تفاديا لما يتم تناقله في عدد من وسائل الاعلام من اراء اخرى شخصية غير ملزمة للشركة».
وذكر ان «هذا الموقف يأتي تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الذي ألغيت بموجبه مناقصة المشروع وتطبيقا للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في القطاع النفطي الكويتي».


 ألبريخت فيرلنغ / قطاع النفط والغاز
وتحديات الأزمة العالمية


 
بقلم: الدكتور ألبريخت فيرلنغ*

أدى انهيار أسواق المال العالمية إلى تراجع قطاع النفط والغاز بشكل ملحوظ منذ يوليو 2008، حيث انخفضت أسعار السلع بنسبة 60 في المئة في غضون أربعة أشهر فقط. واليوم يشهد الطلب على الطاقة انخفاضاً جراء إخفاق الاقتصادات العالمية، في حين أفضت السحابة التي تحجب واقع موازين العرض والطلب، إلى تقلبات غير مسبوقة في الأسعار مؤخراً.
ويساهم الغموض الذي يكتنف العالم اليوم، في زيادة تعقيد آلية اتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة لتأمين إمدادات الطاقة مستقبلاً. وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه لفترة أطول، سيواجه القطاع على الأرجح أزمة إمداد حادة منتصف العقد المقبل. وكان لنقص التمويل، وأزمة الائتمان، أثر مباشر على النشاط الاقتصادي في قطاع النفط على كافة الصعد، مما يؤكد أن مواجهة الأوقات العصيبة تتطلب استجابة سريعة، بمعنى أنه لا بد من أن تتمتع الأعمال بالمرونة الكافية التي تضمن لها البقاء والنمو.
حتميات القطاع في مختلف حلقات سلسلة القيمة
فرضت الأزمة المالية الراهنة خمس حتميات ينبغي على قطاع النفط والغاز العالمي العمل بموجبها حتى العام 2012 وهي:
•تعزيز الأداء المؤسسي وإدارة المخاطر والالتزام بالمعايير من أجل رفع كفاءة عملية اتخاذ القرارات.
•تسريع عملية الابتكار، عبر الاستفادة من التقنيات الحديثة وفرق التعاون العالمية، والتحالفات الجديدة.
•تعزيز كفاءة ومرونة شبكة سلاسل التوريد في الاستجابة السريعة لتغيرات السوق واغتنام الفرص الجديدة في مختلف المشاريع.
•تطوير ومكاملة عمليات التكرير وإنتاج البتروكيماويات، لرفع أدائها وجودتها بتكاليف أقل.
•متابعة وتلبية احتياجات العملاء عالمياً، مع التركيز على متطلباتهم الخاصة لدفع عجلة نمو العائدات المربحة.
وعملاً بمقتضى هذه الحتميات، تتطلع شركات النفط والغاز اليوم إلى الحلول التقنية التي تساعدها على الاستجابة للمتغيرات السريعة التي يشهدها المناخ الاقتصادي الصعب. واليوم، هناك عدد من التقنيات التي تساعد الشركات على تقليص نفقاتها والارتقاء بأداء وكفاءة عملياتها.
تعزيز الإنتاجية
يمثل تحصيل المعرفة وتعزيز تطبيق أفضل الممارسات تحدياً رئيسياً للقطاع برمته، في ظل احتمال فقدانه الوشيك لجزء كبير من أفضل كوادره الخبيرة. فقد أظهرت إحصاءات «جمعية مهندسي البترول»، أن 50 في المئة من أعضائها الحاليين في العالم والبالغ عددهم نحو 67 ألف خبير، سيتقاعدون في غضون الأعوام العشرة المقبلة. وبعدم توفر الوقت الكافي أو المواهب التي يمكن أن تعوض قدرات هذا الجيل، فإن حماية المخزون المعرفي للجيل المقبل على التقاعد، تتصدر قائمة أولويات معظم الشركات الكبرى. ومن هذا المنطلق، ينبغي على المحللين والباحثين على سبيل المثال، اتخاذ قرارات حساسة مهمة يومياً، ولكنهم غالباً ما يكونون غير قادرين على الوصول إلى أنظمة المشروع الضرورية لصياغة تلك القرارات.
وهذه الحتمية تستدعي إنشاء وتطبيق منصة تقنية تحفظ المخزون المعرفي، وتتيح تطبيق أفضل الممارسات وتحويل هذه الأخيرة إلى مسارات عمل مرنة تقود خطا الجيل الجديد من خبراء النفط والغاز. ولا يقتصر الدور المهم لمثل هذه المنصة على نقل المعرفة فحسب، بل يشمل أيضاً المساهمة في إتاحتها لكافة المعنيين بعملية اتخاذ القرارات.
ويضاف إلى ذلك، أن التكنولوجيا تتيح أيضاً المكاملة السريعة لأصول الشركة المستحوذ عليها مع أصول المشروع الأساسي بكفاءة عالية. وباستخدام الأنظمة الشبكية والبنى القائمة على الخدمات، فإنه من الممكن مكاملة أنظمة المشروع المعني بسرعة، ونقل البيانات من جميع الأنظمة القديمة إلى بيئة افتراضية موحدة. وفي هذه الحال، توفر المعلومات الخاصة بالأعمال التشغيلية رؤية مباشرة أو شبه مباشرة لسير العمل عبر بوابة واحدة لتحديد المشاكل والمخاطر والفرص المتاحة. وإذا ما تم دعم ذلك بأدوات تعاون ووسائل اتصال موحدة، فإن هذه الجهود ستسرع عملية اتخاذ القرارات وتعزز القدرة على الاستجابة الفورية لأية مستجدات.
وفي ضوء ذلك، تعكف شركات النفط والغاز على ردم الفجوة بين أعمال المشاريع وحلول الإنتاجية في كل واجهة تطبيقات، بهدف إيجاد رابط سلس بين الأفراد، والمعلومات والعمليات في أي مكان وزمان.
نظرة إلى المستقبل
تتسم التقنيات الجديدة بسرعة تطبيقها ومزاياها التنافسية العديدة. ومع انتقال مراكز البيانات الضخمة إلى الشبكة لدعم ما بات يعرف بـ «الحوسبة السحابية»، فإن الكفاءة التشغيلية لأنظمة شبكات الأعمال ستتطور وتتوسع ضمن الشبكة العالمية، لتشمل حتى أصغر شركات سلسلة القيمة. وفي الوقت ذاته، فإن تقنيات المستهلك القائمة على الإنترنت مثل، المدونات والروابط الدعائية والإعلانات، والشبكات الاجتماعية، تشهد نمواً متسارعاً، مما يعزز نطاق وإمكانات مركز بيانات الشركة المعنية. وإضافة إلى ذلك، فإن تقنيات مثل أنظمة الحوسبة ذات الأداء العالي، وإدارة سلاسل التوريد، وأنظمة تطبيقات عمليات التصنيع، وتخطيط موارد المشاريع، وإدارة علاقات العملاء، وأنظمة نقاط الخدمة، يمكن أن تعيد تشكيل بيئة العمل بما يؤدي إلى خلق أشكال جديدة من القيمة ضمن قطاع الطاقة العالمي.
خلاصة القول، إن شركات النفط والغاز تواجه ضغطاً متزايداً لتحقيق عائدات أكبر بموارد أقل، فالوضع يتطلب تعزيز كفاءة الأعمال من أجل مواكبة التقلبات السريعة التي تشهدها بيئات العمل. وهناك أيضاً حاجة إلى تسريع زمن الاستجابة ودعم ذلك بأنظمة عمل مرنة ومتكاملة قادرة على مواجهة مختلف الظروف.

* مدير عام شؤون قطاع النفط والغاز في «مايكروسوفت»
 
«أوابك»: عائدات الدول المستهلكة وشركات النفط
من البرميل ... تتجاوز عائدات المنتجة له


كونا - أكدت دراسة علمية متخصصة عرضت امس في الملتقى العشرين لاساسيات النفط والغاز الذي تنظمه منظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» ان عائدات الدول المستهلكة والشركات النفطية من برميل النفط تتجاوز عائدات الدول المنتجة له.
وقالت الدراسة التي اعدها مدير الادراة الاقتصادية في «أوابك» ان الاعتقاد السائد بان الدول المصدرة للنفط تجني عائدات هائلة غير صحيح، مبينا ان ارباح الشركات النفطية الكبرى في الفترة من 2002 الى 2006 بلغت نحو 5503 مليارات دولار اي ما يمثل نحو 5 اضعاف ما حققته الاقطار الاعضاء في «أوابك» خلال ذات الفترة والبالغ 1205 مليارات دولار.
واشارت الدراسة التي عرضت في اليوم الثالث للملتقى ان اجمالي عائدات الدول الصناعية السبع من الضرائب على المشتقات النفطية بلغ في الفترة نفسها نحو 2310 مليارات دولار اي ضعف دخل الاقطار الاعضاء في «أوابك».
وأضافت ان المعدل السنوي للعائدات النفطية للاقطار الاعضاء في «أوابك» للفترة نفسها (2002 الى 2006) بلغ نحو 241 مليار دولار في حين بلغ المعدل السنوي للارباح التي تجنيها مجموعة الدول السبع الصناعية بفضل الضرائب على المشتقات النفطية نحو 460 مليار دولار اي ما يمثل ضعفي مستوى الاول.
وقالت الدراسة ان المعدل السنوي لارباح الشركات النفطية الكبرى البالغ 1100 مليار دولار يساوي خمسة اضعاف المعدل السنوي لعائدات الاقطار الاعضاء خلال ذات الفترة.
واوضحت ان العائدات النفطية رغم ذلك لعبت وما زالت تلعب دورا رئيسيا في تمويل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية الرئيسية المنتجة للنفط ورغم ان العائدات النفطية كانت في البداية منخفضة نتيجة لانخفاض اسعار النفط حيث بلغت ثلاثة دولارات للبرميل في بداية السبعينات الا انه كان لها اثر ملموس في اقتصادات هذه الدول اذ مكنتها من التوسع في تمويل برامج التنمية.
واشارت الى وجود تقلب واضح في العائدات النفطية بناء على التقلبات في اسعار النفط حيث بلغت الاسعار 36 دولارا للبرميل العام 1980 وانخفضت الى 13 دولارا للبرميل العام 1986 والى 12.3 دولار العام 1998 ثم بدأت الاسعار تشهد ارتفاعا ابتداء من العام 2004 حيث بلغت 36 دولارا ووصلت الى مستويات غير مسبوقة بارتفاعها الى 69.1 دولار للبرميل العام 2007.
واضافت انه ترتب على ذلك ارتفاعا في حجم العائدات النفطية للدول العربية الرئيسية المنتجة للنفط لتصل الى 456.2 مليار دولار العام 2007 مقارنة بنحو 234.2 مليار دولار العام 2004 و78.3 مليار دولار العام 1998.
وذكرت ان من اهم الاسباب التي ادت الى ارتفاع اسعار النفط خصوصا خلال العام 2007 زيادة الطلب العالمي على النفط وبالذات من قبل الولايات المتحدة والصين والهند وبعض الدول النامية حيث ارتفع الطلب العالمي خلال العام 2007 بمعدل مليون برميل يوميا اي بنسبة 1.2 في المئة مقارنة بالعام السابق ليتجاوز مستواه 85 مليون برميل يوميا العام 2007.
واضافت الدراسة انه من الاسباب ايضا الاوضاع الجيوسياسية والعمالية في بعض الدول المصدرة للنفط خصوصا عدم الاستقرار السياسي والامني والتخوف من حصول اضطرابات تؤثر في الانتاج كما هي الحال في العراق ونيجيريا.
وقالت ان سبب ارتفاع اسعار النفط ايضا المضاربة في الاسواق الاجلة للبترول والتي تساهم في ارتفاع وانخفاض حسب نظرة المضاربين للسوق البترولية من ناحية والاستثمار في القنوات المالية الاخرى من جهة ثانية.
واضافت ان الضغوط على سوق المنتجات البترولية لاسيما في الولايات المتحدة التي تستهلك ربع الانتاج العالمي هي احد اسباب الارتفاع ايضا اذ يوجد فيها العديد من المشاكل المرتبطة بتكرير البترول ونوعية المنتجات البترولية المستخدمة وبالذات الغازولين والحد من انشاء المصافي الجديدة مما ادى الى وجود عجز في طاقة التكرير.
وقالت الدراسة ان اسعار النفط بدأت قي الانخفاض ابتداء من شهر اغسطس 2008 حيث بلغت 38.6 دولار للبرميل في ديسمبر 2008 وذلك لاسباب كثيرة من اهمها الازمة المالية التي اجتاحت الاقتصاد الاميركي في البداية والتي انتقلت الى بقية الاقتصادات العالمية وكان لها من انعكاسات على اسواق النفط العالمية.
وذكرت الدراسة انه وكما هو متوقع فقد أدت الزيادة في العائدات النفطية الى تحقيق اما فائض في الميزانية العامة أو انخفاض في العجز للدول العربية المنتجة للنفط فمثلا عندما ارتفعت العائدات في الدول النفطية لتصل في العام 1990 الى 98.2 مليار دولار ترتب على هذه الزيادة انخفاض في العجز في الميزانية العامة من 23.1 مليار دولار العام 1985 الى 8.1 مليار دولار العام 1990. وعندما انخفضت أسعار النفط لتصل الى 12.3 دولار للبرميل العام 1998 انخفضت العائدات إلى 78.3 مليار دولار مقارنة مع 112.7 مليار العام 1997 مما أدى الى زيادة العجز في الميزانية العامة لهذه الدول من 5.4 مليار دولار العام 1997 الى 30.6 مليار دولار العام 1998 الذي تحول الى فائض العام 2000 نتيجة لارتفاع الأسعار ومن ثم العائدات. كما ارتفع الفائض في الميزانية العامة من 42.1 مليار دولار أو 6.1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العام 2004 الى 147.8 مليار دولار أو 14.2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العام 2006. وفي العام 2007 حافظت الدول العربية المنتجة للنفط على فائض في الميزانية العامة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي حيث شهدت الكثير من هذه الدول ارتفاعا في نسبة الفائض.
واكدت الدراسة ان انخفاض الأسعار في النصف الثاني من العام 2008 سيؤثر سلبا في العائدات النفطية ومن ثم على الفائض في الموازنة العامة حيث يتوقع أن ينخفض الفائض في العام 2008 مقارنة بمستويات العام 2007. ويشارك في الملتقى الممتد من 22 الى 26 مارس الجاري خمسة وسبعون مشاركا من كل الاقطار الاعضاء ويشتمل برنامجه على 14 محاضرة يقدمها اساتذة وخبراء متخصصون في مختلف مجالات صناعة النفط والغاز من داخل المنظمة وخارجها.
 
محمد الشطي  / عين على السوق / تطوّرات تسهم في استقرار السوق

بقلم محمد الشطي

تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ50 دولارا للمرة الأولى منذ عشرة أسابيع، نتيجة ضعف العملة الأميركية وانتعاش الآمال بتحسن الاقتصاد العالمي. وبالرغم من أن ارتفاع الأسعار قد جاء بعد إعلان المصرف المركزي الأميركي (الاحتياطي الفدرالي) عن خطة يقوم بموجبها بشراء ما قيمته 1,2 تريليون دولار من الديون لدعم الاقتصاد الأميركي- مما يبشر بدوره بزيادة الطلب على النفط، إلا أن قرار الأوبك قد أسهم أيضا في إيجاد مناخ مستقر للسواق يتم من خلاله موازنة الطلب والعرض وسحب المخزون إلى المستويات التي يتحقق معها عدد أيام كفاية المخزون عند مايقارب من 53 يوم مع نهاية 2009، وأوجدت تلك المصداقية واقعا جديدا قبل معه السوق حد ادنى للأسعار عند 40 دولار للبرميل.
ولكن لابد أن ننوه إن مما يؤرق منظمه الأوبك هو واقع الازمه المالية والكساد الاقتصادي الذي يؤثر سلبا على دور أوبك هو في تعزيز الاستقرار في أسواق البترول. فقد توقع صندوق النقد أن يتسبب الحجم الهائل للأزمة المالية العالمية بتقلص اقتصاد العالم ككل للمرة الأولى منذ 60 عاماً، مستبعداً نجاح جهود إعادة إطلاق عجلة النمو مجدداً قبل عام 2010. وبحسب صندوق النقد، فإن إجمالي البضائع والخدمات المنتجة حول العالم ستنكمش بمعدل واحد في المائة عام 2009، وذلك مقابل نمو نسبته 3.2 في المائة لعام 2008، وذلك مع الإشارة إلى أن الانكماش الأكبر سيحدث في الاقتصاديات المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان. أما خلال عام 2010، فإن الدول المتقدمة قد تشهد توقف انكماش اقتصادها، في حين أن الدول النامية ستسجل نمواً بنسبة 4.5 في المائة.
وفى تطور أخر يسهم في دعم الأسعار، هو أن استمرار تدني الأسعار بدأت أثاره على الإمدادات النفطية في السوق، ودفع العديد من المراقبين والبيوت الاستشارية إلى تخفيض توقعاتهم للإنتاج من خارج الأوبك من النفط الخام بين نطاقين إما انخفاض فعلى في الاجمالي لعام 2009 أو ثبات مستويات الإنتاج عند تلك التي تحققت في 2008. و عليه قامت العديد من البيوت والهيئات برفع توقعات أسعار النفط الخام كمتوسط لعام 2009 عند خمسين دولار للبرميل.
وفى مقابل ذلك، ومع توقعات دخول مصافي جديدة حيز التشغيل خلال عام 2009, تعانى هوامش أرباح المصافي في العالم على وجه العموم، من ضعف يسرع في خفض الطاقات النشغيليه لتلك المصافي، ففي الولايات المتحدة الامريكيه وصل اجمالى تشغيل المصافي إلى فقط 14.1 مليون برميل يوميا وهو الأدنى منذ مارس 1997. وفى أسيا من المتوقع دخول ما يفوق المليون برميل يوميا من طاقه المصافي في برامج الصيانة وهي وان كانت موسميه إلا إن عوامل عجلت في ذلك وهي ضعف في المنتجات ألمتوسطه (الديزل) والنافثا والذي متوقع أن يستمر في عام 2009.
تستعد دولة الكويت لاستضافة «منتدى الشركات الوطنية والعالمية» تحت شعار «تعزيز التعاون والشراكة لتأمين الطاقة». وتهدف فعاليات المنتدى إلى الاتفاق حول سبل مواجهه تحديات الصناعة خلال المرحلة القادمة، ومما يكسب هذا المنتدى الاهميه عده أمور هي : التوقيت حيث تعاني السوق من ظروف ألازمه المالية والكساد الاقتصادي وما صاحبها من ضعف في الأسعار، ونوعيه المشاركين حيث يمثلون شريحة منتقاة من المختصين تشمل عده شركات ومناطق مختلفة وتمثل مستويات عاليه، علاوة على القلق بشان مصير العديد من الاستثمارات اللازمة التي تحتاجها الصناعة النفطية للإيفاء بمعدلات النمو المتوقعة في المستقبل. ويهدف هذا المنتدى إلى تعزيز جسور الثقة والشفافية وتطوير فهم مشترك لمواجهه التحديات، وتحقيق استقرار الأسواق في نهاية المطاف.


* محلل نفطي