ناصر ناجي النزهان / الارتباك الحكومي ... إلى متى؟

1 يناير 1970 06:07 ص

يتضح لمتابع الأحداث السياسية للحكومة الحالية عدم وجود رؤية واضحة لها بعيدة المدى في إدارة الأزمات السياسية، رغم وجود الحلول التي عادة ما تكون في المتناول.

فمنذ تولي سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد تشكيل الحكومة الحالية تبين مدى الارتباك الحكومي، إذ تم تشكيل الحكومة بفترة لا تتجاوز 48 ساعة، رغم وجود فترة الصيف كاملة، ورغم وجود نية لتقديم استجوابات معدة وجاهزة، وإعلان الحكومة أن التشكيل الحالي سوف يتم في فترة الصيف. إلا أن التأخير أفقد الحكومة حساباتها الخاصة، لأنه عند تشكيل الحكومة وتدوير الحميضي وإصرار الأعضاء على خروجه من الوزارة تبين مقدار الارتباك الحكومي مرة أخرى. ولا شك أن هذا الارتباك ظهر مجدداً في موضوع الكوادر الخاصة، وتبين عدم وجود أي رؤية واضحة للحكومة أو حتى حلول. لكن إعلان مبادرة صاحب السمو الأمير هي التي أنقذت الحكومة في موضوع الإضرابات موقتاً.

ويظهر الارتباك الحكومي في شكله المهزوز والواضح في الجلستين الأخيرتين للمجلس عند مناقشة قانون شراء المديونيات الذي أظهر الحكومة في مظهر المرتبك وغير القادر على سيطرة الأمور إلا بمساعدة من الآخرين، فدخلت الحكومة للتصويت على قانون شراء المديونيات، وهي لا تمتلك العدد الكافي لرفض القانون، لأن عدد الأعضاء المعلنة توجهاتهم المؤيدة للقانون بلغ 31 نائباً، وكذلك النواب الرافضون للقانون بلغ عددهم 30 نائباً مع الحكومة، وتمت تسريبات بأن النائبين أحمد السعدون وفيصل المسلم قد يمتنعان عن التصويت. والأخطر أن الأعضاء المؤيدين فاجأوا الحكومة بالتصويت على قفل باب النقاش، فاعتذرت واحتجت الحكومة باستقبال صاحب السمو الأمير عند عودته من اجتماع دول مجلس التعاون في الدوحة، فدخلت الحكومة الجلسة، وهي لا تملك القدرة على إسقاط الاقتراح، رغم أن الحل بسيط جداً وفي متناول اليد، وذلك من خلال استكمال عدد الوزراء بتعيين وزير للنفط خلفاً للحميضي، وبذلك تتمكن الحكومة من إسقاط الاقتراح بـ 31 صوتاً رافضاً للاقتراح، رغم أن الدستور أعطى الحق للحكومة بأن تكون ثلث المجلس إلا أن الحكومة آثرت دخول الجلسة، وهي ناقصة عن الثلث.

ومن مظاهر الارتباك الحكومي في مواجهة القضايا المطروحة عدم امتلاكها لصحف أو قنوات تؤيد الطرح الحكومي وتساند الحكومة في مواقفها وتشرح وجهة نظرها، كما هو حاصل في جميع حكومات دول العالم.

وفي قضية شراء المديونيات تبين ضعف آخر في الحكومة، وهو الضعف الإعلامي، وذلك من خلال وجود حشد جماهيري وتجمعات وندوات تمت من قبل الأعضاء المؤيدين للاقتراح، والحكومة إزاء هذا الموقف لم تخاطب الرأي العام شارحة وجهة نظرها، كما فعل سابقاً وزيرها الحميضي.

والأخطر مما سبق عدم وجود استراتيجية واضحة للحكومة في القضايا المطروحة، كقضية شراء المديونيات،

فهذه القضية تمت مناقشتها في دور الانعقاد الماضي، وتم تحديد جلسة لها في دور الانعقاد الحالي، كما أنها من القضايا التي أخذت حيزاً واسعاً على المستويين الشعبي والسياسي. إلا أن الحكومة لم تحرك ساكناً، ولم تقدم أياً من المبادرات الإيجابية لإضعاف موقف المؤيدين لشراء المديونيات، ولو دخلت الجلسة المخصصة للتصويت لحاز الاقتراح على الغالبية المطلوبة. ولكن الأزمة انتهت بمبادرة حضرة صاحب السمو أمير البلاد، وذلك بإنشاء صندوق للمعسرين.

إن عدم وضوح آلية عمل الحكومة بتقديم الحلول والمبادرات في مواجهة القضايا المطروحة، وموقفها الضبابي في غالبية المواجهات النيابية يوجب عليها مراجعة فهمها لمفهوم مواجهة المشكلات، وتقديم المبادرات، وكيفية الخروج من الأزمات المتتالية.

 

ناصر ناجي النزهان


كاتب كويتي

[email protected]